الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الآثار عن عمر في حكم السحر
.
45/1- ابن قتيبة قال: حدثني زيد بن أخزم الطائي قال نا عبد الصمد، قال همام عن يحيى بن أبي كثير أن عامل عمان كتب لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إنا أتينا بساحرة فألقيناها في الماء فطفت فكتب إليه عمر بن عبد العزيز لسنا من الماء في شيء إن قامت البينة وإلا فخل سبيلها1.
46/2- ابن حزم الظاهري قال: عن يحيى بن أبي كثير قال: أن غلاما لعمر بن عبد العزيز أخذ ساحرة فألقاها في الماء فطفت، فكتب إليه
1 ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث ص124-125. ط. دار الكتاب العربي. وانظر وابن عبد ربه: العقد الفريد 6/287 ط. دار الكتاب العربي بيروت.
وزيد بن أخزم -بمعجمتين- الطائي البناني أبو طالب البصري ثقة حافظ، من 11خ. تقريب 221.
وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم صدوق ثبت في شعبة من التاسعة. تقريب ص356.
وهمام بن يحيى بن دينار العوذي البصري ثقة ثبت ربما وهم من السابعة. تقريب ص574.
ويحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل من الخامسة. تقريب ص596. وانظر الجرح والتعديل 3/556، و6/50،و9/107، و9/141.
عمر ابن عبد العزيز أن الله لم يأمرك أن تلقيها في الماء فإن اعترفت فاقتلها1.
47/3- ابن حزم أيضا قال: وعن ربيعة بن عطاء أن رجلا عبدا سحر جارية عربية، وكانت تتبعه، فرفع إلى عروة بن محمد، وكان عامل عمر بن عبد العزيز فكتب إليه عمر بن عبد العزيز أن يبيعه بغير أرضها وأرضه، ثم ادفع ثمنه إليها2.
التعليق:
السحر لغة: هو كل أمر لطف مأخذه ودق3واصطلاحا: عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه4ومن المعلوم أن السحر من الشرك لأنه لا يحصل إلا بالاستعانة بالشياطين، ولا شك في خطورة انتشاره بين الناس، ويتبين من الأثرين الأوليين عن عمر حكم الساحر حيث إنه رحمه الله أمر بالتحقق ممن
1 ابن حزم: المحلى بالآثار 11/395.
2 ابن حزم: المحلى بالآثار 11/395. وربيعة بن عطاء بن يعقوب مولى بني سباع روى عن عروة بن محمد، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري. الجرح والتعديل 3/477، وذكره ابن حبان في الثقات، انظر ثقات ابن حبان ج 6 ص 300.
3 المعجم الوسيط ج 1 ص 419.
4 فتح المجيد ص315 ط وزارة الشئون الإسلامية.
يتعاطى السحر فإذا تبين أنه ساحر فحكمه القتل لأنه كافر، قال تعالى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
…
} 1، وهذا هو مذهب الأئمة الثلاثة مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، وفصل الشافعي رحمه الله تعالى في حكم الساحر حيث بين أننا نسأله ونختبره فإذا كان سحره يستوجب القتل قتل، وإلا نزلناه منزلته التي يستحقها.
والصواب ما عليه الجمهور لدلالة الآية، قال الحافظ ابن حجر:"وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كفر ومتعلمه كافر"2. والآية التي يشير إليها الحافظ هي قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} 3، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله والسحر"4. فدل الحديث على أن السحر من الذنوب المهلكات التي تهلك صاحبها إذا لم يتب قبل موته، وهذا الذي
1 الآية 103 من سورة البقرة.
2 انظر البخاري مع الفتح 10/224، وانظر تيسير العزيز الحميد ص384.
3 الآية 103 من سورة البقرة.
4 البخاري مع الفتح 10/232، رقم (5764) .
أثر عن عمر هو مدلول الآية كما سبق، وقد أثر كذلك عن حفصة، وعمر بن الخطاب، وجندب الخير1.
والمقصود أن السحر من الشرك الذي يضاد التوحيد.
وأما ما روي عن عمر في الأثر الثالث من عدم قتل الساحر الذي سحر جارية عربية وأمره بأن يباع من غير أرضه وأرضها ثم يدفع ثمنه إليها ففي ثبوته عن عمر نظر، لأن ابن حزم الظاهري لم يذكر سنده إلى ربيعة حتى تتبين صحته من عدمها، ثم إن صح الأثر عنه فلا تعارض بينه وبين الأثرين المتقدمين إذ يُحتمل أنه لم يتأكد من سحر هذا العبد ولم يجزم به لعدم وجود الأدلة الكافية على ذلك، فاكتفي ببيعه في غير أرضه وأرضها ودفع ثمنه إليها لأنه هو الخليفة أو لعله اعتقد أن قتله خسارة على أهله لأنه عبد مملوك.
وعلى فرض ثبوته أيضا فقد يكون عمر قد استند إلى ما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها دبرت جارية، فاشتكت عائشة رضي الله عنها فطال شكواها، فقدم إنسان المدينة يتطبب، فذهب بنو أخيها يسألونه عن وجعها فقال: والله إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة،
1 انظر تيسير العزيز الحميد ص392-394.
قال هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها قالت: نعم1 أردت أن تموتي فأعتق قال: وكانت مدبرة قالت: فبيعوها في أشد العرب ملكة، واجعلوا ثمنها في مثلها2.
1 هذا جواب عن سؤال لم يذكر في الحديث وكان عائشة سألتها هل قول الطبيب صحيح؟ فقالت نعم أردت أن تموتي فاعتق. عن كتاب نواقض الإيمان القولية والفعلية ص513.
2 أخرجه أحمد الفتح الرباني 14/159، والحاكم 4/219- 220، وصححه الألباني في إرواء الغليل 6/178 رقم 1757.