المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في النهي عن الخوض في القدر - الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة - جـ ١

[حياة بن محمد بن جبريل]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الباب الأول: الآثار الواردة عن عمر في التوحيد

- ‌الفصل الأول: الأثار الواردة عن عمر في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الدعاء

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الشكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في التوكل

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الخوف والرجاء

- ‌المبحث الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في التبرك

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن الشرك ووسائله

- ‌المطلب الأول: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن التطير

- ‌المطلب الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز من النهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌المطلب الثالث: الآثار عن عمر في حكم السحر

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في أسماء الله الحسنى

- ‌المبحث الأول: ما أثر عنه في أسمه تعالى "الله

- ‌المبحث الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الرب

- ‌المبحث الثالث: في ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في أسمائه تعالى "الرحمن الرحيم، المليك، اللطيف، الخبير

- ‌المبحث الرابع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الكريم

- ‌المبحث الخامس: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الحي

- ‌المبحث السادس: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الرقيب

- ‌المبحث السابع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الشهيد

- ‌المبحث الثامن: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"الواحد القهار

- ‌المبحث التاسع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"العلي العظيم

- ‌المبحث العاشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى" العفو الغفور

- ‌المبحث الحادي عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"العزيز الحكيم

- ‌المبحث الثاني عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الوارث

- ‌المبحث الثالث عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الخالق

- ‌الفصل الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الصفات العلى

- ‌المبحث الأول: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في إثبات صفة النفس لله تعالى

- ‌المبحث الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في صفة الوجه لله تعالى

- ‌المبحث الثالث: ماأثر عن عمر بن عبد العزيز في إثبات صفة العلم لله تعالى

- ‌المبحث الرابع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الكبرياء لله تعالى

- ‌المبحث الخامس: ما أثر عن عمر في صفة القدرة لله تعالى

- ‌المبحث السادس: ما أثر عن عمر في إثبات صفة العلو لله تعالى

- ‌المبحث السابع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة المعية والقرب لله تعالى

- ‌المبحث الثامن: ما أثر عن عمر في إثبات صفة النزول لله تعالى يوم القيامة لفصل القضاء

- ‌المبحث التاسع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة المشيئة والإرادة لله تعالى

- ‌المبحث العاشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الغضب كما يليق لله تعالى

- ‌المبحث الحادي عشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الرضى لله تعالى

- ‌المبحث الثاني عشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الرحمة لله تعالى

- ‌الباب الثاني: الآثار عن عمر في الإيمان بالملائكة والكتب، والرل، واليوم الآخر، والقدر

- ‌الفصل الأول: الآثار عن عمر في الإيمان بالملائكة

- ‌الفصل الثاني: الآثار عن عمر في الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الرابع: الآثار عن عمر في الإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفضائل أصحابه وحقوق أهل بيته

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر في الإيمان بنبينا محد صلى الله عليه وسلم وذكر بعض خصائصه

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر في فضائل الصحابة وموقفه من أهل البيت

- ‌الفصل الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان باليوم الآخر وما يقع فيه من أمور

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر في عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالمعاد، ونزول الرب لفصل القضاء

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في الإيمان بالميزان

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالصراط

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر في الإيمان بالجنة والنار

- ‌المبحث السابع: الآثار عن عمر في الإيمان برؤية المؤمنين ربهم في الجنة

- ‌الفصل السادس: الآثار الواردة عن عمر في الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة عن عمر في تقرير الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في النهي عن الخوض في القدر

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في الرضا بالقضاء

- ‌الفصل السابع: الآثار الواردة عن عمر في تعريف الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة عنه في تعريف الإيمان

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في حكم مرتكب الكبيرة

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في حكم لعن المعين وتكفيره

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في نواقض الإيمان

الفصل: ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في النهي عن الخوض في القدر

‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في النهي عن الخوض في القدر

169/1- الآجري قال: أخبرنا الفريابي قال: حدثنا أبو كامل الجحدري، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا التيمي قال: سئل عمر بن عبد العزيز عن القدر؟ فقال: ما جرى ذباب بين اثنين إلا بقدر ثم قال للسائل: لا تعودن تسألني عن مثل هذا1.

170/2- وروى أبو داود وغيره بسنده عن عمر أنه كتب إلى عامله

كتبت تسألني عن القدر فعلى الخبير بإذن الله سقطت، ما أحدث المسلمون محدثة ولا ابتدعوا بدعة هي أبين أثرا ولا أثبت أمرا من أمر القدر، ولقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم ويقولون به في أشعارهم يعزون به أنفسهم عن مصائبهم، ثم جاء الإسلام فلم يزده إلا شدة وقوة. ثم ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين ولا ثلاثة فسمعه المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلموا فيه حياة

1 الآجرى في الشريعة 1/442، والفريابى في القدر ورقة ب 56، وأبو كامل الجحدري هو فضيل بن حسن ثقة حافظ. تقريب التهذيب ص447، وبشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي ثقة ثبت عابد.

تقريب التهذيب ص124. والأثر صححه محقق كتاب الشريعة 1/442، والتيمي هو سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري ثقة عابد. تقريب ص252.

ص: 528

رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته يقينا وتصديقا وتسليما لربهم، وتضعيفا لأنفسهم: إن يكون شيء لم يحط به علمه ولم يحصه كتابه ولم ينفذ فيه قدره. فلئن قلتم: قد قال الله عز وجل في كتابه كذا وكذا ولم أنزل الله عز وجل آية كذا وكذا؟ لقد قرأوا منه ما قرأتم وعلموا من تأويله ما جهلتم ثم قالوا بعد ذلك كله كتاب وقدر، وكتب الشقوة، وما يقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا نملك لأنفسنا نفعا ولا ضرا. ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا1.

171/3- الفريابي: حدثنا جعفر نا هشام بن عمار، ثنا معاوية بن يحيى، ثنا عمرو بن مهاجر، قال: استأذن غيلان على عمر بن عبد العزيز فأذن له فقال ويحك ياغيلان ما الذي بلغني عنك أنك تقول. قال إنما أقول بقول الله: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} إلى قوله: {

إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} 2، فقال عمر: أتم السورة ويحك أما تسمع الله يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 3،أما تعلم أن الله قال: {إِنِّي

1 الآجرى في الشريعة ص211، واللفظ له وسنن أبي داود 4/202- 203.

2 الآية 1-3 من سورة الإنسان.

3 الآية 30 من سورة الإنسان.

ص: 529

جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} إلى {الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} 1، فقال غيلان ياأمير المؤمنين لقد جئتك جاهلا فعلمتني، وأعمى فبصرتني، وضالا فهديتني، فقال اخرج فلا يبلغني أنك تتكلم في شيء من هذا 2.

172/3- عبد الله بن الإمام أحمد قال: قال عمر بن عبد العزيز: ويلهم - يعني القدرية- أما يقرأون هذه الآيات {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَاّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} 3، ويلهم أما يقرأون وقرأ حتى بلغ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 45.

1 الآية 30 -33 من سورة البقرة.

2 الفريابى في القدر ورقة ب 56، والآجري في الشريعة 1/438 بمعناه وقد حسن إسناده محقق كتاب الشريعة.

3 الآية 162-163 الصافات.

4 الآية 171 - 173 من سورة الصافات.

5 عبد الله بن الإمام أحمد في السنة 2/414.

ص: 530

173/5- ابن سعد قال: حدثنا قبيصة حدثنا سفيان، عن جعفر بن برقان، قال: سأل رجل عمر بن عبد العزيز عن شيء من الأهواء فقال: الزم دين الصبي الذي في الكتاب والأعرابي واله عما سوى ذلك1.

174/6- الفريابي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: نا بشر بن المفضل، قال: نا التيمي، قال: سئل عمر بن عبد العزيز رحمه الله عن القدر؟ فقال: ما طار ذباب بين السماء والأرض إلا بقدر. ثم قال: للرجل لا تعد تسأل عن القدر"2.

175/7- الآجري قال: وأخبرنا الفريابي، قال: نا عبيد الله بن معاذ، قال: نا أبي قال نا محمد بن عمرو الليثي أن الزهري حدثه، قال: دعا عمر ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى غيلان فقال: ياغيلان بلغني أنك تتكلم في القدر. فقال ياأمير المؤمنين إنهم يكذبون علي؟ فقال: يا غيلان اقرأ أول يس فقرأ {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} حتى أتى {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ

لا يُؤْمِنُونَ} فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين لكأني لم أقرأها قط قبل اليوم

1 ابن سعد في الطبقات 5/374 وصحح إسناد الأثر النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/19.وسيأتي برقم 225، 235، و322.

2 انظر الفريابي في القدر ص196-197، والآجري في الشريعة 1/442، واللالكائي في السنة برقم 1247، وقال محقق كتاب الشريعة الأثر صحيح.

ص: 531

أشهدك ياأمير المؤمنين أني تائب مما كنت أقول. فقال عمر: اللهم إن كان صادقا فثبته وإن كان كاذبا فاجعله آية للمؤمنين"1.

التعليق:

إن الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في هذا المبحث الذي نحن بصدد التعليق عليه تنهي عن الخوض في القدر. وقد وجه العلماء رحمهم الله تعالى الأحاديث الواردة في النهي عن الخوض في القدر مثل حديث: "إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا وإذا ذكر القدر فأمسكوا"2. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة لما تنازعوا في القدر: "عزمت عليكم أن لا تنازعوا فيه" 3. بأن المنهي عنه إنما هو الخوض فيها بالباطل وعلى وجه التنازع والاعتراض على الله تعالى لأن التنازع مظنة الاختلاف وهو سبب من أسباب القول فيه بغير الحق. ولا

1 الآجري في الشريعة 1/438- 439، قال محقق الكتاب: إسناده حسن، وعبد الله ابن الإمام في السنة 2/429 مع بعض الاختلاف في اللفظ، وسيأتي برقم 292.

2 رواه الطبراني في المعجم الكبير 2/93، تحقيق حمدي عبد المجيد ط. الأولى عام 1980م وقال الهيثمي "وفيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف" مجمع الزوائد 7/202، وانظر البخاري مع الفتح 11/477.

3 رواه الترمذي 4/443، وابن ماجة 1/33، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم 1732.

ص: 532

شك أن ذلك منهي عنه، أما معرفة تفاصيل هذا الركن كما جاء في الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح حتى يتحقق الإيمان ويثمر ثماره المرجوة فلا يدخل في هذا النهي وقد بحث علماء السلف مسألة القدر وبينوا للناس الحق والصواب فيه حتى لا يضلوا، وحتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم.

ويظهر لنا جليا من الآثار السابقة عن عمر أنه إنما منع الخوض في القدر إذا كان ذلك بالباطل كما يفعل غيلان ومن شايعه من القدرية، والمعتزلة. أو كان ذلك في الجانب الخفي من القدر وهو كونه سبحانه وتعالى أضل وهدى وأمات وأحيا ومنع وأعطى، فمحاولة معرفة سر الله في ذلك لا تجوز لأن الله حجب علمها حتى عن أقرب المقربين فمحاولة معرفته عن طريق العقل القاصر منهي عنه لأنه من القول على الله بغير علم. قال تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} 2.

قال النووي: قال أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة دون محض القياس ومجرد العقول. فمن عدل عن

1 الآية 36 من سورة الإسراء.

2 انظر القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه ص18- 19.

ص: 533

التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونه الأستار اختص الله به، وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم لما علمه من الحكمة وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه. وقد طوى الله تعالى علم القدر على العالم فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب1.

1 شرح النووي على صحيح مسلم 6/150، وانظر البخاري مع الفتح 11/477.

ص: 534