الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حُكْمُ مَنْعِ ظُهورِ الدَّمِ]
(فَإِنْ أُحِسَّ) بِصِيغَةِ المَجْهُولِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَسَّتْ؛ لِيَدْخُلَ فِيهِ حَدَثُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (ابْتِدَاءً بِنُزُولِهِ) أَيْ: الدَّمِ وَنَحْوِهِ كَالبَوْلِ (وَلَمْ يَظْهَرْ) إِلَى حَرْفِ المَخْرَجِ (أَوْ مُنِعَ) بِصِيغَةِ المَجْهُولِ أَيْضاً، مَعْطُوفٌ عَلَى "لَمْ يَظْهَرْ" (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ ظُهُورِهِ (بِالشَّدِّ) عَلَى ظَاهِرِ المَخْرَجِ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ (أَوِ الاحْتِشَاءِ) فِي بَاطِنِهِ بِنَحْوِ قُطْنَةٍ (فَلَيْسَ لَهُ حُكْمٌ) أَيْ: لا يَنْتَقِضُ بِهِ الوُضُوءُ، وَلا يَثْبُتُ بِهِ الحَيْضُ.
(وَإِنْ مُنِعَ بَعْدَ الظُّهُورِ أَوَّلاً فَالحَيْضُ وَالنِّفَاسُ بَاقِيَانِ) أَيْ: لا يَزُولُ بِهَذَا المَنْعِ حُكْمُهُمَا الثَّابِتُ بِالظُّهُورِ أَوَّلاً، كَمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُ المَنِيِّ وَمُنِعَ بَاقِيهِ عَنِ الخُرُوجِ فَإِنَّهُ لا تَزُولُ الجَنَابَةُ (دُونَ الاسْتِحَاضَةِ) فَإِنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ مَنْعُ دَمِهَا زَالَ حُكْمُهَا.
[حُكْمُ الخارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبيلَيْنِ]
(وَأَمَّا) الكَلامُ (فِي) حُكْمِ الخَارِجِ مِنْ (غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ) القُبُلِ وَالدُّبُرِ (فَلا حُكْمَ لِلظُّهُورِ وَالمُحَاذَاةِ) بِمُجَرَّدِهِمَا.
- (بَلْ لا بُدَّ مِنَ الخُرُوجِ) وَلَوْ بِالإِخْرَاجِ، كَعَصْرِهِ فِي الأَصَحِّ (1)، خِلافاً لِمَا فِي "العِنَايَةِ"(2) وَ "البَحْرِ"(3) مِنْ أَنَّ الإِخْرَاجَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي "رَدِّ المُحْتَارِ"(4).
- (وَ) لا بُدَّ أَيْضاً مِنَ (السَّيَلانِ) وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ. فَفِي "المُحِيطِ"(5): «عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنْ يَعْلُوَ وَيَنْحَدِرَ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إِذَا انْتَفَخَ عَلَى رَأْسِ الجُرْحِ وَصَارَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِهِ نَقَضَ، وَالصَّحِيحُ لا يَنْقُضُ» . انْتَهَى. وَصَحَّحَ فِي "الدِّرَايَةِ" الثَّانِي (6)، لَكِنْ صَحَّحَ فِي "الخَانِيَةِ" (7) وَغَيْرِهَا الأَوَّلَ. وَفِي "الفَتْحِ" (8):«أَنَّهُ مُخْتَارُ السَّرَخْسِيِّ (9)، وَهُوَ الأَوْلَى» .
(1) أو الإخراج بالإبرة.
(2)
العناية: كتاب الطهارات: فصل في نواقض الوضوء، 55:1 (مطبوع مع فتح القدير).
(3)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 35:1.
(4)
حاشية ابن عابدين: كتاب الطهارة: مطلب نواقض الوضوء، 454:1 - 455.
(5)
لم نجد النقل المذكور في نسخة المحيط البرهاني التي بين أيدينا، ولعله من محيط السرخسي.
(6)
أي: قول محمد.
(7)
الخانية: كتاب الطهارة: فصل فيما ينقض الوضوء، 36:1 (على هامش الفتاوى الهندية).
(8)
فتح: كتاب الطهارات: فصل في نواقض الوضوء، 39:1.
(9)
المبسوط: كتاب الصلاة: باب الوضوء والغسل، 77:1.
وَالمُرَادُ السَّيَلانُ وَلَوْ بِالقُوَةِ. حَتَّى لَوْ مَسَحَهُ كُلَّمَا خَرَجَ، أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ قُطْنَة، أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ رَمَاداً أَوْ تُرَاباً، ثُمَّ ظَهَرَ ثَانِياً فَتَرَّبَهُ، ثُمَّ وَثُمَّ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ سَالَ بِغَلَبَةِ الظَّنِ نَقَضَ. قَالُوا:«وَإِنَّمَا يُجْمَعُ إِذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلَوْ فِي مَجَالِسَ فَلا» ، كَمَا فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(1) وَ "البَحْرِ"(2).
(إِلَى مَا) أَيْ: مَوْضِعٍ مِنَ البَدَنِ (يَجِبُ تَطْهِيرُهُ فِي الغُسْلِ) مِنَ الجَنَابَةِ، وَعَمَّ التَّطْهِيرُ المَسْحَ، كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ غَسْلُ رَأْسِهِ لِعُذْرٍ وَأَمْكَنَهُ مَسْحُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَسَالَ إلَيْهِ. وَالمُرَادُ سَيَلانُهُ إِلَيْهِ وَلَوْ حُكْماً، فَيَشْمَلُ (3) مَا لَوْ افْتَصَدَ (4) وَلَمْ يَتَلَطَّخْ رَأْسُ الجُرْحِ، فَإِنَّهُ نَاقِضٌ مَعَ أَنَّهُ سَالَ إِلَى الأَرْضِ دُونَ البَدَنِ، وَكَذَا لَوْ مَصَّ العَلَقُ (5) أَوِ القُرَادُ الكَبِيرُ (6) الدَّمَ.
(1) التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل الثاني في بيان ما يوجب الوضوء، 125:1.
(2)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 34:1.
(3)
تفسير لقوله: "ولو حكما".
(4)
افتصد: شَقَّ العِرْقَ. القاموس: مادة / فصد / صـ 306.
(5)
العلق: دود أسود يمتصّ الدم يكون في الماء الآسن. المعجم الوسيط: مادة / علق / صـ 622.
(6)
القُراد: دُوَيْبَّةٌ متطفلة ذات أرجل كثيرة. المعجم الوسيط: مادة/ قرد / صـ 724.
3 خَرَجَ (1) مَا لَوْ سَالَ فِي دَاخِلِ العَيْنِ أَوْ بَاطِنِ الجُرْحِ؛ فَإِنَّهُ مَوْضِعٌ لا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ. وَزَادَ فِي "الفَتْحِ"(2) بَعْدَ قَوْلِهِ "يَجِبُ": «أَوْ يُنْدَبُ» (3)، وَأَيَّدَهُ فِي "البَحْرِ" (4) بَقَوْلِهِمْ:«إِذَا نَزَلَ الدَّمُ إِلَى قَصَبَةِ الأَنْفِ نَقَضَ» ؛ أَيْ: لِأَنَّ المُبَالَغَةَ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلَى مَا اشْتَدَّ مِنَ الأَنْفِ مَسْنُونَةٌ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ فِي حَوَاشِينَا "رَدِّ المُحْتَارِ"(5).
(فِي نَقْضِ الوُضُوءِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ: "فَلا حُكْمَ"، وَقَوْلِهِ:"بَلْ لا بُدَّ" أَوْ بِـ "الظُّهُورِ"، وَ "الخُرُوجِ"، لَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى تَكَلُّفٍ، تَأَمَّلْ.
(فَلَوْ مُنِعَ الجُرْحُ السَّائِلُ مِنَ السَّيَلانِ انْتَفَى العُذْرُ بِلا خِلافٍ) وَذَلِكَ وَاجِبٌ بِالقَدْرِ المُمْكِنِ وَلَوْ بِصَلاتِهِ مُومِئاً قَائِماً أَوْ قَاعِداً، كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ آخِرَ الرِّسَالَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى (كَالاسْتِحَاضَةِ) فِي أَصَحِّ القَوْلَيْنِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا كَالحَيْضِ.
(1) أي: بهذا القيد، وهو قوله:"إلى ما يجب تطهيره في الغسل".
(2)
فتح: كتاب الطهارات: فصل في نواقض الوضوء، 39:1.
(3)
أي: ينتقض الوضوء بالسيلان إلى موضع يجب تطهيره، أو يندب تطهيره.
(4)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 33:1.
(5)
حاشية ابن عابدين: كتاب الطهارة: مطلب نواقض الوضوء، 446:1 - 448.