الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خطر شهادة الزور]
خطر شهادة الزور الحمد لله الخبير فلا تخفى عليه خافية يعلم ما توسوس به نفس المرء وما ينطق به سرًّا أو علانية، أحمده سبحانه أمرنا بحفظ ألسنتنا عن قول الزور والفحشاء، وأسأله التوفيق لقول الحق في السراء والضراء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله بشر الصادقين بجنات تجري من تحتها الأنهار. وآذن الكاذبين بسوء العاقبة والنار والدمار، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصدق في الأقوال والأفعال والبعد عن الزيغ والضلال وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فيا أيها المسلمون: اتقوا الله واسمعوا قوله سبحانه بآذان مصغية وقلوب واعية تنشد الحق لتتبعه يقول جل من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135]
عباد الله: ها هو جل وعلا أمركم بالقسط الذي هو العدل وبأن تكون شهادتكم بحق لشخص أو عليه مرادًا بها وجه الله سبحانه أمركم بالإتيان بالشهادة على وجهها من غير التواء أو تأويل، فتحروا رحمكم الله في شهادتكم وأقوالكم الحق الذي لا غبار عليه فبشهادة الحق إثبات الحقوق وتوطيد دعائم الأمن وإياكم وتحكيم عاطفة القرابة في الشهادة. إياكم والميل إلى غني لغناه أو فقير رحمة به فالله أولى بعباده منكم فقد تظنون أن الشهادة بالحق نقمة وهي في باطن الأمر نعمة.
عباد الله: إن الشهادة بالحق لا يؤديها إلا نفوس عالية متنزهة عن أن تريد بها الدنيا وحطامها الفاني نفوس متطلعة إلى الفردوس إلى الرحيق المختوم الذي ختامه مسك فاستسيغوا رحمكم الله في أدائها كل مرارة واستسهلوا كل صعب سواء كان سيرًا إلى المحاكم أو انتظارًا، أو كان في ذلك إغضاب لأحد ففي تأخركم عن أداء شهادة بحق تعلمونه إثم كبير والله يقول:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وإن القلب يا عباد الله مصدر الفساد والصلاح فإذا أثم القلب فماذا يبقى بعد ذلك فلا تكتموها ففي كتمانها شر على بني الإنسانية الذين أمرتم بجلب الخير لهم ودفع الشر عنهم.
عباد الله: إذا كان كتم الشهادة فيه ضرر على البشرية واختلال لنظامها فهناك ما هو أشد منه إثمًا وأكبر خطرًا وما أدراكم ما هو، هو الجريمة العظمى والطامة الكبرى شهادة الزور التي كادت تعدل الإشراك بالله، شهادة الزور التي تهددنا في أموالنا ودمائنا وأمننا تلك التي أخربت بيوتًا عامرة وأزهقت أرواحًا بريئة وأهدرت حقوقًا واضحة فما فشت في أمة إلا وسادت فيها الفوضى وتحكمت فيها الأهواء لذا وغيره من أضراره الخطرة حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بقوله:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس "، يقول الراوي: وكان النبي صلى الله عليه وسلم متكئًا فجلس ثم قال: " ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور "، ومازال يكررها حتى قلنا ليته سكت» . فحذار معشر المسلمين من شهادة الزور وقوله فإن فيها إساءة على قضاة المسلمين بتلبيس الحق عليهم فيها إساءة إلى المشهود له
بمساعدته على الإثم والعدوان، فيها إساءة إلى من حرمه حقه بشهادته وخذله في حين حاجته إلى نصرته فليتق الله شاهد الزور وليتب إلى الله قبل أن يوقف بين يدي أحكم الحاكمين وأعدل العادلين الذي سيقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، ليتب إلى الله قبل أن يساق إلى جهنم مع المجرمين فوالله لو علم ما أعد الله له من الخزي العاجل والعذاب الأليم في الآخرة لتمنى أن لسانه قطع قبل أن ينطق بشهادة زور، وكلمة زور فاتقوا الله أيها المسلمون، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] نفعني الله وإياكم بهدي كتابه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.