الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحسن طاعته، وعدم الغفلة عنه في يومه وفي ليله، وفرض على أهل القرية والمصر الجمعة، - بشروطها- ليسعى الناس إلى ذكر الله مجتمعين، يتعرضون لنفحات الله - تعالى - ورحمته بطاعته، ويتحيّنون ساعة إجابة لا يخيب الله بها من دعاه ويستمعون إلى النصح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويتعارفون بينهم، فيشد بعضهم بعضًا فيقوى الضعيف وينشط الخامل، وينتبه الغافل، ويرى الكافر من قوة المؤمنين وعددهم ما يخذله، ويضعف نفسه ويرغم أنفه.
[فضل الجمعة ويومها]
فضل الجمعة ويومها: ولقد عُني الإسلام عناية بالغة بأمر الجمعة، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9]
وعاب على أولئك الذين تشاغلوا عنها، وآثروا التجارة عليها فقال:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 11]
ومنذ أن شرع الله - تعالى - صلاة الجمعة ورسول الله عليه الصلاة والسلام حفيّ بها، محافظ عليها، كثير التأكيد على المسلمين بأدائها، كثير النهي عن التهاون بها.
فيوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، أخرج أحمد ومسلم والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج» .
وفي يوم الجمعة «ساعة من دعا الله فيها استجيب له» (1) .
(1) انظر صحيح البخاري: كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، ومسلم في: كتاب الجمعة، حديث:(852) .
(2)
الوكت هو الأثر، كالنكتة. انظر الفائق في غريب الحديث 4 / 78.
(3)
أخرجه الإمام الشافعي في مسنده ص 70، والطبرانى في الأوسط بسند رجاله ثقات.
وليوم الجمعة من المزايا والفضائل ما يضيق عن الحصر، فمن مزاياه وفضائله إضافة إلى ما تقدم. . . أن من مات فيه أو في ليلته - وهو مؤمن - وُقي فتنة القبر وعذابه، لما رواه أحمد والترمذي عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» .
ولذلك فإن من الجدير بكل مسلم أن يحرص على الجمعة، ويحافظ عليها ويؤدي ما أمر به فيها على سبيل الوجوب أو الندب.
ومما أُمِرَ المسلمون به فيها: 1 - الإكثار في يومها من قراءة القرآن والذكر والدعاء والمناجاة والصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم ففي كل ذلك قد وردت السنة.
2 -
كما يطلب من المسلم قبل الخروج لصلاة الجمعة الغسل والسواك والتطيب ولبس أحسن ما لديه من الثياب وأنظفها.
3 -
ويندب الأخذ من الشعر وقص الأظافر في يومها.
4 -
ويندب أن يقرأ في صلاة صبحها بسورتي: "السجدة والإنسان بعد الفاتحة".
5 -
ويندب التبكير بالذهاب إلى الجامع (1) .
(1) أخرج أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجة أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال: "المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة، والذي يليه كالمهدي كبشًا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة".
والمهجر: المبكر، والبدنة: الناقة، وابتداء التبكير من الفجر أو من طلوع الشمس؟ إلى كل ذهب فريق من العلماء، ولعل الأرجح أن بدء ساعات البكور من طلوع الشمس؟ لأن الفترة السابقة لذلك فترة اغتسال وتهيؤ واستعداد. وقال بعضهم: التبكير يكون من ارتفاع النهار وقت الضحى وأول الهاجرة وينتهي بالزوال وحضور الإمام.
6 -
ويستحب المشي إليها، والقرب من الإمام، والإنصات التام للخطبة وعدم التشاغل بشيء عن ذلك.
7 -
ويكره "الاحتباء" في المسجد - يوم الجمعة - وهو أن يجلس على إليتيه. رافعًا ساقيه، ضامًّا وِرْكيه إلى بطنه بثوبه أو يديه. «لنهيه- صلى الله عليه وسلم عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب» لأن هذه الجلسة قد تؤدي إلى النوم.
8 -
ويستحب لمن غلبه النعاس في مكان من المسجد أن يتحول إلى غيره.
9 -
ولا ينبغي للمصلي أن يتخطى الرقاب، فذلك حرام عند بعض العلماء مكروه عند البعض الآخر لكثرة الأحاديث الواردة في النهي عن ذلك.
10 -
ولا ينبغي للمصلي أن يحضر الجمعة بثياب متسخة أو منفرة، أو رائحة غير زكيّة (1) .
11 -
ولا ينبغي للمصلي أن يتناول طعامًا ذا رائحة تؤذي كالثوم والبصل والفجل وغيرها.
(1) أخرج أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الغسل يوم الجمعة على كل محتلم، والسواك، ويمس من الطيب ما يقدر عليه ولو من طيب أهله".
12 -
وليس له أن يفرق بين اثنين إلا إذا كانت بينهما فرجة كافية لم يسداها.
13 -
ويندب لمن أتى المسجد - قبل الجمعة - التنفل مع طول القيام ما لم يصعد الخطيب المنبر (1) .
14 -
وإذا أذن للجمعة فليس للمسلم أن ينشغل بشيء غير السعي إليها فالبيع أو الشراء حال السعي إلى الجمعة حرام عند العلماء.
أما شروط الجمعة فكثيرة أهمها: الخطبة ولها أفردنا هذا الكتاب الذي تجدون فيه تفاصيل أحكامها، وآدابها وكثيرًا مما يتعلق بها مضافًا إلى نماذج من الخطب المختارة.
(1) يقول نافع "كان ابن عمر يغدو إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام، فإذا انصرف الإمام، رجع إلى بيته فصلى ركعتين وقال: هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.