المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكلام على فروع قاعدته في الأنكحة] - درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولًا: في العقل، وفي أصل التحسين والتقبيح]

- ‌الأُولى: في لفظ العقل

- ‌المسألة الثانية: في حقيقة العقل

- ‌المسألة الثالثة: في مكان العقل

- ‌المسألة الرابعة: في فعلِ العقل وأثره

- ‌المسألة الخامسة: في تحقيق القول في التحسين والتقبيح

- ‌[مفهوم التحسين والتقبيح]

- ‌[مآخذ الخلاف في مسألة التحسين والتقبيح]

- ‌[المأخذان الكيّان]

- ‌[المآخذ الجزئيّة]

- ‌[أدلّة المعتزلة على التحسين والتقبيح]

- ‌[إبطال التحسين والتقبيح]

- ‌[ثانيًا: فروع التحسين والتقبيح في أصول الدين]

- ‌[وجوب النظر عقليِّ عند المعتزلة]

- ‌[إِنكارهم كلامَ النفس]

- ‌[قولهم: "يقبح من الله ما يقبح منّا

- ‌[إيجابهم رعاية مصالح الخلق على الله]

- ‌[إِنكارهم الشفاعةَ]

- ‌[قبول التوبة واجبٌ على الله عندهم]

- ‌[إنكارهم الاستثناء في الإيمان]

- ‌[إِيجابهم إِرسالَ الرسلِ، وإِيجابُ الرافضةِ نصبَ الأئمة، على الله عقلًا]

- ‌[قول أبي هاشم: "دفع الضرر عن النفس واجبٌ عقلًا، وعن الغير سمعًا

- ‌[المعدوم شيءٌ، أو ليس بشيءٍ]

- ‌[قولهم: "إِنّ البنية شرطٌ في الكلام

- ‌[حكموا بقبح الآلام في العالم إِلاّ لغرضٍ صحيحٍ]

- ‌[الأنبياء أفضل أم الملائكةُ

- ‌[إِنكارهم كرامات الأولياء]

- ‌[إِنكارهم السحرَ]

- ‌[إِنكارهم الجنَّ والشياطينَ]

- ‌[غايةُ الأجَلِ والرزقُ]

- ‌[إِنكارهم عذابَ القبر]

- ‌[إنكارهم أنّ الجنّة والنار مخلوقتان الآن]

- ‌[ثالثًا: فروع التحسين والتقبيح في أصول الفقه]

- ‌[عندهم أنّ شكر المنعم واجبٌ عقلًا]

- ‌[حكم الأفعال الاختياريّة قبل ورود الشرع]

- ‌[تكليف ما لا يُطاق]

- ‌[القدرة مع الفعل أو قبلَه

- ‌[وقت العبادة مُضيِّقٌ أو مُوسَّع

- ‌[الفعل الواحد لا يكون مأمورًا به منهيًا عنه]

- ‌[تكليف الصبيّ والمجنون]

- ‌[تكليف المُلجأ]

- ‌[تكليف الحائض بالصوم]

- ‌[التكليف بفعلٍ عَلِمَ الآمرُ انتفاءَ شرطِ وقوعه]

- ‌[تأخير البيان عن وقت الحاجة]

- ‌[بقاء التكليف مع زوال العقل]

- ‌[تكليف المعدوم]

- ‌[إِبطال اليهودِ النسخَ]

- ‌[مَنعُ جمهور المعتزلة مِن نسخِ الحكمِ قبل دخول وقته]

- ‌[نسخُ وجوبِ معرفة الله وشكر المنعم وتحريم الكفر والظلم]

- ‌[رابعًا: فروع التحسين والتقبيح في الفروع الفقهيّة]

- ‌[النية في الوضوء]

- ‌[رؤية الهلال في الصحو]

- ‌[صحة إِسلامِ الصبيّ]

- ‌[صحة شهادةِ الكفّارِ بعضهم على بعضٍ]

- ‌[حكاية مسائل ذكرها العالميّ الحنفيّ نازعةٌ إِلى التحسين والتقبيح]

- ‌[لزوم النفلِ بالشُروع]

- ‌[نقاش كلامه في لزوم النفلِ بالشروع]

- ‌[قاعدته في الزكاة]

- ‌[فروع قاعدته في الزكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على الصبيّ والمجنون]

- ‌[من مات وعليه زكاة]

- ‌[وجوب الزكاة على المديون]

- ‌[وجوب الزكاة في مال الضمار]

- ‌[وجوب الزكاة في الحليّ]

- ‌[الكلام على قاعدته في الزكاة]

- ‌ومِن قواعده قاعدةُ الصيام

- ‌[فروع قاعدته في الصيام]

- ‌[الكلام على قاعدته في الصيام]

- ‌ومنها قاعدته في الكفّارات والمقدَّرات

- ‌[فروع قاعتدته في الكفّارات والمقدّرات]

- ‌[الكلام على قاعدته في الكفّارات والمقدّرات]

- ‌[الكلام على فروع قاعدته في الكفّارات والمقدّرات]

- ‌ومنها قاعدته في الأنكحة

- ‌[فروع قاعدته في الأنكحة]

- ‌[الاشتغال بالنكاح أفضل من التخلّي للنوافل]

- ‌[إِجبار لمولى عبده على النكاح]

- ‌[إرسال الطلقات الثلاث جملةً]

- ‌[فسخُ النكاحِ بالعيب]

- ‌[الكلام على قاعدته في الأنكحة]

- ‌[الكلام على فروع قاعدته في الأنكحة]

- ‌ومنها قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك

- ‌[فروع قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك]

- ‌[تصرفُّ العبدِ المأذون له]

- ‌[تصرُّف الصبيِّ المأذون له]

- ‌[تجزُّؤ العتقِ]

- ‌[الكلام على قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك]

- ‌[الكلام على فروع قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك]

- ‌ومنها قاعدته في الأملاك

- ‌[فروع قاعدته في الأملاك]

- ‌[استيلاء الكفّارِ على أموال المسلمين في دار الحرب]

- ‌[قسمة الغنائمِ في دار الحرب]

- ‌[تغيير الغاصب في المال المغصوب]

- ‌[الكلام على قاعتدته في الأملاك]

- ‌[الكلام على فروع قاعدته في الأملاك]

- ‌ومنها قاعدته في وصف الفعل بأنّه ضربٌ أو قبيحٌ

- ‌[الكلام على قاعدته في وصف الفعل بأنّه ضررٌ أو قبيحٌ]

- ‌[خامسًا: مسألتا القدر وخلقِ الأفعال]

- ‌[بيان معنى "الكسب" و"الخلق

- ‌أمّا نقل المذاهب في المسألة

- ‌[مقدمّات المسألة]

- ‌[الكلام الساذج التقريبيّ في المسألة]

- ‌[الوجوه العقليّة التي أوردها أبو الحسين البصريّ المعتزليّ]

- ‌[الوجوه النقليّة التي للمعتزلة]

- ‌[كلامٌ على طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبّار المعتزلىّ]

- ‌[رسالةٌ في القدر منسوبة للحسن البصري، أوردها القاضي عبد الجبّار]

- ‌[الجواب على الرسالة]

- ‌[سادسًا: الأدلّة النقليّة على القدر]

- ‌[آيُ إِثباتِ القدرِ مِن القرآن]

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال وبراءة

- ‌سورة يونس عليه السلام

- ‌سورة هودٍ عليه السلام

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إِبراهيم عليه السلام

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إِسرائيل، على صالحيهم السلام

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم عليها وعلى ابنها السلام

- ‌سورة الحج

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة الملائكة

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة الزمر

- ‌آل حاميم

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت

- ‌سورة الشورى

- ‌أما سورة الجاثية

- ‌سورة محمدٍ عليه السلام

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌ سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌ سورة الحديد

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌ سورة الصف

- ‌سورة الجمعة

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌ومن سورة الملك

- ‌سورة ن

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة سائل سائلٌ

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌أمّا سورة المدّثّر

- ‌سورة الإِنسان

- ‌ سورة التكوير

- ‌ثم إلى سورة المطفّفين

- ‌ثمّ إِلى سورة البروج

- ‌[سورة الشمس]

- ‌ثم إِلى سورة الضحى

- ‌ثم إلى سورة الفلق

- ‌{استدلال القدريّة مِن أي القرآن]

- ‌[الجواب على استدلال القدريّة مِن أي القرآن]

- ‌[حجّةٌ على إِثبات نبوّة محمدِ صلى الله عليه وسلم؛ وهي نكتةٌ أجنبيةٌ عن الباب]

- ‌[أحاديث القدَر]

- ‌[مآخذ مسألة القدر]

- ‌[خاتمة: في أنّ المعتزلة هل يكفرون بمقالتهم هذه، أم لا

الفصل: ‌[الكلام على فروع قاعدته في الأنكحة]

المحذورُ منها الهلاكُ. وهو قد صرَّح بأنّه واجبٌ موسِّعٌ، لا يجب إِلاّ في آخر العمرِ، أو فرضُ كفايةٍ، يسقط عن البعض بفعلِ البعض. وقال الفقهاءُ الذين أوجَبوا النكاحَ:"يخرج عن عُهدة الواجب بالوطء في مكاحٍ مرّةً واحدةً".

قلتُ: فيظهر لي، والله أعلم، أنّ حكمة النكاحِ هو ارتداعُ المكلَّفِ بعدَه عن الزنا؛ لأنّه بالنكاح مرّةً يصير محصنًا. وقد عُلِم أنّ حُكمَ الشريعةِ في المحصَن؛ إِذا زنى، الرجمُ. فإذا زنى بعدَ الإِحصانِ، فهو يَتوقع أن تَقُومَ عليه البيّنةُ؛ أو يُحدِث اللهُ فيه داعيَ الاعترافِ، كما اعتَرف ما عزٌ والغامديّة، فرُجِما؛ أو يبقى غير نفسِ الأمرِ مباحَ الدمِ، غير محرَّمٍ شرعًا، بحيث لو قتَله قاتلٌ، لم يَستحق في الآخرة عن دمِه عِوَضًا. وهذه محذوراتٌ يأباها العاقلٌ يأباها العاقلُ المؤمِن لنفسه؛ فتكون رادعًا له.

وأمّا قوله، "ولو لم يختصَ الإِنسانُ بزوجتِه، لم يَثِق بأنّ الولد له؛ فيتقاعد عن تربيِته؛ فيضيع"؛ فهذا قد عَلَّل به العلماءُ. وعليه إِشكالٌ؛ وهو أنهم في الجاهليّة كان لهم نكاحُ الراياتِ. يَدخُل الجماعةُ على المرأة؛ كلَ منهم يَركز رايتَه على الباب. حتى إِذا فرغ، خرَج، ودَخَل غيرُه كذلك. ثمّ، إِن اختلّ له حُكمٌ. فنقول: لو قَدَّرا أنّ الشرع قرّر ذلك، لجاز قطعًا، مع عدم الاختصاص المذكور. وقد استقصيتُ بالجواب عنه هذا في الفوائد.

هذا هو الكلارم على مقدّمات القاعدةِ. فلنتكلم على الفروع.

[الكلام على فروع قاعدته في الأنكحة]

أمّا كون التشاغل بالنكاح، فيحصل من الفاعل بنوافل العبادات، فقد خالف فيه الشافعيُّ بناءً على أنّ الله تعالى مَدَحَ يحيى بن زكريّا بأنّه حصورٌ لا يأتي النساءَ. وما كان صفةَ مدحٍ، لا يكون ضدُّه أفضلَ. ولأنّ ذلك حظٌ محضٌ للنفس؛ والله تعالى إِنما

ص: 148

تعبّد خلقَه بتركِ حظوظِ أنفسهم؛ فيكون تركُه هو العبادة. وهذا أقوى من حيث النظر.

أمّا قصة يحيى، فالاستدلال بها مبنيٌ على الاحتجاج بشرعِ مَنْ قبلَنا. على أنّ الخصم يَدَّعي نَسخَه بنصوص السّنة في اقتضاء النكاح؛ فلا يبقى حجّةً، باتّفاقٍ.

ومأخذ المسألة، فيما ذكره الزَنجانىّ، أنّ النهي عن الفعلِ، هل هو أمرٌ بأحدِ أضدادِه، أم لا؟ مَن قال بالأوّل، أوجَب النكاحَ؛ لأنّه منهىٌ عن الزنا؛ فيكون مأمورًا بضدّه، وهو النكاح. ومن قال بالثاني، فمذهبه ظاهرٌ. وفي الاستدلال بهذا على وجوب النكاح نظرٌ؛ فإنّ بين الزنا والنكاح واسطة؛ وهي ترك الزنا بدون النكاح صبرًا واستعفافًا. وتركُ الشيء ضدٌّه؛ فقد امتَثَل بفعلِ ضدِّ المنهيِّ عنه. ولا يلزم منه وجوبُ النكاحِ.

والتحقيق أنّه إِذا خاف الزنا بترك النكاحِ، وَجَب؛ لأنّ ترك الزنا واجبٌ؛ وما لا يتمّ الواجبُ إِلاّ به، فهو واجبٌ. فوجوبه مبني على هذا الأصل. ولَمَّا عارَضَه خظُّ النفسِ، قال الخصمُ: "يُباح له أن يأمَن غائلةَ الزنا بالنكاح؛ أمّا الوجوب، فيحتاج إِلى دليلٍ. وإِنما يَتَمَحّض ما لا يتمّ الواجبُ إِلاّ به موجَبًا فيما إِذا خلا عن معارِضٍ؛ كمسحِ جزءٍ من الرأس، وإِمساك جزءٍ من الليل، واجتناب المباحِ المشتبه خشيةَ إِصابةِ المحظورِ.

وأمّا إِجبار السيدِ عبدَه على النكاح، فهو عندنا مختص بالصغير. أمّا الكبير، فلأنّه إِن وَجَب عليه النكاحُ لِحَق الشرعِ، فالشرعُ هو المجبِر، لا السيّد. وإِن لم يجب، فمصلحة النكاح مختصّةٌ بالعبد؛ ولا ولاية عليه في ذلك، كما لو تَرَكَ من الطعام والشراب ما لا يضرُّ بماليةِ السيّدِ من بدنِه، فليس له إِجباره على أكلِ اللحم السمين والحلوى الطيّبة. والكلام فيما إِذا لم يجب عليه النكاحُ بخوفِ الزنا، فلا يَرِدُ ما ذَكَره من أنّ لبه استبقاء نفسه بصيانته.

وأمّا إِرسال الطلقاتِ الثلاث، فلم يكن محرَّمًا؛ لقطعها المعنى الذي تجب إِقامته بالنكاح، متضمِّنٌ لمصالح بالجملة، سواءً كانت واجبةً أو لا. والله تعالى ناظرٌ لعباده، ومؤدبٌ لهم، ومرشِدٌ إِلى المصالح. فولاية النكاحِ إِذا ثبتت على المحلّ، كانت تلك المصالح مستمرّةً. واستيفاء الطلاقِ يُزيلها بالكلّيّة، بحيث يبعُد استدراكُها بعدَ زوجٍ

ص: 149

ثانٍ. ومصلحة الطلاق إِن عَرَضَت، حصلت بالطلقة الواحدة؛ لإفضائها إِلى البينونة بانقضاء العدّة واستباحة المرأةِ الزوجَ فإن احتيج إِلى استيفاءِ الثلاث، فليكن بالتدريج، في كل طُهرٍ طلقةٌ. كلُّ ذلك مراعاةٌ لمصلحتهما، خشيةَ أن يبدو له في إِمساكها. فإذا استبقى من الولاية عليها طرفًا، أمكنه ذلك. وربما كان بينهما ولدٌ، فاستدرَك تربيته. وربما تأدبت هي بالطلقة، أو هو؛ فانتَظم حالهما بعد المراجَعة. وإِذا لم يُبقِ من الولاية شيئًا، فات ذلك عليه، فتضرَّرَ. وقد بيّنّا أنّ الحقّ في النفوس لله. فله الحجرُ عليها، ودفعُ الضررِ التكليفيّ عنها. فهذا منزعٌ جيّدٌ.

وأمّا منعُه فسخَ النكاحِ بالعيب، فقد أبطلنا أصلَه الذي بناه عليه؛ وهو ثبوت النكاح مع المنافي. ومقتضى العدلِ الشرعي جوازُ الفسخِ بالعيب المُخلِّ بمقصود النكاح لكل من الزوجين؛ لأنّ النكاحُ في الحقيقةِ عقدُ معاوَضَةٍ؛ فجاز فسخُه بالعيبِ؛ كالبيع والإجارة. وما اختصّ به النكاحُ من سائر خَواصِّه لا يَقدح في هذا القياس؛ لأنّ تلك ثبتت لمقتضياتٍ أخرِ. ولأنّه قد جعل من جملة المعنى الذي تجب إِقامتُه بالنكاحِ التوالد والتناسل والسكن والازدواج؛ والعيبُ مخِلٌّ به لخصوص النفرِة.

وأمّا الطلاق، فهو، وإِن كان طريقًا إِلى التخلُّص، إِلاّ إِنّ فيه ضررًا على الزوج، لا يقتضيه دليلٌ. وهو إِلزامُه المهرَ، وإِسقاطُ ولايته عن المحلِّ، بحيث لا يمكنه استداركُها إِلاّ بعد زوجٍ أو عقدٍ. بخلاف الفسخِ؛ فإِنّه يرجع به عندنا على مَن غَرَّرَه مِن زوجةٍ، أو وليّ؛ وتبقى ولايتُه للفائدة المذكورة. ولأنّ الأحكام الشرعيّة كالأبدان الطبيعيّة، كلّما عَرَضَ لها عارِضٌ، اقتضى علاجًا خاصًّا. والعيب في النكاح عارِضٌ لحكمِه؛ فيقتضي علاجًا خاصًّا، غير المعهود بغيره. وليس إِلاّ الفسخ. ولا شكّ في اقتضاء العيبِ حُكمًا خاصًّا، ومناسبته للفسخ في حُكم العقلِ وعدلِ الشرعِ.

قوله، "المصلحة مع العيب، إِمّا في بقاء النكاح، فقد أبقيناه؛ أو في قَطعِه، فقد

ص: 150