المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نشأة الأدب العربي وسماته الخاصة - الأدب المقارن - جامعة المدينة (بكالوريوس)

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 الأدب المقارن نشأته وتطوره

- ‌تعريف الأدب المقارن ونشأته

- ‌ميادين الأدب المقارن ومدارسه

- ‌الصلة التي تربط بين الأدب والفنون الجميلة

- ‌الدرس: 2 التأثر والتأثير في الأدب المقارن

- ‌التأثير والتأثر في الأدب المقارن عند المدرسة السلافية

- ‌التأثير والتأثر في الأدب المقارن عند المدرسة الفرنسية

- ‌بعض الشواهد على عملية التأثير والتأثر في بعض مجالات الأدب المقارن

- ‌الدرس: 3 الأجناس الأدبية القديمة والحديثة والتفاعل فيما بينها

- ‌تعريف الملحمة، وأهم أنواعها، وسماتها

- ‌المسرحية، ودورها كجنس أدبي

- ‌الدرس: 4 الرواية والقصة القصيرة، ودلالات التأثر والتأثير فيها

- ‌الرواية والقصة القصيرة؛ جذورها التاريخية وسماتها الأدبية

- ‌الموضوعات التي تناولتها القصة العربية القديمة

- ‌شبه ما يعترضون على وجود القصص العربي القديم

- ‌الدرس: 5 الشعر الغنائي ودلالات التأثر والتأثير فيه

- ‌معنى الشعر الغنائي وماهيته

- ‌أي الفنين أسبق من الآخر؛ الشعر أم النثر

- ‌عمر الشعر العربي

- ‌الدرس: 6 خصوصية الأدب العربي وميزاته الحضارية

- ‌نشأة الأدب العربي وسماته الخاصة

- ‌الشعر كجنس من أجناس الأدب العربي

- ‌القصص كجنس أدبي

- ‌خصائص الأدب العربي

- ‌الدرس: 7 تأثير المقامات في الأدب الأوربي

- ‌تعريف المقامة وتاريخ نشأتها وآراء نقاد الأدب فيها

- ‌المقامة المضيرية، كمثال من المقامات

- ‌تأثر الفن القصصي الجديد في أوربا بفن المقامة

- ‌الدرس: 8 قصة حي بن يقظان وأثرها في قصة "روبنسون كروزو" وغيرها

- ‌تطور قصة حي بن يقظان في الأدب العربي

- ‌ حي ابن يقظان" وتأثيرها في الفكر والأدب العالمي

- ‌الصلة بين "حي ابن يقظان" و"روبنسون كروزو

- ‌الدرس: 9 ألف ليلة وليلة والموشحات وتأثيرهما على الأدب الغربي الحديث

- ‌أثر "ألف ليله وليله" في الأدب الغربي

- ‌أثر الموشحات في الأدب الغربي

- ‌الدرس: 10 تأثير الأدب العربي في الشاعر الألماني جوت

- ‌نشأة جوته وثقافته

- ‌ما تركه القرآن في الأثر فيما خططته براعة جوته

- ‌الدرس: 11 أثر الأدب العربي في الآداب الإسلامية (1)

- ‌أثر الأدب العربي في الأدبين الإفريقيين: الأدب السواحلي، والأدب الهوسوي

- ‌تأثير الأدب العربي في لغة الهوسا وآدابها

- ‌الدرس: 12 أثر الأدب العربي في الآداب الإسلامية (2)

- ‌أثر الأدب العربي في الأدبي الفارسي

- ‌أثر الأدب العربي في الأدب الملاوي

- ‌الدرس: 13 تأثر الأدب العربي بالآداب الغربية (1)

- ‌تأثر الأدب العربي في ميدان التأليف المسرحي بالأدب الغربي

- ‌نماذج من المسرحيات العربية التي تأثرت بالمسرح الغربي

- ‌الدرس: 14 تأثر الأدب العربي بالآداب الغربية (2)

- ‌تعريف القصة، والفرق بينها وبين الملحمة والمسرحية

- ‌بعض المقارنات بين الأعمال القصصية العربية الحديثة، ونظيرتها في الآداب الغربية

- ‌الدرس: 15 نشأة قصيدة الشعر الحر وتطورها

- ‌نبذة عن مراحل تطور الشعر العربي

- ‌دعوى أصحاب شعر التفعيلة أن الشعر العربي شعر إنشادي

- ‌بناء القصيدة في الشعر العربي

- ‌المناداة بما يسمى بالوحدة العضوية داخل القصيدة

- ‌ظهور ما يُسمى بالشعر الحر

- ‌الدرس: 16 تأثر الشعر العربي بالشعر الإنجليزي

- ‌عوامل الاتصال بين الشرق والغرب وأثرها في إحياء الشعر العربي في العصر الحديث

- ‌مدرسة الديوان وأثرها في حركة الشعر في العصر الحديث

- ‌تأثر شعراء المهجر بالشعر بالأدب الغربي

- ‌الدرس: 17 المذهب الرومانسي والمذهب الواقعي في ميدان الأدب

- ‌المذهب الرومانسي في الأدب؛ نشأته وتطوره

- ‌مذهب الواقعية في الأدب؛ نشأته وتطوره

- ‌الدرس: 18 الرمزية والسريالية

- ‌الرمزية وأثرها في الأدب العربي

- ‌السريالية وأثرها في الأدب العربي

- ‌الدرس: 19 تقويم علاقة التأثر بين الأدب العربي وغيره من الآداب

- ‌طرق الاستفادة من الأدب المقارن في الأدب القومي

- ‌العوامل التي ساعدت على نشأة الأدب المقارن

- ‌الدرس: 20 بعض الدراسات التطبيقية الخاصة بالتأثير والتأثر بين الأدب العربي والآداب العالمية

- ‌بداية معرفة العرب بالشعر الإنجليزي بتأثر السياب بـ"شِلي

- ‌حكايات الحيوان عند كل من إيسوب الحكيم وإخوان الصفا

- ‌الدرس: 21 علاقة الأدب المقارن بالعولمة والعالمية، والمثاقفة بين الشعوب، وتحديد خصوصية الأدب العربي وبيان ملامحه

- ‌(علاقة الأدب المقارن بالعولمة والعالمية

- ‌المثاقفه بين الآداب وبعضها

- ‌خصوصية الأدب العربي وسماته، وعَلاقة ذلك بالأدب المقارن

الفصل: ‌نشأة الأدب العربي وسماته الخاصة

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السادس

(خصوصية الأدب العربي وميزاته الحضارية)

‌نشأة الأدب العربي وسماته الخاصة

خصوصية الأدب العربي وميزاته الحضارية:

للأستاذ أنور الجندي رحمه الله عليه كتاب بعنوان (خصائص الأدب العربي في مواجهة نظريات النقد الأدبي الحديث)، وهو كتاب يثير الفكر، ويحرك العقول ويستفزنا إلى البحث عن ما يغني أدبنا، ويحافظ على أصالته وقيمه الخيرة، وينفي عنه أوضار التقليد الضار الذي يضيع معالمه ويفسده ويحمِلُه ما لا نرضاه له من مضامين مؤذية تتنافي، وقيمنا الإسلامية الكريمة.

وإن كنا لا نتفق معه في كل ما قال، ولعل أول ما يثيره الكتاب من قضايا هو قوله "إن الأدب العربي لم يتشكل في صورته الحقيقية إلا منذ ظهور الإسلام الذي جمع العرب في الجزيرة العربية، فكان عاملًا في تحويل العرب إلى أمة تامة".

ومعنى هذا: أنه يلغي تاريخ الأدب العربي قبل الإسلام تمامًا، وهو ما لا نستطيع تقبله إذ لا يمكن إلغاء كل ذلك التاريخ دفعة واحدة كأنه لم يكن، فضلًا عن أن تجاهلنا لتلك الفترة التي لا يعلم مقدار طولها الحقيقي إلا الله سبحانه وتعالى إذ إن أدب تلك الفترة ماثل أمام أعيننا طوال الوقت، متمثلًا فيما يسمي بالأدب الجاهلي، كما أن ذلك الأدب يتضمن كثيرًا من القيم الكريمة التي لم يلغها الإسلام، بل باركها ورحب بها وأبقاها، كقيمة العفاف والكرم والنجدة والمروءة مثلًا.

كذلك فإن اللغة التي كتب وما زال يكتب بها الأدب العربي منذ سطوع شمس الإسلام إلى يوم الناس هذا، إنما قد ورثناها عن ذلك الأدب، علاوة على أنه يعطينا صورة دقيقة للمجتمع العربي في ذلك الحين، فهو إذًا وثيقة لغوية وتاريخية، واجتماعية في غاية الأهمية، فكيف نتنكر بهذه السهولة للأدب الذي أورثنا تلك اللغة العبقرية، وقدم لنا تلك الصورة الصادقة للمجتمع العربي في فترة الجاهلية؟.

ص: 149

وإذا كان الرسول الكريم وصحابته الأطهار لم يتنكروا لذلك الأدب أو يديروا ظهورهم له جميعه عاطلًا مع باطل، فكيف يتصور متصور أن نصنع نحن ما لم يدر لهم ببال؟.

لو أنه قال: إننا حين ندرس الأدب الجاهلي ينبغي أن نكون على ذكر من اعتماد ما فيه من قيم كريمة، ونبذ عكسها لما يحتويه من قيم ضارة، لكنا نوافقه تمام الموافقة، وهذا بالمناسبة هو موقفنا من الأدب العربي جميعه، حتى في مرحلة صدر الإسلامي، وهي المرحلة التي قد يظن أن أدبها صورة مطابقة تمامًا للقيم الإسلامية، ألا وهو وجوب وضع هذا الأدب في كل عصوره تحت المجهر، فما كان في مضامينهم متفقًا مع قيم الخير والجمال والحق قبلناه، وما لم يكن قلنا فيه رأينا بمنتهى الصراحة، واستنكرنا ما تضمنه من قيم الزيف والتشويه والأذى، على أن يكون مرجعنا في هذا هو الإسلام وقيمه ومبادئه.

وليس معنى ذلك أننا ننادي بتحويل الأدب العربي إلى مواعظ ونشرات دينية. بل معناه أن نترك للأديب الحرية كاملة داخل ذلك النظام القيمي الإسلامي، فلا يناقِ ض هـ ولا ينقضه، وهو حر بعد هذا يتناول من الموضوعات ما يشاء على النحو الفني الذي يشاء، أي: أننا في نفس الوقت الذي لا نوجب على الأديب مثلًا أن يأمر الناس بالصلاة، لا نقبل منه أن يكتب قصيدة أو قصة أو غير ذلك من الإبداعات الأدبية، يحرض الناس فيه على ترك الصلاة، أو يسخر من المصليين وهكذا.

قد يقال: إنّ الأدَبَ والفن لا يزدهران إلا في جو الحرية، فنجيب بأن الحرية المطلقة لا وجود لها في أي مكان في العالم، والذين ينادون بهذا إنما يريدون التفلت من قيم الإسلام إلى قيم أخرى، يريدون نشرها تحت ستار حرية التعبير،

ص: 150

وهذا واضح مفهوم رغم كل الغبار الذي يثيره هؤلاء في أعيننا كي لا نطلع على ما يخططون له.

وهذا كله إن كان قصدنا أن نرسم الأدب العربي شيئًا يستأنس به الأدباء في إبداعاتهم، أما إن كان المراد رسم صورة الأدب العربي في مسيرته الطويلة كما هو، فهذا موضوع آخر، وهو ما نرد الحديث فيه الآن، فأما من الناحية اللغوية فكانت العربية الفصحى هي أداته التي لا يعرف أداة غيرها، اللهم إلا في الزجل الأندلسي تقريبًا.

وفي بعض خرجات الموشحات الأندلسية التي قد تختلط فيها بعض الكلمات الأجنبية بالكلمات العامية، ثم جاء العصر الحديث، فأثيرت مسألة الكتابة بالعامية، وتولى كبر الدعوة إليها على حساب الفصحى طائفة من عتاة المستشرقين، الذين لا تهمهم المسألة بذاتها قليلة أو كثيرة، لكنهم إنما كانوا يرمون من وراء ذلك إلى القضاء على لغة القرآن، لتمزيق الروابط التي تصلنا بالتراث، وبكتاب الله وأحاديث رسول الله، ومن ثم ننسلخ عن ماضينا وهويتنا، ونُضحي أمساخًا مشوهة لا هم لها إلا تقليد الغرب في كل شيء.

ثم سرعان ما رأينا بعض الكتاب من الأدباء والنقاد، يزينون لكتاب القصص والمسرحيات اصطناع العامية في الحوار، بحجة الحفاظ على الواقعية، وصدق التصوير.

ثم تتابعت الكتابات التي تفعل ذلك، وكثرت نسبيًّا، وإن كان هناك في ذات الوقت أدباء كثيرون وبخاصة ذوي المقامات والمواهب العالية لا يزالون يلتزمون الفصحى في كل شيء، سردًا وحوارًا ووصفًا.

ص: 151