الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أشراط الساعة]
أشراط الساعة الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد: أيها المسلمون إن للساعة قبل وقوعها أشراطًا وعلامات منها ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إن من أشراط الساعة، أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا» .
هذا الحديث الشريف تضمن أمورًا أربعة هي من أهم أشراط الساعة وأبرز علاماتها وأماراتها.
إنها مقدمة تمهد لخراب العالم وانصرام الدنيا وفناء الأشياء والحيوان فلا تقوم الساعة إلا بعد أن تميد الأرض بالشر وتضطرب بالكفر فلا يبقى على ظهرها خيرٌ أبدًا وتعم الحياة جاهلية وعناء وشرور عمياء وكفر بالإله وجحود بالرسالات وضلال مطبق شامل.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة وعلى ظهر الأرض من يقول: الله الله» . وللساعة علامات صغرى حدثت كلها وعلامات كبرى لم يحدث منها شيء بعد وتبتدئ بظهور " المهدي " الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا ثم بخروج الدجال الفتنة الكبرى ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج إلى آخر ما هو مفصل ومعروف.
أما العلامات الصغرى التي حدثت فكثيرة وإنك لتستطيع أن تلتمسها
من خلال حياة المسلمين الحاضرة، وما فيها من فواحش ومنكرات وفقد للحياء والتراحم ومجاهرة بالمعاصي ومنع للزكاة وخيانة للأمانة وتهافت على الآثام.
ومن أماراتها كثرة الترف والفسوق وأن ترى الذين كانوا حفاة عراة يرعون الشاء ويسكنون الصحراء، يتطاولون في البنيان ويتقلبون في أعطاف النعيم، فتصبح لهم أبنية شاهقة، ومراكب فاخرة وأثاث ورياش.
وإن الأمور الأربعة المتقدمة هي من أهم وأبرز هذه العلامات والأمارات. . فالعلامة الأولى والثانية: أن يرفع العلم ويثبت الجهل. . فكيف يكون ذلك؟ .
إن الله عز وجل لا يقبض العلم من صدور العلماء ولا يرفعه انتزاعًا ولكن يقبضه بموت العلماء فيموت علمهم معهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينتزع العلم من صدور العلماء انتزاعًا ولكن ينتزعه بقبض العلماء بعلمهم فيبقى أناس جهال يستفتون فيفتون فيضلون ويضلون» .
إن العلماء هم نور الحياة ونبراس الهداية وقبس الحق فإذا ماتوا ولم يكن من يقوم مقامهم ويملأ الفراغ العلمي الذي حدث بموتهم انطفأ ذلك النور وأظلمت الحياة وعم الجهل وتخبط الناس في دياجير الباطل والضلال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة» .
وقال عليه الصلاة والسلام: «اتبعوا العلماء فإنهم سرج الدنيا، ومصابيح الآخرة» .
وإننا لنرى بأم أعيننا، أكابر العلماء والفضلاء يموتون فلا من يخلفهم في علمهم وفضلهم وتنطفئ مصابيحهم فلا من يوقدها من بعدهم ولن يمر علينا وقت طويل - إذا امتد بنا هذا الحال - حتى نبحث عن العالم لا بل عن طالب العلم فلا نراه ويعم فينا الجهل بالدين فلا نفقه حقيقته وهداه.
إني لأرى العلم يقبض أهله بموت حملته ثم تبقى مقاماتهم فارغة فلا يملؤها إلا من دونهم ولا يخلفهم إلا من يصح أن يكون تلميذًا لهم. . ولقد بدأنا نشكو قحطًا في العلماء لأن المسلمين قد انصرفوا عن الدين وزهد الشباب المثقف في طلب العلم ورأوه سبة ومذلة وانحطاطًا وأقفرت البلاد الإسلامية من المعاهد الدينية والمدارس الشرعية أو كادت وماذا يحصل بعد أن يرفع العلم بقبض العلماء وتقفر البلاد من المعاهد المنتجة لهم، إلا أن يثبت الجهل ويسود الجهلاء ويكون الضلال المبين وإنما يحز في القلب أن الجهل بالدين قد أطبق على عامة المسلمين فأصبحوا لا يفرقون بين حق وباطل وحلال وحرام حتى قادهم الجهل إلى المعاصي والآثام.
وقال صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» .
فماذا فعل المسلمون بهذه الفريضة؟ لقد عطلوها ورضوا بالجهل واطمأنوا إليه ونفروا من العلم وزهدوا فيه ثم استسلموا لشهواتهم وانقادوا لأهوائهم وضلوا ضلالًا بعيدًا.
أيها المسلمون: أما العلامة الثالثة والرابعة من أشراط الساعة فهي: شرب الخمر وظهور الزنا. إن الخمرة هي أم الخبائث والزنا الذي هو رأس الفواحش، ما ظهر في أمة إلا كان ذلك دليلًا على بلوغها أبعد حدود الإجرام وترديها في أعمق الكبائر والآثام.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وعمته وخالته» .
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما ظهر الزنا أو الربا في قرية، إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله» .
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير متماسك أمرها، ما لم يظهر فيهم ولد الزنا» .
وبعد: فإن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وإذا كانت نهاية العالم قد بدأت وأمارات الساعة قد ظهرت، فلنكن على ذكر مستمر لذلك اليوم الرهيب ولنكن على أتم استعداد للموت ولما بعد الموت، ولنحرص على أن نخرج من هذه الدنيا بنفس طاهرة لم تتلوث بالمعاصي وقلب سليم لم يتمكن فيه حب الدنيا.
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63]
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من عذاب النار وخزي يوم القيامة، ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} [محمد: 18]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما جاء فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.