الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مُجْمل عقيدة أهل السنة والجماعة]
مُجْمل عقيدة أهل السنة والجماعة الحمد لله الحي القيّوم - الذي قامت بأمره وعدله السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، وأطيعوه تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة واعلموا - رحمكم الله - أن من أوجب الواجبات معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم فهذه أصول الإسلام كما قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام، فإن الواجب علينا معشر المسلمين معرفتها، وهي عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة، فيجب علينا تعليمها لأولادنا ونسائنا وذوينا ومجتمعاتنا الإسلامية، وأن نفهمها ونتقبلها ونؤمن بها كإيمان السلف الصالح، وكما تقبلها الخلف عنهم بالرضى والقبول وصدق الله العظيم في وصف حالهم وإخلاصهم والدعاء لله بقولهم:{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] أي مع الشاهدين بوحدانيتك فعقيدة المسلم الصحيحة هي الإيمان بالله وإخلاص العبادة له تعالى بما شرع، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36]
وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله. قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا» الحديث، وأنه هو الحق، ووعده ولقاؤه حق، وكتابه حق، ورسوله حق، وأن الجنة حق، والنار حق، وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» وأن الساعة حق آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة لا يضامون في رؤيته كما يرى القمر ليلة البدر، هذه عقيدتنا آمنا بالله ربًا ومدبرًا ومصرفًا لأمور الخلق، ومربيًا لجميعهم بنعمه الظاهرة والباطنة، وأنه يحي ويميت، وهو حي دائم لا يموت، بيده مقاليد الأمور وهو على كل شيء قدير - وبالإسلام دينًا. وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا.
ونؤمن بملائكة الرحمن وأنهم عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ونؤمن برسل الله وكتبه السابقة إيمانًا مجملًا كما ورد في القرآن والسنة قال تعالى:
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179] وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] إلى غير ذلك، ونؤمن بالبعث بعد الموت وأنه حق لا ريب فيه لقوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 6 - 7] وقال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7] ونؤمن بالقدر خيره وشره حلوه ومره وأنه يقع بقضاء الله وتقديره لقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] فكل ما تجري به الأقدار المقدرة في علم الله من أحوال الناس من المنافع أو المضار والمكاره أو المسار والحوادث والأحداث والصحة والمرض والخصب والجدب والخير والشر والسعادة والشقاوة والحياة والموت وغير ذلك كلها تجري بقضاء الله وتقديره وإرادته.
ونوًمن بأسماء الله الحسنى، وصفاته العليا كما وصف تعالى نفسه في كتابه العزيز، وعلى لسان رسوله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] فلا سمي ولا كفؤ ولا ند له ولا يقاس بخلقه، تعالى وتقدس، وهو أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلًا وأحسن حديثًا، وهو تعالى ذو الكمال المطلق من جميع الوجوه.
ونؤمن أن القرآن العظيم كلام الله تكلم به حقيقة وأنه منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، قال تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر: 23] وقال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87] وقال: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 114]
ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أحوال الناس بعد الموت وبنعيم القبر للمؤمنين وعذابه للمجرمين يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ونؤمن بحوض النبي صلى الله عليه وسلم ترد عليه أمته أهل السنة والجماعة، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا، وأن الصراط منصوب على متن جهنم يمر عليه الناس على قدر أعمالهم الصالحة.
ونؤمن بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الآخرة وهو أول شافع ومشفع بعد الإذن لقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] وقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] وهو تعالى يرضى عن أهل التوحيد ويأذن بالشفاعة لهم، وأما المشركون فليس لهم من شفاعته نصيب لقوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] اللهم شفع فينا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين، اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين وأوليائك المقربين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.