الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة المعية والقرب لله تعالى
.
77/10- ابن عبد الحكم قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الضحاك ابن عبد الرحمن، أما بعد: فإن الله جعل الإسلام الذي رضي به لنفسه
…
وفيها: "
…
وأذكرهم تذكيراً بعد تذكير وأشهد عليهم الذي هو آخذ بناصية كل دابة والذي هو أقرب إلى كل عبد من حبل الوريد
…
"1.
78/11- ابن عبد الحكم قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أيوب ابن شرحبيل وأهل مصر رسالة وفيها: "
…
ومن يخالف ما نهى عنه نعاقبه في العلانية ويكفينا الله ما أسر، إنه على كل شيء رقيب والله على كل شيء شهيد
…
"2.
التعليق:
تتضمن الأثران السابقان عن عمر بن عبد العزيز إثبات صفة المعية لله تبارك وتعالى وصفة القرب.
ولا شك أن المعية تنقسم إلى قسمين: معية عامة ومعية خاصة.
1 ابن عبد الحكم سيرة عمر 291، و93، وأبو حفص الملاء 1/283.
2 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص89- 90، وأبو حفص الملاء 1/280.
وهذا المأثور عن عمر هو الحق الذي دل عليه الكتاب فمن أدلة المعية العامة في الكتاب قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم} 1، والمعنى أن الله مع جميع ما خلق يعلم ما هم عليه فلا تخفي عليه منهم خافية في الأرض ولا في السماء بل أحاط كل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، ومن أدلة المعية الخاصة قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} 2، ومما يجدر التنبيه عليه أن معية الله لا توجب المخالطة والممازجة الذاتية لا شرعا ولا لغة بل تمنع ذلك باعتبار إضافتها إلى الله تعالى فإذا كانت معية عامة فمعناها العلم والإطلاع والإحاطة، وإن كانت خاصة فمعناها الحفظ والنصر والتأييد. ولا ينبغي أن نفهم منها أي معنى من المعاني التي لا تليق بالله تعالى3.
وأما صفة القرب فهي صفة ثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} 4 ومن السنة حديث: "من تقرب
1 الآية 4 من سورة الحديد.
2 الآية 128 من سورة النحل.
3 انظر الصفات الإلهية في الكتاب والسنة لمحمد أمان الجامي ص240.
4 الآية186 البقرة.
إلي شبرا تقربت منه ذراعا
…
"1 وأهل السنة والجماعة من السلف وأهل الحديث يعتقدون أن الله عز وجل قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته وهو مستو على عرشه بائن من خلقه ،وأنه يتقرب إليهم حقيقة ويدنو منهم حقيقة ولكنهم لا يفسرون كل قرب ورد لفظه في القرآن أو السنة بالقرب الحقيقي، فقد يكون القرب قرب الملائكة، وذلك حسب سياق اللفظ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما دنوه وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواؤه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث والنقل عنهم متواتر2.
1 الحديث رواه البخاري برقم (7405) ومسلم برقم (26756) .
2 الفتاوى5 /466 وانظر: صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي السقاف 75- 76/ط دار الهجرة.