الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِ
عَلَى
ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ
لمحمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين
1198 -
1252 هـ
حققه وعلق عليه
هداية هارتفورد
…
أشرف منيب
راجعه صاحب الفضيلة الشيخ
عبد الرحمن أرجان البينصوي
مدرس جامع الحافظ أحمد باشا
إستانبول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ الَّذِي عَمَّنا بِالإِنْعامِ، وَعَلَّمَنا عِلْمَ الأَحْكَامِ، وَأَمَرَنا بِالطَّهَارَةِ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالأَنْجَاسِ وَالآثَامِ؛ لِنَتَأَهَّلَ لِلْمُثُولِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالقِيَامِ. وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ، المُمَيِّزِ بَيْنَ الحَلالِ وَالحَرَامِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ بُدُورِ التَّمَامِ وَمَصَابِيحِ الظَّلامِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ العَبْدُ المُفْتَقِرُ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ مُحَمَّدُ أَمينٍ الشَّهِيرُ بِابْنِ عَابِدِينَ، غَفَرَ اللهُ تَعَالَى ذُنُوبَهُ، وَمَلَأَ مِنْ زُلالِ (1) العَفْوِ ذَنُوبَهُ (2): إِنِّي طَالَعْتُ مَعَ بَعَضِ الإِخْوَانِ الرِّسَالَةَ المُؤَلَّفَةَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ، المُسَمَّاةَ بِـ: ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ، المَنْسُوبَةَ لِأَفْضَلِ المُتَأَخِّرِينَ:
(1) الزلال: الصافي من كل شيء. المعجم الوسيط: مادة / زلل / صـ 398.
(2)
الذَّنوب: الدلو العظيمة. المعجم الوسيط: مادة / ذنب / صـ 316.
الإِمَامِ العَالِمِ العَامِلِ المُحَقِّقِ المُدَقِّقِ الكَامِلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بِنِ بير عَلِيِّ البِرْكِوِي صَاحِبِ "الطَّرِيقَةِ المُحَمَّدِيَّةِ"(1)، وَغَيْرِهَا مِنَ المُؤَلَّفَاتِ السَّنِيَّةِ، فَوَجَدْتُهَا - مَعَ صِغَرِ حَجْمِهَا وَلَطَافَةِ نَظْمِهَا - جَامِعَةً لِغُرَرِ فُرُوعِ هَذَا البَابِ، عَارِيَةً عَنِ التَّطْوِيلِ وَالإِسْهَابِ، لَمْ تَنْسِجْ قَرِيحَةٌ عَلَى مِنْوَالِهَا، وَلَمْ تَظْفَرْ عَيْنٌ بِالنَّظَرِ إِلَى مِثَالِهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْرَحَهَا بِشَرْحٍ يُسَهِّلُ عَوِيصَهَا، وَيَسْتَخْرِجُ غَوِيصَهَا (2)، وَيَكْشِفُ نِقَابَهَا، وَيُذَلِّلُ صِعَابَهَا وَسَمَّيتُهُ:
«مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِ عَلَى ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْض»
فَأَقُولُ مُسْتَعِيناً بِاللهِ تَعَالَى فِي حُسْنِ النِّيَّةِ، وَبُلُوغِ الأُمْنِيَّةِ: قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ قَوَّامِينَ) أَيْ: يَقُومُونَ عَلَيْهِنَّ قِيَامَ الوُلاةِ عَلَى الرَّعِيَّةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ الرَّجُلُ أَمِيرَ امْرَأَتِهِ. (وَأَمَرَهُمْ بِوَعْظِهِنَّ) أَيْ:
(1) أي: كتاب "الطريقة المحمدية والسيرة الأحمدية".
(2)
غاص على المعاني: بلغ أقصاها حتى استخرج ما بَعُدَ منها. المعجم الوسيط: مادة / غوص / صـ 666.
تَذْكِيرِهِنَّ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهُنَّ مِنَ الثَّوَابِ وَالعِقَابِ.
(وَالتَّأْدِيبِ) أَيْ: التَّعْلِيمِ. وَفِي "المُغْرِبِ"(1): «عَنْ أَبِي زَيْدٍ: الأَدَبُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ رِيَاضَةٍ مَحْمُودَةٍ، يَتَخَرَّجُ بِهَا الإِنْسَانُ فِي فَضِيلَةٍ مِنَ الفَضَائِلِ» . (وَتَعْلِيمِ الدِّينِ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ أَيْ: تَعْلِيمِ أُصُولِهِ مِنَ العَقَائِدِ وَفُرُوعِهِ المُحْتَاجِ إِلَيْهَا فِي الحَالِ. وَفِي هَاتَيْنِ الفِقْرَتَيْنِ (2) تَلْمِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآيَةَ (3)[النساء:34]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} الآيَةَ [النساء:34].
(وَالصَّلاةُ) «اسْمٌ مِنَ التَّصْلِيَةِ، وَمَعْنَاهَا: الثَّنَاءُ الكَامِلُ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي وُسْعِنَا، فَأُمِرْنَا أَنْ نَكِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ تَعَالَى (4)، كَمَا فِي "شَرْحِ التَّأْوِيلاتِ". وَأَفْضَلُ العِبَارَاتِ عَلَى مَا قَالَ المَرْزُوقِي: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ. وَقِيلَ: التَّعْظِيمُ، فَالمَعْنَى: اللَّهُمَّ عَظِّمْهُ
(1) المغرب: مادة / أدب / صـ 18.
(2)
أي: قوله: "جعل الرجال على النساء قوامين"، وقوله:"وأمرهم بوعظهن".
(3)
أي: اقرأ الآية.
(4)
أي: اللهم صلِّ أنت على محمد؛ لأنك أعلم بما يليق به. النهاية في غريب الحديث والأثر: مادة /صلا/ 48:2.
فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ وَإِنْفَاذِ شَرِيعَتِهِ، وَفِي الآخِرَةِ بِتَضْعِيفِ أَجْرِهِ وَتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ (1). كَذَا فِي "شَرْحِ النُّقَايَةِ"(2) لِلْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَالسَّلامُ) اسْمٌ مِنَ التَّسْلِيمِ؛ أَيْ: جَعَلَ اللهُ إِيَّاهُ سَالِماً مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ. (عَلَى حَبِيبِ رَبِّ العَالَمِينَ) أَيْ: مَحْبُوبِهِ. (وَعَلَى آلِهِ)«اسْمُ جَمْعٍ لِذَوِي القُرْبَى، أَلِفُهُ مُبْدَلَةٌ عَنِ الهَمْزَةِ المُبْدَلَةِ عَنِ الهَاءِ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ (3)، وَعَنِ الوَاوِ عِنْدَ الكُوفِيِّينَ (4)، وَالأَوَّلُ هُوَ الحَقُّ كَمَا فِي "المِفْتَاح"» . القُهُسْتَانِي (5).
(1) وعبارة ابن الأثير: "عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته". النهاية في غريب الحديث والأثر: مادة /صلا/ 48:2.
(2)
جامع الرموز: المقدمة، 6:1 بتصرف.
(3)
أصلها: أهل، قلبت الهاء همزة لتقارب مخرجهما فصارت أَأْل بهمزتين، فقلبت الثَّانية ألفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها فصارت آل.
(4)
أصلها: أول، من آل يؤول؛ لأن الانسان يؤول إلى أهله، ثم قلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت آل.
(5)
جامع الرموز: المقدمة، 7:1.
(وَأَصْحَابِهِ) قَالَ القُهُسْتَانِيُّ (1): «أَيْ: الَّذِينَ آمَنُوا مَعَ الصُّحْبَةِ وَلَوْ لَحْظَةً، كَمَا قَالَ عَامَّةُ المُحَدِّثِينَ، وَإِنَّمَا أُوثِرَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأُصُولِيُّونَ مِنَ اشْتِرَاطِ مُلازَمَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِداً لِيَشْمَلَ كُلَّ صَاحِبٍ» . (هُدَاةِ) جَمْعُ هَادٍ مِنَ "الهِدَايَةِ": وَهِيَ الدَّلالَةُ عَلَى مَا يُوصِلُ إِلَى البُغْيَةِ (الحَقِّ) ضِدُّ البَاطِلِ (وَحُمَاةِ) جَمْعُ حَامٍ مِنَ الحِمَايَةِ بِالكَسْرِ؛ أَيْ: المَنْعِ. (الشَّرْعِ) اسْمٌ لِمَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنَ الأَحْكَامِ. (المَتِينِ) القَوِيِّ، يُقَالُ مَتُنَ كَكَرُمَ: صَلُبَ.
(وَبَعدُ) قَالَ القُهُسْتَانِيُّ (2): «أَيْ: وَاحْضُرْ بَعْدَ الخُطْبَةِ مَا سَيَأْتِي. فَالوَاوُ لِلاسْتِئْنَافِ، أَوْ لِعَطْفِ الإِنْشَاءِ عَلَى مِثْلِهِ، أَوْ عَلَى الخَبَرِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} (3) الآيَةَ [البقرة:25]؛ لِأَنَّ مَا فِي المَشْهُورِ مِنَ الضَّعْفِ مَا لا يَخْفَى (4)؛ "فَإِنَّ تَقْدِيرَ "أَمَّا" مَشْرُوطٌ بِأَنْ
(1) جامع الرموز: المقدمة، 7:1.
(2)
جامع الرموز: المقدمة، 8:1 بتصرف.
(3)
والشاهد: عطف الإنشاء في قوله تعالى: {وَبَشِّرِ} على الخبر في قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ} .
(4)
والمشهور أن الواو في قوله: "وبعد" نائبة عن أمَّا، ثم بين سبب الضعف بقوله: "فإن تقدير أمَّا مشروط
…
".
يَكُونَ مَا بَعْدَ الفَاءِ أَمْراً أَوْ نَهْياً نَاصِباً لِمَا قَبْلَهَا (1)، أَوْ مُفَسِّراً لَهُ كَمَا فِي "الرَّضِيِّ" (2). وَأَمَّا تَوَهُّمُ "أَمَّا" فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّحَوِيِّينَ. وَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالأَمْرِ المُسْتَفَادِ مِنَ المَقَامِ المُعَلَّلِ بِالفَاءِ فِي قَوْلِهِ:(فَقَدِ) كَمَا فِي قَوْلِهِمُ: اعْبُدْ رَبَّكَ فَإِنَّ العِبَادَةَ حَقٌّ». انْتَهَى.
(اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ) أَيْ: المُجْتَهِدُونَ (عَلَى فَرْضِيَّةِ عِلْمِ الحَالِ) أَيْ: العِلْمِ بِحُكْمِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي وَقْتِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ.
قَالَ فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(3): «اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَيِّ عِلْمٍ طَلَبُهُ فَرْضٌ» . فَحَكَى أَقْوَالاً، ثُمَّ قَالَ (4): «وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّهُ المُرَادُ هُوَ العِلْمُ بِمَا كَلَّفَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ. فَإِذَا بَلَغَ الإِنْسَانُ فِي ضَحْوَةِ (5) النَّهَارِ مَثَلاً يَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ اللهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ بِالنَّظَرِ وَالاسْتِدْلالِ، وَتَعَلُّمُ كَلِمَتَي الشَّهَادَةِ مَعَ فَهْمِ مَعْنَاهُمَا، ثُمَّ إِنْ عَاشَ إِلَى الظُّهْرِ يَجِبُ
(1) كما في قوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [سورة المدثر، الآية: 3].
(2)
شرح الرضي على الكافية: حروف الشرط، 474:4 بتصرف.
(3)
التاتارخانية: المقدمة: في فرض العين وفرض الكفاية من العلوم، 76:1.
(4)
التاتارخانية: المقدمة: في فرض العين وفرض الكفاية من العلوم، 76:1 بتصرف.
(5)
الضحوة: ارتفاع النهار. القاموس: مادة / ضحو / صـ 1304. والمقصود: أنه بلغ في وقت مهمل لا تجب عليه الصلاة فيه.
تَعَلُّمُ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ تَعلُّمُ عِلْمِ الصَّلاةِ، وَهَلُمَّ جَرَّا (1). فَإِنْ عَاشَ إِلَى رَمَضَانَ يَجِبُ تَعَلُّمُ عِلْمِ الصَّوْمِ. فَإِن اسْتَفَادَ مَالاً تَعَلَّمَ عِلْمَ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ إِنِ اسْتَطَاعَهُ وَعَاشَ إِلَى أَشْهُرِهِ. وَهَكَذَا التَّدْرِيجُ فِي عِلْمِ سَائِرِ الأَفْعَالِ المَفْرُوضَةِ عَيْناً (2)». انْتَهَى.
(عَلَى كُلِّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أَيْ: بِوَحْدَانِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ ذَاتاً وَصِفَاتٍ وَأَفْعَالاً. (وَاليَوْمِ الآخِرِ) هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ، فَإِنَّهُ آخِرُ الأَوْقَاتِ المَحْدُودَةِ، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الجَزَاءِ، فَالإِيمَانُ بِهِ يَحْمِلُ عَلَى العَمَلِ {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً} [الكهف:110] (مِنْ نِسْوَةٍ)«بِالكَسْرِ وَالضَّمِّ: جَمْعُ المَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا» ، "قَامُوس" (3). (وَرِجَالٍ) جَمْعُ رَجُلٍ: وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ بَنِي آدَمَ إِذَا بَلَغَ أَوْ مُطْلَقاً، وَالمُرَادُ هُنَا البَالِغُ.
إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ الاتِّفَاقَ (فَمَعْرِفَةُ) أَحْكَامِ (الدِّمَاءِ المُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِنَّ وَعَلَى الأَزْوَاجِ وَالأَوْلِيَاءِ) جَمْعُ وَلِيٍّ، وَهُوَ:
(1) تعبيرٌ يُقال لاستدامة الأمر واتصاله. المعجم الوسيط: مادة / جرر/ صـ 116.
(2)
ومنه إذا رأت المرأة دماً مثلاً قبل عادتها، فيفترض عليها تعلم حكم المسألة؛ حتى لا تبطل عبادتها.
(3)
القاموس: مادة / نسو / صـ 1338.
العَصَبَةُ. فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ تَعَلُّمُ الأَحْكَامِ، وَعَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْهَا إِنْ عَلِمَ، وَإِلَّا أَذِنَ لَهَا بِالخُرُوجِ، وَإِلَّا تَخْرُجْ بِلا إِذْنِهِ، وَعَلَى مَنْ يَلِي أَمْرَهَا كَالأَبِ أَنْ يُعَلِّمَهَا كَذَلِكَ.
(وَلَكِنَّ هَذَا) أَيْ: «عِلْمَ الدِّمَاءِ المُخْتَصَّةِ بِالنِّسَاءِ» ، مُصَنِّف. (كَانَ) أَيْ: صَارَ، مِثْلُ {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة:6] (فِي زَمَانِنَا) أَيْ: زَمَانِ المُصَنِّفِ. وَقَدْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 981 هـ (مَهْجُوراً) أَيْ: مَتْرُوكاً (بَلْ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ إِلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ؛ لِأَنَّ مَا هُجِرَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُوماً وَيُتْرَكُ العَمَلُ بِهِ، بِخِلافِ مَا صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَصْلاً.
(لا يُفَرِّقُونَ) أَيْ: أَهْلُ الزَّمَانِ (بَيْنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالاسْتِحَاضَةِ) فِي كَثِيرٍ مِنَ المَسَائِلِ (وَلا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ مِنَ الدِّمَاءِ وَالأَطْهَارِ) عَطْفٌ عَلَى الدِّمَاءِ (وَ) بَيْنَ (الفَاسِدَةِ) مِنْهُما (تَرَى) أَيْ: تُبْصِرُ أَوْ تَعْلَمُ (أَمْثَلَهُمْ) أَيْ: أَفْضَلَهُمْ، أَوْ أَعْلَمَهُمْ عِنْدَ نَفْسِهِ (يَكْتَفِي) حَالٌ (1)، أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ (2)(بِالمُتُونِ المَشْهُورَةِ) كَـ "القُدُورِي"
(1) حال: إذا كانت "ترى" بمعنى تُبْصِر.
(2)
مفعول ثان: إذا كانت "ترى" بمعنى تعلم.
وَ "الكَنْزِ" وَ "الوِقَايَةِ" وَ "المُخْتَارِ" المَبْنِيَّةِ عَلَى الاخْتِصَارِ. (وَأَكْثَرُ مَسَائِلِ)«هِيَ المَطَالِبُ الَّتِي يُبَرْهَنُ عَلَيْهَا فِي العِلْمِ. وَيَكُونُ الغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ العِلْمِ مَعْرِفَتَهَا» ، كَذَا فِي "تَعْرِيفَاتِ"(1) السَّيِّدِ الشَّرِيفِ قُدِّسَ سِرُّهُ (الدِّمَاءِ) الثَّلاثَةِ السَّابِقَةِ (فِيهَا مَفْقُودَةٌ).
(وَالكُتُبُ المَبْسُوطَةُ)(2) الَّتِي فِيهَا هَذِهِ المَسَائِلُ (لا يَمْلِكُهَا إِلَّا قَلِيلٌ) لِقِلَّةِ وُجُودِهَا، وَغَلاءِ أَثْمَانِهَا. (وَالمَالِكُونَ) لَهَا (أَكْثَرُهُمْ عَنْ مُطَالَعَتِهَا) فِي "القَامُوسِ" (3):«طَالَعَهُ طِلاعاً وَمُطَالَعَةً: اطَّلَعَ عَلَيْهِ» ؛ أَيْ: عَلِمَهُ (عَاجِزٌ وَعَلِيلٌ) بِدَاءِ الجَهْلِ (وَأَكْثَرُ نُسَخِهَا) جَمْعُ نُسْخَةٍ بِالضَّمِّ مَا يُنْسَخُ؛ أَيْ: يُكْتَبُ فِيهِ (فِي بَابِ حَيْضِهَا تَحْرِيفٌ) أَيْ: تَغْيِيرٌ (وَتَبْدِيلٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، أَوِ الأَوَّلُ (4): تَغْيِيرُ بَعْضِ حُرُوفِ الكَلِمَةِ. وَالثَّانِي (5): إِبْدَالُهَا بِغَيْرِهَا (لِعَدَمِ الاشْتِغَالِ بِهِ) أَيْ: بِأَكْثَرِ نُسَخِهَا (مُذْ)
(1) التعريفات: باب الميم: فصل السين، صـ 265.
(2)
كالتاتارخانية، ومحيط السرخسي، والخلاصة، وشروح الهداية، والمتون، كذا على هامش المخطوطة "أ".
(3)
القاموس: مادة / طلع / صـ 744.
(4)
أي: تحريف.
(5)
أي: تبديل.
أَيْ: مِنْ (دَهْرٍ طَوِيلٍ) فَكُلَّمَا نُسِخَتْ نُسْخَةٌ عَلَى أُخْرَى زَادَ التَّحْرِيفُ.
(وَفِي مَسَائِلِهِ) أَيْ: بَابِ الحَيْضِ (كَثْرَةٌ وَصُعُوبَةٌ). قَالَ فِي "البَحْرِ"(1): «وَاعْلَمْ أَنَّ بَابَ الحَيْضِ مِنْ غَوَامِضِ الأَبْوَابِ خُصُوصاً المُتَحَيِّرَةَ وَتَفَارِيعَهَا؛ وَلِهَذَا اعْتَنَى بِهِ المُحَقِّقُونَ، وَأَفْرَدَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍ (2).
وَمَعْرِفَةُ مَسَائِلِهِ مِنْ أَعْظَمِ المُهِمَّاتِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا لا يُحْصَى مِنَ الأَحْكَامِ: كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَالصَّوْمِ وَالاعْتِكَافِ وَالحَجِّ وَالبُلُوغِ وَالوَطْءِ وَالطَّلاقِ وَالعِدَّةِ وَالاسْتِبْرَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَحْكَامِ. وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ عِظَمَ مَنْزِلَةِ العِلْمِ بِالشَّيْءِ بِحَسَبِ مَنْزِلَةِ ضَرَرِ الجَهْلِ بِهِ. وَضَرَرُ الجَهْلِ بِمَسَائِلِ الحَيْضِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الجَهْلِ بِغَيْرِهَا. فَيَجِبُ الاعْتِنَاءُ بِمَعْرِفَتِهَا. وَإِنْ كَانَ الكَلامُ فِيهَا طَوِيلاً فَإِنَّ المُحَصِّلَ يَتَشَوَّفُ إِلَى ذَلِكَ، وَلا الْتِفَاتَ إِلَى كَرَاهَةِ أَهْلِ البَطَالَةِ (3)». انْتَهَى. (واخْتِلافَاتٌ).
(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 199:1.
(2)
وسماه "كتاب الحيض"، وهو ضمن كتابه "الأصل".
(3)
أي: الكُسالى.
(وَفِي اخْتِيَارِ المَشَايِخِ) بِاليَاءِ: وَهُمُ المُتَأَخِّرُونَ عَنِ الإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ المَذْهَبِ عَلَى اخْتِلافِ طَبَقَاتِهِمْ (وَتَصْحِيحِهِمْ أَيْضاً مُخَالَفَاتٌ) فَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ قَوْلاً وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ قَوْلاً آخَرَ، ثُمَّ بَعْضُهُمْ يُصَحِّحُ هَذَا وَبَعْضُهُمْ يُصَحِّحُ هَذَا.
وَقَدْ قَالُوا: إِذَا كَانَ فِي المَسْأَلَةِ تَصْحِيحَانِ فَالمُفْتِي بِالخِيَارِ، لَكِنْ قَدْ يَكُونُ أَحَدُ القَوْلَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ أَقْوَى؛ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، أَوْ مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ المُتُونِ وَالشُّرُوحِ، أَوْ أَرْفَقَ بِالنَّاسِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنْتُهُ فِي "رَدِّ المُحْتَارِ عَلَى الدُّرِ المُخْتَارِ"(1)، فَيَحْصُلُ لِمَنْ لا أَهْلِيَّةَ لَهُ اضْطِرَابٌ، وَلا سِيَّمَا عِنْدَ كَثْرَةِ الأَقْوَالِ، وَعَدَمِ اطِّلاعِهِ عَلَى الأَصَحِّ مِنْهَا.
فَلِذَا قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أُصَنِّفَ رِسَالَةً) قَالَ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (2): «الرِّسَالَةُ هِيَ: المَجَلَّةُ المُشْتَمِلَةُ عَلَى قَلِيلٍ مِنَ المَسَائِلِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. وَالمَجَلَّةُ هِيَ: الصَّحِيفَةُ يَكُونُ فِيهَا الحُكْمُ» . (حَاوِيَةً) أَيْ: جَامِعَةً (لِمَسَائِلِهِ) أَيْ: بَابِ الحَيْضِ (اللَّازِمَةِ،
(1) حاشية ابن عابدين: المقدمة: مطلب: إذا تعارض التصحيح 234:1 - 236.
(2)
التعريفات: باب الراء: فصل السين، صـ 147.
خَاوِيَةً) بِالمُعْجَمَةِ؛ أَيْ: خَالِيَةً (عَنْ ذِكْرِ خِلافٍ وَمَبَاحِثَ) جَمْعُ مَبْحَثٍ: مَحَلُّ البَحْثِ. قَالَ السَّيِّدُ قُدِّسَ سِرُّهُ (1): «البَحْثُ: هُوَ التَّفَحُّصُ وَالتَّفْتِيشُ. وَاصْطِلاحاً: هُوَ إثْبَاتُ النِّسْبَةِ الإِيجَابِيَّةِ أَوِ السَّلْبِيَّةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِطَرِيقِ الاسْتِدْلالِ» . (غَيْرِ مُهِمَّةٍ).
(مُقْتَصِرَةً) صِفَةٌ ثَالِثَةٌ لِـ "رِسَالَةً"(عَلَى الأَقْوَى وَالأَصَحِّ وَالمُخْتَارِ لِلفَتْوَى) أَيْ: لِجَوَابِ الحَادِثَةِ (مُسَهِّلَةً) بِالبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَوِ المَفْعُولِ، صِفَةٌ رَابِعَةٌ لِـ "رِسَالَةً"(الضَّبْطَ) لِمَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنَ المَسَائِلِ (وَالفَهْمَ).
(رَجَاءَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: "فَأَرَدْتُ"(أَنْ تَكُونَ) أَيْ: الرِّسَالَةُ (لِي ذُخْراً) بِضَمِّ الذَّالِ وَسُكُونِ الخَاءِ المُعْجَمَتَيْنِ؛ أَيْ: ذَخِيرَةً أَدَّخِرُهَا وَأَخْتَارُهَا (فِي العُقْبَى) أَيْ: الآخِرَةِ.
(فَيَا أَيُّهَا النَّاظِرُ إِلَيْهَا بِاللهِ العَظِيمِ لا تَعْجَلْ فِي التَّخْطِئَةِ) مَصْدَرُ فَعَّلَ (2) بِالتَّشْدِيدِ، لِلنِّسْبَةِ. مِثْلُ: فَسَّقْتُهُ، إِذَا نَسَبْتَهُ إِلَى الفِسْقِ (بِمُجَرَّدِ
(3) التعريفات: باب الباء: فصل الحاء، صـ 67.
(1)
خَطَّأَ، يُخَطِّئُ، تَخْطِئَةً. المعجم الوسيط: مادة / خطئ / صـ 242.
رُؤْيَتِكَ) أَيْ: بِرُؤْيَتِكَ المُجَرَّدَةِ (فِيهَا) أَيْ: فِي الرِّسَالَةِ (المُخَالَفَةَ) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِرُؤْيَةٍ (لِظَاهِرِ بَعْضِ الكُتُبِ المَشْهُورَةِ) فَكَمْ فِي بَعْضِهَا مَا هُوَ خِلافُ الصَّحِيحِ، بَلْ مَا هُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ، أَوْ مَا هُوَ مَصْرُوفٌ عَنِ الظَّاهِرِ مِمَّا لا يَعْرِفُهُ إِلَّا الفَقِيهُ المَاهِرُ.
(فَعَسَى) أَيْ: أُشْفِقُ وَأَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ المُخْطِئُ أَنْتَ؛ لِعَدِمِ اطِّلاعِكَ. وَكَنَى عَنْ خَطَأِ المُخَاطَبِ بِقَوْلِهِ: (أَنْ تُخَطِّئَ ابْنَ أُخْتِ خَالَتِكَ) لِأَنَّ المُرَادَ بِأُخْتِ خَالَتِهِ: أُمُّهُ. وَالمُرَادُ بِابْنِهَا: نَفْسُهُ. قَالَ المُصَنِّفُ: «إِذَا كَانَ "تُخَطِّئَ" بِالتَّاءِ المُخَاطَبِ بِهَا يَكُونُ مُتَعَدِّياً وَيَكُونُ "ابْنَ" مَفْعُولَهُ، وَإِذَا كَانَ بِاليَاءِ يَكُونُ الفِعْلُ لازِماً، وَالابْنُ فَاعِلُهُ» (فَتَكُونَ مِنْ الَّذِينَ هَلَكُوا فِي المَهَالِكِ) لِأَنَّ الخَطَأَ فِي المَسَائِلِ الدِّينِيَّةِ كَالهَلاكِ؛ وَلِذَا شَاعَ إِطْلاقُ المَيْتِ (1) عَلَى الجَاهِلِ، وَالحَيِّ عَلَى العَالِمِ {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122].
(فَإِنِّي)«عِلَّةُ عَدَمِ الخَطَأِ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ بِقَدْرِ الإِمْكَانِ» ، مُصَنِّف. (قَدْ صَرَفْتُ شَطْراً مِنْ عُمُرِي) أَيْ: حِصَةً وَافِرَةً مِنْهُ.
(1) المَيْت: بسكون الياء، الذي فارق الحياة. أما المَيِّت: بالفتح والتشديد، من في حكم الميت وليس به. المعجم الوسيط: مادة / موت / صـ 891.
وَفِي "المُغْرِبِ"(1): «شَطْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نِصْفُهُ. وَقَوْلُهُ فِي الحَائِضِ: "تَقْعُدُ شَطْرَ عُمُرِهَا" (2)، عَلَى تَسْمِيَةِ البَعْضِ شَطْراً تَوَسُّعاً فِي الكَلامِ وَاسْتِكْثَاراً لِلْقَلِيلِ» (فِي ضَبْطِ هَذَا البَابِ).
(حَتَّى مَيَّزْتُ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى بَيْنَ القِشْرِ)«بِالكَسْرِ: غِشَاءُ الشَّيْءِ خِلْقَةً أَوْ عَرَضاً» ، "قَامُوس" (3). (وَاللُّبَابِ) بِالضَّمِّ:«خَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ» ، كَمَا فِي "الصَّحَاحِ" (4). (وَالسَّمِينِ وَالمَهْزُولِ) ضِدُّهُ (وَالصَّحِيحِ وَالمَعْلُولِ) فِي "القَامُوسِ" (5):«العِلَّةُ بِالكَسْرِ: المَرَضُ. عَلَّ يَعِلُّ وَاعْتَلَّ، وَأَعَلَّهُ اللهُ تَعَالَى فَهُوَ مُعَلٌّ وَعَلِيلٌ، وَلا تَقُلْ مَعْلُولٌ، وَالمُتَكَلِّمُونَ يَسْتَعْمِلُونَهَا» . (وَالجَيِّدِ) بِالفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ (وَالرَّدِيءِ) ضِدُّهُ (وَالضَّعِيفِ وَالقَوِيِّ).
(1) المغرب: مادة / شطر / صـ 145.
(2)
هذا الحديث لا أصل له، قال ابن حجر:"
…
وقال البيهقي في المعرفة: هذا الحديث يذكره بعضُ فقهائنا وقد طلبته كثيراً فلم أجده في شيء من كتب الحديث ولم أجد له إسناداً". (تلخيص الحبير: كتاب الحيض 162:1).
(3)
القاموس: مادة / قشر / صـ 462.
(4)
الصحاح: باب الباء، فصل اللام، 216:1.
(5)
القاموس: مادة / علل / صـ 1035.
(وَرَجَّحْتُ) عَطْفٌ عَلَى مَيَّزْتُ (بِأَسْبَابِ التَّرْجِيحِ) أَيْ: التَّقْوِيَةِ (المُعْتَبَرَةِ) عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ (مَا هُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ: فِي نَفْسِ الأَمْرِ (مِنَ الأَقْوَالِ وَالاخْتِيَارَاتِ) الصَّادِرَةِ (مِنَ الأَئِمَّةِ) المُجْتَهِدِينَ فِي المَذْهَبِ، أَوْ أَهْلِ الاسْتِنْبَاطِ مِنَ القَوَاعِدِ لِمَا لا نَصَّ فِيهِ عَنِ المُجْتَهِدِينَ، أَوْ أَهْلِ الاخْتِيَارِ وَالتَّرْجِيحِ لِمَا فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنِ المُجْتَهِدِ، أَوْ قَوْلانِ لِأَهْلِ الاسْتِنْبَاطِ.
(فَارْجِعِ البَصَرَ) مُرْتَبِطٌ بِمَا مَرَّ مِنَ النَّهْيِ عَنِ العَجَلَةِ، وَتَعْلِيلِهِ بِإِتْقَانِ المُصَنِّفِ لِمَا كَتَبَهُ؛ أَيْ: إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَأَعِدْ بَصَرَكَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ. (كَرَّتَيْنِ) أَيْ: مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَمَا فِي الآيَةِ. فَالمُرادُ بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْرِيرُ وَالتَّكْثِيرُ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: "لَبَّيْكَ (1) وَسَعْدَيْكَ (2) ".
(وَتَأَمَّلْ) بِعَيْنِ بَصِيرَتِكَ (مَا كَتَبْنَا مَرَّتَيْنِ) المُرَادُ بِهِ: التَّكْرَارُ أَيْضاً (وَاعْرِضْهُ) أَيْ: مَا كَتَبْنَاهُ (عَلَى الفُرُوعِ) أَيْ: مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ مَسَائِلِ عِلْمِ الفِقْهِ (وَ) عَلَى (الأُصُولِ) أَيْ: الأَدِلَّةِ الكُلِّيَّةِ الَّتِي هِيَ: الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ
(1) لبيك: أي: أنا مقيم على طاعتك، وثُنِّيَ على معنى التأكيد؛ أي: إلباباً بك بعد إلباب، وإقامةً بعد إقامة. مختار الصحاح: مادة / لبب / صـ 246.
(2)
سعديك: أي: إسعاداً لك بعد إسعاد. مختار الصحاح: مادة / سعد / صـ 126.
وَالإِجْمَاعُ وَالقِيَاسُ. (وَ) عَلَى (قَوَاعِدِ المَنْقُولِ) الَّذِي هُوَ: الأَدِلَّةُ المَذْكُورَةُ (وَالمَعْقُولِ) أَيْ: الاسْتِدْلالِ بِدَلِيلٍ مَعْقُولٍ مُسْتَنْبَطٍ مِنْ أَحَدِ الأَدِلَّةِ السَّمَعِيَّةِ.
(لَعَلَّكَ تَطَّلِعُ عَلَى حَقِّيَّتِهِ) أَيْ: عَلَى كَوْنِ مَا كَتَبْنَاهُ حَقّاً ثَابِتاً (وَتَظْهَرُ لَكَ وُجُوهُ صِحَّتِهِ) وَأَشَارَ بِالتَّرَجِّي إِلَى صُعُوبَةِ هَذَا المَسْلَكِ؛ فَإِنَّ المُتَأَهِّلَ لِلْعَرْضِ وَالاطِّلاعِ المَذْكُورَيْنِ نَادِرٌ (وَتَرْجِعُ) عِنْدَ الاطِّلاعِ المَذْكُورِ (إِلَى التَّصْوِيبِ مِنْ تَخْطِئَتِهِ) أَيْ: تَرْجِعُ مُبْتَدِئاً مِنْ نِسْبَةِ الخَطَأِ إِلَى نِسْبَةِ التَّصْوِيبِ لِمَا كَتَبْنَاهُ، أَوْ "مِنْ" لِلْبَدَلِيَّةِ (وتَقُولُ) عِنْدَ ذَلِكَ ({الحَمْدُ لِله الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ}) [الأعراف:43] فِيهِ اقْتِبَاسٌ لَطِيفٌ.
(فَنَقُولُ) أَتَى بِنُونِ المُعَظِّمِ نَفْسَهُ تَحَدُّثاً بِنِعْمَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ. (وَبِاللهِ) أَيْ: بِاسْتِعَانَتِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ (التَّوْفِيقُ) هُوَ: «جَعْلُ اللهِ فِعْلَ عَبْدِهِ مُوَافِقاً لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ» (1). (وَمِنْهُ) تَعَالَى يُطْلَبُ (كُلُّ تَحْقِيقٍ) هُوَ: «إِثْبَاتُ المَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا» (2). (وَتَدْقِيقٍ) هُوَ: «إِثْبَاتُهَا بِدَلِيلٍ دَقَّ طَرِيقُهُ
(1) التعريفات: باب التاء: فصل الواو صـ 98.
(2)
التعريفات: باب التاء: فصل الحاء صـ 79.
لِنَاظِرِيهِ»، مِنْ "تَعْرِيفَاتِ" السَّيِّدِ (1).
(هَذِهِ الرِّسَالَةُ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ "قَدَّمَ" اللَّازِمِ أَوِ المُتَعَدِّي، وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ الفَتْحُ أَيْضاً. وَهِيَ فِي العُرْفِ نَوْعَانِ: مُقَدِّمَةُ الكِتَابِ: مَا يُذْكَرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي المَقَاصِدِ لِارْتِبَاطِهَا بِهِ وَنَفْعِهِ فِيهَا. وَمُقَدِّمَةُ العِلْمِ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشُّرُوعُ فِي مَسَائِلِهِ: كَحَدِّهِ وَغَايَتِهِ وَمَوْضُوعِهِ. وَالمُرَادُ هُنَا الأُولَى. (وَفُصُولٍ) سِتَّةٍ، جَمْعُ فَصْلٍ، وَهُوَ:«قِطْعَةٌ مِنَ البَابِ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، مُنْفَصِلَةٌ عَمَّا سِوَاهَا» ، "تَعْرِيفَات"(2).
(1) التعريفات: باب التاء: فصل الدال صـ 81.
(2)
التعريفات: باب الفاء: فصل الصاد صـ 214.
المقدمة
تفسير الألفاظ المستعملة
…
119
تعريف الحيض
…
119
تعريف النفاس
…
123
تعريف الاستحاضة
…
125
تعريف الدم الصحيح
…
125
تعريف الطهر المطلق
…
128
تعريف الطهر الصحيح
…
129
تعريف الطهر الفاسد
…
130
تعريف الطهر التام
…
131
تعريف الطهر الناقص
…
131
تعريف المعتادة
…
132
تعريف المبتدأة
…
133
تعريف المضلة
…
133
الأصول والقواعد الكلية
…
134
الأصول والقواعد الكلية في الدماء
…
134
أقل مدة الحيض
…
134
أكثر مدة الحيض
…
136
أقل مدة النفاس
…
136
أكثر مدة النفاس
…
138
تنبيه: الدمان لا يتواليان
…
138
الأصول والقواعد الكلية في الطهر
…
139
أقل مدة الطهر
…
139
أحكام الطهر الناقص عند الإمام وأبي يوسف
…
141
أمثلة على أحكام الطهر الناقص عند الشيخين
…
141
أحكام الطهر الناقص عند محمد
…
142
أمثلة على أحكام الطهر الناقص عند محمد
…
142
أحكام الطهر الفاسد في النفاس
…
143
أمثلة على الطهر الفاسد في النفاس للمبتدأة
…
144
أكثر مدة الطهر
…
145
الأصول والقواعد الكلية في العادة
…
146
تثبيت العادة
…
146
انتقال العادة زماناً
…
147
انتقال العادة عدداً
…
148