الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تمهيد]
[الخطبة قيمتها ومنزلتها في الإسلام]
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد - الخطبة
- قيمتها
- منزلتها في الإسلام
- بعض أحكامها
الخطبة: هي مشافهة الجمهور وإقناعه واستمالته.
فلا بد من المشافهة وإلا كانت كتابة، والإقناع هو أن يوضح الخطيب رأيه للسامعين ويؤيده بالبراهين ليعتقدوا ويقتنعوا به.
قيمتها: الخطبة في الإسلام شعيرة من شعائره العظام وعبادة من العبادات التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها وقام بها خلفاؤه من بعده ولا تزال الأمة مقتفية لآثارهم من بعدهم. غايتها إعلاء ذكر الله وتعظيم شعائره وحرماته، والدعوة إلى سبيله والتحذير من مخالفة أمره.
منزلتها في الإسلام: ازدهرت الخطابة في فجر الإسلام وكانت مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم الخطابية خير مدرسة بلغت رسالة الإسلام العظمى إلى أرجاء المعمورة قاطبة وكان من فرسانها الصديق والفاروق والإمام علي رضي الله عنهم ثم هؤلاء القادة المسلمون الذين دوخوا الأكاسرة والقياصرة.
ولقد بلغت الخطابة على عهد الخلفاء الراشدين أوج أهميتها، ولم تعد قاصرة على وقت الجمعة، بل أصبحت تلقى كلما دعت إلى ذلك حاجة، وكان لها من الأهمية ما يجعل الخطبة البليغة تسكن فتنة أو تنفي فرقة أو تهدئ ثائرة أو تثير حربًا يقوم لها الناس ويقعدون.
وكان موقف الخطابة موقفًا عظيمًا في نفوس الأئمة وفي نفوس السامعين حتى كان الخلفاء يقومون بها بأنفسهم، ولا يوكلونها إلى غيرهم في قواعد الملك وحواضره، وبقي الحال كذلك فترة طويلة من الزمن، ولم يتخل الخلفاء عن خطابة الجمعة إلا بعد وفاة الخليفة المأمون بن هارون الرشيد فقد كان آخر الخلفاء المجيدين للخطابة وقد حفظت كتب الأدب والتاريخ مجموعة قيمة من خطبه، وبعده أخذ الخلفاء ينيبون عنهم من يقوم بها، وظل شأنها منذ ذلك الوقت في إدبار، فكثير من الخطب لا تحيي في قلوب السامعين إيمانا، ولا توطد توحيدًا، ولا تفيد المؤمنين معرفة، ولا تذكرهم بأيام الله، ولا تبعث في النفوس محبة الله تعالى، ولا تثير فيها الشوق إلى لقائه بالجهاد أو الاستشهاد وكثيرًا ما يخرج السامعون كما دخلوا فإنا لله
وإنا إليه راجعون.
وعليه فلا بد في الخطيب المسلم الذي يتبوأ هذه المكانة العليا من التوجيه والإرشاد لهذه الأمة المستنيرة بالوحي الخالد، أن يكون أهلًا لهذا المقام علمًا بأصول الدين وعملًا بدستوره وقيمه ومثله، وإلا كانت خطبته في الناس سخرية عليه وموعظته لا تتجاوز الآذان فليحرص الخطيب ألا يخرج أحد من المصلين، المستمعين لخطبته خالي الوفاض، بل لا بد أن يخرج كل منهم وقد امتلأ قلبه. بمحبة الله، والتصميم على طاعته، والدعوة إليه، والجهاد في سبيله والرهبة منه، والخوف من معصيته.
لا يخرجن أحد من المسجد إلا بفائدة جديدة يكون قد استفادها من الخطيب تنير له السبيل في أمور آخرته أو حياته وعليه بالقرآن العظيم، فليشف صدورهم به، فكفى به هاديًا، وكفى بالموت واعظًا، وكفى برسول الله صلى الله عليه وسلم بشيرًا ونذيرًا.
وليعلم الأئمة والخطباء: أن الله سبحانه وتعالى قد حذّر من الغفلة عن ذكره، وتوعد على ذلك بأشد الوعيد فقال جل شأنه:{وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ - وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 36 - 37] ولقد شرع لنا - جل شأنه - من الفرائض ما ينبّه الغافل، ويذكّر الناس، فشرع لنا الصلوات الخمس كي تعين مقيمها على ذكره وشكره