الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في أسماء الله الحسنى
المبحث الأول: ما أثر عنه في أسمه تعالى "الله
"
…
تمهيد:
تعريف الاسم لغة واصطلاحا وبيان مذهب أهل السنة في أسماء الله تعالى
الاسم لغة: مشتق من السمو، وقيل: أنه مشتق من السمة وهي العلامة1.
والصحيح أنه مشتق من السمو، وهو العلو.
قال الأزهري: ومن قال إن اسما مأخوذ من وَسِمْتُ فهو غلط، لأنه لو كان اسم من سِمْتُه لكان تصغيره، وُسَيْما مثل تصغير عدة وصلة وما أشبههما2.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الاسم مشتق من السمو وهو العلو كما قال النحاة البصريون، لأن الاسم يظهر به المسمى ويعلو، فيقال للمسمِّي: سَمِّه أي أظهره وأعله أي أعل ذكره بالاسم الذي يذكر به3.
1 انظر: الفتاوى 6/207، ومعجم مقاييس اللغة 3/99، تحقيق عبد السلام هارون ط. دار الجيل بيروت عام 1411هـ ط. الأولى.
2 انظر تهذيب اللغة للأزهري 13/117، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني ومراجعة على محمد البجاوي ط. الدار المصرية للطباعة والنشر.
3 انظر مجموع الفتاوى 6/207- 208.
أما تعريفه اصطلاحا: فأسماء الله الحسنى هي كلما ته الدالة على ذاته المتضمنة إثبات صفات الكمال له بلا مماثلة وتنزيهه عن صفات النقص والعيب1.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها"2.
وقال أيضا: "أهل الإسلام وأهل السنة يذكرون أسماء الله ويعرفونه ويعبدونه ويحبونه، ويذكرونه، ويظهرون ذكره، فله الأسماء الحسنى كما أخبر بذلك في كتابه وأخبر بذلك في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما ليس له اسم فإنه لا يذكر، ولا يظهر، ولا يعلو ذكره، بل هو كالشيء الخفي الذي لا يعرف، ولذا يقال الاسم دليل على المسمى، وعلم على المسمى، ونحو ذلك.
والملاحدة الذين ينكرون أسماءه وتعرض قلوبهم عن معرفته وعبادته، ومحبته، وذكره، حتى ينسوا ذكره {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} 3، وقال: {وَلا
1 خالد عبد اللطيف: منهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى ج2 ص391.
2 شرح العقيدة الأصبهانية ص5.
3 الآية 67: سورة التوبة.
تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} 1، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} 23.
والله تعالى قد أمر بتسبيح اسمه، وأمر بالتسبيح باسمه، كما أمر بدعائه بأسمائه الحسنى فيدعى بأسمائه الحسنى، ويسبح اسمه، وتسبيح اسمه هو تسبيح له، إذ المقصود بالاسم المسمى، قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 4، فالله هو المدعو الواحد الذي له الأسماء الحسنى"5.
ولا شك أن كل قارئ للقرآن الكريم، وللأحاديث النبوية يجد أن الله تبارك وتعالى في كتابه قد سمى نفسه بأسماء، وأن رسوله صلى الله عليه وسلم قد سمى ربه بأسماء، ومن المعلوم أن السلف الصالح يثبتون لله تعالى من الأسماء ما أثبته
1 الآية 19 من سورة الحشر.
2 الآية 205 من سورة الأعراف.
3 انظر: مجموع الفتاوى 6/209.
4 الآية 110 من سورة الإسراء.
5 انظر: مجموع الفتاوى 6/210.
الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه لا أحد أعلم بالله من الله، ولا أحد أعلم بالله بعد الله من رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأسماء الله تعالى كلها حسنى، وهي أعلام، وأوصاف، وهي أسماؤه حقيقة دالة على ذاته وصفاته، وهي توقيفية، وغير محصورة بعدد معين، وغير مخلوقة، ولا يجوز الإلحاد فيها.
ولأهل السنة تفاصيل في أسماء الله الحسنى يحسن الرجوع إلى كتبهم في هذا الجانب، لأن الغرض من هذا التمهيد بيان مذهب أهل السنة في الجملة لربط ذلك بما أثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى في بيان أسماء الله الحسنى. وهذا ما سيتضح بالآثار المنقولة فيما يأتي:
المبحث الأول: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الله".
48/1- ابن عبد الحكم قال: كتب عمر بن عبد العزيز رسالة فقال: "أما بعد: إني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو
…
"1.
49/2- ابن عبد الحكم قال: وكان عمر بن عبد العزيز يدعو بهذا الدعاء: "اللهم رضني بقضائك وبارك لي في قدرك
…
"2.
50/3- ابن عبد الحكم قال: كتب عمر إلى أهل الأمصار: "إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به العباد
…
"3.
51/4- ابن عبد الحكم أن عمر خطب وفي آخر خطبته قال: "أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم"4.
1 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص88، وأبو حفص الملَاّء 1/277.
2 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص97، وأبو حفص الملَاّء 2/433، وابن الجوزي سيرة عمر ص311.
3 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص64، وأبو حفص الملَاّء 1/262، وابن أبي الدنيا كتاب العقوبات. ص32
4 نفس المصدر ص40، وأبو حفص الملَاّء 2/451، وأبو نعيم في الحلية 5/295- 296، وابن الجوزي سيرة عمر ص233، وابن عساكر ورقة 141ب.
التعليق:
اسم الله العلم "الله" من الأسماء الحسنى، بل هو أعظم الأسماء الحسنى، لأنه دال على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شيء، ولأنه أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره تعالى.
قال الله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 1.
"وقد اختلف في اشتقاقه وتصريفه، قال الزجاج: واختلفوا هل هو مشتق أم غير مشتق؟ فذهبت طائفة: إلى أنه مشتق، وذهب جماعة ممن يوثق بعلمه إلى أنه غير مشتق".
والصحيح أنه مشتق لأنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه
…
".
ومعنى قولنا: "إله" إنما هو الذي يستحق العبادة بحق وهو تعالى المستحق لها دون من سواه. ومن فروع هذا الاسم العظيم "اللهم" قال سيبويه: زادوا الميم في آخره مثقلة عوضا عن حرف النداء في أوله، فلا يجمع بينهما لا يقال:"يا اللهم" لأن العوض والمعوض منه لا يجتمعان، وجرى مجرى الأصوات فبنى لذلك، ولذلك لا يوصف فلا يقال: "اللهم العزيز
…
"2.
1 الآية 8 سورة طه.
2 انظر تفسير أسماء الله الحسنى إملاء أبي إسحاق بن إبراهيم بن السري الزجاج ص25- 26، ط. دار الثقافة العربية دمشق الطبعة الخامسة 1412هـ، واشتقاق أسماء الله للزجاجي ص32، ط. مؤسسة الرسالة بيروت. وبدائع الفوائد 1/20.