الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن: ما أثر عن عمر في إثبات صفة النزول لله تعالى يوم القيامة لفصل القضاء
.
79/12- الفسوى قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: خطب عمر بن عبد العزيز هذه الخطبة - وكانت آخر خطبة خطبها - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وأن لكم معادا ينزل الله ليحكم فيكم ويفصل بينكم
…
"1.
1 الفسوى المعرفة والتاريخ 1/611-612، وانظر ابن عبد الحكم سيرة عمر ص42، وابن الجوزي سيرة عمر ص275، وابن كثير في البداية والنهاية 5/222.
وأبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر المصري روى عن معاوية بن يحيى الأطرابلسي، وعبد الرحمن بن القاسم ولم يذكره ابن أبى حاتم بجرح ولا تعديل انظر الجرح والتعديل 5 /274- 275.
ويعقوب بن عبد الرحمن الاسكندراني روى عنه عبد الرحمن بن أبي الغمر ثقة. انظر الجرح والتعديل ج9/210، وأبوه هو:
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري روى عنه ابنه يعقوب ثقة. انظر الجرح والتعديل 5/281.
80/13- اللالكائي قال: أخبرنا الحسين قال أخبرنا أحمد قال ثنا بشر قال ثنا عبد الله بن يزيد المقري قال: ثنا حرملة بن عمران قال: حدثني سليمان بن حميد أنه سمع محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز، قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة وأهل النار أقبل تبارك وتعالى في ظلل من الغمام ومعه الملائكة فيقف على أهل أول درجة من الجنة فيسلم عليهم فيردون عليه وهو قوله: سلام قولا من رب رحيم1.
التعليق:
إن صفة النزول التي قررها عمر بن عبد العزيز في الأثر الأول صفة ثابتة بالكتاب قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 2، وقال عز وجل:{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} 3، وقال
1 اللالكائى: شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/500، قال محقق الكتاب هذا الأثر لا يصح عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله لأنه من الأمور التي لا يقبل فيها الاجتهاد وإنما مدارها على الوحي ولم يرد فيه نص صحيح وأما سنده ففيه سليمان ابن حميد مجهول الحال. الجرح والتعديل 4/106.
2 الآية 22 من سورة الفجر.
3 الآية 210 من سورة البقرة.
تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك} 1، وثابتة بالسنة قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الرؤية: "
…
قال فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول: أنا ربكم
…
" 2، وغيرها من الأحاديث والسلف الصالح ومن سار على نهجهم يثبتون هذه الصفة كما يليق بجلال الله وعظمته وأنه تعالى ينزل يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين فيجزي كل عامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وإذا ثبت نزوله يوم القيامة كما يليق بجلاله فمن باب أولى أن يؤمن بنزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير من الليل، لا سيما مع ثبوت الخبر الصادق وقد استدل الإمام إسحاق بن راهويه بنزوله يوم القيامة على نزوله في الدنيا. فروى الذهبي في العلو أن إسحاق بن راهويه حضر مجلس ابن طاهر أمير خراسان فسئل عن حديث النزول أصحيح هو؟ قال نعم. فقال له بعض القواد كيف ينزل؟ فقال: أثبته فوق حتى أصف لك النزول، فقال الرجل:
1 الآية 158 من سورة الأنعام.
2 الحديث رواه البخاري برقم (7439) 13/421، ومسلم برقم (302) 1/401.
أثبته فوق. فقال: إسحاق قال الله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 1 فقال ابن طاهر: هذا ياأبا يعقوب يوم القيامة. قال: ومن يجئ يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ 2 أما كيف ينزل وهل يخلو منه العرش؟ هذا فيه خلاف بين السلف
قال شيخ الإسلام مبينا الصواب من قول أهل السنة في النزول مع كونه على العرش: "المأثور عن سلف الأمة وأئمتها أنه - لا يزال فوق العرش ولا يخلو العرش منه مع دنوه ونزوله إلى السماء الدنيا، ولا يكون العرش فوقه. وكذلك يوم القيامة كما جاء به الكتاب والسنة، وليس نزوله كنزول أجسام بني آدم من السطح إلى الأرض بحيث يبقى السقف فوقهم، بل الله منزه عن ذلك
…
"3، هذا مذهب أهل السنة والجماعة في إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.
1 الآية 22 من سورة الفجر.
2 الذهبي: العلو للعلي الغفار ص132.
3 انظر: شرح حديث النزول ص66.
أما غيرهم من أهل الكلام والتجهم فلم يقدروا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في إثبات هذه الصفة فتأولوها بنزول أمره أو نزول رحمته أو نزول الملك1، وهذه كلها تأويلات باطلة مخالفة لنصوص الوحيين.
قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني: ويثبت أهل الحديث نزول الرب سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل، ولا تكييف، بل يثبتون ما أثبته رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله وكذلك يثبتون ما أنزله الله عز اسمه في كتابه من ذكر المجيء والإتيان
…
"2.
1 انظر شرح جوهرة التوحيد المسماة تحفة المريد ص93، والمواقف في علم الكلام ص273، وشرح المقاصد 4/174.
2 الصابونى عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص23. ط. الأولى عام 1413هـ تحقيق نبيل بن سابق السبكي.