الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْضاً، ثُمَّ تَقْعُدُ عَشَرَةً، ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ، وَذَلِكَ دَأْبُهَا. كَمَا فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(1) وَغَيْرِهَا.
[القِسْمُ الثَّاني: فَسَادُ الطُّهْرِ بِمُخالَطَتِهِ الدُّمَ]
ثُمَّ بَيَّنَ القِسْمَ الثَّانِيَ مِنْ قِسْمَيِ الوَجْهِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ الطُّهْرُ تَامّاً) وَقَدْ فَسَدَ بِمُخَالَطَتِهِ الدَّمَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، وَيُسَمَّى صَحِيحاً فِي الظَّاهِرِ فَاسِداً فِي المَعْنَى، فَلا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَزِيدَ مُجْمُوعُ ذَلِكَ الطُّهْرِ وَالدَّمِ الفَاسِدِ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى ثَلاثِينَ أَوْ لا.
- (فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاثِينَ فَكَالسَّابِقِ) أَيْ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ القِسْمِ الأَوَّلِ.
وَتَصْوِيرُ ذَلِكَ (بِأَنْ رَأَتْ مَثَلاً أَحَدَ عَشَرَ دَماً وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْراً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ) فَالدَّمُ الأَوَّلُ فَاسِدٌ لِزِيَادَتِهِ، وَالطُّهْرُ صَحِيحٌ ظَاهِراً لِأَنَّهُ تَامٌّ، فَاسِدٌ مَعْنىً لِمَا يَأْتِي. وَحِينَئِذٍ فَلا اعتِبَارَ بِهِمَا فِي نَصْبِ العَادَةِ، بَلْ (عَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ) فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ بَقِيَّةَ طُهْرِهَا، فَتُصَلِّي فِيهَا، ثُمَّ تَقْعُدُ عَشَرَةً، ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ (ثُمَّ ذَلِكَ دَأْبُهَا).
(1) التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل التاسع في الحيض، 344:1 - 345 بتصرف.
وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ المَيْدَانِيِّ. قَالَ فِي "المُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ": «هُوَ الصَّحِيحُ» . وَقَالَ الدَّقَّاقُ: «حَيْضُهَا عَشَرَةٌ وَطُهْرُهَا سِتَّةَ عَشَرَ» . أَقُولُ: وَكَأَنَّ الدَّقَّاقَ نَظَرَ إِلَى ظَاهِرِ الطُّهْرِ لِكَوْنِهِ تَامّاً فَجَعَلَهُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَى فَسَادِهِ فِي المَعْنَى وَجَعَلَهَا مُعْتَادَةً.
- (وَإِنْ زَادَ) أَيْ: الدَّمُ وَالطُّهْرُ عَلَى ثَلاثِينَ (بِأَنْ رَأَتْ مَثَلاً أَحَدَ عَشَرَ دَماً وَعِشْرِينَ طُهْراً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ. فَعَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضٌ ثُمَّ) البَاقِي (طُهْرٌ) وَهُوَ الحَادِي عَشَرَ وَمَا بَعْدَهُ (إِلَى أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ، ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ عَشَرَةٌ حَيْضٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ، ثُمَّ ذَلِكَ دَأْبُهَا) مَا دَامَ الاسْتِمْرَارُ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلِ الطُّهْرُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ عَادَةً لَهَا تَرْجِعُ إِلَيْهَا فِي زَمَنِ الاسْتِمْرَارِ (لِأَنَّ الطُّهْرَ) المَذْكُورَ (وَإِنْ كَانَ) صَحِيحاً ظَاهِراً لِكَوْنِهِ (تَامّاً) لَكِنْ (أَوَّلُهُ دَمٌ) وَهُوَ اليَوْمُ الزَّائِدُ عَلَى العَشَرَةِ، فَإِنَّهَا (تُصَلِّي بِهِ) فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الطُّهْرِ المُتَخَلِّلِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ (فَيَفْسُدُ) بِهِ؛ لِمَا مَرَّ فِي المُقَدِّمَةِ أَنَّ الطُّهْرَ الصَّحِيحَ مَا لا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلا يَشُوبُهُ دَمٌ، وَيَكُونُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالطُّهْرُ الفَاسِدُ مَا خَالَفَهُ،
وَهَذَا طُهْرٌ خَالَطَهُ دَمٌ فِي أَوَّلِهِ (فَلا يَصْلُحُ لِنَصْبِ العَادَةِ).
وَالحَاصِلُ: أَنَّ فَسَادَ الدَّمِ يُفْسِدُ الطُّهْرَ المُتَخَلِّلَ فَيَجْعَلُهُ كَالدَّمِ المُتَوَالِي، فَتَصِيرُ المَرْأَةُ كَأَنَّهَا ابْتَدَأَتْ بِالاسْتِمْرَارِ، وَيَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةً وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ. لَكِنْ إِنْ لَمْ يَزِدِ الدَّمُ وَالطُّهْرُ عَلَى ثَلاثِينَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ، وَإِنْ زَادَا يُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ الحَقِيقِيِّ. وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا بَيْنَ دَمِ الحَيْضِ الأَوَّلِ وَدَمِ الاسْتِمْرَارِ طُهْراً.
وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ العَادَةَ الغَالِبَةَ فِي النِّسَاءِ أَلا يَزِيدَ الحَيْضُ وَالطُّهْرُ عَلَى شَهْرٍ، وَلا يَنْقُصَ؛ وَلِذَا جُعِلَ الحَيْضُ فِي الاسْتِمْرَارِ عَشَرَةً، وَالطُّهْرُ عِشْرِينَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، سَوَاءٌ رَأَتْ قَبْلَ الاسْتِمْرَارِ دَماً وَطُهْراً فَاسِدَيْنِ أَوْ لَمْ تَرَ شَيْئاً.
لَكِنْ إِذَا كَانَ فَسَادُ الطُّهْرِ مِنْ حَيْثُ المَعْنَى فَقَطْ وَزَادَ مَعَ الدَّمِ عَلَى ثَلاثِينَ، يُجْعَلُ مَا زَادَ عَلَى العَشَرَةِ مِنَ الدَّمِ مَعَ جَمِيعِ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ طُهْراً لَهَا لا عِشْرُونَ فَقَطْ. ثُمَّ يَبْتَدِئُ اعْتِبَارُ العَشَرَةِ وَالعِشْرِينَ مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ، وَلا يُجْعَلُ شَيْءٌ مِنَ الطُّهْرِ المَذْكُورِ حَيْضاً؛ لِأَنَّ الأَصْلَ فِي الطُّهْرِ أَلا يُجْعَلَ حَيْضاً إِلَّا لِضَرورَةٍ، وَلا ضَرُورَةَ هُنَا،