الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرور، كلدغ الهوامّ وإِحراق النار؛ لأنّ الله لا يفعل ذلك كلّه عندهم؛ لأنذه شر، بناءً على رعاية الأصلح. وكفى بتحريفهم للقرآن على خلاف الإِجماع دليلًا على بطلان رأيهم.
هذا آخر ما أمكن استقراؤه من آيات الإِثبات.
{استدلال القدريّة مِن أي القرآن]
أمّا ما يحتجّ به القدريّة من أي الكتاب، فأكثر من أن يُحصى. وليس ذلك دالًا على صحّة رأيهم. وإِنما سببُه ما كنّا قدّمناه من تقرير تصرُف اللهِ في خلقِه التكوينيّ والتكليفيّ. وإِنما تقوم الحجّةُ عليهم ظاهرًا بالتصرُّف الثاني، وهو التكليفيّ. فلا جرم كان أكثر مخاطبتِه لهم وعنهم مبنيًا عليه، من ذم ومدحٍ وتقريعٍ وتوبيخٍ وشرطٍ وجزاءٍ، ونحو ذلك. فنحن إِن شرَعنا نستقرئ كل ما في القرآن مِما يحتجّون به من القرآن. ولا أرى أنّه يبقى بعدها مما يحتَجون من القرآن شيءٌ. والوجوه الكلّيّة التي احتجّوا بها من القرآن عشرةٌ.
الأول إِضافة الأفعال إِلى العباد. نحو: {يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة} ، {يكتبون الكتاب بأيديهم} ، {يكتمون ما أنزلنا} ، {يكسبون} ، {يعلمون} ، {يفعلون} ، {جزاء بما كسبا} ، ونحوه كثيرٌ جدًا.
الثانى مدحُ المطيعين على الطاعات، وذم العصاة على المعاصي، والوعد والوعيد عليهما. نحو:{اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} ، {اليوم تجزون ما كنتم
تعملون}، {لتجزى كل نفس بما تسعى} ، {أولئك هم الوارثون} ، {أولئك هم الظالمون} ، ونحو ذلك.
الثالث الآيات المنزِّهة لله سبحانه عن الظلم والتفاوت. نحو: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} ، {ولا يظلمون فتيلا} ، {وما ربك بظلام للعبيد}. وتعذيبهم على أفعالٍ خلقها فيهم ظلمٌ. وقوله:{ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} ، {الذي أحسن كل شيء خلقه} . وأفعال العباد متفاوتةٌ قبيحةٌ؛ فليست أفعال الله.
الرابع توبيخ العصاة على المعاصي. نحو: {كيف تكفرون بالله} ، {فما لهم لا يؤمنون} ، {وماذا عليهم لو آمنوا بالله} ، {ما منعك أن تسجد} ، {فما لهم عن التذكرة معرضين} . فكيف يوبّخهم على ما لم يفعلوا! أو كيف يمنعم عن الفعل، ثمّ يقول:"لِم لَم تفعولا"! ولو فعَل هذا واحدٌ من الناس، لأطبقوا على تسفيهه وتجهيله.
الخامس الآيات التي اقتضت تخييَرهم في الفعل وتركِه، بحسب مشيئتهم. نحو
{من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ، {لمن شاء منكم أن يتقدم أن يتأخر} ، {فمن شاء ذكره} ، {فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا} ، {مآبا} ، {اعملوا ما شئتم} ، {اعملوا فسيرة الله عملكم} . وأنكَر على مت نَفَى المشيئةَ عن نفسه وأضافها إِلى الله، بقوله:{لو شاء الله ما أشركنا} ، الآية، كما سبق. وذلك يدلّ على أنهم مختارون مستقلّون بأفعالهم.
السادس الآيات التي أُمِروا فيها بالمسارعة إِلى الطاعات وامتثالها. نحو: {سارعوا} ، {سابقوا إلى مغفرة من ربكم} ، {أجيبوا داعى الله} ، {استجيبوا لله} ، {لربكم} ، {اركعوا واسجدوا} . وأمرُهم بذلك، مع أنّه ليس مِن فعلِهم، أو مع منعِهم منه، كمَن يقول للزمن:"قُمْ" ولمن رُمِي من رأس جبلٍ: "إِيّاك أن تقع! "
السابع الآيات التي أُمِروا فيها بالاستعانة بالله. نحو {إياك نستعين} ، {فاستعذ بالله من الشيطان} ، {استعينوا بالله} ، فإِذا كان اللهُ خالقَ الكفر والمعاصي،