الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: ماأثر عن عمر بن عبد العزيز في إثبات صفة العلم لله تعالى
…
المبحث الثالث: ما أثر عن عمر في إثبات صفة العلم لله تعالى
67/3- الآجري قال: أخبرنا الفريابي قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الهيثم بن عمران قال سمعت عمرو بن مهاجر قال: أقبل غيلان - وهو مولى لآل عثمان وصالح بن سويد إلى عمر بن عبد العزيز فبلغه أنهما ينطقان بالقدر، فدعاهما فقال: أعلم الله نافذ في عباده أم منتقض؟ قالا: نافذ يا أمير المؤمنين. قال: ففيم الكلام؟ فخرجا فلما كان عند مرضه بلغه أنهما قد أسرفا فأرسل إليهما وهو مغضب فقال: ألم يك في سابق علمه حين أمر إبليس بالسجود أنه لا يسجد؟ قال عمرو فأومأت إليهما برأسي أن قولا نعم فقالا نعم، فأمر بإخراجهما1.
1 الشريعة للآجري 1/443، والقدر للفريابي ورقة ب56، والفريابي هو: جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض أبو بكر الفريابي قاضي الدينور أحد أوعية العلم
…
وكان ثقة أمينا حجة. انظر ميزان الاعتدال 4/302، والهيثم بن عمران الدمشقي روى عن عمرو بن مهاجر وروى عنه هشام بن عمار لم يذكره ابن أبي حاتم بجرح ولا تعديل. انظر الجرح والتعديل 9/82.
68/4- وروى أبو داود أن عمر كتب إلى عامله رسالة وفيها:
…
وتضعيفا لأنفسهم أن يكون شيء من الأشياء لم يحط به علمه ولم يحصه كتابه ولم ينفذ فيه قدره
…
"1.
69/5- أبو نعيم الحافظ بسنده إلى كتاب عمر بن عبد العزيز إلى النفر الذين كتبوا إليه، قال فيها:
…
ولقد حرص إبليس على ضلالتهم جميعا فما ضل منهم إلا من كان في علم الله ضالا
…
2.
التعليق:
العلم صفة ذاتية لله تبارك وتعالى والسلف الصالح ومن سار على نهجهم رحمهم الله تعالى يثبتون أن لله تعالى علما وأن علمه أزلي بأزليته وأنه عز وجل علم في الأزل ما سيكون من دقيق وجليل. وهو عالم بكل شيء. وهذا ما قرره عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بقوله: أعلم الله
1 أبو داود في السنن 4/202، والآجري في الشريعة 1/444- 445، والفريابي في القدر ورقة ب 74، وابن بطة في الإبانة 2/231-232- 233، والبيهقي في القضاء والقدر ل ق 89، وصحح الأثر الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 3/873.
2 أبو نعيم في الحلية 5/347، وسيأتي الكلام على سند هذا الأثر في فصل الرد على القدرية.
نافذ في عباده، وقوله: أن يكون شيء لم يحط به علمه
…
" وقد كفر عمر من جحد العلم من القدرية كما سيأتي في مناظرته لغيلان القدري، وثبوت العلم لله تبارك وتعالى هو ما نطق به الكتاب والسنة. قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَاّ بِمَا شَاءَ
…
} 1، وقال عز وجل:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} 2، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 3، ومن السنة أدلة كثيرة منها حديث الاستخارة:"اللهم إني استخيرك بعلمك.."4.
ولا شك أن علمه تعالى من لوازم نفسه المقدسة، وبراهين علمه تعالى ظاهرة مشاهدة في خلقه وفي شرعه، ومعلوم عند كل عاقل أن الخلق يستلزم الإرادة، ولا بد للإرادة من علم بالمراد كما قال تعالى:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 5.
1 الآية 255 من سورة البقرة.
2 الآية 166 من سورة النساء.
3 الآية 97 من سورة المائدة.
4 البخاري مع الفتح 11/183، برقم "6382) .
5 الآية 14 من سورة الملك. وانظر شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبد الله الغنيمان 103.
وإثبات صفة العلم لله تعالى هو مذهب السلف والخلف من الأشاعرة والكلابية1 وغيرهم، ومع وضوح أدلة هذه الصفة وكونها من الصفات التي أثبتها العقل والسمع حاول أن ينفيها غيلان القدري وغيره من القدرية الأولى ثم ورث هذا المعتقد الفاسد الجهمية، والمعتزلة فقالت المعتزلة إن علمه تعالى هي ذاته2، وهذا معلوم بطلانه بضرورة العقل الذي يقد مه المعتزلة. ويفضلونه على النقل فوجود المخلوقات، وظهور تناسبها دليل على علم خالقها فالمعتزلة خالفوا بدائه العقول فالعقول لا تعقل وجود ذات عالمة بغير علم. قال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله:
…
أنكرت الجهمية أن يكون لخالقنا علم مضاف إليه من صفات الذات تعالى الله عما يقول الطاعنون في علم الله علوا كبيراً، فيقال لهم: خبرونا عمن هو عالم بالأشياء كلها أله علم أم لا؟ فإن قال: الله يعلم السر والنجوى، وهو بكل شيء عليم، قيل له فمن هو عالم بالسر والنجوى وهو بكل شيء عليم أله علم أم لا علم له؟ فلا جواب لهم لهذا السؤال إلا الهرب. {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 3.
1 انظر مثلا كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني ص49، ولمع الأدلة للجويني ص94. والبخاري مع الفتح 11/183.
2 انظر شرح الأصول الخمسة ص183.
3 كتاب التوحيد لابن خزيمة تحقيق محمد خليل الهراس ص 10، والآية 258 من سورة البقرة.