المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر - الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في العقيدة - جـ ١

[حياة بن محمد بن جبريل]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد:

- ‌الباب الأول: الآثار الواردة عن عمر في التوحيد

- ‌الفصل الأول: الأثار الواردة عن عمر في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الدعاء

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الشكر

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في التوكل

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الخوف والرجاء

- ‌المبحث الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في التبرك

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن الشرك ووسائله

- ‌المطلب الأول: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن التطير

- ‌المطلب الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز من النهي عن اتخاذ القبور مساجد

- ‌المطلب الثالث: الآثار عن عمر في حكم السحر

- ‌الفصل الثاني: الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز في أسماء الله الحسنى

- ‌المبحث الأول: ما أثر عنه في أسمه تعالى "الله

- ‌المبحث الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الرب

- ‌المبحث الثالث: في ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في أسمائه تعالى "الرحمن الرحيم، المليك، اللطيف، الخبير

- ‌المبحث الرابع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الكريم

- ‌المبحث الخامس: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الحي

- ‌المبحث السادس: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الرقيب

- ‌المبحث السابع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الشهيد

- ‌المبحث الثامن: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"الواحد القهار

- ‌المبحث التاسع: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"العلي العظيم

- ‌المبحث العاشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى" العفو الغفور

- ‌المبحث الحادي عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى"العزيز الحكيم

- ‌المبحث الثاني عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الوارث

- ‌المبحث الثالث عشر: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في اسمه تعالى "الخالق

- ‌الفصل الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الصفات العلى

- ‌المبحث الأول: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في إثبات صفة النفس لله تعالى

- ‌المبحث الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في صفة الوجه لله تعالى

- ‌المبحث الثالث: ماأثر عن عمر بن عبد العزيز في إثبات صفة العلم لله تعالى

- ‌المبحث الرابع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الكبرياء لله تعالى

- ‌المبحث الخامس: ما أثر عن عمر في صفة القدرة لله تعالى

- ‌المبحث السادس: ما أثر عن عمر في إثبات صفة العلو لله تعالى

- ‌المبحث السابع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة المعية والقرب لله تعالى

- ‌المبحث الثامن: ما أثر عن عمر في إثبات صفة النزول لله تعالى يوم القيامة لفصل القضاء

- ‌المبحث التاسع: ما أثر عن عمر في إثبات صفة المشيئة والإرادة لله تعالى

- ‌المبحث العاشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الغضب كما يليق لله تعالى

- ‌المبحث الحادي عشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الرضى لله تعالى

- ‌المبحث الثاني عشر: ما أثر عن عمر في إثبات صفة الرحمة لله تعالى

- ‌الباب الثاني: الآثار عن عمر في الإيمان بالملائكة والكتب، والرل، واليوم الآخر، والقدر

- ‌الفصل الأول: الآثار عن عمر في الإيمان بالملائكة

- ‌الفصل الثاني: الآثار عن عمر في الإيمان بالكتب

- ‌الفصل الثالث: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالرسل

- ‌الفصل الرابع: الآثار عن عمر في الإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفضائل أصحابه وحقوق أهل بيته

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر في الإيمان بنبينا محد صلى الله عليه وسلم وذكر بعض خصائصه

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر في فضائل الصحابة وموقفه من أهل البيت

- ‌الفصل الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان باليوم الآخر وما يقع فيه من أمور

- ‌المبحث الأول: الآثار عن عمر في عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالمعاد، ونزول الرب لفصل القضاء

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في الإيمان بالميزان

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في الإيمان بالحوض

- ‌المبحث الخامس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في الإيمان بالصراط

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر في الإيمان بالجنة والنار

- ‌المبحث السابع: الآثار عن عمر في الإيمان برؤية المؤمنين ربهم في الجنة

- ‌الفصل السادس: الآثار الواردة عن عمر في الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة عن عمر في تقرير الإيمان بالقدر

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في النهي عن الخوض في القدر

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في الرضا بالقضاء

- ‌الفصل السابع: الآثار الواردة عن عمر في تعريف الإيمان وما يتعلق به من مسائل

- ‌المبحث الأول: الآثار الواردة عنه في تعريف الإيمان

- ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر في زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌المبحث الثالث: الآثار عن عمر في حكم مرتكب الكبيرة

- ‌المبحث الرابع: الآثار عن عمر في حكم لعن المعين وتكفيره

- ‌المبحث السادس: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في نواقض الإيمان

الفصل: ‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر

‌المبحث الثاني: الآثار عن عمر بن عبد العزيز في بيان مراتب القدر

160/1- قال أبو داود1: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سفيان، قال كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر. ح.

وثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا حماد ابن دليل، قال: سمعت سفيان الثوري يحدث عن النضر. ح.

وثنا هناد بن السري عن قبيصة، قال: ثنا أبو رجاء، عن أبي الصلت - وهذا لفظ ابن كثير ومعناهم، قال كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر فكتب أما بعد:

كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، ما أعلم ما أحدث الناس من محدثة ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أثرا ولا أثبت أمرا من الإقرار بالقدر. لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم يعزون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الإسلام بعد إلا شدة. ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين. وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته، وبعد وفاته يقينا، وتسليما، لربهم وتضعيفا لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه ولم

1 الأثر مكرر انظر رقم 158/1.والسبب في تكراره دلالته على تقرير الإيمان بالقدر وبيان مراتبه وتصحيح الأئمة لسنده.

ص: 509

يحصه كتابه ولم يمض فيه قدره وإنه مع ذلك لفي محكم كتابه: منه اقتبسوه ومنه تعلموه ولئن قلتم لم أنزل الله آية كذا ولم قال كذا، لقد قرأوا منه ما قرأتم وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك كله بكتاب وقدر وكتب الشقاوة وما يقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا1.

161/2- وذكر الآجرى قال: أخبرنا الفريابي قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الهيثم بن عمران، قال سمعت عمرو بن مهاجر قال: أقبل غيلان وهو مولى لآل عثمان، وصالح بن سويد إلى عمر بن عبد العزيز فبلغه أنهما ينطقان بالقدر فدعاهما، فقال: أعلم الله نافذ في عباده أم منتقض؟ قالا: بل نافذ ياأمير المؤمنين. قال: ففيم الكلام، فخرجا فلما كان عند مرضه بلغه أنهما قد أسرفا فأرسل إليهما وهو مغضب فقال: ألم يك في سابق علمه حين أمر إبليس بالسجود: أنه لا يسجد؟ قال عمرو فأشرت إليهما برأسي قولا: نعم. فقالا: نعم. فأمر بإخراجهما

1 سنن أبي داود 4/202-203، والإبانة لابن بطة 2/231-232-233 من الكتاب الثاني والآجري في الشريعة 1/444-445، وأبو نعيم في الحلية 5/338-339، ذكر رحمه الله أول الرسالة ولم يذكر آخرها.

ص: 510

وبالكتاب إلى الأجناد بخلاف ما قالا فمات عمر رضي الله عنه قبل أن ينفذ تلك الكتب1.

162/3- الآجري أيضا قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن حسن الحراني: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي الوليد قال: خرج عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة فخطب كما كان يخطب ثم قال: أيها الناس من عمل منكم خيرا فليحمد الله تعالى، ومن أساء فليستغفر الله ثم إن عاد فليستغفر الله، فإنه لا بد لأقوام أن يعملوا أعمالا وضعها الله في رقابهم وكتبها عليهم2.

163/4- الآجري قال: أخبرنا الفريابي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عمرو بن ذر، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: "لو أراد الله عز وجل أن لا يعصى ما

1 الآجري في الشريعة 1/443، والفريابى في القدر ورقة ب/56. وقال محقق كتاب الشريعة رجاله ثقات غير الهيثم بن عمران الدمشقي: ترجم له ابن أبي حاتم برواية ثلاثة من الثقات ولم يذكر فيها جرحا ولا تعديلا. الجرح والتعديل 9/82، وقد وثقه ابن حبان في الثقات 7/577. وسيأتي برقم 297.

2 الآجري في الشريعة 1/441، وأبو نعيم في الحلية 5/296، وابن بطة في الإبانة 2/237، وقال محقق كتاب الشريعة إسناده محتمل للتقوية وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف 8/240 وفيه عمر بن أبي الوليد بدل عبد الله بن الوليد، وابن عساكر 1/32، وأبو حفص الملاء 2/446، وسيأتي رقم 306.

ص: 511

خلق إبليس، وقد فسر ذلك في آية من كتاب الله عز وجل عقلها من عقلها، وجهلها من جهلها: ثم قرأ: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَاّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} 1،2. وزاد في الإبانة لابن بطة: بمضلين إلا من قدر عليه أن يصلى الجحيم"3.

164/6-الفريابي قال: حدثنا جعفر، ثنا عبد الله عمر القواريري، ثنا بشر بن المفضل، عن سليمان التيمي، قال: سئل عمر بن عبد العزيز عن القدر فقال: ما طار ذباب بين السماء والأرض إلا بقدر، قال: ثم قال للرجل لا تعد تسأل عن القدر4.

1 الآية 161-162 من سورة الصافات.

2 الآجري في الشريعة 1/421، والفريابى في القدر ورقة ب/54، وابن بطة في الإبانة 1/272، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2/553، والبغوي في شرح السنة 1/144، وقال محقق كتاب الشريعة: الأثر صحيح. الشريعة 1/443، وسيأتي برقم 288، 289.

3 ابن بطة في الإبانة 2/66.

4 الفريابى في القدر ورقة ب/56، والآجرى في الشريعة 1/442، 443، بلفظ مقارب وقال محقق كتاب الشريعة: أثر التيمي عن عمر بن عبد العزيز صحيح رجاله ثقات، ورواه اللالكائي بمعناه رقم (1247) وقال الشيخ مقبل هذا الأثر صحيح 1/442، وسيأتي برقم 169.

ص: 512

165/7- الفريابي أيضا: قال حدثنا جعفر، نا هشام بن عمار، ثنا معاوية بن يحيى، ثنا عمرو بن مهاجر، قال استأذن غيلان على عمر بن عبد العزيز فأذن له فقال ويحك يا غيلان ما الذي بلغني عنك أنك تقول، قال: إنما أقول بقول الله: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً

} إلى قوله: {

إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} 1، فقال عمر: أتم السورة ويحك أما تسمع الله يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 2، أما تعلم أن الله قال:{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} إلى قوله: {الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} 3، فقال غيلان: ياأمير المؤمنين لقد جئتك جاهلا فعلمتني وأعمى فبصرتني، وضالا فهديتني، فقال: اخرج فلا يبلغني أنك تتكلم في شيء من هذا4.

1 الآية 1-3 من سورة الإنسان.

2 الآية 30 من سورة الإنسان.

3 الآية 30 -33 من سورة البقرة.

4 الفريابى في القدر ورقة ب/56، الجامعة الإسلامية مخطوطة رقم 2570، وفي التنبيه والرد للملطى زيادة تفسير لهذا الأثر فبعد ما انتهى غيلان من قراءة ما يستدل به قال له عمر: ويحك من ها هنا تأخذ الأمر وتدع به خلق آدم عليه السلام ثم قرأ عليه الآيات 3-33 من سورة البقرة. انظر التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص178. وسيأتي برقم 171، 174، 293،.

ص: 513

166/8- عبد الرزاق قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة أما بعد: فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان كان من الخطايا التي قدر الله عليك وقدر أن تبتلى بها1.

167/9- اللالكائي قال: أخبرنا الحسن بن عثمان قال: أخبرنا أحمد ابن حمدان، قال: ثنا بشر بن موسى، قال: ثنا معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى ابن له كتابا فكان فيما كتب فيه: إني أسأل الله الذي بيده القلوب يصنع ما شاء من هدى أو ضلالة2.

1 عبد الرزاق في المصنف 11/122 وابن بطة في الإبانة 2/237، واللالكائي 2/753، وعبد الرزاق هوا بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني ثقة حافظ مصنف شهير. انظر تقريب التهذيب ص354.

ومعمر بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري نزيل اليمن ثقة ثبت فاضل مات سنة 54. تقريب التهذيب ص541، وسيأتي برقم 305.

2 اللا لكائى شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2/752. والفريابى في القدر ورقة ب/66، والمطبوع ص227. قال محقق الكتاب: تابعه اللالكائي برقم 1246.

ص: 514

168/10- الدارمي قال: حدثنا نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن زيد بن رفيع الجزري، عن عمر بن عبد العزيز قال: من أقر بالعلم فقد خصم1.

التعليق:

الآثار الواردة عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى تدل بمجموعها على الإيمان بالقدر، كما تدل على الإيمان بمراتب القدر الأربعة التي اتفق السلف الصالح رحمهم الله تعالى ومن سار على نهجهم على أنه لا يتم الإيمان بالقدر، إلا بالإيمان بها كلها. وهي: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق. وكانت القدرية الموجودون في زمن عمر بن عبد العزيز ينكرون العلم والكتابة، وهؤلاء هم الذين تبرأ منهم ابن عمر بقوله:" إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني" وكانوا يقولون: إن الله أمر العباد ونهاهم وهو لا يعلم من يطيعه ممن يعصيه، ولا من يدخل الجنة ممن يدخل النار، حتى فعلوا ذلك. فعلمه بعدما فعلوه، ولهذا قالوا: الأمر أنف أي مستأنف2، وكلام عمر في هذه الآثار التي في هذا المبحث

1 الدارمي الرد على الجهمية ص119. وفي الأثر زيد بن رفيع، فيه ضعف. انظر لسان الميزان لابن حجر 2/506.

2 انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/553، والقدر للفريابي لوحة 54والإبانة لابن بطة 1/272، والشريعة للآجري 1/443.

ص: 515

واضح كل الوضوح في الرد على هؤلاء القدرية وجلي في إثبات المراتب التي يبنى عليها الإيمان بالقدر.

فأول المراتب هو:

1-

مرتبة العلم: والمقصود أن الله تبارك وتعالى قد علم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون قبل أن يخلقهم، بعلمه القديم الذي هو صفة من صفات ذاته، وأنه يعلم أهل الجنة، وأهل النار1. وهذا هو القول الذي دل عليه الكتاب والسنة. قال تعالى: {

لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} 2.

وقال عز وجل: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} 3.

وقال تعالى: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} 4.

1 انظر الإيمان لابن تيمية ص364، وانظر رسالة عمر في الحلية 5/346-353 فقد ذكر ذلك بالحرف الواحد.

2 الآية 5 من سورة الطلاق.

3 الآية 22 من سور الحشر.

4 الآية 98 من سورة طه.

ص: 516

قال مجيبا الملائكة بعد إخبارهم أنه جاعل في الأرض خليفة واستفهامهم قال: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} 1، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله بقوله يارسول الله أعلِمَ أهل الجنة من أهل النار؟ قال صلى الله عليه وسلم:"نعم"، قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: "كل ميسر لما خلق له"2.

ن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين"3.

فنصوص الكتاب العزيز والسنة الصحيحة متضافرة على إثبات علم الله تعالى المحيط بكل شيء {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 4، وقد كانت القدرية الأولى الذين ظهروا في أواخر عهد الصحابة وامتد بقاؤهم إلى زمن خلافة عمر بن عبد العزيز ينكرون هذه المرتبة كما مر في محاورة عمر لغيلان عن العلم. وكان السلف يكفرون من ينكر هذه المرتبة إذا

1 الآية 30 من سورة البقرة.

2 مسلم برقم 2649، 6/151، والبخاري بلفظ: أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ انظر البخاري مع الفتح 11/491، برقم (6596) .

3 متفق عليه، البخاري مع الفتح 11/493، برقم (6597) ومسلم 6/160-161برقم (2659)

4 الآية 14 من سورة الملك.

ص: 517

أقيمت عليه الحجة. وقد انقرضت هذه الجماعة التي تنكر علم الله السابق كما ذكر ذلك النووي رحمه الله تعالى 1 ثم تبنت المعتزلة آراء القدرية ولكنهم لم ينكروا ما كان ينكره متقدموهم في رد علم الله السابق بأفعال خلقه حتى تكون منهم. ومع ذلك وافقوهم واعتقدوا أن العباد خالقون لأفعالهم، والآثار المروية عن عمر هنا ترد على القدرية الأولى وعلى المعتزلة. وذلك بإثبات ما جاء في القرآن والسنة من أن العباد لهم مشيئة وإرادة وأن الله خالقهم وخالق أفعالهم وعالم بهم لا تخفى عليه منهم خافية.

والمرتبة الثانية هي:

2-

مرتبة الكتابة: وهي الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء وقد بين عمر ذلك في رسائله وخطبه ففي رسالته إلى عامله يقول: وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته وبعد وفاته يقينا وتسليما لربهم وتضعيفا لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه. ولم يحصه كتابه

2.

1 انظر صحيح مسلم بشرح النووي 1/129.

2 انظر سنن أبي داود 4/202-203.

ص: 518

وخطب في يوم جمعة فقال: أيها الناس من عمل منكم خيرا فليحمد الله تعالى ومن أساء فليستغفر الله. ثم إن عاد فليستغفر الله فإنه لا بد لأقوام أن يعملوا أعمالا وضعها الله في رقابهم وكتبها عليهم1. وخطب يوما فقال في خطبته: إن الدنيا ليست بدار قرار، دار كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظعن2. وهذا المأثور عن عمر من كتابة الله مقادير الخلائق قبل خلقهم وإحصائه كل ذلك وعلمه جزئيات كل شيء هو ما دل عليه الكتاب والسنة. فمن الكتاب: قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} 3، وقال عز وجل:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} 4، وقال رب العزة والجلال:{كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً} 5.

1 انظر الشريعة ص212- 213.

2 ابن الجوزي سيرة عمر ص244.

3 الآية 12 من سورة يس.

4 الآية 22 من سورة الحديد.

5 الآية 58 من سورة الإسراء.

ص: 519

وقد أجمع أهل السنة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم أن كل كائن إلى يوم القيامة فهو مكتوب في أم الكتاب كما دلت على ذلك هذه الآيات فأفعاله تعالى وأقواله مكتوبة في اللوح المحفوظ. والآيات فيها رد على القدرية النفاة فإن الله قد علم الأشياء قبل كونها وكتبها في اللوح المحفوظ قبل إيجادها ثم أوجدها على طبق ما كتب.

ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء"1.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يارسول الله: إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر"2.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار وقد كتبت شقية أو سعيدة

"3.

هذه الكتابة في الجملة وإذا خلق الجنين في بطن أمه ونفخ الروح فيه بعث إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات فيقال له: اكتب رزقه، وأجله،

1 رواه مسلم 6/155، برقم (2653) .

2 رواه البخاري، البخاري مع الفتح 9/117، برقم (5076) .

3 البخاري مع الفتح 3/225، برقم (1362) ، ومسلم 6/149، برقم (2647) .

ص: 520

وعمله، وشقي أم سعيد. وقد أشار عمر رحمه الله إلى هذا التفصيل في رسالته إلى عامله حيث قال فيها:

وكتب الشقاوة ومايقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن

1. وهذا الذي أشار إليه عمر هو مضمون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري عن ابن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق- قال: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع: برزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح. فوالله إن أحدكم أو الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها"2.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وحكى ابن التين أن عمر بن عبد العزيز لما سمع هذا الحديث أنكره وقال: كيف يصح أن يعمل العبد عمره الطاعة ثم لا يدخل الجنة انتهى. ثم قال: وتوقف شيخنا ابن الملقن في صحة ذلك عن عمر. وظهر لي أنه إن ثبت عنه حمل على أن راويه حذف منه

1 سنن أبي داود 4/202- 203.

2 البخاري مع الفتح 11/477، رقم (6594) ، ومسلم بشرح النووي 6/145، برقم (2643) .

ص: 521

قوله في آخره"فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها "1. أو أكمل الراوي ولكن استبعد عمر وقوعه وإن كان جائزا ويكون إيراده على سبيل التخويف من سوء الخاتمة2.

وابن التين والحافظ ابن حجر لم يبينا السند عن عمر حتى نحكم عليه بصحة أو ضعف ولم أجد في كلام عمر رحمه الله ما يدل على ذلك بعد البحث الطويل، بل المروي عنه رحمه الله تعالى يخالف ذلك، فقد ثبت عنه رحمه الله تعالى قوله: وكتب الشقاوة وما يقدر يكن وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا"3. فالقائل بأن الشقاوة مكتوبة على العبد لا يعقل أن ينكر أن الشقي قد يعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب بشقاوته فيعمل بعمل أهل النار كما أن عمر رحمه الله تعالى كان ينهى نهيا شديدا عن معارضة السنن برأي أو تأويل باطل فقد قال في رسالته

ولئن قلتم لم أنزل الله آية كذا ولم قال كذا؟ ثم أجاب: لقد قرأوا منه ما قرأتم وعلموا من تأويله ما جهلتم

" وأجاب من سأله عن الأهواء عليك بدين الصبي الذي في الكتاب والأعرابي واله عما سوى ذلك" وبين في رسالته التي

1 البخاري مع الفتح 11/477، ومسلم بشرح النووي 6/145.

2 البخاري مع الفتح 11/491.

3 سنن أبي داود 4/202-203.

ص: 522

كتبها إلى الذين كتبوا إليه بالتكذيب بالقدر أن الهداية والضلالة والخير الشر، بيد الله يهدي من يشاء ويذر من يشاء، فقال:

هل أمضى لقوم يونس مشيئتهم حين أبوا أن يؤمنوا حتى أظلهم العذاب فآمنوا وقبل منهم، ورد على غيرهم الإيمان فلم يقبل منهم. قال تعالى:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ - أي علم الله الذي قد خلا في خلقه - وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} 1،وذلك كان موقعه عندهم أن يهلكوا بغير قبول، بل الهدى والضلالة والكفر والإيمان، والخير، والشر، بيد الله يهدي من يشاء ويذر من يشاء في طغيانهم يعمهون"2.

المرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر.

3-

المشيئة: والمقصود بها: أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنه لا حركة ولا سكون في السموات ولا في الأرض إلا بمشيئته سبحانه وتعالى فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، وقد حرص عمر رحمه الله تعالى

1 الآية 84-85 من سورة غافر.

2 أبو نعيم في الحلية 5/352.

ص: 523

على توضيح هذه المرتبة والرد على من أنكرها كما سيأتي إن شاء الله تعالى - ففي رسالته إلى عامله يقول: وما يقدر يكن وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن

" وكان يقول: لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس" وناظر غيلان وأفحمه حين بين له خطأه في الاحتجاج بأوائل الآيات من سورة الإنسان فطلب منه أن يقرأ آخر السورة وقال له: ويحك أما تسمع الله يقول: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّه} .

وكتب إلى ابنه كتابا فكان مما كتب فيه: إني أسأل الله الذي بيده القلوب يصنع ما شاء من هدي أو ضلالة" وهذا الذي أثر عن عمر رحمه الله تعالى هو الحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة. قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 1.

وقال عز وجل: {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 2، وقال عز وجل: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ

1 الآية 82 من سورة يس.

2 الآية 39 من سورة الأنعام.

ص: 524

كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 1، فهذه الآيات تدل على مشيئة الله النافذة فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن كما تدل على قدرته التامة، الشاملة بكل شيء.

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم: "قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "يامصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك"2.

وقال في شأن الجنين: "فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك"3.

وفي قصة نومهم في الوادي قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء"4.

المرتبة الرابعة من مراتب الإيمان بالقدر:

4-

الخلق: والمقصود بها: أن الله تعالى هو خالق الخلق وخالق كل شيء فهو الذي خلق الكون وأوجده فهو الخالق وما سواه مربوب مخلوق، ولعمر بن عبد العزيز في تقرير هذه المرتبة أبلغ البيان فقد كتب

1 الآية 111 من سورة الأنعام.

2 رواه مسلم 6/155. برقم (2654) .

3 رواه مسلم 6/148 برقم 2645.

4 البخاري مع الفتح. برقم (595) 2/66.

ص: 525

في قوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّك} 1، قال: الذين لا يختلفون خلقهم الله عز وجل للرحمة2. فهذه الآية تتضمن خلق العباد وأعمالهم.

وكتب إلى عدى بن أرطأة أما بعد: فإن استعمالك سعد بن مسعود على عمان من الخطايا التي قدر الله عليك وقدر أن تبتلى بها3 وهذا الذي قرره عمر رحمه الله تعالى هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع العقلاء كلهم. فمن الكتاب قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} 4، وقال عز وجل:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 5.

وقال صلى الله عليه وسلم مجيبا من سأله: أرأيت ما يعمل الناس فيه ويكدحون أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر سابق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به

1 الآية 118- 119 من سورة هود.

2 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص74، والفريابى في القدر ورقة أ 15.

3 عبد الرزاق في المصنف 11/122.

4 الآية 62 من سورة الزمر.

5 الآية 96 من سورة الصافات.

ص: 526

نبيهم؟ قال: بل شيء قضي عليهم ومضى. قال ففيم العمل؟ قال: "من خلقه الله لإحدى المنزلتين استعمله بعمل أهلها"1.

قال ابن القيم رحمه الله في تقرير هذه المرتبة: وهذا أمر متفق عليه بين الرسل عليهم السلام، وعليه اتفقت الكتب الإلهية والفطر والعقول والاعتبار، وخالف في ذلك مجوس الأمة فأخرجت طاعات ملائكته وأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين - وهي أشرف ما في العالم - عن ربوبيته وتكوينه ومشيئته بل جعلوهم الخالقين لها ولا تعلق لها بمشيئته ولا تدخل تحت قدرته. وكذلك قالوا في جميع أفعال الحيوانات الاختيارية فعندهم أنه سبحانه لا يقدر أن يهدي ضالا ولا يضل مهتديا ولا يقدر أن يجعل المسلم مسلما والكافر كافرا، والمصلي مصليا وإنما ذلك بجعلهم أنفسهم كذلك لا يجعله تعالى2.

1 البخاري مع الفتح 11/477.

2 انظر شفاء العليل ص109.

ص: 527