المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌منهل الواردين من بحار الفيضعلىذخر المتأهلين في مسائل الحيض - ذخر المتأهلين والنساء للإمام البركوي

[البركوي]

فهرس الكتاب

- ‌عملنا في هذا الكتاب [

- ‌إجازة

- ‌تقديمفضيلة العلامة الشيخمحمد هشام برهانيحفظه الله تعالى

- ‌مقدمةفضيلة الشيخعبد الرحمن أرجان البينصويحفظه الله تعالى

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌المخطوطات:

- ‌الصفحة الأولى من المخطوطة أ

- ‌الصفحة الأخيرة من المخطوطة أ

- ‌الصفحة الأولى من المخطوطة ب

- ‌الصفحة قبل الأخيرة من المخطوطة ب

- ‌الصفحة الأخيرة من المخطوطة ب

- ‌ترجمة الماتن الإمام البِرْكِوِي

- ‌اسمه ونسَبُه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وثقافته:

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌رحلاته:

- ‌شيوخه:

- ‌المولى بير علي أفندي:

- ‌عطاء الله أفندي:

- ‌شمس الدين أفندي الصغير:

- ‌عبد الرحمن أفندي:

- ‌أخي زاده قرماني محمد أفندي:

- ‌الشيخ عبد الله القرماني البيرامي:

- ‌تلامذته:

- ‌المدرس فضل الله بن البِرْكِوِي

- ‌ مؤلَّفاتِه

- ‌عبد النصير أفندي الشهير بخوجه زاده

- ‌أوْلا مشلى مصلح الدين أفندي

- ‌عمر الإزميري

- ‌مؤلفاته في الفقه

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالعقائد والعبادات

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالحديث الشريف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالقرآن الكريم

- ‌مؤلفاته في النحو

- ‌مؤلفاته في الصرف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالتصوف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بعلم الكلام:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالآداب

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالتراجم:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالسياسة:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بعلم الفلك:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر الترجمة:

- ‌ترجمة الشارح العلامة ابن عابدين

- ‌اسمه ونسَبه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وثقافته:

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌شيوخه:

- ‌الشيخ محمد سعيد الحموي:

- ‌الشيخ شاكر العقاد:

- ‌الشيخ سعيد الحلبي:

- ‌الشيخ خالد الكردي النقشبندي:

- ‌تلاميذه:

- ‌عبد الغني عابدين:

- ‌محمد بن حسن البيطار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مؤلفاته في الفقه الحنفي:

- ‌مؤلفاته في أصول الفقه:

- ‌مؤلفاته في علم التفسير:

- ‌مؤلفاته في علم الكلام والعقائد:

- ‌مؤلفاته في علم الحديث:

- ‌مؤلفاته في التصوف:

- ‌مؤلفاته في علوم العربية:

- ‌مؤلفاته في علم التاريخ والسيرة:

- ‌مؤلفاته في علم الحساب والهيئة:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر الترجمة:

- ‌ذُخْرُ المُتَأَهِّلِينَ وَالنِّسَاءِفِي تَعْرِيفِ الأَطْهَارِ وَالدِّمَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ المُسْتَعْمَلَةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي: فِي الْأُصُولِ وَالْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ

- ‌أَمْثِلَةُ النِّفَاسِ

- ‌ أَمْثِلَةُ الحَيْضِ

- ‌تَنْبِيهٌ: الدِّمَاءُ الْفَاسِدَةُ المُسَمَّاةُ بِالْاسْتِحَاضَةِ سَبْعَةٌ:

- ‌تَذْنِيبٌ: فِي حُكْمِ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ

- ‌[أَحْكَامُ المَعْذُورِ]

- ‌مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِعَلَىذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ

- ‌ النَّوْعُ الأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ الأَلْفَاظِ المُسْتَعْمَلَةِ)

- ‌[تَعْرِيفُ الحَيْضِ]

- ‌[تَعْرِيفُ النِّفاسِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الاسْتِحاضَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الدَّمِ الصَّحِيحِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ المُطْلَقِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ الصَّحِيحِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ الفَاسِدِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ التَّامِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُعْتَادَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُبْتَدَأَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُضِلَّةِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي الدِّمَاءِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ الحَيْضِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الحَيْضِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ النِّفاسِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفاسِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ: الدَّمانِ لا يَتَوَالَيَانِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي الطُّهْرِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ الطُّهْرِ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ الإِمامِ وَأَبي يُوسُفَ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى أَحْكامِ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ الشِّيْخَيْنِ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى أَحْكامِ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ الفَاسِدِ فِي النِّفاسِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى الطُّهْرِ الفاسِدِ فِي النِّفاسِ لِلمُبْتَدَأَةِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الطُّهْرِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي العَادَةِ]

- ‌[تَثْبِيتُ العَادَةِ]

- ‌[انْتِقالُ العَادَةِ زَماناً]

- ‌[انْتِقالُ العَادَةِ عَدَداً]

- ‌[ابْتِداءُ ثُبُوتِ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ وَالاسْتِحاضَةِ]

- ‌[حُكْمُ ظُهورِ الدَّمِ]

- ‌[حُكْمُ مَنْعِ ظُهورِ الدَّمِ]

- ‌[حُكْمُ الخارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبيلَيْنِ]

- ‌[ثُبُوتُ حُكْمِ النِّفاسِ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ لم تَرَ دَماً بَعْدَ الوَلادَةِ]

- ‌[حُكْمُ الوِلادَةِ بِجِراحَةٍ (القَيْصَرِيَّة)]

- ‌[بَيانُ أَحْكامِ السِّقْطِ]

- ‌[أَحْكامُ النِّفاسِ إِذا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ]

- ‌[انْتِهاءُ الدِّماءِ الثَّلاثَةِ]

- ‌[انْتِهاءُ الحَيْضِ]

- ‌[سِنُّ الإيَاسِ]

- ‌[أَلْوَانُ الدِّمَاءِ]

- ‌[مَتَى يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ]

- ‌[أَحْكامُ الكُرْسُفِ]

- ‌ أَحْكَامِ (المُبْتَدَأَةِ

- ‌[أَحْكامُ المُعْتادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ مُخالَفَةِ العَادَةِ في النِّفاسِ وَالحَيْضِ]

- ‌[حُكْمُ مُجاوَزَةِ الدَّمِ العَشَرَةَ في الحَيْضِ]

- ‌[حُكْمُ عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدِّمِ العَشَرَةَ في الحَيْضِ]

- ‌أمثلة توضيحية لقاعدة الانتقال في النفاس والحيض

- ‌[أَمْثِلَةُ النِّفاسِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى مُجاوَزَةِ الدَّمِ الأَرْبَعِينَ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدَّمِ الأَرْبَعِينَ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحَيْضِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ وُقُوعِ نِصابٍ في زَمانِ العادَةِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى وُقُوعِ نِصابٍ مُسَاوٍ لِلعادَةِ في زَمانِها]

- ‌[مِثَالٌ عَلى وُقُوعِ نِصابٍ غَيْرِ مُسَاوٍ لِلعادَةِ في زَمانِها]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدَّمِ العَشَرَةَ]

- ‌[بَدْءُ المُعْتادَةِ وَخَتْمُها بِالطُّهْرِ]

- ‌[أَحْكامُ انْقِطاعِ الدَّمِ عَلى أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الوَطْءِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّلاةِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصِّيامِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الانْقِطاعِ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الغُسْلِ إِذا انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[المُرادُ بِالغُسْلِ في أَحْكامِ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ]

- ‌[أَحْكامُ الوَطْءِ إِذا انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ انْقِطاعِ الدَّمِ قَبْلَ تَمامِ العادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ اسْتِمْرَارِ الدَّمِ لِلمُعْتادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ اسْتِمْرارِ الدَّمِ لِلمُبْتَدَأَةِ]

- ‌[الوَجْهُ الأَوَّلُ: اسْتِمْرارُ الدَّمِ مِنْ أَوَّلِ مَا بَلَغَتْ]

- ‌[الوَجْهُ الثَّاني: رُؤْيَةُ دَمٍ وَطُهْرٍ صَحِيحَيْنِ]

- ‌[الوَجْهُ الثَّالِثُ: رُؤْيَةُ دَمٍ وَطُهْرٍ فاسِدَيْنِ]

- ‌[القِسْمُ الأَوَّلُ: فَسادُ الطُّهْرِ بِنُقْصانِهِ]

- ‌[القِسْمُ الثَّاني: فَسَادُ الطُّهْرِ بِمُخالَطَتِهِ الدُّمَ]

- ‌[الوَجْهُ الرَّابعُ: رُؤْيَةُ دَمٍ صَحِيحٍ وَطُهْرٍ فاسِدٍ]

- ‌[أَحْكامُ المُبْتَدَأَةِ بِالحَبَلِ]

- ‌[أَنْواعُ الاسْتِحاضَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الإضْلالِ العامِ]

- ‌[حُكْمُ حِفْظِ العادَةِ]

- ‌[تَقْدِيرُ العِدَّةِ]

- ‌[ما يَحْرُمُ عَلى المُضِلَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّلاةِ]

- ‌[أَحْكَامُ سَجْدَةِ التِّلاوَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَضاءِ الفائِتَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّوْمِ]

- ‌[القِسْمُ الأَوَّلُ: لم تَعْلَمْ أَنَّ دَوْرَها في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً]

- ‌[القِسْمُ الثَّاني: تَعْلَمُ أَنَّ حَيْضَها في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً]

- ‌[القِسْمُ الثَّالِثُ: تَعْلَمُ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِها وَطُهْرِها]

- ‌[القِسْمُ الرَّابعُ: تَعْلَمُ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِها وَنَسِيَتْ طُهْرَها]

- ‌[كَيْفِيَّةُ صَوْمِ الكَفّاراتِ]

- ‌[كَفارَةُ القَتْلِ وَالإفْطارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ اليَمِينِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ صَوْمِ قَضاءِ رَمَضانَ]

- ‌[انْقِطاعُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الإضْلالِ الخاصِّ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ فِي المَكانِ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ في العَدَدِ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ فِي النِّفاسِ]

- ‌[حُكْمُ صَوْمِ مِنْ أَضَلَّتْ عادَتَها فِي النِّفاسِ وَالحَيْضِ]

- ‌[تَتِمَّةُ أَحْكامِ السِّقْطِ]

- ‌[الأَحْكامُ المُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ]

- ‌[الأَحْكامُ المُخْتَصَّةُ بِالحَيْضِ]

- ‌[أَحْكامُ الجَنابَةِ وَالحَدَثِ الأَصْغَرِ وَالمَعْذُورِ]

- ‌ حُكْمِ الجَنَابَةِ

- ‌[حُكْمُ الحَدَثِ الأَصْغَرِ]

- ‌[أَحْكامُ المَعْذُورِ]

- ‌إِرْشَادُ المُكَلَّفِينَإلىدَقائِقِ ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ

- ‌القَوَاعِدُ العَامَّةُ

- ‌قَوَاعِدُ الحَيْضِ

- ‌قَوَاعِدُ النِّفَاسِ

- ‌أمثلة النفاس

- ‌أمثلة الحيض

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌منهل الواردين من بحار الفيضعلىذخر المتأهلين في مسائل الحيض

‌مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِ

عَلَى

ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ

لمحمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين

1198 -

1252 هـ

حققه وعلق عليه

هداية هارتفورد

أشرف منيب

راجعه صاحب الفضيلة الشيخ

عبد الرحمن أرجان البينصوي

مدرس جامع الحافظ أحمد باشا

إستانبول

ص: 97

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَمَّنا بِالإِنْعامِ، وَعَلَّمَنا عِلْمَ الأَحْكَامِ، وَأَمَرَنا بِالطَّهَارَةِ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالأَنْجَاسِ وَالآثَامِ؛ لِنَتَأَهَّلَ لِلْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالقِيَامِ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ، المُمَيِّزِ بَيْنَ الحَلالِ وَالحَرَامِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ بُدُورِ التَّمَامِ وَمَصَابِيحِ الظَّلامِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ العَبْدُ المُفْتَقِرُ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ مُحَمَّدُ أَمينٍ الشَّهِيرُ بِابْنِ عَابِدِينَ، غَفَرَ اللهُ تَعَالَى ذُنُوبَهُ، وَمَلَأَ مِنْ زُلالِ (1) العَفْوِ ذَنُوبَهُ (2): إِنِّي طَالَعْتُ مَعَ بَعَضِ الإِخْوَانِ الرِّسَالَةَ المُؤَلَّفَةَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ، المُسَمَّاةَ بِـ: ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ، المَنْسُوبَةَ لِأَفْضَلِ المُتَأَخِّرِينَ:

(1) الزلال: الصافي من كل شيء. المعجم الوسيط: مادة / زلل / صـ 398.

(2)

الذَّنوب: الدلو العظيمة. المعجم الوسيط: مادة / ذنب / صـ 316.

ص: 99

الإِمَامِ العَالِمِ العَامِلِ المُحَقِّقِ المُدَقِّقِ الكَامِلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بِنِ بير عَلِيِّ البِرْكِوِي صَاحِبِ "الطَّرِيقَةِ المُحَمَّدِيَّةِ"(1)، وَغَيْرِهَا مِنَ المُؤَلَّفَاتِ السَّنِيَّةِ، فَوَجَدْتُهَا - مَعَ صِغَرِ حَجْمِهَا وَلَطَافَةِ نَظْمِهَا - جَامِعَةً لِغُرَرِ فُرُوعِ هَذَا البَابِ، عَارِيَةً عَنِ التَّطْوِيلِ وَالإِسْهَابِ، لَمْ تَنْسِجْ قَرِيحَةٌ عَلَى مِنْوَالِهَا، وَلَمْ تَظْفَرْ عَيْنٌ بِالنَّظَرِ إِلَى مِثَالِهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْرَحَهَا بِشَرْحٍ يُسَهِّلُ عَوِيصَهَا، وَيَسْتَخْرِجُ غَوِيصَهَا (2)، وَيَكْشِفُ نِقَابَهَا، وَيُذَلِّلُ صِعَابَهَا وَسَمَّيتُهُ:

«مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِ عَلَى ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْض»

فَأَقُولُ مُسْتَعِيناً بِاللهِ تَعَالَى فِي حُسْنِ النِّيَّةِ، وَبُلُوغِ الأُمْنِيَّةِ: قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ قَوَّامِينَ) أَيْ: يَقُومُونَ عَلَيْهِنَّ قِيَامَ الوُلاةِ عَلَى الرَّعِيَّةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الرَّجُلُ أَمِيرَ امْرَأَتِهِ. (وَأَمَرَهُمْ بِوَعْظِهِنَّ) أَيْ:

(1) أي: كتاب "الطريقة المحمدية والسيرة الأحمدية".

(2)

غاص على المعاني: بلغ أقصاها حتى استخرج ما بَعُدَ منها. المعجم الوسيط: مادة / غوص / صـ 666.

ص: 100

تَذْكِيرِهِنَّ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهُنَّ مِنَ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ.

(وَالتَّأْدِيبِ) أَيْ: التَّعْلِيمِ. وَفِي "المُغْرِبِ"(1): «عَنْ أَبِي زَيْدٍ: الأَدَبُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ، يَتَخَرَّجُ بِهَا الإِنْسَانُ فِي فَضِيلَةٍ مِنَ الفَضَائِلِ» . (وَتَعْلِيمِ الدِّينِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ أَيْ: تَعْلِيمِ أُصُولِهِ مِنَ العَقَائِدِ وَفُرُوعِهِ المُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِي الحَالِ. وَفِي هَاتَيْنِ الفِقْرَتَيْنِ (2) تَلْمِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآيَةَ (3)[النساء:34]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} الآيَةَ [النساء:34].

(وَالصَّلاةُ) «اسْمٌ مِنَ التَّصْلِيَةِ، وَمَعْنَاهَا: الثَّنَاءُ الكَامِلُ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِنَا، فَأُمِرْنَا أَنْ نَكِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ تَعَالَى (4)، كَمَا فِي "شَرْحِ التَّأْوِيلاتِ". وَأَفْضَلُ العِبَارَاتِ عَلَى مَا قَالَ المَرْزُوقِي: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: التَّعْظِيمُ، فَالمَعْنَى: اللَّهُمَّ عَظِّمْهُ

(1) المغرب: مادة / أدب / صـ 18.

(2)

أي: قوله: "جعل الرجال على النساء قوامين"، وقوله:"وأمرهم بوعظهن".

(3)

أي: اقرأ الآية.

(4)

أي: اللهم صلِّ أنت على محمد؛ لأنك أعلم بما يليق به. النهاية في غريب الحديث والأثر: مادة /صلا/ 48:2.

ص: 101

فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ وَإِنْفَاذِ شَرِيعَتِهِ، وَفِي الآخِرَةِ بِتَضْعِيفِ أَجْرِهِ وَتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ (1). كَذَا فِي "شَرْحِ النُّقَايَةِ"(2) لِلْقُهُسْتَانِيِّ.

(وَالسَّلامُ) اسْمٌ مِنَ التَّسْلِيمِ؛ أَيْ: جَعَلَ اللهُ إِيَّاهُ سَالِماً مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ. (عَلَى حَبِيبِ رَبِّ العَالَمِينَ) أَيْ: مَحْبُوبِهِ. (وَعَلَى آلِهِ)«اسْمُ جَمْعٍ لِذَوِي القُرْبَى، أَلِفُهُ مُبْدَلَةٌ عَنِ الهَمْزَةِ المُبْدَلَةِ عَنِ الهَاءِ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ (3)، وَعَنِ الوَاوِ عِنْدَ الكُوفِيِّينَ (4)، وَالأَوَّلُ هُوَ الحَقُّ كَمَا فِي "المِفْتَاح"» . القُهُسْتَانِي (5).

(1) وعبارة ابن الأثير: "عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته". النهاية في غريب الحديث والأثر: مادة /صلا/ 48:2.

(2)

جامع الرموز: المقدمة، 6:1 بتصرف.

(3)

أصلها: أهل، قلبت الهاء همزة لتقارب مخرجهما فصارت أَأْل بهمزتين، فقلبت الثَّانية ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت آل.

(4)

أصلها: أول، من آل يؤول؛ لأن الانسان يؤول إلى أهله، ثم قلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت آل.

(5)

جامع الرموز: المقدمة، 7:1.

ص: 102

(وَأَصْحَابِهِ) قَالَ القُهُسْتَانِيُّ (1): «أَيْ: الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ الصُّحْبَةِ وَلَوْ لَحْظَةً، كَمَا قَالَ عَامَّةُ المُحَدِّثِينَ، وَإِنَّمَا أُوثِرَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأُصُولِيُّونَ مِنَ اشْتِرَاطِ مُلازَمَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِداً لِيَشْمَلَ كُلَّ صَاحِبٍ» . (هُدَاةِ) جَمْعُ هَادٍ مِنَ "الهِدَايَةِ": وَهِيَ الدَّلالَةُ عَلَى مَا يُوصِلُ إِلَى البُغْيَةِ (الحَقِّ) ضِدُّ البَاطِلِ (وَحُمَاةِ) جَمْعُ حَامٍ مِنَ الحِمَايَةِ بِالكَسْرِ؛ أَيْ: المَنْعِ. (الشَّرْعِ) اسْمٌ لِمَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنَ الأَحْكَامِ. (المَتِينِ) القَوِيِّ، يُقَالُ مَتُنَ كَكَرُمَ: صَلُبَ.

(وَبَعدُ) قَالَ القُهُسْتَانِيُّ (2): «أَيْ: وَاحْضُرْ بَعْدَ الخُطْبَةِ مَا سَيَأْتِي. فَالوَاوُ لِلاسْتِئْنَافِ، أَوْ لِعَطْفِ الإِنْشَاءِ عَلَى مِثْلِهِ، أَوْ عَلَى الخَبَرِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} (3) الآيَةَ [البقرة:25]؛ لِأَنَّ مَا فِي المَشْهُورِ مِنَ الضَّعْفِ مَا لا يَخْفَى (4)؛ "فَإِنَّ تَقْدِيرَ "أَمَّا" مَشْرُوطٌ بِأَنْ

(1) جامع الرموز: المقدمة، 7:1.

(2)

جامع الرموز: المقدمة، 8:1 بتصرف.

(3)

والشاهد: عطف الإنشاء في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ} على الخبر في قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ} .

(4)

والمشهور أن الواو في قوله: "وبعد" نائبة عن أمَّا، ثم بين سبب الضعف بقوله: "فإن تقدير أمَّا مشروط

".

ص: 103

يَكُونَ مَا بَعْدَ الفَاءِ أَمْراً أَوْ نَهْياً نَاصِباً لِمَا قَبْلَهَا (1)، أَوْ مُفَسِّراً لَهُ كَمَا فِي "الرَّضِيِّ" (2). وَأَمَّا تَوَهُّمُ "أَمَّا" فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّحَوِيِّينَ. وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالأَمْرِ المُسْتَفَادِ مِنَ المَقَامِ المُعَلَّلِ بِالفَاءِ فِي قَوْلِهِ:(فَقَدِ) كَمَا فِي قَوْلِهِمُ: اعْبُدْ رَبَّكَ فَإِنَّ العِبَادَةَ حَقٌّ». انْتَهَى.

(اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ) أَيْ: المُجْتَهِدُونَ (عَلَى فَرْضِيَّةِ عِلْمِ الحَالِ) أَيْ: العِلْمِ بِحُكْمِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي وَقْتِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ.

قَالَ فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(3): «اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَيِّ عِلْمٍ طَلَبُهُ فَرْضٌ» . فَحَكَى أَقْوَالاً، ثُمَّ قَالَ (4): «وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ المُرَادُ هُوَ العِلْمُ بِمَا كَلَّفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ. فَإِذَا بَلَغَ الإِنْسَانُ فِي ضَحْوَةِ (5) النَّهَارِ مَثَلاً يَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ اللهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ بِالنَّظَرِ وَالاسْتِدْلالِ، وَتَعَلُّمُ كَلِمَتَي الشَّهَادَةِ مَعَ فَهْمِ مَعْنَاهُمَا، ثُمَّ إِنْ عَاشَ إِلَى الظُّهْرِ يَجِبُ

(1) كما في قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [سورة المدثر، الآية: 3].

(2)

شرح الرضي على الكافية: حروف الشرط، 474:4 بتصرف.

(3)

التاتارخانية: المقدمة: في فرض العين وفرض الكفاية من العلوم، 76:1.

(4)

التاتارخانية: المقدمة: في فرض العين وفرض الكفاية من العلوم، 76:1 بتصرف.

(5)

الضحوة: ارتفاع النهار. القاموس: مادة / ضحو / صـ 1304. والمقصود: أنه بلغ في وقت مهمل لا تجب عليه الصلاة فيه.

ص: 104

تَعَلُّمُ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ تَعلُّمُ عِلْمِ الصَّلاةِ، وَهَلُمَّ جَرَّا (1). فَإِنْ عَاشَ إِلَى رَمَضَانَ يَجِبُ تَعَلُّمُ عِلْمِ الصَّوْمِ. فَإِن اسْتَفَادَ مَالاً تَعَلَّمَ عِلْمَ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ إِنِ اسْتَطَاعَهُ وَعَاشَ إِلَى أَشْهُرِهِ. وَهَكَذَا التَّدْرِيجُ فِي عِلْمِ سَائِرِ الأَفْعَالِ المَفْرُوضَةِ عَيْناً (2)». انْتَهَى.

(عَلَى كُلِّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أَيْ: بِوَحْدَانِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ ذَاتاً وَصِفَاتٍ وَأَفْعَالاً. (وَاليَوْمِ الآخِرِ) هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ، فَإِنَّهُ آخِرُ الأَوْقَاتِ المَحْدُودَةِ، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الجَزَاءِ، فَالإِيمَانُ بِهِ يَحْمِلُ عَلَى العَمَلِ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} [الكهف:110] (مِنْ نِسْوَةٍ)«بِالكَسْرِ وَالضَّمِّ: جَمْعُ المَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا» ، "قَامُوس" (3). (وَرِجَالٍ) جَمْعُ رَجُلٍ: وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ بَنِي آدَمَ إِذَا بَلَغَ أَوْ مُطْلَقاً، وَالمُرَادُ هُنَا البَالِغُ.

إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ الاتِّفَاقَ (فَمَعْرِفَةُ) أَحْكَامِ (الدِّمَاءِ المُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِنَّ وَعَلَى الأَزْوَاجِ وَالأَوْلِيَاءِ) جَمْعُ وَلِيٍّ، وَهُوَ:

(1) تعبيرٌ يُقال لاستدامة الأمر واتصاله. المعجم الوسيط: مادة / جرر/ صـ 116.

(2)

ومنه إذا رأت المرأة دماً مثلاً قبل عادتها، فيفترض عليها تعلم حكم المسألة؛ حتى لا تبطل عبادتها.

(3)

القاموس: مادة / نسو / صـ 1338.

ص: 105

العَصَبَةُ. فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ تَعَلُّمُ الأَحْكَامِ، وَعَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْهَا إِنْ عَلِمَ، وَإِلَّا أَذِنَ لَهَا بِالخُرُوجِ، وَإِلَّا تَخْرُجْ بِلا إِذْنِهِ، وَعَلَى مَنْ يَلِي أَمْرَهَا كَالأَبِ أَنْ يُعَلِّمَهَا كَذَلِكَ.

(وَلَكِنَّ هَذَا) أَيْ: «عِلْمَ الدِّمَاءِ المُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ» ، مُصَنِّف. (كَانَ) أَيْ: صَارَ، مِثْلُ {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة:6] (فِي زَمَانِنَا) أَيْ: زَمَانِ المُصَنِّفِ. وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 981 هـ (مَهْجُوراً) أَيْ: مَتْرُوكاً (بَلْ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ إِلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّ مَا هُجِرَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُوماً وَيُتْرَكُ العَمَلُ بِهِ، بِخِلافِ مَا صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَصْلاً.

(لا يُفَرِّقُونَ) أَيْ: أَهْلُ الزَّمَانِ (بَيْنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالاسْتِحَاضَةِ) فِي كَثِيرٍ مِنَ المَسَائِلِ (وَلا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ مِنَ الدِّمَاءِ وَالأَطْهَارِ) عَطْفٌ عَلَى الدِّمَاءِ (وَ) بَيْنَ (الفَاسِدَةِ) مِنْهُما (تَرَى) أَيْ: تُبْصِرُ أَوْ تَعْلَمُ (أَمْثَلَهُمْ) أَيْ: أَفْضَلَهُمْ، أَوْ أَعْلَمَهُمْ عِنْدَ نَفْسِهِ (يَكْتَفِي) حَالٌ (1)، أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ (2)(بِالمُتُونِ المَشْهُورَةِ) كَـ "القُدُورِي"

(1) حال: إذا كانت "ترى" بمعنى تُبْصِر.

(2)

مفعول ثان: إذا كانت "ترى" بمعنى تعلم.

ص: 106

وَ "الكَنْزِ" وَ "الوِقَايَةِ" وَ "المُخْتَارِ" المَبْنِيَّةِ عَلَى الاخْتِصَارِ. (وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ)«هِيَ المَطَالِبُ الَّتِي يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فِي العِلْمِ. وَيَكُونُ الغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ العِلْمِ مَعْرِفَتَهَا» ، كَذَا فِي "تَعْرِيفَاتِ"(1) السَّيِّدِ الشَّرِيفِ قُدِّسَ سِرُّهُ (الدِّمَاءِ) الثَّلاثَةِ السَّابِقَةِ (فِيهَا مَفْقُودَةٌ).

(وَالكُتُبُ المَبْسُوطَةُ)(2) الَّتِي فِيهَا هَذِهِ المَسَائِلُ (لا يَمْلِكُهَا إِلَّا قَلِيلٌ) لِقِلَّةِ وُجُودِهَا، وَغَلاءِ أَثْمَانِهَا. (وَالمَالِكُونَ) لَهَا (أَكْثَرُهُمْ عَنْ مُطَالَعَتِهَا) فِي "القَامُوسِ" (3):«طَالَعَهُ طِلاعاً وَمُطَالَعَةً: اطَّلَعَ عَلَيْهِ» ؛ أَيْ: عَلِمَهُ (عَاجِزٌ وَعَلِيلٌ) بِدَاءِ الجَهْلِ (وَأَكْثَرُ نُسَخِهَا) جَمْعُ نُسْخَةٍ بِالضَّمِّ مَا يُنْسَخُ؛ أَيْ: يُكْتَبُ فِيهِ (فِي بَابِ حَيْضِهَا تَحْرِيفٌ) أَيْ: تَغْيِيرٌ (وَتَبْدِيلٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَوِ الأَوَّلُ (4): تَغْيِيرُ بَعْضِ حُرُوفِ الكَلِمَةِ. وَالثَّانِي (5): إِبْدَالُهَا بِغَيْرِهَا (لِعَدَمِ الاشْتِغَالِ بِهِ) أَيْ: بِأَكْثَرِ نُسَخِهَا (مُذْ)

(1) التعريفات: باب الميم: فصل السين، صـ 265.

(2)

كالتاتارخانية، ومحيط السرخسي، والخلاصة، وشروح الهداية، والمتون، كذا على هامش المخطوطة "أ".

(3)

القاموس: مادة / طلع / صـ 744.

(4)

أي: تحريف.

(5)

أي: تبديل.

ص: 107

أَيْ: مِنْ (دَهْرٍ طَوِيلٍ) فَكُلَّمَا نُسِخَتْ نُسْخَةٌ عَلَى أُخْرَى زَادَ التَّحْرِيفُ.

(وَفِي مَسَائِلِهِ) أَيْ: بَابِ الحَيْضِ (كَثْرَةٌ وَصُعُوبَةٌ). قَالَ فِي "البَحْرِ"(1): «وَاعْلَمْ أَنَّ بَابَ الحَيْضِ مِنْ غَوَامِضِ الأَبْوَابِ خُصُوصاً المُتَحَيِّرَةَ وَتَفَارِيعَهَا؛ وَلِهَذَا اعْتَنَى بِهِ المُحَقِّقُونَ، وَأَفْرَدَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍ (2).

وَمَعْرِفَةُ مَسَائِلِهِ مِنْ أَعْظَمِ المُهِمَّاتِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا لا يُحْصَى مِنَ الأَحْكَامِ: كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَالصَّوْمِ وَالاعْتِكَافِ وَالحَجِّ وَالبُلُوغِ وَالوَطْءِ وَالطَّلاقِ وَالعِدَّةِ وَالاسْتِبْرَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحْكَامِ. وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ عِظَمَ مَنْزِلَةِ العِلْمِ بِالشَّيْءِ بِحَسَبِ مَنْزِلَةِ ضَرَرِ الجَهْلِ بِهِ. وَضَرَرُ الجَهْلِ بِمَسَائِلِ الحَيْضِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الجَهْلِ بِغَيْرِهَا. فَيَجِبُ الاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَتِهَا. وَإِنْ كَانَ الكَلامُ فِيهَا طَوِيلاً فَإِنَّ المُحَصِّلَ يَتَشَوَّفُ إِلَى ذَلِكَ، وَلا الْتِفَاتَ إِلَى كَرَاهَةِ أَهْلِ البَطَالَةِ (3)». انْتَهَى. (واخْتِلافَاتٌ).

(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 199:1.

(2)

وسماه "كتاب الحيض"، وهو ضمن كتابه "الأصل".

(3)

أي: الكُسالى.

ص: 108

(وَفِي اخْتِيَارِ المَشَايِخِ) بِاليَاءِ: وَهُمُ المُتَأَخِّرُونَ عَنِ الإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ المَذْهَبِ عَلَى اخْتِلافِ طَبَقَاتِهِمْ (وَتَصْحِيحِهِمْ أَيْضاً مُخَالَفَاتٌ) فَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ قَوْلاً وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ قَوْلاً آخَرَ، ثُمَّ بَعْضُهُمْ يُصَحِّحُ هَذَا وَبَعْضُهُمْ يُصَحِّحُ هَذَا.

وَقَدْ قَالُوا: إِذَا كَانَ فِي المَسْأَلَةِ تَصْحِيحَانِ فَالمُفْتِي بِالخِيَارِ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ أَحَدُ القَوْلَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ أَقْوَى؛ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، أَوْ مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ المُتُونِ وَالشُّرُوحِ، أَوْ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنْتُهُ فِي "رَدِّ المُحْتَارِ عَلَى الدُّرِ المُخْتَارِ"(1)، فَيَحْصُلُ لِمَنْ لا أَهْلِيَّةَ لَهُ اضْطِرَابٌ، وَلا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الأَقْوَالِ، وَعَدَمِ اطِّلاعِهِ عَلَى الأَصَحِّ مِنْهَا.

فَلِذَا قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أُصَنِّفَ رِسَالَةً) قَالَ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (2): «الرِّسَالَةُ هِيَ: المَجَلَّةُ المُشْتَمِلَةُ عَلَى قَلِيلٍ مِنَ المَسَائِلِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. وَالمَجَلَّةُ هِيَ: الصَّحِيفَةُ يَكُونُ فِيهَا الحُكْمُ» . (حَاوِيَةً) أَيْ: جَامِعَةً (لِمَسَائِلِهِ) أَيْ: بَابِ الحَيْضِ (اللَّازِمَةِ،

(1) حاشية ابن عابدين: المقدمة: مطلب: إذا تعارض التصحيح 234:1 - 236.

(2)

التعريفات: باب الراء: فصل السين، صـ 147.

ص: 109

خَاوِيَةً) بِالمُعْجَمَةِ؛ أَيْ: خَالِيَةً (عَنْ ذِكْرِ خِلافٍ وَمَبَاحِثَ) جَمْعُ مَبْحَثٍ: مَحَلُّ البَحْثِ. قَالَ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (1): «البَحْثُ: هُوَ التَّفَحُّصُ وَالتَّفْتِيشُ. وَاصْطِلاحاً: هُوَ إثْبَاتُ النِّسْبَةِ الإِيجَابِيَّةِ أَوِ السَّلْبِيَّةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِطَرِيقِ الاسْتِدْلالِ» . (غَيْرِ مُهِمَّةٍ).

(مُقْتَصِرَةً) صِفَةٌ ثَالِثَةٌ لِـ "رِسَالَةً"(عَلَى الأَقْوَى وَالأَصَحِّ وَالمُخْتَارِ لِلفَتْوَى) أَيْ: لِجَوَابِ الحَادِثَةِ (مُسَهِّلَةً) بِالبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَوِ المَفْعُولِ، صِفَةٌ رَابِعَةٌ لِـ "رِسَالَةً"(الضَّبْطَ) لِمَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنَ المَسَائِلِ (وَالفَهْمَ).

(رَجَاءَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: "فَأَرَدْتُ"(أَنْ تَكُونَ) أَيْ: الرِّسَالَةُ (لِي ذُخْراً) بِضَمِّ الذَّالِ وَسُكُونِ الخَاءِ المُعْجَمَتَيْنِ؛ أَيْ: ذَخِيرَةً أَدَّخِرُهَا وَأَخْتَارُهَا (فِي العُقْبَى) أَيْ: الآخِرَةِ.

(فَيَا أَيُّهَا النَّاظِرُ إِلَيْهَا بِاللهِ العَظِيمِ لا تَعْجَلْ فِي التَّخْطِئَةِ) مَصْدَرُ فَعَّلَ (2) بِالتَّشْدِيدِ، لِلنِّسْبَةِ. مِثْلُ: فَسَّقْتُهُ، إِذَا نَسَبْتَهُ إِلَى الفِسْقِ (بِمُجَرَّدِ

(3) التعريفات: باب الباء: فصل الحاء، صـ 67.

(1)

خَطَّأَ، يُخَطِّئُ، تَخْطِئَةً. المعجم الوسيط: مادة / خطئ / صـ 242.

ص: 110

رُؤْيَتِكَ) أَيْ: بِرُؤْيَتِكَ المُجَرَّدَةِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الرِّسَالَةِ (المُخَالَفَةَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِرُؤْيَةٍ (لِظَاهِرِ بَعْضِ الكُتُبِ المَشْهُورَةِ) فَكَمْ فِي بَعْضِهَا مَا هُوَ خِلافُ الصَّحِيحِ، بَلْ مَا هُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ، أَوْ مَا هُوَ مَصْرُوفٌ عَنِ الظَّاهِرِ مِمَّا لا يَعْرِفُهُ إِلَّا الفَقِيهُ المَاهِرُ.

(فَعَسَى) أَيْ: أُشْفِقُ وَأَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ المُخْطِئُ أَنْتَ؛ لِعَدِمِ اطِّلاعِكَ. وَكَنَى عَنْ خَطَأِ المُخَاطَبِ بِقَوْلِهِ: (أَنْ تُخَطِّئَ ابْنَ أُخْتِ خَالَتِكَ) لِأَنَّ المُرَادَ بِأُخْتِ خَالَتِهِ: أُمُّهُ. وَالمُرَادُ بِابْنِهَا: نَفْسُهُ. قَالَ المُصَنِّفُ: «إِذَا كَانَ "تُخَطِّئَ" بِالتَّاءِ المُخَاطَبِ بِهَا يَكُونُ مُتَعَدِّياً وَيَكُونُ "ابْنَ" مَفْعُولَهُ، وَإِذَا كَانَ بِاليَاءِ يَكُونُ الفِعْلُ لازِماً، وَالابْنُ فَاعِلُهُ» (فَتَكُونَ مِنْ الَّذِينَ هَلَكُوا فِي المَهَالِكِ) لِأَنَّ الخَطَأَ فِي المَسَائِلِ الدِّينِيَّةِ كَالهَلاكِ؛ وَلِذَا شَاعَ إِطْلاقُ المَيْتِ (1) عَلَى الجَاهِلِ، وَالحَيِّ عَلَى العَالِمِ {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122].

(فَإِنِّي)«عِلَّةُ عَدَمِ الخَطَأِ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ بِقَدْرِ الإِمْكَانِ» ، مُصَنِّف. (قَدْ صَرَفْتُ شَطْراً مِنْ عُمُرِي) أَيْ: حِصَةً وَافِرَةً مِنْهُ.

(1) المَيْت: بسكون الياء، الذي فارق الحياة. أما المَيِّت: بالفتح والتشديد، من في حكم الميت وليس به. المعجم الوسيط: مادة / موت / صـ 891.

ص: 111

وَفِي "المُغْرِبِ"(1): «شَطْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نِصْفُهُ. وَقَوْلُهُ فِي الحَائِضِ: "تَقْعُدُ شَطْرَ عُمُرِهَا" (2)، عَلَى تَسْمِيَةِ البَعْضِ شَطْراً تَوَسُّعاً فِي الكَلامِ وَاسْتِكْثَاراً لِلْقَلِيلِ» (فِي ضَبْطِ هَذَا البَابِ).

(حَتَّى مَيَّزْتُ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى بَيْنَ القِشْرِ)«بِالكَسْرِ: غِشَاءُ الشَّيْءِ خِلْقَةً أَوْ عَرَضاً» ، "قَامُوس" (3). (وَاللُّبَابِ) بِالضَّمِّ:«خَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ» ، كَمَا فِي "الصَّحَاحِ" (4). (وَالسَّمِينِ وَالمَهْزُولِ) ضِدُّهُ (وَالصَّحِيحِ وَالمَعْلُولِ) فِي "القَامُوسِ" (5):«العِلَّةُ بِالكَسْرِ: المَرَضُ. عَلَّ يَعِلُّ وَاعْتَلَّ، وَأَعَلَّهُ اللهُ تَعَالَى فَهُوَ مُعَلٌّ وَعَلِيلٌ، وَلا تَقُلْ مَعْلُولٌ، وَالمُتَكَلِّمُونَ يَسْتَعْمِلُونَهَا» . (وَالجَيِّدِ) بِالفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ (وَالرَّدِيءِ) ضِدُّهُ (وَالضَّعِيفِ وَالقَوِيِّ).

(1) المغرب: مادة / شطر / صـ 145.

(2)

هذا الحديث لا أصل له، قال ابن حجر:"

وقال البيهقي في المعرفة: هذا الحديث يذكره بعضُ فقهائنا وقد طلبته كثيراً فلم أجده في شيء من كتب الحديث ولم أجد له إسناداً". (تلخيص الحبير: كتاب الحيض 162:1).

(3)

القاموس: مادة / قشر / صـ 462.

(4)

الصحاح: باب الباء، فصل اللام، 216:1.

(5)

القاموس: مادة / علل / صـ 1035.

ص: 112

(وَرَجَّحْتُ) عَطْفٌ عَلَى مَيَّزْتُ (بِأَسْبَابِ التَّرْجِيحِ) أَيْ: التَّقْوِيَةِ (المُعْتَبَرَةِ) عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ (مَا هُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ: فِي نَفْسِ الأَمْرِ (مِنَ الأَقْوَالِ وَالاخْتِيَارَاتِ) الصَّادِرَةِ (مِنَ الأَئِمَّةِ) المُجْتَهِدِينَ فِي المَذْهَبِ، أَوْ أَهْلِ الاسْتِنْبَاطِ مِنَ القَوَاعِدِ لِمَا لا نَصَّ فِيهِ عَنِ المُجْتَهِدِينَ، أَوْ أَهْلِ الاخْتِيَارِ وَالتَّرْجِيحِ لِمَا فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنِ المُجْتَهِدِ، أَوْ قَوْلانِ لِأَهْلِ الاسْتِنْبَاطِ.

(فَارْجِعِ البَصَرَ) مُرْتَبِطٌ بِمَا مَرَّ مِنَ النَّهْيِ عَنِ العَجَلَةِ، وَتَعْلِيلِهِ بِإِتْقَانِ المُصَنِّفِ لِمَا كَتَبَهُ؛ أَيْ: إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَأَعِدْ بَصَرَكَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ. (كَرَّتَيْنِ) أَيْ: مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَمَا فِي الآيَةِ. فَالمُرادُ بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْرِيرُ وَالتَّكْثِيرُ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: "لَبَّيْكَ (1) وَسَعْدَيْكَ (2) ".

(وَتَأَمَّلْ) بِعَيْنِ بَصِيرَتِكَ (مَا كَتَبْنَا مَرَّتَيْنِ) المُرَادُ بِهِ: التَّكْرَارُ أَيْضاً (وَاعْرِضْهُ) أَيْ: مَا كَتَبْنَاهُ (عَلَى الفُرُوعِ) أَيْ: مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ مَسَائِلِ عِلْمِ الفِقْهِ (وَ) عَلَى (الأُصُولِ) أَيْ: الأَدِلَّةِ الكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ: الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ

(1) لبيك: أي: أنا مقيم على طاعتك، وثُنِّيَ على معنى التأكيد؛ أي: إلباباً بك بعد إلباب، وإقامةً بعد إقامة. مختار الصحاح: مادة / لبب / صـ 246.

(2)

سعديك: أي: إسعاداً لك بعد إسعاد. مختار الصحاح: مادة / سعد / صـ 126.

ص: 113

وَالإِجْمَاعُ وَالقِيَاسُ. (وَ) عَلَى (قَوَاعِدِ المَنْقُولِ) الَّذِي هُوَ: الأَدِلَّةُ المَذْكُورَةُ (وَالمَعْقُولِ) أَيْ: الاسْتِدْلالِ بِدَلِيلٍ مَعْقُولٍ مُسْتَنْبَطٍ مِنْ أَحَدِ الأَدِلَّةِ السَّمَعِيَّةِ.

(لَعَلَّكَ تَطَّلِعُ عَلَى حَقِّيَّتِهِ) أَيْ: عَلَى كَوْنِ مَا كَتَبْنَاهُ حَقّاً ثَابِتاً (وَتَظْهَرُ لَكَ وُجُوهُ صِحَّتِهِ) وَأَشَارَ بِالتَّرَجِّي إِلَى صُعُوبَةِ هَذَا المَسْلَكِ؛ فَإِنَّ المُتَأَهِّلَ لِلْعَرْضِ وَالاطِّلاعِ المَذْكُورَيْنِ نَادِرٌ (وَتَرْجِعُ) عِنْدَ الاطِّلاعِ المَذْكُورِ (إِلَى التَّصْوِيبِ مِنْ تَخْطِئَتِهِ) أَيْ: تَرْجِعُ مُبْتَدِئاً مِنْ نِسْبَةِ الخَطَأِ إِلَى نِسْبَةِ التَّصْوِيبِ لِمَا كَتَبْنَاهُ، أَوْ "مِنْ" لِلْبَدَلِيَّةِ (وتَقُولُ) عِنْدَ ذَلِكَ ({الحَمْدُ لِله الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ}) [الأعراف:43] فِيهِ اقْتِبَاسٌ لَطِيفٌ.

(فَنَقُولُ) أَتَى بِنُونِ المُعَظِّمِ نَفْسَهُ تَحَدُّثاً بِنِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ. (وَبِاللهِ) أَيْ: بِاسْتِعَانَتِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ (التَّوْفِيقُ) هُوَ: «جَعْلُ اللهِ فِعْلَ عَبْدِهِ مُوَافِقاً لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ» (1). (وَمِنْهُ) تَعَالَى يُطْلَبُ (كُلُّ تَحْقِيقٍ) هُوَ: «إِثْبَاتُ المَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا» (2). (وَتَدْقِيقٍ) هُوَ: «إِثْبَاتُهَا بِدَلِيلٍ دَقَّ طَرِيقُهُ

(1) التعريفات: باب التاء: فصل الواو صـ 98.

(2)

التعريفات: باب التاء: فصل الحاء صـ 79.

ص: 114

لِنَاظِرِيهِ»، مِنْ "تَعْرِيفَاتِ" السَّيِّدِ (1).

(هَذِهِ الرِّسَالَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ "قَدَّمَ" اللَّازِمِ أَوِ المُتَعَدِّي، وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ الفَتْحُ أَيْضاً. وَهِيَ فِي العُرْفِ نَوْعَانِ: مُقَدِّمَةُ الكِتَابِ: مَا يُذْكَرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي المَقَاصِدِ لِارْتِبَاطِهَا بِهِ وَنَفْعِهِ فِيهَا. وَمُقَدِّمَةُ العِلْمِ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي مَسَائِلِهِ: كَحَدِّهِ وَغَايَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ. وَالمُرَادُ هُنَا الأُولَى. (وَفُصُولٍ) سِتَّةٍ، جَمْعُ فَصْلٍ، وَهُوَ:«قِطْعَةٌ مِنَ البَابِ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا سِوَاهَا» ، "تَعْرِيفَات"(2).

(1) التعريفات: باب التاء: فصل الدال صـ 81.

(2)

التعريفات: باب الفاء: فصل الصاد صـ 214.

ص: 115

المقدمة

تفسير الألفاظ المستعملة

119

تعريف الحيض

119

تعريف النفاس

123

تعريف الاستحاضة

125

تعريف الدم الصحيح

125

تعريف الطهر المطلق

128

تعريف الطهر الصحيح

129

تعريف الطهر الفاسد

130

تعريف الطهر التام

131

تعريف الطهر الناقص

131

تعريف المعتادة

132

تعريف المبتدأة

133

تعريف المضلة

133

الأصول والقواعد الكلية

134

الأصول والقواعد الكلية في الدماء

134

ص: 117

أقل مدة الحيض

134

أكثر مدة الحيض

136

أقل مدة النفاس

136

أكثر مدة النفاس

138

تنبيه: الدمان لا يتواليان

138

الأصول والقواعد الكلية في الطهر

139

أقل مدة الطهر

139

أحكام الطهر الناقص عند الإمام وأبي يوسف

141

أمثلة على أحكام الطهر الناقص عند الشيخين

141

أحكام الطهر الناقص عند محمد

142

أمثلة على أحكام الطهر الناقص عند محمد

142

أحكام الطهر الفاسد في النفاس

143

أمثلة على الطهر الفاسد في النفاس للمبتدأة

144

أكثر مدة الطهر

145

الأصول والقواعد الكلية في العادة

146

تثبيت العادة

146

انتقال العادة زماناً

147

انتقال العادة عدداً

148

ص: 118