الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصنف: ما لم يظن فواتَه إنْ
(1)
أخَّر. وهي الحالة التي قدمها في الصلاة أنَّه إذا غلب على ظنه أنَّه لا يعيش إلى آخر الوقت - تَضَيَّق عليه، فصار الموسَّع بالعمر يَعْصِي فيه لشيئين
(2)
:
أحدهما: الموت، على الصحيح.
والثاني: التأخير عن وقتٍ يظن فوتَه بعده.
والموسَّع بما دون العمر يَعْصِي فيه لشيئين:
أحدهما: خروج وقته.
والثاني: تأخيره عن وقتٍ يظن فوتَه بعده، كالموسَّع بالعمر.
ومن القضاء ما لا يجوز تأخيره مدةَ العمر، كقضاء رمضان لا يجوز تأخيره حتى يجيء رمضان آخر، فهو بالنسبة إلى المعصية بالتأخير كالصلاة، وبالنسبة إلى عدم فواته كالحج
(3)
(4)
.
(الثالثة: الوجوب إنْ تناول كلَّ واحد كالصلوات الخمس
، أو واحدًا
(5)
معيَّنًا كالتهجد - فَيُسمى فرضَ عيْن أو غير معيَّن كالجهاد - يُسمى فرضًا على الكفاية. فإنْ ظَنَّ كلُّ طائفة أنَّ غيره فَعَل - سقط عن
(1)
في (ص): "وإن". وهو خطأ.
(2)
في (ك): "بشيئين".
(3)
فهو بالنسبة للمعصية مضيَّق، وبالنسبة لعدم الفوات موسَّع.
(4)
انظر هذا الفرع في: نهاية السول 1/ 179، السراج الوهاج 1/ 156، شرح الأصفهاني 1/ 98.
(5)
في (ت)، و (ص):"أحدًا".
الكل، وإنْ ظن أنَّه لم يَفْعَل وجب)
(1)
.
قيل: إنَّ الوجوب على الكفاية مخالف بالحقيقة للوجوب على الأعيان، وإنَّ اسمَ الوجوب صادقٌ عليهما بالاشتراك (اللفظي، والصحيح أنَّ حقيقتهما واحدة، والوجوب صادق عليهما بالاشتراك)
(2)
المعنوي
(3)
، وزعم بعضهم أنَّ المخاطَب بفرض الكفاية طائفةٌ لا بعينها، وهو ظاهر قوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}
(4)
.
والصحيح أنَّ المخاطب به الجميع
(5)
؛ لتعذر خطاب
(1)
هذا تقسيم للوجوب باعتبار مَنْ يجب عليه، وحاصله أنَّ الوجوب ينقسم إلى فرض عين، وفرض كفاية. انظر: نهاية السول 1/ 185.
(2)
سقطت من (ص).
(3)
فمن قال إنهما حقيقتان مختلفتان قال: إنَّ اسم الوجوب صادق عليهما بالاشتراك اللفظي، فالواجب على الكفاية، والواجب على العين كلاهما واجبان مُشْتَرِكان في الوجوب لفظًا مع اختلاف حقيقتهما، ومَنْ قال إنهما حقيقة واحدة قال: إن اسم الوجوب صادق عليهما بالاشتراك المعنوي، فالواجب على الكفاية، والواجب على العين، لفظان مختلفان ومعناهما واحد، وهو الاشتراك المعنوي، أي: مُشْتَرِكان في معنى واحد.
(4)
سورة آل عمران: 104.
(5)
هو اختيار ابن الحاجب، والكمال ين الهمام، وقال أمير بادشاه:"وهذا قول الجمهور" تيسير التحرير 2/ 213، وكذا نسبه للجمهور السبكي في جمع الجوامع 1/ 184 (مع شرح المحلي)، وفي شرح الكوكب المنير 1/ 375. قال الإسنوي في نهاية السول 1/ 195:"وهو الصحيح عند ابن الحاجب، واقتضاه كلام الآمدي"، وانظر: بيان =
المجهول، بخلاف خطاب المعيَّن بالشيء المجهول فإنه ممكن
(1)
كالكفارة.
وإنما يفترق فرض الكفاية وفرض العين في أنَّ فرض الكفاية المقصود منه تحصيل مصلحته من غير نظر إلى فاعله
(2)
، وفي تحقيقه ثلاثة معان:
أحدها: أنَّ كلَّ مكلَّف مخاطب
(3)
بالجهاد مثلا، فإذا قامت
(4)
به طائفة سقط عن الباقين رخصةً وتخفيفًا؛ ولحصول المقصود.
والثاني: أنَّ كل مكلف مخاطَب به إن لم يقم غيرُه به.
وعلى هذا إذا قام غيرُه به تَبَيَّن أنَّه لم يكن مخاطبًا، ليس أنَّه خُوطب ثم سَقَط.
والثالث: أنَّ كل مكلف مخاطَب به،
(5)
ومجموعهم مخاطبون بأن يكون مِنْ بينهم طائفة تقوم بهذا الفعل.
ولا يقال يَلزم أن يكون الشخص مكلفًا بفعل غيره؛ لأنا نقول كُلِّفُوا
= المختصر 1/ 343، التمهيد للإسنوي ص 75، فواتح الرحموت 1/ 62 - 63، حاشية المطيعي على نهاية السول 1/ 194.
(1)
في (ص)، و (غ):"يمكن".
(2)
يعني: يمكن أنْ يُحَقِقه أيُّ واحد يصلح للفاعلية.
(3)
في (ص): "يخاطب".
(4)
في (ص)، و (غ)، و (ك):"قام".
(5)
سقطت من (ت).
بما هو أعم مِنْ فِعْلهم وفِعْلِ غيرهم
(1)
، وذلك مقدورٌ تحصيلُه
(2)
منهم؛ ولأنهم قادرون أن يُخرجوا طائفة منهم لذلك.
وفرضُ العين المقصود منه امتحانُ كلِّ واحدٍ بما
(3)
خُوطب به لحصول ذلك الفعل منه بنفسه، لا يقوم غيرُه مقامَه.
وقد يكون من فرائض الأعيان على جماعةٍ - ما يُشترط في فِعْلِ كلٍّ منهم فِعْلُ غيره
(4)
، كالجمعة لا تصح إلا من جماعة.
فصارت الواجبات ثلاثة:
أحدها: ما يجب على الشخص ويَسقط بفعل غيره، وهو فرض الكفاية.
والثاني: ما لا يعتبر مَعَه غيرُه أصلا.
والثالث: ما يُعتبر في الأداء. وكلاهما فرض العين، ولا يسقط بفعل الغير.
(1)
المعنى: كلف الجميع بما هو أعم من فعلهم وفعل غيرهم، وذلك بأن يقوموا بإخراج طائفة منهم، فوظيفة الذين خرجوا القيامُ بهذا الواجب، ووظيفة الباقين إخراجُهم وترغيبُهم في الخروج، فالبعض قاموا بالخروج، والآخَرون قاموا بالإخراج، فالواجب هو الخروج والإخراج، وكلٌّ قام بجزء، فأصبح التكليف أعمَّ مِنْ فعلهم وفعل غيرهم، أي: أعمَّ مِنْ فعل كل من الطائفتين على حِدَة.
(2)
في (ت)، و (غ):"بتحصيله".
(3)
في (ت): "ممن".
(4)
قوله: "فعل غيره" نائب الفاعل لقوله: "يشترط".
إذا عرفتَ هذا فقول المصنف: "إنْ تناول كلَّ واحدٍ فيسمى
(1)
فرض عين" - لك أن تعترض عليه فيه؛ لما علمت أنَّ فرض الكفاية كذلك على الصحيح، وتعتذر عنه بأنه استغنى بالمثال بالصلوات الخمس
(2)
.
وقوله: "أو واحدًا مُعَيَّنًا كالتهجد". قاله جماعة غيره، وهو تفريع على أنَّ التهجد كان واجبًا على النبي صلى الله عليه وسلم وحده، وأنَّ ذلك مِنْ خصائصه، وهذا وإنْ كان مشهورًا عند أكثر المتأخرين من الشافعية - فالصحيح الذي نَصَّ عليه الشافعي خلافُه، وأنَّ وجوب التهجد منسوخ عنه صلى الله عليه وسلم وعن غيره
(3)
، وحين كان واجبًا كان عليه وعلى غيره
(4)
.
وقد اختُصَّ النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب أشياء لا خلاف فيها:
(1)
في (ت)، و (ك):"يسمى". وهو خطأ؛ لأنَّه جواب شرط مجزوم بحذف حرف العلة. وأما "فيسمى" بإثبات الألف؛ لأنَّ الفعل منصوب بأنْ مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية الواقعة بعد الشرط؛ لأنَّ الشرط شبيه بالنفي في عدم التحقق. انظر: ابن عقيل 2/ 349، قطر الندى ص 71.
(2)
يعني: كأنَّ المصنف استغنى بالمثال عن جواب هذا الاعتراض: وهو أنَّ فرض الكفاية يتناول كلَّ واحد، فكيف حصر المصنف فرض العين فيه! فالجواب: بأنه لما ذَكَر مثال فرض العين بالصلوات الخمس - تبين أنَّه يريد بفرض العين ما لا يقوم غيُره مقامَه، بخلاف فرض الكفاية، فإنه يقوم الغيرُ مقامَه.
(3)
انظر: نهاية المحتاج 6/ 175.
(4)
قال الشيخ المطيعي رحمه الله تعالى: "مِنْ هذا تَعْلم أنَّ موضع الاستدراك على التمثيل بالتهجد أنَّه ليس من الخصائص، لا من جهة أنَّه نُسِخ؛ لأنَّ نسخه بعد وجوبه لا يمنع مِنْ صحة التمثيل، باعتبار ما كان قبل النسخ لو فُرِض وكان من الخصائص".
منها التخيير لنسائه، وغيرُه
(1)
.
وقوله: "أو غير معين" إنما يتم عند مَنْ يرى أنَّ فرض الكفاية ليس على الجميع، وقد بينا أنَّ الصحيح خلافُه.
ثم إن كل ما يتناول المعيَّن يتناول
(2)
غير المعين؛ لدخوله في المعيَّن.
فالعبارة المحررة أن يقول: "قُصِدَ"
(3)
ويراد بالقَصْد ما قدمناه مِنْ مقصود فرض الكفاية
(4)
.
أما إذا أُرِيدَ معنى خُوطِب - فلا يصح أيضا؛ لما بَيَّنا أنَّ الخطاب فيهما للجميع
(5)
.
(1)
أي: وغير التخيير من الخصائص. انظر: نهاية المحتاج 6/ 175، المجموع (تكملة المطيعي) 16/ 142.
(2)
في (ت): "تناول".
(3)
سقطت من (ص)، و (غ).
(4)
يعني: أنَّ العبارة المحررة في التفريق بين فرض العين وفرض الكفاية هو التقييد: بقُصِد. فالأَوْلى بالمصنف أنّ يقول في تعريف فرض العين وفرض الكفاية: الوجوب إن قُصِد به تَنَاول كل واحد كالصلوات الخمس. . . . يسمى فرض عين، أو قُصد به غير معيَّن كالجهاد يسمى فرض الكفاية. فعلى هذا يكون الخطاب في فرض العين وفرض الكفايهَ للجميع، والفرق بينهما أنَّ فرض العين قُصِد بالخطاب فيه الجميع، أما فرض الكفاية فقصد بالخطاب فيه البعض.
(5)
يعني: إذا أريد بقولنا: "قُصِد"، معنى: خوطب، بأن تكون بمعناه - فلا يصح هذا التعريف، ولا يكون هذا القيد مفيدًا؛ لأننا بينا أنَّ الخطاب في فرض العين والكفاية للجميع.
وقوله: "فإنْ ظَنَّ" إلى آخره - قاله الإمام مستدلًا: بأنَّ تحصيل العلم بأنَّ الغير هل فَعَل
(1)
أوْ لا - غيرُ ممكن، إنما الممكن تحصيل الظن
(2)
.
ولك أن تقول: الوجوب على الكل معلوم، فلا يسقط إلا بالعلم، وليس فيه تكليفٌ بما لا يمكن؛ لأنَّ الفعل (ممكن إلى)
(3)
حصول العلم.
ثم قولهم: إنه يسقط بفعل البعض، يُوهم أنَّ فعل غيرهم بعد ذلك يقع نفلًا، وليس كذلك، فإنَّ كل
(4)
مَنْ جاهد، أو طلب العلم، يقع فعله فرضًا، وإن كان فيمن سبقه كفاية، وكذا إذا صلى على الجنازة طائفة، ثم طائفة - وقع فعل الثانية فرضًا كالأولى
(5)
.
وهذا يحقق أنَّ الخطاب للجميع، وإنما سقط
(6)
الإثم بفعلِ مَنْ فيه كفاية رخصةً وتخفيفا
(7)
.
وقول المصنف: "فإن ظن كل طائفة أنَّ غيره" إما أنْ يكون ذَكَّرَ على لفظ: "كل".
أو على معنى "طائفة"، وأنها تطلق على الواحد
(8)
. فإن كان الأول -
(1)
في (ت)، و (ص)، (ك):"يفعل".
(2)
انظر: المحصول 1/ ق 2/ 312.
(3)
في (ص): "يمكن إلى".
(4)
سقطت من (ت).
(5)
انظر: التمهيد للإسنوي ص 77، تحقيق د - محمد حسن هيتو.
(6)
في (ص): "يسقط".
(7)
انظر: التمهيد للإسنوي ص 74، شرح الكوكب المنير 1/ 377.
(8)
يعني: أنَّ المصنف ذَكَّر الفعل، ولم يُلحق به تاء التأنيث، فَيَحتمل أنْ يكون التذكير =