الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن على الرغم من هذا الاهتمام من جانب السلاطين فقد ظهر في هذه الفترة بعضُ أصحاب البِدَع والخرافات والأفكار الخاطئة، وكان للإمام البِرْكِوِي دورٌ بارِز في محاربتهم ورِّدهِم، وهاجمهم داحضاً حُججَهُم بالكتابِ والسُنَّة، وألَّفَ كتابَه "الطريقة المحمدية" محاولاً من خلاله إرشاد الناس إلى الطريق الصحيح في العبادات والمعاملات.
صفاته وأخلاقه:
لقد أجمع المترجمون للإمام البِرْكِوِي على نَعتِه بالصفات الحميدة، وعظم قدره، ومنزلته العلمية، فقال صاحب العقد المنظوم:
((وممن تعانى العلم والعمل وحصل وكمل فالتحق في شبابه بالمشايخ الكمل، الشيح محي الدين الشهير ببيركيلو، كان أبوه رجلاً علَمَاً من أصحاب الزوايا، ولا غرو فيه فإنَّ الزوايا خبايا، ونشأ المرحوم - أي الإمام البِرْكِوِي - في طلب المعارف والعلوم، ووصل إلى مجلس العظام، ودخل محافل الكرام، وعكف على التحصيل والإفادة من أفاضل السادة، ثم غلب عليه الزهدُ والصلاح، ولاحَ في جبينه آياتُ الفوزِ والفلاح، فتحوَّلَ عن مضايق الشكوك إلى مسارح السلوك
…
، وكان رحمه الله في طرفٍ عالٍ من الفضل والكمال، وتتبُّعِ الكتب والرسائل، وجمعِ
القواعدِ والمسائل، وجمع العلم وتبحَّرَ فيه، وحوى من الفضل والمعرفة ما يكفيه
…
، وكان رحمه الله آيةً في الزهد والصيانة، ونهاية في الورع والديانة
…
، متمسكاً بما هو أتم وأقوى، قائماً على الحق في كل مكان، يرد على من خالف الشريعة كائناً من كان، لا يهاب أحداً لعلوِّ رُتبَتِه، وسُمُوِّ منزلَتِه، جاء في آخر عمره إلى قسطنطينية ودخل مجلس الوزير محمد باشا وكلَّمَهُ في قمع الظلم، ودفع المظالم بكلماتٍ أحدَّ من السيوف الصوارم، وملأ بفرائد المواعظ ذلك النادي، ولكن لا حياة لمن ينادي)).
وكان الإمام البِرْكِوِي سيفاً مسلولاً على أصحاب الباطل، وكان لا يخشى في قولِ الحقِّ لومةَ لائم، خاصة فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث كان يَنتقِدُ بعضَ رجال الدين والدولة إذا رأى منهم قصوراً، أو خللاً في أعمالهم، وكان يتَّصِفُ بالنزاهة والعِزَّة، ولم يُقدِّم تأليفاً علمياً إلى أحد كبار الدولة لينال العطاء والثناء كما كان يفعلُ معاصروه من العلماء والأدباء.
ومما يُؤكِّدُ ذلك ما ذكرَتهُ كتبُ التراجم من نشوبِ نقاشٍ طويل وجدالٍ عنيف بين الإمام البِرْكِوِي وشيخ الإسلام أبي السعود أفندي، وكان يَشغَلُ منصِبَ الإفتاء آنذاك، في مسألةِ الوقف، وقد اتهمه بعضُ علماءِ عصرِه بأنه أرادَ أن ينالَ الشُّهرَةَ بانتقادِه لشيخ الإسلام، علماً بأنَّ