الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ضرر تفريق الكلمة]
ضرر تفريق الكلمة الخطبة الأولى: الحمد لله رب العالمين والحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وله الحكم وإليه ترجعون. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين {شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا - وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45 - 46] صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه ودعا بدعوته. أما بعد: فإن الله تعالى خلق الإنسان وجعل فيه مقومات الفهم والتمييز، والعقل والإدراك، فهو يعرف النافع من الضار، والطيب من الخبيث، وأعطاه قوة عملية، يختار بها، فبرغبته يختار، وبإدراكه يميز، وطريق الله مستقيم، ومعتدل واضح منير، على اتجاه واحد، إلى رب العالمين، وما عداه فطرق منحرفة ملتوية معوجة. لها فروع ومنافذ، تؤدي إلى متاهات، وظلمات، وكل إنسان بقدرته الاختيارية يختار الطريق التي يسلكها في هذه الحياة، ولن يخرج عن النظام القدري العام:«اعملوا فكل ميسر لما خلق له» (1) .
(1) إشارة إلى حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما، أخرجه الشيخان في صحيحيهما: البخاري برقم (7551) التوحيد باب (54) : 13 / 521 (الفتح) ، ومسلم في الصحيح رقم (6) ، (7) ، (8) كتاب (القدر) من هذا الوجه واللفظ.
ليس أمام الإنسان إلا واحد من طريقين. إما طريق الخير الموحد المستقيم، أو طريق الضر بشعبه وأقسامه وانحرافاته، وضلالاته، ومتاهاته، وإذا أراد الإنسان أن يطبق الجزئيات على القواعد، فلينظر إلى الأقوال والأفعال، فإنها تعبر عن عقيدة المرء وسريرته.
والعلمانية العالمية. هي أخفى منظمة يهودية شيوعية مشتركة. تعمل بسرية مكتومة، وخفاء، تعمل لهدم الإيمان وعقيدة التوحيد؛ وتفريق كلمة المسلمين، وإثارة الخلافات والمشاحنات والشقاق بين الأمة المسلمة، والعائلة الواحدة، تفرق بين الشعوب والحكومات، تفرق بين الرئيس والمرءوس، وبين الأب وابنه، والأخ وأخيه، وبإثارة الخلافات في مسائل في المعاملات، والعبادات، والعقائد، والميول والاتجاه، وهى بعملها هذا إما أن تحرف المسلمين - حكومة وشعبًا - عن صراط الله المستقيم، إلى المتاهات والظلمات، فتضعف قوتها، وتتفرق كلمتها، فلا تقاوم أعدائها، أو أنها تجعل بأس الأمة بينها فتتضارب الآراء والأفكار ويشتد الجدل وأخيرًا إلى شر مستطير.
والأمور إذا عولجت في أول أمرها قضي عليها بسهولة، أما إذا استهين بها حتى تمتد أغصانها وتبث عروقها، وتقوى أعوادها فبعد هذا يحتاج الأمر إلى مشقة وعناء، وقد منّ الله تعالى على هذه البلاد، بأن جمع كلها، ووحد صفوفها، وطهر عقيدتها على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود غفر الله له وطيب الله ثراه وجزاه عن الإسلام
والمسلمين خير الجزاء، فنتج عن ذلك ما نرفل فيه من الأمن والرخاء والدعة، والسكون والهدوء والعز وجمع الشمل وتوحيد الكلمة، وإخلاص العبادة لله وحده، واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم غضة طرية، كما جاء بها حبيبنا وقرة عيوننا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والأمة الإسلامية محسودة بهذه النعمة بصفة عامة.
لذلك فإن الحاسدين يعملون بكل جد ونشاط وبكل أسلوب وإغراء، وبكل إرجاف وتخويف وبكل شيطان مريد، لتفريق الكلمة وشق العصا وتصديع الصف، وبلبلة الأفكار، وإثارة الخلافات الفقهية والعقائدية الميتة المدفونة ينبشونها من قبورها، لتكون هي القائد في تحقيق أهدافهم الماسونية الخبيثة ومخططاتهم الصهيونية الشيوعية المشتركة.
لم يبق في العالم أمة مسلمة، تحكم بشرع الله وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلا هذه البلاد، لذلك فإن كل القوى المعادية للإسلام مركزة عليها.
ويجب أن يعلم المسلمون وولاة الأمر، أنه لا ناصر لهم إلا الله وحده، ولا عز لهم إلا بالله وحده، ولا مؤيد لهم إلا الله وحده، ولا ينصرهم إلا من كان على دينهم وعقيدتهم.
وإننا نأسف كل أسف، ونحزن الحزن العميق أن يكون من بين قوى الأمة المسلمة (من يرفل في خيراتها وينعم في رخائها. ويسعد بأمنها واستقرارها ويتمتع بخصوصيته في ثقة المسئولين فيه، فإذا به يتابع الفرقة التي تثير الخلافات وتشق العصا، وتنقر في أصل الدولة الذي بنيت عليه) من
يحاول تدنيس العقيدة الصافية، والإيمان الخالص بالله، والتصديق النقي برسول الرحمة ونبي الهداية محمد صلى الله عليه وسلم.
إن المسئولية تقع على كل مسلم، ويتأكد على القيادات الدينية، ويتعين على القيادة العامة أن تحافظ على كيانها، ومقدساتها. ومقومات عزها ونصرها؛ فاتقوا الله أيها المؤمنون. اتقوا الله أيها المسئولون. اتقوا الله يا أنصار الإسلام.
نسأل الله تعالى أن ينصر دينه، وأن يعلى كلمته، وأن يرفع راية الإيمان قوية عزيزة كريمة خفاقة، على جميع أقطار الدنيا، وأن يحفظ بلادنا وأمننا واستقرارنا، وعقيدتنا من كيد الأعداء ودسائس المغرضين الحاسدين، وأن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا، إنه جواد كريم، فاستعينوا بالله أيها المؤمنون واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: الحمد لله كثيرًا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى. واحذروا سخط الجبار فإن أقدامكم على النار لا تقوى.
واعلم أخي المسلم أن لك نفسًا أمارة بالسوء تدعوك لشهواتها ورغباتها. وتزين لك وساوس الشيطان وتحثك على اتباعها. فاحذر منها كل الحذر وتحصن بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، واجعل لسانك مشغولًا بذكر الله، وبدنك معمورًا بطاعة الله، يحفظك الله من كل سوء ويهديك لكل خير وسعادة.
واتق الله حيثما كنت يجعل لك من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ويرزقك من حيث لا تحتسب.
عباد الله: إن الله تعالى قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعن بقية الصحابة أجمعين، وأهل بيته الطيبين الطاهرين. وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين، وارض عنا معهم بمنك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور. اللهم انصر جيوش المسلمين وثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وانصرهم على القوم الكافرين. اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اخذل اليِهود وأعوانهم وأتباعهم، اللهم أنزل الرعب في قلوبهم وشتت شملهم وفرّق جمعهم، واجعل الدائرة عليهم. إنك أنت القوي العزيز.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات. اللهم فرّج همّ المهمومين، ونفّس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضى المسلمين.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90] فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45] (1) .
(1) انظر كتاب الجمعة والأعياد للشيخ عبد الله بن زاحم من ص 355 - 365 -.