الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في صفة الوجه لله تعالى
…
المبحث الثاني: ما أثر عن عمر في صفة الوجه لله تعالى.
66/2- ابن عبد الحكم قال: كتب عمر إلى الخوارج رسالة وفيها: "
…
وإني أقسم لكم بالله لو كنتم أبكاري من ولدي
…
لدفقت دماءكم ألتمس بذلك وجه الله والدار الآخرة
…
"1.
التعليق:
صفة الوجه لله تبارك وتعالى من الصفات الخبرية الذاتية التي جاء بها الكتاب والسنة، وقال بها سلف الأمة كما تبين آنفا من النقل عن عمر بن عبد العزيز.
فمن الآيات التي ورد فيها إثبات الوجه لله قوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} 2، وقوله عز وجل:{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} 3، وغيرهما من الآيات. ومن السنة حديث ابن مسعود رضي الله عنه: لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم
1 ابن عبد الحكم سيرة عمر ص75، وابن الجوزي سيرة عمر ص96، وانظر البخاري مع الفتح 12/313.
2 الآية 272، سورة البقرة.
3 الآية 22 من سورة الرعد.
الغنائم يوم حنين1 وقال رجل: والله إن هذه قسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله
…
"2.
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما في الثلاثة الذين حبسوا في الغار فقال كل واحدمنهم: "اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنَّا ما نحن فيه
…
"3.
فما على المسلم إلا التسليم لقول الله تبارك وتعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وفهم سلف هذه الأمة لنصوص الصفات، وقد كان سيد الرسل محمد صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويلح في الدعاء طالبا النظر إلى وجهه تعالى، فلا يعقل أن يسأل الرسول ربه ما لا يجوز، ففي سؤاله ربه لذة النظر إلى وجهه بقوله:
1 حنين: مكان قريب من مكة وقيل: هو واد قبل الطائف، وقيل واد بجنب ذي المجاز. وقال الواقدي: بينه وبين مكة ثلاث ليال، وقيل بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، وقعت فيه معركة حنين المشهورة. انظر معجم البلدان لياقوت 2/313.
2 البخاري مع الفتح 6/251، برقم (3150) ، ومسلم بشرح النووي 3/129، برقم (1062) .
3 البخاري مع الفتح 4/450، برقم (2272) ، ومسلم بشرح النووي 6/215، برقم (2743) .
"وأسألك لذة النظر إلى وجهك"1 أبين البيان وأوضح الحجج أن لله وجها يتلذذ بالنظر إليه من منَّ الله عليه وتفضل بالنظر إلى وجهه، ولا يتوهم أننا بإثباتنا لله وجها يليق به تشبيه وجه خالقنا عز وجل بوجه أحد من المخلوقين، كما يدعي من نفي صفات الرب جل وعلا وذلك بتفسير قوله تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} 2، بزعمه أن الوصف بقوله:{ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} إنما هو للرب فالمنعوت بـ"ذو الجلال والإكرام" عنده الرب لا الوجه، وقد رد هذا الدعوى الإمام ابن خزيمة فقال:"هذه دعوى يدعيها جاهل بلغة العرب لأن الله عز وجل قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} فذكر الوجه مضموما في هذا الموضع مرفوعا وذكر الرب بخفض الباء بإضافة الوجه ولو كان قوله {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} مردود إلى ذكر الرب في هذا الموضع لكانت القراءة "ذي
1 الحديث أخرجه أحمد 4/364 والنسائي 3 / 55 وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي1/280-281
2 الآية 27، من سورة الرحمن.
الجلال والإكرام" مخفوضا، فذو الجلال والإكرام من نعت الوجه فلذلك رفع ذو1.
ولا شك أن ما وصف به خالق السموات والأرض من الصفات أنه حق لائق بكماله وجلاله لا يجوز أن ينفي خوفا من التشبيه بالخلق وأن ما وصف به الخلق من الصفات حق مناسب لحالهم وفنائهم وعجزهم وافتقارهم"2.
1 انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص12، والرد على الجهمية للدارمي ص132.
2 منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص26- 27، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله.