الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُعْتَبَرُ كُلُّهُ طُهْراً؛ لِتَرَجُّحِهِ بِكَوْنِهِ طُهْراً صَحِيحاً ظَاهِراً، كَمَا اعْتُبِرَ كُلُّهُ طُهْراً فِيمَا إِذَا نَقَصَا عَنْ ثَلاثِينَ.
[الوَجْهُ الرَّابعُ: رُؤْيَةُ دَمٍ صَحِيحٍ وَطُهْرٍ فاسِدٍ]
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الدَّمُ صَحِيحاً وَالطُّهْرُ فَاسِداً يُعْتَبَرُ الدَّمُ) فِي نَصْبِ العَادَةِ، فَتُرَدُّ إِلَيْهِ فِي زَمَنِ الاسْتِمْرَارِ (لا الطُّهْرُ) بَلْ يَكُونُ طُهْرُهَا فِي زَمَنِ الاسْتِمْرَارِ مَا يَتِمُّ بِهِ الشَّهْرُ، سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُ الطُّهرِ ظَاهِراً وَمَعْنىً، بِأَنْ رَأَتْ خَمْسَةً دَماً وَأَربَعَةَ عَشَرَ طُهْراً ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ، فَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ أَحدَ عَشَرَ تَكْمِلَةَ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَقْعُدُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَذَلِكَ دَأْبُهَا، كَمَا فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(1).
أَوْ كَانَ فَسَادُهُ مَعْنىً فَقَطْ (بِأَنْ رَأَتْ مَثَلاً ثَلاثَةً دَماً، وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْراً، وَيَوْماً دَماً، وَخَمْسَةَ عَشَرَةَ طُهْراً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ) فَهُنَا الثَّلاثَةُ الأُوَلُ دَمٌ صَحِيحٌ، وَمَا بَعْدَهَا إِلَى الاسْتِمْرَارِ طُهْرٌ فَاسِدٌ مَعْنىً؛ لِأَنَّ اليَوْمَ الدَّمَ المُتَوَسِّطَ لا يُمْكِنُ جَعْلُهُ بِانْفِرَادِهِ حَيْضاً، وَلا يُمْكِنُ أَنْ
(1) التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل التاسع في الحيض، 346:1.
يُؤخَذَ لَهُ يَوْمَانِ مِنَ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَه لِتَكُونَ الثَّلاثَةُ حَيْضاً؛ لِأَنَّ الحَيْضَ وَإِنْ جَازَ خَتْمُهُ بِالطُّهْرِ لَكِنْ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الطُّهْرِ دَمٌ وَلَوْ حُكْماً وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الثَّانِيَ لا يُمْكِنُ جَعْلُهُ كَالدَّمِ المُتَوَالِي لِكَوْنِهِ طُهْراً تَامّاً، فَصَارَ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمِ المُتَوَسِّطِ وَدَمِ الاسْتِمْرَارِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ اليَوْمُ المُتَوَسِّطُ مِنَ الطُّهْرِ، فَيَفْسُدُ بِهِ كُلٌّ مِنَ الطُّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا تَامّاً، فَيَكُونُ اليَوْمُ مَعَ الطُّهْرَيْنِ طُهْراً صَحِيحاً ظَاهِراً فَاسِداً مَعْنىً؛ لِأَنَّ وَسَطَهُ دَمٌ تُصَلِّي فِيهِ.
وَلِهَذَا اشْتُرِطَ فِي الطُّهْرِ الصَّحِيحِ أَلا يَشُوبَهُ دَمٌ فِي أَوَّلِهِ وَلا فِي وَسَطِهِ وَلا فِي آخِرِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي المُقَدِّمَةِ. وَإِذَا فَسَدَ لَمْ يَصْلُحْ لِنَصْبِ العَادَةِ.
فَحِينَئِذٍ (الثَّلاثَةُ الأُولَى حَيْضٌ، وَالبَاقِي طُهْرٌ إِلَى الاسْتِمْرَارِ، ثُمَّ تَسْتَأْنِفُ، فَثَلاثَةٌ مِنَ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ حَيْضٌ) عَلَى عادَتِهَا فِيهِ (وَسَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ) بَقِيَّةُ الشَّهْرِ (طُهْرٌ، وَذَلِكَ دَأْبُهَا).
(وَلَوْ كَانَ الطُّهْرُ الثَّانِي) فِي الصُّورَةِ المَذْكُورَةِ (أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ) وَهِيَ بَعْدَ الثَّلاثَةِ الحَيْضِ (وَحَيْضُهَا الثَّانِي يَبْتَدِئُ مِنَ الدَّمِ المُتَوَسِّطِ) بَيْنَ الطُّهْرَيْنِ وَهُوَ اليَوْمُ الدَّمُ (إِلَى ثَلاثَةٍ) بِأَنْ يُضَمَّ
إِلَى ذَلِكَ اليَوْمِ يَوْمَانِ مِنَ الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الطُّهْرَ لَمَّا كَانَ نَاقِصاً عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ لَمْ يَصْلُحْ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمِ المُتَوَسِّطِ وَدَمِ الاسْتِمْرَارِ، فَكَانَ كَالدَّمِ المُتَوَالِي فَأَمْكَنَ أَخْذُ يَوْمَيْنِ مِنْهُ لِتَكْمِلَةِ عَادَتِهَا فِي الحَيْضِ، بِخِلافِ مَا مَرَّ، كَمَا أَفَادَهُ فِي "التَّاتَارْخَانِيَّةِ"(1).
(ثُمَّ طُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ) اثْنَا عَشَرَ مِنهَا بَقِيَّةُ الطُّهْرِ الثَّانِي، وَثَلاثَةٌ مِنْهَا مِنْ أَوَّلِ الاسْتِمْرَارِ، فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّلِهِ ثَلاثَةً، ثُمَّ تَقْعُدُ ثَلاثَةً أَيْضاً، ثُمَّ تُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ (وَذَلِكَ دَأْبُهَا) مَا دَامَ الاسْتِمْرَارُ رَدّاً إِلَى عَادَتِهَا فِي حَيْضِ ثَلاثَةٍ، وَطُهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ.
(إِذْ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ فَرَضْنَا الطُّهْرَ الثَّانِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (يَكُونُ الدَّمُ وَالطُّهْرُ الأَوَّلُ) الَّذِي بَعْدَهُ (صَحِيحَيْنِ فَيَصْلُحَانِ لِنَصْبِ العَادَةِ) أَمَّا الدَّمُ - وَهُوَ الثَّلاثَةُ الأُولَى - فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا الطُّهْرُ - وَهُوَ الخَمْسَةَ عَشَرَ - فَلِكَوْنِهِ طُهْراً تَامّاً لَمْ يُخَالِطْهُ دَمٌ فَاسِدٌ وَوَقَعَ بَيْنَ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ.
(1) التاتارخانية: كتاب الطهارة: الفصل التاسع في الحيض، 348:1.