الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحمد لله الذي وفق أولياءه للعمل بما يحبه ويرضاه، وحقق على أهل معصيته ما قدره عليهم وقضاه، الناصر لمن ينصره من أهل طاعته وتقواه، الذين يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه. أحمده سبحانه على ما خوَّله من فضله وأسداه، وأشكره على سوابغ نعمه وجزيل بره وآلاه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من عرف الله ولم يعامل أحدًا سواه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي اصطفاه واجتباه، وأمره بطاعته وتقواه، وعن طاعة الكفار والمنافقين حذره ونهاه. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسائر من نصره وتولاه. وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وراقبوه، وعظّموا أمره ولا تعصوه، وأعلموا أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من أعظم الواجبات وأهم المهمات. عباد الله ما هذا التغافل والإحجام عن ما أوجبه الله عليكم من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي قد وهى فيما بينكم جانبه، وكثر تاركه ومجانبه، ودبت إليكم من الوهن عقاربه، أجراءة على الله؟ أم أمن من مكره وعقابه، وسخطه وأليم عذابه؟ أما علمتم أن بالقيام به تحصل لكم السعادة والنجاة. وتأمنون من حلول العقوبات والمثلات. فيا عباد الله ما هذا التكاسل والتغافل والانهماك في الشهوات واللذات، والإقدام على ما يسخط فاطر الأرض والسموات، ويوجب نزع البركات ووقوع النقم والبليات. أما سمعتم قول الله تعالي:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ - كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ - تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة: 78 - 80]
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربنّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم» . وفيه أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا أيها الناس إن الله تعالى يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيبكم، وتستنصروني فلا أنصركم، وتسألوني فلا أعطيكم» . وفيه أيضًا «وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم ولم يستجب دعائهم» . وفي مراسل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزال هذه الأمة تحت رحمة الله وفي كنفه ما لم يمالئ قُرّاؤها أمراءها وما لم يزكِّ صلحاؤها فجارَها، وما لم يُهن شرارها خيارَها، فإذا فعلوا ذلك رفع الله يده عنهم ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ثم ضربهم بالفاقة والفقر» ، وفي مراسل الحسن أيضًا «إذا أظهر الناس العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا الأرحام وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله عند ذلك فأصمّهم وأعمى أدبارهم» . وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وبئس القوم قوم يجفون من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وبئس القوم قوم لا يقومون بالقسط، وبئس القوم قوم يسير المؤمن فيهم بالتقية والكتمان» .
فاتقوا الله عباد الله وأفيقوا من سكرتكم، وانتبهوا من غفلتكم، واستيقظوا من رقدتكم، وتداركوا ما فات من تفريطكم وإهمالكم لأمر ربكم، وقوموا قيام صدق علمًا وعملًا قولًا وفعلًا وأمرًا ونهيًا، ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم، وأخلصوا النية وأصلحوا الطوية. واحذروا الأسباب التي توجب ترك ذلك والإعراض عنه، فإن ذلك من كيد الشيطان وتسويفه وغروره ولا تقولوا ما لا تفعلون، وتداركوا رحمكم الله أعماركم بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله والندم والإقلاع من قبائح الذنوب والآثام. والانتباه والإقبال على طاعة الملك العلام. من قبل أن يحل بكم من أمر الله ما لا قبل لكم به، فستذكررن ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ - أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ - أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ - أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 96 - 99]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم. بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسملين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم (1) .
(1) من خطب فضيلة الشيخ محمد بن عبد اللطف آل الشيخ انظر الخطب المنبرية ص 51.