الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي قوله: {وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا} ، قال:"ضلالةً".
قلتُ: ثمّ قوله تعالى: {فأغشيناهم فهم لا يبصرون} ، كقوله، {وعلى أبصارهم غشاوة} ، وكقوله، {صم بكم عمى فهم لا يعقلون} .
ومنها قوله تعالى: {وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} . هي ونظيرتها في أوّل البقرة من حجج الباب؛ وتقريرها ما سبق.
ومنها قوله تعالى: {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين} . والمراد "بالحىّ" هنا المؤمن، لمقابلته بالكافر. أي "كان حي القلب، يَفهم ما يوعَظ به ويَنظُر ويَتَدّبر". شَبَّه الإِيمانَ بالحياة. ثمّ الحياةُ مخوقةٌ لله سبحانه؛ فكذا الإِيمان في الجملة. ولأهل السنّة في أنّ الإِيمان مخلوقٌ أم لا كلامٌ وتفصيلٌ.
سورة الصافات
فمنها قوله تعالى، حكايةّ عن الكفّار:{فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون} . والاستدلال به كما سبق.
ومنها قوله تعالى في شجرة الزقّوم: {إنا جلعناها فتنة للظالمين} . وهي الشجرة الملعونة في القرآن، المذكورة في سورة سبح.
رُوى عن عبد الرزّاق، قال: أنا مَعمَرٌ، عن قنادة، في قوله:{فتنة للظالمين} ؛ قال: "زادتهم تكذيبًا حين أخبرهم أنّ في النار شجرةً؛ فقالوا: "يخبركم أنّ في النار شجرةً؛
والنار تُحرِق الشجرَ". فأخبرهم أنّ غذاءها من النار". ووجه دلالتها أنّه أخبرهم بما لا تحتمله عقولُهم، ولم يبرهِن لهم عليه، مع علمِه بأنهم لا يؤمنون. فبالضرورة افتتنوا؛ وكانت فتنتَه سبحانه، كما قال موسى:{إن هي إلا فتنتك} .
ومنها قوله تعالى، حكايةً عن إِبراهيم، إذ قال لقومه:{قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون} . وهي عمدة أهلِ الإِثبات. والنزاع بينهم وبين القدريّة مبني على أنّ "ما" في الآيتين موصولةٌ، أو مصدريّة؟ فعند القدريّة، هي موصولةٌ؛ تقديره:"أتعبدون الذي تنحتون، والله خلقكم والذي تعملون! " يعني الجواهرَ التي تُصوِّرونها، من خشبٍ أو حجرٍ وغير ذلك؛ فلا دليل فيها على خلق الأعمال. وعند المُثبِتة، هي مصدرّيةٌ؛ تقديره:"أتعبدون نحتَكم، والله خَلَقَكم وعملَكم؟ " وذلك أنهم لم يعبدوا الجواهر المجرّدة؛ وإِلاّ لما خَصُّوا بعضَ الجواهر دون بعضٍ. وإِنما عبدوها لِمَا قام بها من الصور والأشكال؛ وهي آثار عملِهم؛ فصاروا كأنهم عبدوا عملهم؛ وهو مخلوقٌ لهم. فاتّجه الإِلزامُ والحجّة؛ وهو أنّكم عبدتم عملَكم المخلوق؛ فكيف يَعبد مخلوقٌ خلوقٌا! ولو كان المرادُ الجواهرَ، لمَا اتَجهَت الحجَةُ عليهم؛ لأنهم كانوا يعلمون أنها غير مخلوقةٍ لهم؛ فكان لهم أن يقولوا:"لم نعبد ما عمِلنا".
ومنها قوله تعالى: {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} . روي عبد الرزّاق، قال: أنا إِسرائيلُ، عن سِمَاك بن حَربٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، في قولهن {ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الحجيم}. قال:"لا تَفتنون إِلاّ مَن هو صالى الجحيَم". قال: "وأنا عمرُ بن ذرً، قال: "سمعتُ عمر بن عبد العزيز يقول: "لو شاء الله أن لا يُعصى، لم يخلق إِبليسَ. وقد بيّن ذلك في آيةٍ من كتابه، عقلها مَن عقلها، وجهلها مَن جهلها، {فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بقاتنين إلا من هو صال الجحيم} .
ولم أجد في سورة ث شيئًا.