الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: في ما أثر عن عمر بن عبد العزيز في أسمائه تعالى "الرحمن الرحيم، المليك، اللطيف، الخبير
".
53/6- أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا محمد بن الصباح، ثنا عمر بن حفص، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ولي العهد من بعده: "بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى يزيد بن عبد الملك سلام عليك فإني أحمد الله إليك الله الذي لا إله إلا هو
…
وقد علمت أني مسئول عما وليت، يحاسبني عليه مليك الدنيا والآخرة
…
فإن يرضى عني الرحيم فقد أفلحت
…
فعليك بتقوى الله والرعية الرعية فإنك لن تبقى بعدي إلا قليلا حتى تلحق باللطيف الخبير"1.
1 أبو نعيم في الحلية 5/274- 275، وابن الجوزي سيرة عمر ص340، بنفس السند لكن بتره وبدأ بقتادة، وأبو حامد بن جبلة سيأتي ترجمته في رسالة عمر في الرد على القدرية إن شاء الله تعالى.
ومحمد بن إسحاق السراج النيسابوري روى عن قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وهو صدوق ثقة. انظر الجرح والتعديل 7/196، ومحمد بن الصباح لم أجده. وعمر بن حفص أبو حفص الأزدي البصري روى عن أبي حمزة، وسعيد بن أبي عروبة، قال أبو حاتم: منكر الحديث. الجرح والتعديل 6/102.
وقتادة هو ابن دعامة السدوسي البصري روى عن أنس بن مالك وروى عنه سعيد ابن أبي عروبة حافظ إمام. انظر الجرح والتعديل 7/133-134.
وسعيد بن أبي عروبة إمام أهل البصرة في زمانه، أبو النضر مولى بني عدي، واسم أبيه مهران. وله مصنفات لكنه تغير بأخرة ورمي بالقدر. انظر ميزان الاعتدال 2/151 -153.
التعليق:
هذا الأثر عن عمر يحتوي على عدة أسماء حسنى وردت عن عمر بن عبد العزيز في البسملة، وخلال فقرات من الأثر كما هو واضح، فمن هذه الأسماء الحسنى اسمه تعالى "الرحمن" واسمه "الرحيم"، قال تعالى:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 1.
والرحمن الرحيم صفتان لله عز وجل مشتقتان من الرحمة فالرحمن فعلان، والرحيم فعيل، روي عن ابن عباس أنه قال: الرحمن ذو الرحمة، والرحيم: الراحم. وقيل: إنه قال: رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة، والرحمن اسم خاص، والرحيم اسم عام، فلذلك قدم الرحمن على الرحيم في البسملة، ولهذا قيل رجل رحيم، ولم يقل: رحمن، ومن علماء اللغة من
1 الآية 3 سورة الفاتحة.
يرى أن معناهما واحد. والصواب ما تقدم لأن فعلان أشد مبالغة من فعيل كما يقال غضبان للممتلئ غضبا، وعطشان للممتلئ عطشا، وكذلك الرحمن: ذو النهاية في الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء. وكل اسم كان عن طريق الفعل أشد انعدالا كان في المدح أبلغ فرحمن أشد انعدالا عن طريقة الفعل من رحيم فلذلك كان أبلغ في المدح.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وأما الجمع بين الرحمن الرحيم ففيه معنى أحسن
…
وهو أن الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصف، والثاني للفعل. فالأول دال على أن الرحمة صفته والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته".
وقد ورد في الأثر اسم الله تعالى "المليك" وقد جاءت هذه الصيغة لهذا الاسم في القرآن الكريم قال تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} 1 ومعنى هذا الاسم أن الله عز وجل مالك الأشياء ومصرفها على إرادته لا يمتنع عليه منها شيء، لأن المالك في كلام العرب هو المتصرف فيه القادر
1 الآية 55 سورة القمر.
عليه. والله عز وجل قادر على الأشياء التي خلقها ويخلقها لا يمتنع عليه منها شيء.
وكذلك ورد في الأثر اسم الله "اللطيف"، قال الله تعالى:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 1.
ومعناه أن الله هو المحسن إلى عباده في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، ويسبب لهم أسباب معيشتهم من حيث لا يحتسبون، ومعلوم أنه إنما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها، وما دق منها وما لطف، ثم يسلك في إيصالها إلى المستحق سبيل الرفق دون العنف. فإذا اجتمع الرفق في الفعل، واللطف في العلم تم معنى اللطف، ولا يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إلا لله تعالى.
وورد في الأثر كذلك اسم الله تعالى "الخبير"، ومعناه أن الله هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة وهو بمعنى العليم، لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة وسمي صاحبها خبيرا2.
1 الآية 14 سورة الملك.
2 انظر اشتقاق أسماء الله تعالى للزجاجي ص39-40، وص43، وبدائع الفوائد 1/21. وانظر تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج ص44- 45، والمقصد الأسنى للغزالي ص74، وص76.