الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفَصْلُ الثَّانِي): (فِي) بَيانِ
أَحْكَامِ (المُبْتَدَأَةِ
وَالمُعْتَادَةِ) المُتَقَدِّمِ تَعْرِيفُهُمَا فِي النَّوْعِ الأَوَّلِ مِنَ المُقَدِّمَةِ.
[أَحْكامُ المُبْتَدَأَةِ]
(أَمَّا الأُوْلَى: فَكُلُّ مَا رَأَتْ) أَيْ: كُلُّ دَمٍ رَأَتْهُ (حَيْضٌ) إِنْ لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ (وَنِفَاسٌ) الوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (إِلَّا مَا جَاوَزَ أَكْثَرَهُمَا) أَيْ: العَشَرَةَ وَالأَرْبَعِينَ.
(وَلا تَنْسَ) مَا مَرَّ فِي آخِرِ المُقَدِّمَةِ أَعْنِي (كَوْنَ الطُّهْرِ النَّاقِصِ) عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً (كَالمُتَوَالِي) أَيْ: كَالدَّمِ المُتَّصِلِ بِمَا قَبْلَهُ وَبِمَا بَعْدَهُ، فَلا يَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ مُطْلَقاً، وَيُجْعَلُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ حَيْضاً، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ بَدْءُ الحَيْضِ أَوْ خَتْمُهُ بِالطُّهْرِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي المُقَدِّمَةِ.
(فَإِنْ رَأَتْ سَاعَةً) أَيْ: حِصَّةً مِنَ الزَّمَانِ (دَماً ثُمَّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً طُهْراً ثُمَّ سَاعَةً دَماً) فَهَذَا طُهْرٌ نَاقِصٌ وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ دَمَيْنِ فَلا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا، بَلْ يَكُونُ كَالدَّمِ المُتَوَالِي. وَحِينَئِذٍ (فَالعَشَرَةُ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ: مَا رَأَتْ (حَيْضٌ) يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا بِهِ، "فَتْح"(1).
(1) فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 172:1.
(فَتَغْتَسِلُ) عِنْدَ تَمَامِ العَشَرَةِ (1) وَإِنْ كَانَ عَلَى طُهْرٍ (2)(وَتَقْضِي صَوْمَهَا) إِنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ.
(فَيَجُوزُ خَتْمُ حَيْضِهَا) أَيْ: المُبْتَدَأَةِ (بِالطُّهْرِ) كَمَا فِي هَذَا المِثَالِ (لا بَدْؤُهَا) لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي يُجْعَلُ كَالدَّمِ المُتَوَالِي لا بُدَّ أَنْ يَقَعَ بَيْنَ دَمَيْنِ، فَيَلْزَمُ فِي المُبْتَدَأَةِ جَعْلُ الأَوَّلِ مِنْهُمَا حَيْضاً بِالضَّرُورَةِ بِخِلافِ المُعْتَادَةِ؛ فَإِنَّ الدَّمَ الأَوَّلَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ أَيَّامِ عَادَتِهَا فَيُجْعَلُ الطُّهْرُ الوَاقِعُ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا هُوَ الحَيْضَ وَحْدَهُ؛ وَلِذَا جَازَ بَدْءُ حَيْضِهَا وَخَتْمُهُ بِالطُّهْرِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ المُصَنِّفُ.
(وَلَوْ وَلَدَتْ) أَيْ: المُبْتَدَأَةُ (فَانْقَطَعَ دَمُهَا) بَعْدَ سَاعَةٍ مَثَلاً (ثُمَّ رَأَتْ آخِرَ الأَرْبَعِينَ) أَيْ: فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا (دَماً فَكُلُّهُ نِفَاسٌ) لِمَا مَرَّ فِي المُقَدِّمَةِ أَنَّ الطُّهْرَ المُتَخَلِّلَ فِي الأَرْبَعِينَ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيراً كُلُّهُ نِفَاسٌ؛ لِأَنَّ الأَرْبَعِينَ فِي النِّفَاسِ كَالعَشَرَةِ فِي الحَيْضِ، وَجَمِيعُ مَا تَخَلَّلَ فِي العَشَرَةِ حَيْضٌ فَكَذَا فِي الأَرْبَعِينَ.
(1) لأنها عالمة بالمسألة إما ابتداء قبل رؤية الدم، أو بعدها بالتعلم من المفتي مثلاً؛ للزوم فرضية علم الحال. زاد المتزوجين ق 23/ب.
(2)
وهذا نص صريح على وجوب الاغتسال عند الخروج من الحيض الحكمي وإن لم تر فيه الدم، ومثله الخروج من النفاس الحكمي.
- (وَإِنِ انْقَطَعَ فِي آخِرِ ثَلاثِينَ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ) مِنْ حِينِ الوِلادَةِ (فَالأَرْبَعُونَ نِفَاسٌ) لِجَوَازِ خَتْمِهِ بِالطُّهْرِ كَالحَيْضِ، وَيَكُونُ الدَّمُ الثَّانِي اسْتِحَاضَةً؛ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لا يَتَوَالى حَيْضٌ وَنِفاسٌ، بَلْ لا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ تَامٍّ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُوجَدْ.
- (وَإِنْ عَادَ بَعْدَ تَمَامِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَالنِّفَاسُ ثَلاثُونَ فَقَطْ) لِأَنَّ الطُّهْرَ هُنَا تَامٌّ بَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَيَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ، فَلا يُمْكِنُ جَعْلُهُ كَالمُتَوَالِي، بِخِلافِ المَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ. وَحِينَئِذٍ فَإِنْ بَلَغَ الدَّمُ الثَّانِي نِصَاباً فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِلَّا فَاسْتِحَاضَةٌ.
وَلا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ (1) مِنْ أَنَّ الطُّهْرَ لا يَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فِي النِّفَاسِ وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الدَّمَيْنِ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَهُنَا الدَّمُ الثَّانِي وَقَعَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ. وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الطُّهْرُ تَامّاً فَصَلَ، وَإِلَّا فَلا، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ آخِرَ المُقَدِّمَةِ.
(1) في النوع الثاني من المقدمة: أحكام الطهر الفاسد في النفاس.