الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاعتصام بالقرآن]
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاعتصام بالقرآن الحمد لله الذي يجير ولا يجار عليه. الذي بيده تصاريف الأمور فلا أحد يماثله ولا يضاهيه. . أحمده حمد عبد معترف بالذل والخضوع بين يديه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد معترف بوحدانيته وما لديه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله فقام بما أمر به فبلغ الرسالة وأدى الأمانة حتى بلغ ما وجب عليه. . اللهم صَلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وذويه الذين تمسكوا بهديه حتى ماتوا عليه.
أما بعد: أيها المسلمون اتقوا الله حق تقواه واستمسكوا من الإسلام بأوثق عراه واشكروا مولاكم الذي منّ عليكم بهذا النبي الكريم الرءوف الرحيم فقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164] يخبر تبارك وتعالى أنه منّ على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم حيث أرسله وأنزل عليه كتابًا مبينًا وأمرنا باتباعه والعمل بسنته فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وقد قال صلاة الله وسلامه عليه تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وقال: «تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم هو حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه ولا يخلق مع كثرة الرد من قال به صدق ومن عمل به رشد ومن حكم به عدل ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم» . فيا عباد الله اعلموا رحمكم الله أن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فرض
لازم ولا يسع مسلمًا تركه بحال، ومخالفته تعرض الإسلام للزوال وقد قال صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» ، وقال:«من ضيع سنتي حرمت عليه شفاعتي» ، وقال صلى الله عليه وسلم:«من أحيا سنتي فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة يوم القيامة» ، وجاء في الأثر المشهور أن المتمسك بسنة سيد المرسلين عند فساد الخلق واختلاف المذاهب والملل له أجر مائة شهيد والمراد من السنة التي يجب التمسك بها ما كان عليه القرون المشهود لهم بالخير والصلاح والرشاد وهم الخلفاء الراشدون ومن عاصر سيد الخلائق ثم الذين من بعدهم من التابعين. ثم ما أحدث بعد ذلك من أمر على خلاف مناهجهم فهو من البدع وكل بدعة ضلالة. فيا عباد الله اشكروا الله على هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة التي امتن الله بها على عباده المؤمنين وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أكمل الله به الدين فالكتاب والسنة بهما أكمل الله للرسول وأمته الدين وبهما حصل العلم بأصول الدين وفروعه، حصلت الهداية والصلاح للبشر فيالها من نعمة لا يقدر قدرها ولا يحصي المؤمنون شكرها قال تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] فكان صلى الله عليه وسلم لينا قريبا من الناس مجيبًا لدعوة من دعاه قاضيًا لحاجة من استقضاه جابرًا لقلب من سأله لا يحرمه ولا يرده خائبًا. وكان يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم. وأخلاقه لا تحصى عدًا فصلوات الله وسلامه عليه. لقد أرشدكم إلى ما فيه نفعكم. فقال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة المسلمين ولزوم جماعتهم» أي جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. فمن أخلص أعماله كلها لله ونصح في أموره كلها لعباد الله ولزم الجماعة بالائتلاف وعدم
الاختلاف وصار قلبه صافيًا نقيًا صار لله وليًا ومن كان بخلاف ذلك امتلأ قلبه من كل أفة وشر. فاتقوا الله يا أمة محمد واجعلوا نبيكم أسوتكم وأطيعوا أمر ربكم وأصلحوا ذات بينكم ولا تغتروا بزهرة الدنيا ونعيمها. فيا عباد الله لقد أنعم الله علينا وعليكم بنعم لا يحصى عدها ولا يقدر قدرها ولا يطاق آداء شكرها أمن في أوطان وصحة في أبدان ووفرة أرزاق في جميع البلدان وما ذلك إلا ابتداء من الرحمن قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] فتوبوا الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. واعلموا عباد الله أن كل عامل سيقدم على عمله ولا يخرج من الدنيا حتى يرى حسن عمله وسوء عمله وإنما الأعمال بخواتيمها والليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير عليهما إلى الآخرة واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة ولا يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله وقد قال نبيكم صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها «ما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفره منه» . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه الغفور الرحيم. (1) .
(1) انظر الخطب المنبرية للشيخ إبراهيم آل يوسف ص 197.