المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[أَحْكامُ المَعْذُورِ] (ثُمَّ إِنَّ الحَدَثَ إِنِ اسْتَوْعَبَ) وَلَوْ حُكُماً (1) (وَقْتَ - ذخر المتأهلين والنساء للإمام البركوي

[البركوي]

فهرس الكتاب

- ‌عملنا في هذا الكتاب [

- ‌إجازة

- ‌تقديمفضيلة العلامة الشيخمحمد هشام برهانيحفظه الله تعالى

- ‌مقدمةفضيلة الشيخعبد الرحمن أرجان البينصويحفظه الله تعالى

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌المخطوطات:

- ‌الصفحة الأولى من المخطوطة أ

- ‌الصفحة الأخيرة من المخطوطة أ

- ‌الصفحة الأولى من المخطوطة ب

- ‌الصفحة قبل الأخيرة من المخطوطة ب

- ‌الصفحة الأخيرة من المخطوطة ب

- ‌ترجمة الماتن الإمام البِرْكِوِي

- ‌اسمه ونسَبُه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وثقافته:

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌رحلاته:

- ‌شيوخه:

- ‌المولى بير علي أفندي:

- ‌عطاء الله أفندي:

- ‌شمس الدين أفندي الصغير:

- ‌عبد الرحمن أفندي:

- ‌أخي زاده قرماني محمد أفندي:

- ‌الشيخ عبد الله القرماني البيرامي:

- ‌تلامذته:

- ‌المدرس فضل الله بن البِرْكِوِي

- ‌ مؤلَّفاتِه

- ‌عبد النصير أفندي الشهير بخوجه زاده

- ‌أوْلا مشلى مصلح الدين أفندي

- ‌عمر الإزميري

- ‌مؤلفاته في الفقه

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالعقائد والعبادات

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالحديث الشريف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالقرآن الكريم

- ‌مؤلفاته في النحو

- ‌مؤلفاته في الصرف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالتصوف

- ‌مؤلفاته المتعلقة بعلم الكلام:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالآداب

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالتراجم:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بالسياسة:

- ‌مؤلفاته المتعلقة بعلم الفلك:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر الترجمة:

- ‌ترجمة الشارح العلامة ابن عابدين

- ‌اسمه ونسَبه:

- ‌مولده:

- ‌نشأته وثقافته:

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌شيوخه:

- ‌الشيخ محمد سعيد الحموي:

- ‌الشيخ شاكر العقاد:

- ‌الشيخ سعيد الحلبي:

- ‌الشيخ خالد الكردي النقشبندي:

- ‌تلاميذه:

- ‌عبد الغني عابدين:

- ‌محمد بن حسن البيطار:

- ‌مؤلفاته:

- ‌مؤلفاته في الفقه الحنفي:

- ‌مؤلفاته في أصول الفقه:

- ‌مؤلفاته في علم التفسير:

- ‌مؤلفاته في علم الكلام والعقائد:

- ‌مؤلفاته في علم الحديث:

- ‌مؤلفاته في التصوف:

- ‌مؤلفاته في علوم العربية:

- ‌مؤلفاته في علم التاريخ والسيرة:

- ‌مؤلفاته في علم الحساب والهيئة:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر الترجمة:

- ‌ذُخْرُ المُتَأَهِّلِينَ وَالنِّسَاءِفِي تَعْرِيفِ الأَطْهَارِ وَالدِّمَاءِ

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ الْأَلْفَاظِ المُسْتَعْمَلَةِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي: فِي الْأُصُولِ وَالْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ

- ‌أَمْثِلَةُ النِّفَاسِ

- ‌ أَمْثِلَةُ الحَيْضِ

- ‌تَنْبِيهٌ: الدِّمَاءُ الْفَاسِدَةُ المُسَمَّاةُ بِالْاسْتِحَاضَةِ سَبْعَةٌ:

- ‌تَذْنِيبٌ: فِي حُكْمِ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ

- ‌[أَحْكَامُ المَعْذُورِ]

- ‌مَنْهَلُ الوَارِدِينَ مِنْ بِحَارِ الفَيْضِعَلَىذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ فِي مَسَائِلِ الحَيْضِ

- ‌ النَّوْعُ الأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ الأَلْفَاظِ المُسْتَعْمَلَةِ)

- ‌[تَعْرِيفُ الحَيْضِ]

- ‌[تَعْرِيفُ النِّفاسِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الاسْتِحاضَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الدَّمِ الصَّحِيحِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ المُطْلَقِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ الصَّحِيحِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ الفَاسِدِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ التَّامِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُعْتَادَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُبْتَدَأَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ المُضِلَّةِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي الدِّمَاءِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ الحَيْضِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الحَيْضِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ النِّفاسِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفاسِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ: الدَّمانِ لا يَتَوَالَيَانِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي الطُّهْرِ]

- ‌[أَقَلُّ مُدَّةِ الطُّهْرِ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ الإِمامِ وَأَبي يُوسُفَ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى أَحْكامِ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ الشِّيْخَيْنِ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى أَحْكامِ الطُّهْرِ النَّاقِصِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ]

- ‌[أَحْكامُ الطُّهْرِ الفَاسِدِ فِي النِّفاسِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى الطُّهْرِ الفاسِدِ فِي النِّفاسِ لِلمُبْتَدَأَةِ]

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الطُّهْرِ]

- ‌[الأُصُولُ وَالقَوَاعِدُ الكُلِّيَّةُ فِي العَادَةِ]

- ‌[تَثْبِيتُ العَادَةِ]

- ‌[انْتِقالُ العَادَةِ زَماناً]

- ‌[انْتِقالُ العَادَةِ عَدَداً]

- ‌[ابْتِداءُ ثُبُوتِ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ وَالاسْتِحاضَةِ]

- ‌[حُكْمُ ظُهورِ الدَّمِ]

- ‌[حُكْمُ مَنْعِ ظُهورِ الدَّمِ]

- ‌[حُكْمُ الخارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبيلَيْنِ]

- ‌[ثُبُوتُ حُكْمِ النِّفاسِ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ لم تَرَ دَماً بَعْدَ الوَلادَةِ]

- ‌[حُكْمُ الوِلادَةِ بِجِراحَةٍ (القَيْصَرِيَّة)]

- ‌[بَيانُ أَحْكامِ السِّقْطِ]

- ‌[أَحْكامُ النِّفاسِ إِذا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ]

- ‌[انْتِهاءُ الدِّماءِ الثَّلاثَةِ]

- ‌[انْتِهاءُ الحَيْضِ]

- ‌[سِنُّ الإيَاسِ]

- ‌[أَلْوَانُ الدِّمَاءِ]

- ‌[مَتَى يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ]

- ‌[أَحْكامُ الكُرْسُفِ]

- ‌ أَحْكَامِ (المُبْتَدَأَةِ

- ‌[أَحْكامُ المُعْتادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ مُخالَفَةِ العَادَةِ في النِّفاسِ وَالحَيْضِ]

- ‌[حُكْمُ مُجاوَزَةِ الدَّمِ العَشَرَةَ في الحَيْضِ]

- ‌[حُكْمُ عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدِّمِ العَشَرَةَ في الحَيْضِ]

- ‌أمثلة توضيحية لقاعدة الانتقال في النفاس والحيض

- ‌[أَمْثِلَةُ النِّفاسِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى مُجاوَزَةِ الدَّمِ الأَرْبَعِينَ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدَّمِ الأَرْبَعِينَ]

- ‌[أَمْثِلَةُ الحَيْضِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ وُقُوعِ نِصابٍ في زَمانِ العادَةِ]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى وُقُوعِ نِصابٍ مُسَاوٍ لِلعادَةِ في زَمانِها]

- ‌[مِثَالٌ عَلى وُقُوعِ نِصابٍ غَيْرِ مُسَاوٍ لِلعادَةِ في زَمانِها]

- ‌[أَمْثِلَةٌ عَلى عَدَمِ مُجاوَزَةِ الدَّمِ العَشَرَةَ]

- ‌[بَدْءُ المُعْتادَةِ وَخَتْمُها بِالطُّهْرِ]

- ‌[أَحْكامُ انْقِطاعِ الدَّمِ عَلى أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الوَطْءِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّلاةِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصِّيامِ بَعْدَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الانْقِطاعِ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الغُسْلِ إِذا انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[المُرادُ بِالغُسْلِ في أَحْكامِ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ]

- ‌[أَحْكامُ الوَطْءِ إِذا انْقَطَعَ الدَّمُ قَبْلَ أَكْثَرِ المُدَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ انْقِطاعِ الدَّمِ قَبْلَ تَمامِ العادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ اسْتِمْرَارِ الدَّمِ لِلمُعْتادَةِ]

- ‌[أَحْكامُ اسْتِمْرارِ الدَّمِ لِلمُبْتَدَأَةِ]

- ‌[الوَجْهُ الأَوَّلُ: اسْتِمْرارُ الدَّمِ مِنْ أَوَّلِ مَا بَلَغَتْ]

- ‌[الوَجْهُ الثَّاني: رُؤْيَةُ دَمٍ وَطُهْرٍ صَحِيحَيْنِ]

- ‌[الوَجْهُ الثَّالِثُ: رُؤْيَةُ دَمٍ وَطُهْرٍ فاسِدَيْنِ]

- ‌[القِسْمُ الأَوَّلُ: فَسادُ الطُّهْرِ بِنُقْصانِهِ]

- ‌[القِسْمُ الثَّاني: فَسَادُ الطُّهْرِ بِمُخالَطَتِهِ الدُّمَ]

- ‌[الوَجْهُ الرَّابعُ: رُؤْيَةُ دَمٍ صَحِيحٍ وَطُهْرٍ فاسِدٍ]

- ‌[أَحْكامُ المُبْتَدَأَةِ بِالحَبَلِ]

- ‌[أَنْواعُ الاسْتِحاضَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الإضْلالِ العامِ]

- ‌[حُكْمُ حِفْظِ العادَةِ]

- ‌[تَقْدِيرُ العِدَّةِ]

- ‌[ما يَحْرُمُ عَلى المُضِلَّةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّلاةِ]

- ‌[أَحْكَامُ سَجْدَةِ التِّلاوَةِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ قَضاءِ الفائِتَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الصَّوْمِ]

- ‌[القِسْمُ الأَوَّلُ: لم تَعْلَمْ أَنَّ دَوْرَها في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً]

- ‌[القِسْمُ الثَّاني: تَعْلَمُ أَنَّ حَيْضَها في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً]

- ‌[القِسْمُ الثَّالِثُ: تَعْلَمُ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِها وَطُهْرِها]

- ‌[القِسْمُ الرَّابعُ: تَعْلَمُ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِها وَنَسِيَتْ طُهْرَها]

- ‌[كَيْفِيَّةُ صَوْمِ الكَفّاراتِ]

- ‌[كَفارَةُ القَتْلِ وَالإفْطارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ اليَمِينِ]

- ‌[كَيْفِيَّةُ صَوْمِ قَضاءِ رَمَضانَ]

- ‌[انْقِطاعُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[أَحْكامُ الإضْلالِ الخاصِّ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ فِي المَكانِ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ في العَدَدِ]

- ‌[حُكْمُ الإضْلالِ فِي النِّفاسِ]

- ‌[حُكْمُ صَوْمِ مِنْ أَضَلَّتْ عادَتَها فِي النِّفاسِ وَالحَيْضِ]

- ‌[تَتِمَّةُ أَحْكامِ السِّقْطِ]

- ‌[الأَحْكامُ المُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ]

- ‌[الأَحْكامُ المُخْتَصَّةُ بِالحَيْضِ]

- ‌[أَحْكامُ الجَنابَةِ وَالحَدَثِ الأَصْغَرِ وَالمَعْذُورِ]

- ‌ حُكْمِ الجَنَابَةِ

- ‌[حُكْمُ الحَدَثِ الأَصْغَرِ]

- ‌[أَحْكامُ المَعْذُورِ]

- ‌إِرْشَادُ المُكَلَّفِينَإلىدَقائِقِ ذُخْرِ المُتَأَهِّلِينَ

- ‌القَوَاعِدُ العَامَّةُ

- ‌قَوَاعِدُ الحَيْضِ

- ‌قَوَاعِدُ النِّفَاسِ

- ‌أمثلة النفاس

- ‌أمثلة الحيض

- ‌الفهارس العامة

الفصل: ‌ ‌[أَحْكامُ المَعْذُورِ] (ثُمَّ إِنَّ الحَدَثَ إِنِ اسْتَوْعَبَ) وَلَوْ حُكُماً (1) (وَقْتَ

[أَحْكامُ المَعْذُورِ]

(ثُمَّ إِنَّ الحَدَثَ إِنِ اسْتَوْعَبَ) وَلَوْ حُكُماً (1)(وَقْتَ صَلاةٍ) مَفْرُوضَةٍ (2)(بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ زَمَانٌ خَالٍ عَنْهُ يَسَعُ الوُضُوءَ وَالصَّلاةَ، يُسَمَّى عُذْراً، وَصَاحِبُهُ) يُسَمَّى (مَعْذُوراً، وَ) يُسَمَّى أَيْضاً (صاحِبَ العُذْرِ)«هَكَذَا ذَكَرَ فِي "الكَافِي". وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ شَرْطَ اسْتِيعَابِ الوَقتِ كُلِّهِ، ثُمَّ قَالَ (3): «هُوَ الأَظْهَرُ» .

قَالَ مَوْلانا خُسْرَوْ (4): "أَرَادَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى "الكَافِي" بِأَنَّ كَلامَهُ مُخَالِفٌ لِتِلْكَ الكُتُبِ، أَقُولُ: لا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُما"، ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَهُ. وَالحَقُّ ما قَالَهُ فِي "الكَافِي"؛ إِذْ العِلْمُ بِحَقِيقَةِ الاسْتِيعَابِ مُتَعَسِّرٌ، بَلْ مُتَعَذِّرٌ خُصُوصاً لِلمُسْتَحَاضَةِ؛ فَإِنَّهَا تَتَخَّذُ الكُرْسُفَ، فَكَيْفَ يَتَيَسَّرُ مَعْرِفَةُ اسْتِيعَابِ خُرُوجِ الدَّمِ»، مُصَنِّف (5).

(1) أي: ولو كان الاستيعاب حكماً، بأن انقطع العذر في زمن يسير لا يمكنه الوضوء والصلاة فيه؛ لأن الانقطاع اليسير ملحق بالعدم.

(2)

احترز به عن الوقت المهمل كما بين طلوع الشمس والزوال، فإنه وقت لصلاة غير مفروضة.

(3)

تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 66:1.

(4)

درر الحكام: كتاب الطهارة: باب دماء تختص بالنساء 44:1.

(5)

كذا على هامش المخطوطة "أ".

ص: 288

قُلتُ: جَعَلَ فِي "الفَتْحِ"(1) كَلامَ "الكَافِي" تَفْسِيراً لِمَا قَالَهُ فِي عَامَّةِ الكُتُبِ، وَهُوَ مآلُ كَلامِ مُنْلا خُسْرَوْ، فَتَدَبَّرْ.

(وَحُكْمُهُ أَلا يَنْتَقِضَ وُضُوؤُهُ) النَّاشِئُ (مِنْ ذَلِكَ الحَدَثِ بِتَجَدُّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ «يَنْتَقِضَ» ، وَسَيَأْتِي فِي كَلامِهِ مُحتَرَزُ القَيْدَيْنِ (2)(إِلَّا عِنْدَ خُرُوجِ وَقْتِ مَكْتُوبَةٍ)«فَلَو تَوَضَّأَ لِصَلاةِ العِيدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ الظُّهْرَ فِي الصَّحِيحِ، كَذَا فِي "الزَّيْلَعِيِّ" (3). وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِدُخُولِ الوَقْتِ وَخُرُوجِهِ» ، مُصَنِّف (4).

قُلتُ: وَأَفادَ بِقَوْلِهِ: «عِنْدَ خُرُوجِ

إلخ «أَنَّ النَّاقِضَ لَيْسَ نَفْسَ الخُرُوجِ، بَلِ الحَدَثَ السَّابِقَ المُتَجَدِّدَ بَعْدَ الوُضُوءِ أَوْ مَعَهُ، وَإِنَّمَا خُرُوجُ الوَقْتِ شَرْطٌ.

(فَيُصَلِّي بِهِ فِي الوَقْتِ) بِشُرُوطٍ تُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي، وَهِيَ:

- أَنْ يَكُونَ وُضُوؤُهُ مِنْ حَدَثِهِ الَّذِي صَارَ بِهِ مَعْذُوراً وَلَمْ يَعْرِضْ

(1) فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 184:1.

(2)

أما القيد الأول فهو قوله: "الناشئ من ذلك الحدث". وأما القيد الثَّانِي فهو قوله: "بتجدده".

(3)

تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 65:1 بتصرف.

(4)

كذا على هامش المخطوطة "أ".

ص: 289

عَلَيْهِ حَدَثٌ آخَرُ.

- وَكَانَ وُضُوؤُه فِي الوَقْتِ لا قَبْلَهُ، وَكَانَ لِحَاجَةٍ (1).

فَحِينئذٍ يَبْقَى وُضُوؤُه فِي الوَقْتِ وَإِنْ قَارَنَ الوُضُوءُ السَّيَلانَ أَوْ سَالَ بَعْدَه، فَيُصَلِّي بِهِ فِي الوَقْتِ (مَا شَاءَ مِنَ الفَرَائِضِ) الوَقْتِيَّةِ وَالفَائِتَةِ (وَالنَّوَافِلِ) وَالوَاجِبَاتِ بِالأَوْلى.

(وَلا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ خُفَّهُ إِلَّا فِي الوَقْتِ) هَذَا إِذَا كَانَ الدَّمُ سَائِلاً عِنْدَ اللُّبْسِ أَوِ الطَّهَارةِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مُنْقَطِعاً عِنْدَهُمَا مَعاً يَمْسَحُ تَمَامَ المُدَّةِ كَالصَّحِيحِ (2).

(وَلا تَجُوزُ إِمَامَتُهُ لِغَيْرِ المَعْذُورِ) بِعُذْرِهِ. فَلَوْ أَمَّ مَعْذُوراً صَحَّ إِنِ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا، كَمَا فِي "السِّرَاجِ" وَ "الفَتْحِ" (3) وَغَيْرِهِمَا. وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ مُجَرَّدَ الاخْتِلافِ مَانِعٌ وَإِنْ كَانَ عُذْرُ الإِمَامِ أَخَفَّ. «كَمَا لَوْ أَمَّ مَنْ بِهِ انْفِلاتُ رِيحٍ ذَا سَلَسِ بَوْلٍ، فَإِنَّ الثَّانِيَ حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ، فَلا يَصِحُّ» ، كَمَا فِي إِمَامَةِ "النَّهرِ"(4). وَتَمَامُهُ فِي "رَدِّ المُحْتَارِ"(5).

(1) أي كمن توضأ لرفع الحدث، لا كمن توضأ على وضوئه للثواب.

(2)

لوجود اللبس على طهارة كاملة.

(3)

فتح: كتاب الصلاة: باب الإمامة، 366:1.

(4)

النهر: كتاب الصلاة: باب الإمامة، 251:1.

(5)

حاشية ابن عابدين: كتاب الطهارة: 324:2، كتاب الصلاة: 590:3.

ص: 290

(ثُمَّ فِي البَقَاءِ) أَيْ: بَعْدَمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَعْذُوراً بِاسْتِيعَابِ عُذْرِهِ الوَقْتَ (لا يُشْتَرَطُ الاسْتِيعَابُ) ثَانِياً (بَلْ يَكْفِي وُجُودُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الحَدَثِ (فِي كُلِّ وَقْتٍ مَرَّةً).

(وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِي وَقْتٍ تَامٍّ) بِأَنِ اسْتَوْعَبَهُ الانْقِطَاعُ حَقِيقَةً (سَقَطَ العُذْرُ مِنْ أَوَّلِ الانْقِطَاعِ) وَالحَاصِلُ: أَنَّ شَرْطَ ثُبُوتِ العُذْرِ اسْتِيعَابُهُ لِلوَقْتِ، وَلَوْ حُكْماً (1). وَشَرْطُ بَقَائِهِ وُجُودُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلَوْ مَرَّةً. وَشَرْطُ زَوَالِهِ تَحَقُّقُ الانْقِطَاعِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ الوَقْتِ.

(حَتَّى لَوِ انْقَطَعَ) بَعْدَ الوَقْتِ (فِي أَثْنَاءِ الوُضُوءِ أَوِ الصَّلاةِ وَدَامَ الانْقِطَاعُ إِلَى آخِرِ الوَقْتِ الثَّانِي يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلاةَ) لِوُجُودِ الانْقِطَاعِ التَّامِّ (وَإِنْ عَادَ قَبْلَ خُرُوجِ الوَقْتِ الثَّانِي لا يُعِيدُ) لِعَدَمِ الانْقِطَاعِ التَّامِّ؛ لِأَنَّ الانْقِطَاعَ لَمْ يَسْتَوعِبِ الوَقْتَ الأَوَّلَ وَلا الثَّانِيَ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي أَثْنَاءِ الوُضُوءِ أَوِ الصَّلاةِ؛ لِأَنَّهُ لَوِ انْقَطَعَ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الصَّلاةِ أَوْ بَعْدَ القُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لا يُعِيدُ لِزَوَالِ العُذْرِ بَعْدَ الفَرَاغِ، كَالمُتَيَمِّمِ إِذَا رَأَىَ المَاءَ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الصَّلاةِ، "بَحْر" (2) عَنِ "السِّرَاجِ". لَكِنَّ قَوْلَهُ:"أَوْ بَعْدَ القُعُودِ" مِنَ المَسَائِلِ الاثْنَيْ

(1) أي: بأن انقطع العذر في زمن يسير لا يمكنه الوضوء والصلاة فيه.

(2)

البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 228:1.

ص: 291

عَشْرِيَّةِ (1) وَفِيهَا الخِلافُ المَشْهُورُ.

(وَلَوْ عَرَضَ) الحَدَثُ ابْتِدَاءً (بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ فَرْضٍ انْتَظَرَ إِلَى آخِرِهِ) رَجَاءَ الانْقِطَاعِ. وَعِبَارَةُ "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(2): «يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ

إلخ».

(فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي، ثُمَّ إِنِ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الوَقْتِ الثَّانِي يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلاةَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدِ اسْتِيعَابُ وَقْتٍ تَامٍّ، فَلَمْ يَكُنْ مَعْذُوراً، وَقَدْ صَلَّى بِالحَدَثِ فَلا يَجُوزُ.

(وَإِنِ اسْتَوْعَبَ) الحَدَثُ (الوَقْتَ الثَّانِيَ لا يُعِيدُ لِثُبُوتِ العُذْرِ حِينَئِذٍ مِنَ ابْتِدَاءِ العُرُوضِ).

وَالحَاصِلُ: أَنَّ الثُّبُوتَ وَالسُّقُوطَ كِلاهُمَا يُعْتَبَرَانِ مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ إِذَا وُجِدَ الاسْتِيعَابُ.

(وَإِنَّمَا قُلْنَا: "مِنْ ذَلِكَ الحَدَثِ" (3) إِذْ لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ آخَرَ) كَبَوْلٍ، وَعُذْرُهُ مُنْقَطِعٌ (فَسَالَ مِنْ عُذْرِهِ نُقِضَ وُضُوؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الوَقْتُ) «لِأَنَّ الوُضُوءَ لَمْ يَقَعْ لِذَلِكَ العُذْرِ حَتَّى لا يَنْتَقِضَ بِهِ، بَلْ وَقَعَ لِغَيْرِهِ.

(1) أي الاختلاف بين الإمام والصاحبين.

(2)

التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل الثاني: في بيان ما يوجب الوضوء، 116:1

(3)

عند قوله: "وحكمه ألا ينتقض وضوؤه من ذلك الحدث".

ص: 292

وَإِنَّمَا لا يَنْتَقِضُ بِهِ مَا وَقَعَ لَهُ»، كَذَا فِي "شَرْحِ مُنْيَةِ المُصلِّي"(1). وَنَحْوُهُ فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(2) وَغَيْرِهَا.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ: «إِنَّ السَّيَلانَ لا يَنْقُضُ وُضُوءَ المَعْذُورِ بَلْ لا بُدَّ مَعَهُ مِنْ خُرُوجِ الوَقْتِ» مُخْتَصٌّ بِمَا إِذَا كَانَ وُضُوؤُهُ مِنْ عُذْرِهِ لا مِنْ حَدَثٍ آخَرَ. (وَإِنْ لَمْ يَسِلْ مِنْ عُذْرِهِ) بَعْدَ وُضُوئِهِ مِنْ غَيْرِهِ (لا يَنْتَقِضُ) وُضُوؤُهُ (وَإِنْ خَرَجَ الوَقْتُ) لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ لَمْ يَعْرِضْ مَا يُنَافِيهَا.

(وَإِنَّمَا قُلْنَا: "بِتَجَدُّدِهِ" (3)، إِذْ لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ عُذْرِهِ فَعَرَضَ حَدَثٌ آخَرُ يَنْتَقِضُ وُضُوؤُهُ فِي الحَالِ) «لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ جَدِيدٌ لَمْ يَكُنْ مَوْجُوداً وَقْتَ الطَّهَارَةِ فَكَانَ هُوَ وَالبَوْلُ وَالغَائِطُ سَوَاءً» ، "بَدَائِع"(4).

(وَإِنْ) تَوَضَّأَ مِنْ عُذْرِهِ وَ (لَمْ يَعْرِضْ) حَدَثٌ آخَرُ (وَلَمْ يَسِلْ مِنْ عُذْرِهِ) عِنْدَ الوُضُوءِ وَلا بَعْدَهُ (لا يُنْقَضُ بِخُرُوجِ الوَقْتِ) لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ. قَالَ فِي "البَحْرِ"(5): «ثُمَّ إِنَّمَا يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ إِذَا تَوَضَّأَ عَلَى

(1) شرح المنية الكبير: فصل في نواقض الوضوء، صـ 136.

(2)

التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل الثاني: في بيان ما يوجب الوضوء، 199:1.

(3)

عند قوله: "وحكمه ألا ينتقض وضوؤه من ذلك الحدث بتجدده".

(4)

بدائع الصنائع: كتاب الطهارة: ما ينقض الوضوء، 128:1 بتصرف.

(5)

البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 227:1.

ص: 293

السَّيَلانِ أَوْ وُجِدَ السَّيَلانُ بَعْدَ الوُضُوءِ، أَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى الانْقِطَاعِ وَدَامَ إِلَى خُرُوجِ الوَقْتِ فَلا يَبْطُلُ بِالخُرُوجِ مَا لَمْ يُحْدِثْ حَدَثاً آخَرَ أَوْ يَسِلْ». انْتَهَى.

(وَإِنْ سَالَ الدَّمُ مِنْ أَحَدِ مِنْخَرَيْهِ فَقَطْ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَالَ مِنْ آخَرَ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ) فِي الحَال لِعُرُوضِ حَدَثٍ آخَرَ غَيْرِ عُذْرِهِ. (وَإِنْ سَالَ مِنْهُمَا فَتَوَضَّأَ فَانْقَطَعَ مِنْ أَحَدِهِمَا لا يَنْتَقِضُ)«مَا دَامَ الوَقْتُ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَه حَصَلَتْ لَهُما جَمِيعاً. وَالطَّهَارةُ مَتَّى وَقَعَتْ لِعُذْرٍ لا يَضُرُّهَا السَّيَلانُ مَا بَقِيَ الوَقْتُ، فَبَقِيَ هُوَ صَاحِبَ عُذْرٍ بِالمِنْخَرِ الآخَرَ» ، "بَدَائِع"(1).

(وَالجُدَرِيُّ)«بِضَمِّ الجِيمِ وَفَتْحِهَا: قُرُوحٌ فِي البَدَنِ تَنَقَّطُ وَتَقَيَّحُ» ، "قَامُوس" (2). (وَالدَّمَامِيلُ) جَمْعُ دُمَّلِ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ المِيمِ مُشَدَّدَةً وَمُخَفَّفَةً: وَهُوَ الخُرَاجُ، "قَامُوس"(3). (قُرُوحٌ) مُتَعَدِّدَةٌ (لا وَاحِدَةٌ. حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ وَبَعْضُهَا) سَائِلٌ وَبَعْضُهَا الآخَرُ (غَيْرُ سَائِلٍ ثُمَّ سَالَ انْتَقَضَ) وُضُوؤُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الوَقْتِ كَمَا مَرَّ فِي المِنْخَرِ. (وَلَوْ تَوَضَّأَ وَكُلُّهَا سَائِلٌ لا يَنْتَقِضُ) مَا لَمْ يَخْرُجِ الوَقْتُ.

(1) بدائع الصنائع: كتاب الطهارة: ما ينقض الوضوء، 128:1.

(2)

القاموس: مادة / جدر / صـ 362.

(3)

القاموس: مادة / دمل / صـ 1000.

ص: 294

(وَلَوْ) تَوَضَّأَ المَعْذُورُ، ثُمَّ (خَرَجَ الوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ يَسْتَأْنِفُ) الصَّلاةَ بَعْدَ الوُضُوءِ (وَلا يَبْنِي) عَلَى مَا صَلَّى مِنْهَا كَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ (لِأَنَّ الانْتِقَاضَ) لَيْسَ بِخُرُوجِ الوَقْتِ بَلْ (بِالحَدَثِ السَّابِقِ حَقِيقَةً) أَيْ: الحَدَثِ المَوْجُودِ حَالَةَ الوُضُوءِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي الوَقْتِ بِشَرْطِ الخُرُوجِ، فَالحَدَثُ مَحْكُومٌ بِارْتِفَاعِهِ إِلَى غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ فَيَظْهَرُ عِنْدَهَا مُقْتَصِراً لا مُسْتَنِداً، كَمَا حَقَّقَهُ فِي "الفَتْح"(1).

(إِلَّا أَنْ يَنْقَطِعَ قَبْلَ الوُضُوءِ وَدَامَ) الانْقِطَاعُ (حَتَّى خَرَجَ الوَقْتُ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلا يَنْتَقِضُ وُضُوؤُهُ وَلا تَفْسُدُ صَلاتُهُ حِينَئِذٍ) كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفاً عَنِ "البَحْرِ".

(وَلَوْ تَوَضَّأَ المَعْذُورُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ ثُمَّ سَالَ عُذْرُهُ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ) صُوْرَتُه كَمَا فِي "الزَّيْلَعِيِّ"(2): «لَوْ تَوَضَّأَ وَالعُذْرُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ خَرَجَ الوَقْتُ وَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ، ثُمَّ جَدَّدَ الوُضُوءَ، ثُمَّ سَالَ الدَّمُ انْتَقَضَ؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الوُضُوءِ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلا يُعْتَدُّ بِهِ» . انْتَهَى. لِأَنَّ الوُضُوءَ الأَوَّلَ لَمْ يَنْتَقِضْ بِخُرُوجِ الوَقْتِ لِمَا عَلِمْتَهُ آنِفاً، وَإِنَّمَا انْتَقَضَ بِالسَّيَلانِ بَعْدَ الوَقْتِ.

(1) فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 181:1.

(2)

تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 66:1 بتصرف.

ص: 295

(وَكَذَا (1) لَوْ تَوَضَّأَ لِصَلاةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا (2)«قَالَ بَعْضُهُمْ: لا يَنْتَقِضُ. وَالأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ، كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ» ، مُصَنِّف (3).

أَقُولُ: عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ هَكَذَا (4): «وَلَوْ تَوَضَّؤُوا؛ أَيْ: أَصْحَابُ الأَعْذَارِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ لِلعَصْرِ يُصَلُّونَ بِهِ العَصْرَ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُمْ لِلعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ كَطَهَارَتِهِمْ لِلظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ وَقَعَتْ لِلظُّهْرِ فَلا تَبْقَى بَعْدَ خُرُوجِهِ» . انْتَهَى.

وَفِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(5): «لا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ» . وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا وَفِي "الزَّيْلَعِيِّ"(6) وَعَامَّةِ الكُتُبِ: «لَوْ تَوَضَّأَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ عِنْدَهُمَا، لا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ أَيْ: لِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ عِنْدَهُ بِدُخُولِ الوَقْتِ، أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلا يَنْتَقِضُ إِلَّا بِالخُرُوجِ وَلَمْ يُوجَدْ» .

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا تَوَضَّأَ فِي وَقْتِ

(1) أي: وينتقض وضوؤه.

(2)

ثم سال عذره.

(3)

كذا على هامش المخطوطة "أ".

(4)

تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 65:1 بتصرف.

(5)

التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل الثاني: في بيان ما يوجب الوضوء، 118:1.

(6)

تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 65:1.

ص: 296

صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لِصَلاةٍ بَعْدَهَا يَنْتَقِضُ لِتَحَقُّقِ خُرُوجِ الوَقْتِ، وَكَذَا لِدُخُولِ الوَقْتِ. وَلِذَا قَالَ فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ":"لا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ". أَمَّا لَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الوَقْتِ فِي وَقْتٍ مُهْمَلٍ، كَمَا لَو تَوَضَّأَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لا يَنْتَقِضُ بِالدُّخُولِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ صَرَّحَ بِحُكْمِ المَسْأَلَتَيْنِ كَذَلِكَ فِي "الهِدَايَةِ"(1)، فَتَنَبَّه.

(وَإِنْ قَدَرَ المَعْذُورُ عَلَى مَنْعِ السَّيَلانِ بِالرَّبْطِ وَنَحْوِهِ يَلْزَمُهُ، وَيَخْرُجُ مِنَ العُذْرِ، بِخِلافِ الحَائِضِ كَمَا سَبَقَ) فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ.

(وَإِنْ سَالَ عِنْدَ السُّجُودِ وَلَمْ يَسِلْ بِدُونِهِ) كَجُرْحٍ بِحَلْقِهِ (يُومِئُ قَائِماً أَوْ قَاعِداً). «لِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ أَهْوَنُ مِنَ الصَّلاةِ مَعَ الحَدَثِ. فَإِنَّ الصَّلاةَ بِإِيمَاءٍ لَهَا وُجُودٌ حَالَةَ الاخْتِيَارِ فِي الجُمْلَةِ، وَهُوَ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَةِ، وَلا تَجُوزُ مَعَ الحَدَثِ بِحَالٍ حَالَةَ الاخْتِيَارِ» ، "فَتْح"(2).

(وَكَذَا لَوْ سَالَ عِنْدَ القِيَامِ) دُونَ القُعُودِ (يُصَلِّي قَاعِداً، كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ القِرَاءَةِ لَوْ قَامَ) لا لَوْ قَعَدَ (يُصَلِّي قَاعِداً) وَيَقْرَأُ؛ لِأَنَّ القُعُودَ فِي مَعْنَى القِيَامِ.

(1) الهداية: كتاب الطهارات، 41:1.

(2)

فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 185:1.

ص: 297

(بِخِلافِ مَنْ) كَانَ بِحَيْثُ (لَوْ اسْتَلْقَى) وَصَلَّى (لَمْ يَسِلْ) وَلَو صَلَّى قَائِماً أَوْ قَاعِداً سَالَ (فَإِنَّهُ لا يُصَلِّي مُسْتَلْقِياً)«لِأَنَّ الصَّلاةَ كَمَا لا تَجُوزُ مَعَ الحَدَثِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ لا تَجُوزُ مُسْتَلْقِياً إِلَّا لَهَا، فَاسْتَوَيَا، وَتَرَجَّحَ الأَدَاءُ مَعَ الحَدَثِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِحْرَازِ الأَرْكَانِ» ، "فَتْح"(1).

(وَمَا أَصَابَ ثَوْبَ المَعْذُورِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَعَلَيْهِ غَسْلُهُ إِنْ كَانَ مُفِيداً) بِأَلا يُصِيبَهُ مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ فِي "الخُلاصَةِ"(2): «وَعَلَيْهِ الفَتْوَى» .

(وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ غَسَلَهُ تَنَجَّسَ ثَانِياً قَبْلَ الفَرَاغِ مِنَ الصَّلاةِ جَازَ أَلا يَغْسِلَهُ) وَهُوَ المُخْتَارُ. «وَقِيلَ: لا يَجِبُ غَسْلُهُ كَالقَلِيلِ لِلضَّرُورَةِ. وَقِيلَ: إِنْ أَصَابَهُ خَارِجَ الصَّلاةِ يَغْسِلُهُ، وَفِيهَا لا؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ.

وَفِي "المُجْتَبَى" قَالَ القَاضِي: لَوْ كَانَ بِحَالٍ يَبْقَى طَاهِراً إِلَى أَنْ يَفْرَغَ لا إِلَى أَنْ يَخْرُجَ الوَقْتُ فَعِنْدَنَا يُصَلِّي بِدُونِ غَسْلٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُقَدَّرَةٌ عِنْدَنَا بِخُرُوجِ الوَقْتِ، وَعِنْدَه بِالفَرَاغِ»، "فَتْح"(3) مُلَخَّصاً.

(1) فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 185:1.

(2)

الخلاصة: كتاب الطهارات: الفصل الثالث في نواقض الوضوء، 16:1.

(3)

فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 185:1.

ص: 298

وَقِيلَ: «إِنْ كَانَ مُفِيداً بِأَلا يُصِيبَهُ مَرَّةً أُخْرَى يَجِبُ، وَإِن كَانَ يُصِيبُهُ مَرَّةً بَعْدَ الأُخْرَى فَلا. وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ» ، "بَحْر" (1). قُلتُ: بَلْ فِي "البَدَائِعِ"(2): «أَنَّهُ اخْتِيَارُ مَشَايِخِنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ» . انْتَهَى. فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى مَا فِي المَتْنِ فَهُوَ أَيْسَرُ عَلَى المَعْذُورِينَ.

وَاللهُ المُيَسِّرُ لِكُلِّ عَسِيرٍ. وَالحَمْدُ للهِ أَوَّلاً وَآخِراً وَظَاهِراً وَبَاطِناً. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَكَانَ الفَرَاغُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ المُبَارَكِ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى - نَهَارَ الاثْنَيْنِ لِثَلاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ الحَرَامِ سَنةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِئَتَيْنِ وَأَلْفٍ عَلَى يَدِ مُؤَلِّفِهِ الفَقِيرِ مُحَمَّد أَمِينِ بنِ عُمَرَ عَابِدِينَ عَفَا عَنْهُمَا آمِينَ. وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَصلَّى اللهُ عَلَى مَنْ لا نَبيَّ بَعْدَهُ. آمِينَ.

(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 227:1.

(2)

بدائع الصنائع: كتاب الطهارة: فصل: ما ينقض الوضوء، 130:1 بتصرف.

ص: 299