الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما اختُلِف في قوله، "إِنما الأعمال بالنيّات"؟ فتُشترَط النيّةُ للوضوء على الأوّل، دون الثاني؛ لأنّ انتفاء الكمال لا يقتضي انتفاءَ الصحّة والإِجزاء. والله أعلم.
ومنها قاعدته في الكفّارات والمقدَّرات
افتتَحها بأن قال: "اعلم أنّ المشرواعت كلّها مصالح، لا خلاف فيه، إِنما الخلاف في مفعولات الله سبحانه وتعالى. فعندنا، يجوز أن يَفعل اللهُ بعباده ما لا مصلحة لهم فيه. وعند المعتزلة، لا يجوز. وأجمعنا على أنّ الله سبحانه لا يوجِب على عباده، ولا يُشرِّع لهم فِعلًا، إِلاّ لهم فيه مصلحةٌ مخصوصةٌ، يتعلَّق بها وجوبُ شيءٍ، بحيث لا تحصل تلك المصلحة من كلّ نفلٍ أو مباحٍ".
قلتُ: هذا أوّلًا إِمّا تناقضٌ، أو سوء عبارةٍ؛ لأنّه أَوجَبَ برعاية المصلحةِ في المشروعاتِ جزءًا من مفعولات [الله]. فإِن أراد بالمشروعات "مفعولات خاصّةً، فهو سوء عبارةٍ. وإِلاّ، فهو تناقُضٌ؛ إِذ المشروعات دون مفعولات الله سبحانه. فيكون قد أتى الاعتزالَ من حيث أباه.
وتحقيق مرادِه أنّ ما اقتضاه اللهُ من خلقِه اقتضاءَ تكليفٍ، يَستلزم المصلحةَ لهم. وما اقتضاه اقتضاءَ تقديرٍ وتكوينٍ، كتقدير الآلام والمعاصي، لا يَستلزم المصلحةَ، كما سبق في الردِّ على المعتزلة في هذا الأصل، وهو رعاية الأصلح. ثمّ كان حاصلُ ما قرَّرَته القاعدةُ المذكورة أنّ مصلحة الإِيجاب الزائدة على مصلحة المباح والندب، إِمّا عاجلةٌ، أو آجلةٌ. لكنّ المصالح تختلف في ذواتها ومقدارها باختلاف الأحوال والأشخاص والأفعال. كاختلاف قَصر الصلاة وإِتمامها وجمعِها، باختلاف حالِ السفَر والحضَر؛