الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها قوله سبحانه: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} . وهي ونظائرها في معنى الختم والطبع؛ وقد سبق أول البقرة.
ومنها قوله تعالى: {إن عبادى ليس لك عليهم سلطان} . ونظيرها في سورة الحجر ووجه دلالتها أنّه سبحانه جَعَلَ لنفسه عباد اختصّ بهم، وأَصفاهم إِليه، وعَصَمهم من الشيطان قبل خلقهم. وآخَرين غاوِين أبعَدَهم وأبغضهم؛ ولو تُرِكوا واختيارهم في أفعالهم، مع ظهور آيات الله وقَوارِع معجزاته، لهدوا أنفسهم. فما كانوا غاوين ضالّين إِلاّ بقضائه وقدره .. وقد سبقت هذه الطريقة.
ومنها قوله سبحانه: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا} . و "تثبيته" هو خلقُ الثباتِ فيه بواسطة خلقِ داعيه فيه. فمَن لا يُثبِّته اللهُ، يرتدّ عن دينه. وقد سبق أنّه لا فرق بين فِعلِ القبيح، وبين تركِ منعِه مِن القادر على ذلك. فإِذا جاز تركُ العصمةِ مِن الكفر، جاز خلقُ الكفرِ. والله أعلم.
ومنها قوله تعالى: {ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه} . وقد سبق لها نظائر.
سورة الكهف
فمنها قوله تعالى: {وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم} . أي ثّبتناهم على الهدى لئلاّ يضلّوا كما ضلّ قومُهم.
ومنها قوله: {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} . وهي كنظائرها من النصوص القواطع في الباب.
ومنها قوله تعالى: {ولا تقولن لشئ أني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ، إِلى قوله، {وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هشا رشدا} . فأخبر أنّ بدون مشيئته لا يتمّ أمرٌ؛ وقد دلّ عليه سببُ الآيةِ وأمرُ النبيِّ عليه السلام أن تُتَرَجَّى الهدايةُ مِن الله سبحانه.
ومنها قوله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه} . ومعنى "أغفلنا": "صَرَفنا قلبَه عن ذكرنا"؛ كقوله: {صرف لله قلوبهم} ، {وأضله الله على علم} . وحمَل الزمخشريُّ {أغفلنا} على معنى "جعلناه غافلًا عن الذِكر بالخُذلانِ"، أو "وَجدناه غافلًا؛ كقولك "أَحمَدتُه، وأَبخَلتُه، وأَجبَنتُه"، أي وَجَدتُه كذلك؛ أو مِن "أَغَفَلَ إِبلَه"، إِذا لم يجعل لها سِمةً تُعرَف بها. كأنّه سبحانه لم يَسِمْ قلبَه بالذِكِر، ولم يجعله مِمَّن كُتِب في قلوبهم الإِيمانُ". قلتُ: والأولّ والآخِر تسليمٌ لما نقوله. والثاني خلاف الظاهرِ. ثمّ هو غير منافٍ؛ لجواز أن تجده غافلًا، لكونه خَلَق فيه الغفلةَ.
فأمّا قوله: {واتبع هواه} ؛ ولم يقل: "فاتّبع"؛ لأنّ المرادَ اجتَمَع له الأمران: إِغفالنا له بالخلق، واتّباعه هواه بالكسب. ولم تَرِد الأخبارُ بأنّ الإِغفال سببُ اتّباعِ الهوى، وإِن كان في نفس الأمر كذلك.
ومنها قوله سبحانه: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} . وتقديره "ما شاء الله كان"، كما هو مستفيضٌ على ألسنة الناس.
ومنها قوله تعالى: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} . ثمّ أكّد ذلك بقوله: {وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا} . وهذا جرمٌ منه بأنهم لا يهتدون في المستقبل. ولولا أنّه المانع لهم، لما وثق حتى جزَم بهذا الجزم. فإِن قيل:"وثوقه مستنِدٌ إِلى العلم"، قلنا: فقد بَيّنّا أنّ المقدور منهم يجب مطابَقتُه للعلم. وإِلاّ، جاز أن لا يُطابِق؛ فينقلب العلمُ جهلًا.