الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفَصْلُ السَّادِسُ): (فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ) الثَّلاثَةِ (المَذْكُورَةِ).
(أَمَّا أَحْكَامُ الحَيْضِ فَاثْنَا عَشَرَ) عَلَى مَا فِي "النِّهَايَةِ" وَغَيْرِهَا، وَأَوْصَلَهَا فِي "البَحْرِ"(1) إِلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ (ثَمَانِيَةٌ يَشْتَرِكُ فِيهَا النِّفَاسُ) وَأَرْبَعَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالحَيْضِ، وَجَعَلَهَا فِي "البَحْرِ"(2) خَمْسَةً.
[الأَحْكامُ المُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الحَيْضِ وَالنِّفاسِ]
(الأَوَّلُ): مِنَ المُشْتَرَكَةِ (حُرْمَةُ الصَّلاةِ) فَرْضاً، أَوْ وَاجِباً، أَوْ سُنَّةً، أَوْ نَفْلاً (وَالسَّجْدَةِ) وَاجِبَةً كَانَتْ كَسَجْدَةِ التِّلاوَةِ، أَوْ لا كَسَجْدَةِ الشُّكْرِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:(مُطْلَقاً). (وَعَدَمُ وُجُوبِ الوَاجِبِ) يَعُمُّ المَكْتُوبَاتِ وَالوِتْرِ (مِنْهَا أَدَاءً وَقَضَاءً) أَيْ: مِنَ الصَّلاةِ. وَكَذَا سَجْدَةُ التِّلاوَةِ فَلا تَجِبُ عَلَى الحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِالتِّلاوَةِ أَوِ السَّمَاعِ.
(لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهَا إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَتَجْلِسَ عِنْدَ مَسْجِدِ بَيْتِهَا) هُوَ مَحَلٌّ عَيَّنَتْهُ لِلصَّلاةِ فِيهِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ المَسْجِدِ، وَإِنْ صَحَّ اعْتِكَافُ المَرْأَةِ فِيهِ (مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُ
(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 203:1 - 204.
(2)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 204:1.
أَدَاءُ الصَّلاةِ فِيهِ تُسَبِّحُ وَتَحْمَدُ؛ لِئَلا تَزُولَ عَنْهَا عَادَةُ العِبَادَةِ) وَفِي رِوايَةٍ: يُكْتَبُ لَهَا أَحْسَنُ صَلاةٍ تُصَلِّي.
(وَالمُعْتَبَرُ) فِي حُرْمَةِ الصَّلاةِ وَعَدَمِ وُجُوبِهَا (فِي كُلِّ وَقْتٍ آخِرُهُ مِقْدَارَ التَّحْرِيمَةِ، أَعْنِي: قَوْلَهَا "اللهُ") بِدُونِ "أَكْبَرُ" عِنْدَ الإِمَامِ (1).
(فَإِنْ حَاضَتْ فِيهِ (2) سَقَطَ عَنْهَا الصَّلاةُ) أَدَاءً وَقَضَاءً (3)(وَكَذَا إِذَا انْقَطَعَ فِيهِ يَجِبُ قَضَاؤُهَا) هَذَا إِذَا انْقَطَعَ لِأَكْثَرِ مُدَّةِ الحَيْضِ، وَإِلَّا فَلا يَجِبُ القَضَاءُ مَا لَمْ تُدْرِكْ زَمَناً يَسَعُ الغُسْلَ أَيْضاً. (وَقَدْ سَبَقَ فِي فَصْلِ الانْقِطَاعِ).
(وَكَمَا) الكَافُ لِلمُفَاجَأَةِ؛ أَيْ: أَوَّلُ مَا (رَأَتْ الدَّمَ تَتْرُكُ الصَّلاةَ، مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً) هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ المَشَايِخِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الأُصُولِ: لا تَتْرُكُ المُبْتَدَأَةُ مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ الدَّمُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ فِي "البَحْرِ"(4): «وَالصَّحِيحُ الأَوَّلُ كَالمُعْتَادَةِ» .
(1) أي: أبو حنيفة.
(2)
أي: في وقت الصلاة.
(3)
ولا إثم عليها.
(4)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 225:1 بتصرف.
(وَكَذَا) تَتْرُكُ الصَّلاةَ:
- (إِذَا جَاوَزَ عَادَتَهَا فِي عَشَرَةٍ) قَالَ فِي "المُحِيطِ"(1): «وَهُوَ الأَصَحُ، وَهُوَ قَوْلُ المَيْدَانِيِّ. وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ: تُؤْمَرُ بِالاغْتِسَالِ وَالصَّلاةِ إِذَا جَاوَزَ عَادَتَهَا» . وَأَمَّا إِذَا زَادَ عَلَى العَشَرَةِ فَلا تَتْرُكُ بَلْ تَقْضِي مَا زَادَ عَلَى العَادَةِ، كَمَا يَأْتِي.
- (أَوِ ابْتَدَأَ) الدَّمُ (قَبْلَهَا) أَيْ: قَبْلَ العَادَةِ. فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلاةَ كَمَا رَأَتْهُ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ العَادَةِ (إِلَّا إِذَا كَانَ البَاقِي مِنْ أَيَّامِ طُهْرِهَا مَا لَوْ ضُمَّ إِلَى حَيْضِهَا جَاوَزَ العَشَرَةَ).
(مَثَلاً): (امْرَأَةٌ عَادَتُهَا فِي الحَيْضِ سَبْعَةٌ وَفِي الطُّهْرِ عِشْرُونَ. رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ طُهْرِهَا دَماً تُؤْمَرُ بِالصَّلاةِ إِلَى عِشْرِينَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا تَرَى أَيْضاً فِي السَّبْعَةِ أَيَّامٍ عَادَتَهَا، فَإِذَا رَأَتْ قَبْلَ عَادَتِهَا خَمْسَةً يَزِيدُ الدَّمُ عَلَى العَشَرَةِ؛ وَإِذَا زَادَ عَلَيْهَا تُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا. فَلا يَجُوزُ لَهَا تَرْكُ الصَّلاةِ قَبْلَ أَيَّامِ عَادَتِهَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
وَقَالَ المُصَنِّفُ (2): «هَكَذَا أَطْلَقُوا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إِذَا لَمْ
(1) المحيط البرهاني: كتاب الطهارات: الفصل الثامن في الحيض، 271:1.
(2)
كذا على هامش المخطوطة "أ".
يَسَع البَاقِي مِنَ الطُّهْرِ أَقَلَّ الحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَإِلَّا فَلا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ عَادَتُهَا ثَلاثَةٌ فِي الحَيْضِ وَأَرْبَعُونَ فِي الطُّهْرِ إِذَا رَأَتْ بَعْدَ العِشْرِينَ تُؤْمَرُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ». انْتَهَى؛ أَيْ: لِأَنَّ مَا تَرَاهُ بَعْدَ العِشْرِينَ لَوِ اسْتَمَرَّ حَتَّى بَلَغَ ثَلاثاً يَكُونُ حَيْضاً قَطْعاً؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ، وَمَا بَعْدَ هَذِهِ الثَّلاثِ إِلَى أَيَّامِ العَادَةِ طُهْرٌ صَحِيحٌ أَيْضاً، فَيَكُونُ فَاصِلاً بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَلا يُضَمُّ إِلَى الدَّمِ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ فَلا يَكُونُ الثَّانِي مُجَاوِزاً لِلعَشَرَةِ حَتَّى تُرَدَّ لِعَادَتِهَا.
(وَلَوْ رَأَتْ بَعْدَ سَبْعَةَ عَشَرَ تُؤْمَرُ بِتَرْكِهَا) مِنْ حِينَ رَأَتْ؛ لِأَنَّ عَادَتَهَا سَبْعَةٌ وَقَدْ رَأَتْ قَبْلَهَا ثَلاثَةً فَلَمْ يَزِدْ عَلَى العَشَرَةِ. فَيُحْكَمُ بِانْتِقَالِ العَادَةِ وَلا يُنْظَرُ إِلَى احْتِمَالِ أَنْ تَرَى أَيْضاً بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا فَتُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا وَتَكُونُ الثَّلاثةُ اسْتِحَاضَةً؛ لِأَنَّهُ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ فَلِذَا تَتْرُكُ الصَّلاةَ فِيهَا، تَأَمَّلْ.
(ثُمَّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: "وَكَمَا رَأَتْ الدَّمَ تَتْرُكُ الصَّلاةَ"(إِذَا انْقَطَعَ قَبْلَ الثَّلاثَةِ) أَيْ: لَمْ يَبْلُغْ أَقَلَّ مُدَّةِ الحَيْضِ (أَوْ جَاوَزَ العَشَرَةَ فِي المُعْتَادَةِ تُؤْمَرُ بِالقَضَاءِ) أَمَّا المُبْتَدَأَةُ فَلا تَقْضِي شَيْئاً مِنَ العَشَرَةِ وَإِنْ جَاوَزَهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ العَشَرَةِ يَكُونُ حَيْضاً لِعَدَمِ عَادَةٍ تُرَدُّ إِلَيْهَا.
(وَإِنْ سَمِعَتْ آيَةَ السَّجْدَةِ) أَوْ تَلَتْهَا (لا سَجْدَةَ عَلَيْهَا) لِعَدَمِ الأَهْلِيَّةِ.
(وَالثَّانِي): مِنَ الأَحْكَامِ (حُرْمَةُ الصَّوْمِ مُطْلَقاً) فَرْضاً أَوْ نَفْلاً (لَكِنْ يَجِبُ قَضَاءُ الوَاجِبِ مِنْهُ. فَإِنْ رَأَتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ - وَلَوْ قُبَيْلَ الغُرُوبِ - فَسَدَ صَوْمُهَا مُطْلَقاً) فَرْضاً أَوْ نَفْلاً (وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ) لِأَنَّ النَّفْلَ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ (وَكَذَا لَوْ شَرَعَتْ فِي صَلاةِ التَّطُّوعِ أَوْ السُّنَّةِ [فَحَاضَتْ] تَقْضي) لِمَا قُلْنَا فَلا فَرْقَ بَيْنَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ أَوِ الصَّلاةِ.
أَقُولُ: وَهَذَا هُوَ المَذْكُورُ فِي "المُحِيطِ"(1) وَغَيْرِهِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا صَدْرُ الشَّرْيعَةِ (2) فَلَمْ يُوجِبْ فِي الصَّوْمِ. وَصَرَّحَ فِي "البَحْرِ"(3) بِأَنَّ مَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِمَا فِي "الفَتْحِ"(4) وَ "النِّهَايَةِ" وَ "الْإِسْبِيجَابِي" مِنْ عَدَمِ الفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُهُ فِي "الدُّرِّ"(5).
(وَ) لَوْ شَرَعَتْ (فِي صَلاةِ الفَرْضِ) فَحَاضَتْ (لا) تَقْضِي؛ لِأَنَّ صَلاةَ الفَرْضِ لا تَجِبُ بِالشُّرُوعِ، وَقَدْ أَسْقَطَ الشَّارِعُ عَنْهَا أَدَاءَهَا،
(1) لم نجد المذكور هنا في نسخة المحيط البرهاني التي بين أيدينا، ولعله محيط السرخسي.
(2)
شرح الوقاية: كتاب الطهارة: باب الحيض، 28:1.
(3)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 216:1.
(4)
فتح: كتاب الصوم: فصل في العوارض، 360:2.
(5)
الدر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 268:2 (مطبوع مع حاشية ابن عابدين).
وَكَذَا قَضَاءَهَا لِلحَرَجِ. بِخِلافِ صَوْمِ الفَرْضِ فَإِنَّهُ وَاجِبُ القَضَاءِ.
(وَكَذَا إِذَا أَوْجَبَتْ) بِالنَّذْرِ (عَلَى نَفْسِهَا صَلاةً أَوْ صَوْماً فِي يَوْمٍ فَحَاضَتْ فِيهَا) الأَوْلَى فِيهِ؛ أَيْ: فِي اليَوْمِ (يَجِبُ القَضَاءُ) لِصِحَّةِ النَّذْرِ (وَلَوْ أَوْجَبَتْهَا فِي أَيَّامِ الحَيْضِ) بِأَنْ قَالَتْ: «للهِ عَلَيَّ صَوْمٌ، أَوْ صَلاةُ كَذَا فِي يَوْمِ حَيْضِي» (لا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ) لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّذْرِ.
(وَالثَّالِثُ): (حُرْمَةُ قِرَاءَةِ القُرآنِ وَلَوْ دُونَ آيَةٍ) كَمَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ "الهِدَايَةِ"(1) وَقَاضِي خَانُ، وَهُوَ قَوْلُ الكَرْخِيِّ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ:«يُبَاحُ مَا دُونَهَا» ، وَصَحَّحَهُ فِي "الخُلاصَةِ" (2). وَرَجَّحَ فِي "البَحْرِ" الأَوَّلَ (3)؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لا تَقْرَأ الحَائِضُ وَلا الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ» (4). (إِذَا قَصَدَتْ القِرَاءَةَ).
(1) الهداية: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 39:1.
(2)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل الحادي عشر في القراءة، 104:1.
(3)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 209:1.
(4)
الترمذي، الجامع الصحيح، كتاب الطهارة: باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأن القرآن: رقم (131).
- ابن ماجه، السنن، كتاب الطهارة وسننها: باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة: رقم (596).
- الدارمي، السنن، كتاب الطهارة: باب الحائض تذكر الله ولا تقرأ القرآن: رقم (998).
(فَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ) بَلْ قَصَدَتِ الثَّنَاءَ أَوِ الذِّكْرَ (فَفِي الآيَةِ الطَّوِيلَةِ كَذَلِكَ) أَيْ: تَحْرُمُ. وَهَذَا هُوَ المَفْهُومُ مِنْ أَكْثَرِ الكُتُبِ كَـ "المُحِيطِ"(1) وَ "الخُلاصَةِ"(2) فَاخْتَارَهُ المُصَنِّفُ.
(وَ) أَمَّا عَدَمُ قَصْدِ القِرَاءَةِ (فِي القَصِيرَةِ) قَالَ فِي "الخُلاصَةِ"2: «كَمَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ الكَلامِ (كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ نَظَرَ}) [المدثر:21] أَوْ {لَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3]» (أَوْ مَا دُونَ الآيَةِ كَـ {بِسْمِ اللهِ} لِلتَّيمُّنِ) عِنْدَ ابْتِدَاءِ أَمْرٍ مَشْرُوعٍ (وَ {الحَمْدُ للهِ} لِلشُّكْرِ فَيَجُوزُ) كَذَا فِي "الخُلاصَةِ"2. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَصْدَ التَّيَمُّنِ أَوِ الشُّكْرِ فِي {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَ {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:1] لا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ كُلاًّ آيَةٌ تَامَّةٌ غَيْرُ قَصِيرَةٍ إِلَّا الَّتِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ فَإِنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ.
لَكِنْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ (3): «بِأَنَّهُ لا بَأْسَ بِذَلِكَ بِالاتِّفَاقِ» . وَنَقَلَ فِي "الفَتْحِ" كَلامَ "الخُلاصَةِ" ثُمَّ قَالَ (4): «وَغَيْرُهُ؛ أَيْ: غَيْرُ صَاحِبِ "الخُلاصَةِ"، لَمْ يُقَيِّدْ عِنْدَ قَصْدِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ بِمَا دُونَ الآيَةِ، فَصَرَّحَ
(1) المحيط البرهاني: كتاب الطهارات: الفصل الثامن في الحيض، 244:1.
(2)
الخلاصة: كتاب الحيض: الفصل الأول في المقدمة، 230:1.
(3)
تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 57:1.
(4)
فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 168:1.
بِجَوَازِ قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ عَلَى وَجْهِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ». انْتَهَى. وَفِي "العُيُونِ" لِأَبِي اللَّيْثِ (1): «وَلَو قَرَأَ الفَاتِحَةَ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ، أَوْ شَيْئاً مِنَ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ، وَلَمْ يُرِدْ بِها القِرَاءَةَ، فَلا بَأْسَ بِهِ» . انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الحَلْوَانيُّ.
وَفِي "غَايَةِ البَيَانِ": «أَنَّهُ المُخْتَارُ» . لَكِنْ قَالَ الهِنْدُوَانيُّ: «لا أُفْتِي بِهَذَا، وَإِن رُوِيَ عَن أَبِي حَنِيفَةَ» . انْتَهَى. وَمَفْهُومُ مَا فِي "العُيُونِ" أَنَّ مَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الدُّعَاءِ كَسُورَةِ أَبِي لَهَبٍ لا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ الدُّعَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَفْهُومُ الرِّوايَةِ مُعْتَبَرٌ (2).
وَرَجَّحَ فِي "البَحْرِ"(3) مَا قَالَهُ الهِنْدُوَانِيُّ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ المُصَنِّفُ هُنَا. لَكِنْ حَيْثُ عَلِمْتَ أَنَّ الجَوَازَ مَرْوِيٌّ عَنْ صَاحِبِ المَذْهَبِ، وَرَجَّحَهُ الإِمَامُ الحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَهُوَ المُتَبَادِرُ مِنْ كَلامِ "الفَتْحِ" السَّابِقِ (4).
(1) عيون المسائل: باب الاستحسان: قراءة الجنب صـ 475.
(2)
أي: أن مفهوم المخالفة معتبر في عبارات كتب الفقه. فيصح العمل بمفهوم عبارات الكتب الفقهية، ولكن بشرط ألا يكون ذلك المخالف معارضاً لصريح العبارات الأخرى.
(3)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 209:1.
(4)
ويستفاد من هذا أنه يجوز للحائض والنفساء قراءة المعوذتين بنية الدعاء، أو الحفظ من السوء قبل النوم.
(وَالمُعَلِّمَةُ) إِذَا حَاضَتْ وَمِثْلُهَا الجُنُبُ كَمَا فِي "البَحْرِ"(1) عَنِ "الخُلاصَةِ"(2)(تُقَطِّعُ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ) هَذَا قُوْلُ الكَرْخِيِ. وَفِي "الخُلاصَةِ"2 وَ "النِّصَابِ": «وَهُوَ الصَّحِيحُ» . وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: «تُعَلِّمُ نِصْفَ آيَةٍ وَتَقْطَعُ، ثُمَّ تُعَلِّمُ نِصْفَ آيَةٍ» ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الحُرْمَةَ مُقَيَّدَةٌ بِآيَةٍ تَامَّةٍ كَمَا فِي "النِّهَايَةِ".
لَكِنْ اعْتَرَضَهُ فِي "البَحْرِ"(3) بِأَنَّ الكَرْخِيَّ يَمْنَعُ مِمَّا دُونَ نِصْفِ آيَةٍ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الكَلِمَةِ. وَأَجَابَ فِي "النَّهْرِ" (4):«بِأَنَّهُ وَإِنْ مَنَعَ دُونَ نِصْفِ آيَةٍ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا بِهِ يُسَمَّى قَارِئاً، وَبِالكَلِمَةِ لا يُعَدُّ قَارِئاً» . انْتَهَى.
وَلِذَا قَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا: «إِنَّ مُرَادَ الكَرْخِيِّ مَا دُونَ الآيَةِ مِنَ المُرَكَّبَاتِ، لا المُفْرَدَاتِ؛ لِأَنَّهُ جَوَّزَ لِلمُعَلِّمَةِ تَعْلِيمَهُ كَلِمَةً كَلِمَةً» . انْتَهَى. وَتَمَامُهَ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى "البَحْرِ"(5).
(وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ) «لِأَنَّ الكُلَّ كَلامُ
(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 211:1.
(2)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل الحادي عشر في القراءة، 104:1.
(3)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 211:1.
(4)
النهر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 134:1 بتصرف.
(5)
منحة الخالق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 210:1 - 211.
اللهِ تَعَالَى إِلَّا مَا بُدِّلَ مِنْهَا»، "زَيْلَعِيّ"(1). «وَهُوَ الصَّحِيحُ، خِلافاً لِمَا فِي "الخُلاصَةِ" (2) مِن عَدَمِ الكَرَاهَةِ» ، كَمَا فِي "شَرْحِ المُنْيَةِ"(3)، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى "البَحْرِ"(4). وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَتِلاوَتُهُ مِنَ القُرْآنِ كَذَلِكَ بِالأَوْلى؛ إِذ لا تَبْدِيلَ فِيهِ، خِلافاً لِمَا بَحَثَهُ الخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (5).
(وَغَسْلُ الفَمِ لا يُفِيدُ) حِلَّ القِرَاءَةِ. وَكَذَا غَسْلُ اليَدِ لا يُفِيدُ حِلَّ المَسِّ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي "البَحْرِ"(6) عَنْ "غَايَةِ البَيَانِ".
(وَلا يُكْرَهُ):
- (التَّهَجِّي) بِالقُرْآنِ حَرْفاً حَرْفاً، أَوْ كَلِمَةً كَلِمَةً مَعَ القَطْعِ كَمَا مَرَّ.
- (وَ) لا (قِرَاءَةُ القُنُوتِ) فِي ظَاهِرِ المَذْهَبِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (وَ) لا (سَائِرُ الأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ) لَكِنْ «فِي "الهِدَايَةِ" (7) وَغَيْرِهَا فِي بَابِ الأَذَانِ اسْتِحْبَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى. وَتَرْكُ المُسْتَحَبِّ لا يُوجِبُ الكَرَاهَةَ» ، "بَحْر"(8).
(1) تبيين الحقائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 57:1.
(2)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل الحادي عشر في القراءة، 104:1.
(3)
شرح المنية الكبير: فروع إن أجنبت المرأة صـ 60 بتصرف.
(4)
منحة الخالق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 210:1.
(5)
الفتاوى الخيرية لنفع البرية: كتاب الطهارة، 5:1.
(6)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 213:1.
(7)
الهداية: كتاب الصلاة: باب الأذان، 53:1.
(8)
البحر الرائق: كتاب الطهارة: باب الحيض، 210:1.
- (وَ) لا (النَّظَرُ إِلَى المُصْحَفِ)«لِأَنَّ الجَنَابَةَ لا تَحِلُّ العَيْنَ» ، "فَتْح"(1).
(وَالرَّابِعُ): (حُرْمَةُ مَسِّ مَا كُتِبَ فِيهِ آيَةٌ تَامَّةٌ) فَلا يُكْرَهُ مَا دُونَهَا كَمَا فِي "القُهُسْتَانِيِّ"(2). قُلتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الخِلافُ المَارُّ فِي القِرَاءَةِ بِالأَوْلَى؛ لِأَنَّ المَسَّ يَحْرُمُ بِالحَدَثِ الأَصْغَرِ بِخِلافِ القِرَاءَةِ فَكَانَتْ دُونَهُ، تَأَمَّلْ. وَفِي "الدُّرِ" (3):«وَاخْتَلَفُوا فِي مَسِّهِ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ، وَالمَنْعُ أَصَحُّ» . (وَلَوْ دِرْهَماً أَوْ لَوْحاً).
(وَ) مَسِّ (كُتُبِ الشَّرِيعَةِ: كَالتَّفْسِيرِ وَالحَدِيثِ وَالفِقْهِ)«لِأَنَّهَا لا تَخْلُو مِنْ آيَاتِ القُرْآنِ، وَهَذَا التَّعْليلُ يَمْنَعُ مَسَّ شُرُوحِ النَّحْوِ أَيْضاً» ، "فَتْح" (4). «لَكِنْ فِي "الخُلاصَةِ" (5):"يُكْرَهُ مَسُّ كُتُبِ الأَحَادِيثِ وَالفِقْهِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَهُمَا، وَعِندَ أَبِي حَنِيفَةَ الأَصَحُّ أَنَّهُ لا يُكْرَهُ". وَفِي "الدُّرَرِ وَالغُرَرِ"(6): "رُخِّصَ المَسُّ بِاليَدِ فِي الكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَّا التَّفْسِيرَ". وَفِي
(1) فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 168:1.
(2)
جامع الرموز: كتاب الطهارة: فصل الحيض، 54:1.
(3)
الدر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 581:1 (مطبوع مع حاشية ابن عابدين).
(4)
فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 169:1.
(5)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل الحادي عشر في القراءة، 104:1.
(6)
درر الحكام: كتاب الطهارة، 17:1.
"السِّرَاجِ": وَالمُسْتَحَبُ أَلا يَأْخُذَهَا بِالكُمِّ أَيْضاً، بَلْ يَتَوَضَّأُ كُلَّمَا أَحْدَثَ. وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى التَّعْظِيمِ». انْتَهَى، "بَحْر"(1).
(وَ)[حُرْمَةُ مَسِّ](بَيَاضِهِ وَجِلْدِهِ المُتَّصِلِ بِهِ) هَذَا خَاصٌّ بِالمُصْحَفِ (2). فَفِي "السِّرَاجِ": «لا يَجُوزُ مَسُّ آيَةٍ فِي لَوْحٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ حَائِطٍ (3)، وَيَجُوزُ مَسُّ غَيْرِ مَوْضِعِ الكِتَابَةِ بِخِلافِ المُصْحَفِ؛ فَإِنَّ الكُلَّ فِيهِ تَبَعٌ لِلقُرْآنِ. وَكَذَا كُتُبُ التَّفْسِيرِ لا يَجُوزُ مَسُّ مَوْضِعِ القُرْآنِ مِنْهَا، وَلَهُ أَنْ يَمَسَّ غَيْرَهُ كَذَا فِي "الإِيضَاحِ"» . انْتَهَى. وَأَقَرَّهُ فِي "البَحْرِ"(4).
(وَلَوْ مَسَّهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ (بِحَائِلٍ مُنْفَصِلٍ) كَجِلْدٍ غَيْرِ مَخِيطٍ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الفَتْوَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ بِالمُتَّصلِ بِهِ، كَمَا فِي
(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 212:1 بتصرف.
(2)
المراد بالمصحف مطلق ما كتب فيه آية تامة، وليس كما يتبادر إلى الذهن أن المقصود به هو القرآن الكريم.
(3)
هذا إذا كان مكتوب على اللوح أو الدرهم أو الحائط كلاماً مع الآية القرآنية، وإلا فاللوح والدرهم والحائط يعد مصحفاً ويحرم مس جميعه، ويلحق بهم الطاسات التي يشربون بها الماء فهي من قبيل الألواح؛ حيث يكتب فيها القرآن فلا يجوز للمحدث ولا للجنب مسها، ومثلها سائر الأواني. نهاية المراد: ما يحرم بالحيض والنفاس والجنابة، صـ 197 بتصرف.
(4)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 211:1.
"السِّرَاجِ". (وَلَوْ كُمَّهُ جَازَ) وَمَا ذَكَرَهُ فِي الكُمِّ هُوَ مَا فِي "المُحِيطِ"(1)، لَكِنْ فِي "الهِدَايَةِ" (2):«الصَّحِيحُ الكَرَاهَةُ» . وَفِي "الخُلاصَةِ"(3): «وَكَرَّهَهُ عَامَّةُ المَشَايِخِ» . قَالَ فِي "البَحْرِ"(4): «فَهُوَ مَعَارِضٌ لِمَا فِي "المُحِيطِ"، فَكَانَ هُوَ أَوْلَى» . وَفِي "الفَتْحِ"(5): «المُرَادُ بِالكَرَاهَةِ: التَّحْرِيمِيَّةُ» (6).
(وَيَجُوزُ مَسُّ مَا فِيهِ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ) قَالَ ابْنُ الهُمَامِ (7): «وَأَمَّا مَسُّ مَا فِيهِ ذِكْرٌ فَأَطْلَقَهُ عَامَّةُ المَشَايِخِ، وَكَرَّهَهُ بَعْضُهُمْ» . قَالَ فِي "الهِدَايَةِ"(8): «وَيُكْرَهُ المَسُّ بِالكُمِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ» . وَقَالَ فِي "الكَافِي" وَ "المُحِيطِ"(9): «وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ» ، ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلَهُ فَاخْتَرْنَاهُ. (وَلَكِنْ لا يُسْتَحَبُّ).
(1) المحيط البرهاني: كتاب الطهارات: الفصل الثامن في الحيض، 243:1.
(2)
الهداية: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 39:1.
(3)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل الحادي عشر في القراءة، 104:1.
(4)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 212:1.
(5)
فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 169:1.
(6)
ذكر في الحاشية:" أن التقييد بالكم اتفاقي، فإنه لا يجوز مسه بغير الكم أيضاً ببعض ثياب البدن". حاشية ابن عابدين: كتاب الطهارة: باب الحيض، 277:2. وعلى هذا يكره تحريماً على المرأة حال الحدث الأصغر والجنابة والحيض والنفاس تعليق القلائد التي يكتب عليها آيات قرآنية؛ لأنها تكون ماسة لها ببعض ثياب البدن وهو غير جائز. فليتنبه.
(7)
فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 168:1 - 169.
(8)
الهداية: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 39:1.
(9)
المحيط البرهاني: كتاب الطهارات: الفصل الثامن في الحيض، 243:1.
(وَلا تَكْتُبُ) الحَائِضُ (القُرْآنَ، وَلا الكِتَابَ الَّذِي فِي بَعْضِ سُطُورِهِ آيَةٌ مِنَ القُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ تَقْرَأْ) شَمَلَ مَا إِذَا كَانَ الصَّحِيفَةُ عَلَى الأَرْضِ. فَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ (1): «لا يَجُوزُ» . وَقَالَ القُدُورِيُّ: يَجُوزُ. قَالَ فِي "الفَتْحِ"(2): «وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ مَاسٌّ بِالقَلَمِ. وَهُوَ وَاسِطَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَكَانَ كَثَوْبٍ مُنْفَصِلٍ، إِلَّا أَنَّ يَمَسَّهُ بِيَدِهِ» .
(وَغَسْلُ اليَدِ لا يَنْفَعُ) فِي حِلِّ المَسِّ. هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا مَرَّ.
(وَالخَامِسُ): (حُرْمَةُ الدُّخُولِ فِي المَسْجِدِ) وَلَوْ لِلعُبُورِ بِلا مُكْثٍ (إِلَّا فِي الضَّرُورَةِ: كَالخَوْفِ مِنَ السَّبُعِ أَوِ اللِّصِّ أَوِ البَرْدِ أَوِ العَطَشِ، وَالأَوْلَى) عِنْدَ الضَّرُورَةِ (أَنْ تَتَيَمَّمَ ثُمَّ تَدْخُلَ).
(وَيَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ مُصَلَّى العِيدِ) وَالجَنَازَةِ لِمَا فِي "الخُلاصَة"(3) مِنْ أَنَّ «الأَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُما حُكْمُ المَسْجِدِ» . انْتَهَى. إِلَّا فِي صِحَّةِ الاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الصُّفُوفُ مُتَّصِلةً كَمَا فِي "الخانِيَّةِ"(4). (وَزِيَارَةُ القُبُورِ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ تَدْخُلَ.
(1) خزانة الفقه: كتاب الطهارات والوضوء: باب الحيض: أحكام الحيض، صـ 110.
(2)
فتح: كتاب الطهارات: باب الحيض والاستحاضة، 169:1.
(3)
الخلاصة: كتاب الصلاة: الفصل السادس والعشرون في المسجد وما يتصل به 227:1.
(4)
الخانية: كتاب الطهارة: فصل في المسجد، 68:1.
(وَالسَّادِسُ): (حُرْمَةُ الطَّوَافِ) وَلَوْ فَعَلَتْ صَحَّ وَأَثِمَتْ وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ (1).
(وَالسَّابِعُ): (حُرْمَةُ الجِمَاعِ وَاسْتِمْتَاعِ مَا تَحْتَ الإِزَارِ) يَعْنِي: مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ وَلَوْ بِلا شَهْوَةٍ. وَحَلَّ مَا عَدَاهُ مُطْلَقاً.
«وَهَلْ يَحِلُّ النَّظَرُ (2) وَمُبَاشَرَتُهَا لَهُ (3)؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ» ، كَذَا فِي "الدُّرِّ"(4). وَرَفَعْنَا التَّرَدُّدَ فِي حَوَاشِينَا (5) عَلَيْهِ بِحِلِّ الثَّانِي (6) دُونَ الأَوَّلِ (7).
(وَتَثْبُتُ الحُرْمَةُ بِإخْبَارِهَا) وَحَرَّرَ فِي "البَحْرِ"(8): «أَنَّ هَذَا إِذَا كَانَتْ عَفِيفَةً، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا، أَمَّا لَوْ فَاسِقَةً وَلَمْ يَغْلِبْ صِدْقُهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا لا يُقْبَلُ قَوْلُهَا اتَّفَاقاً» .
(1) يجب عليها دم بدنة إن طافت طواف الإفاضة، أما إن طافت طواف القدوم أو الوداع أو للتطوع أو طواف العمرة فعليها دم شاة، وإن أعادت الطواف على طهارة سقط الدم.
(2)
أي: النظر إلى ما تحت الإزار.
(3)
وهي أن تلمس بجميع بدنها - إلا ما تحت الإزار - جميع بدنه.
(4)
الدر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 273:2 (مطبوع مع حاشية ابن عابدين).
(5)
حاشية ابن عابدين: كتاب الطهارة: باب الحيض، 273:2.
(6)
أي: مباشرتها له.
(7)
أي: النظر إلى ما تحت الإزار.
(8)
البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 207:1 بتصرف.
(وَإِنْ جَامَعَهَا طَائِعَيْنِ أَثِمَا وَعَلَيْهِمَا التَّوْبَةُ وَالاسْتِغْفَارُ) وَلَوْ أَحَدُهُمَا طَائِعاً وَالآخَرُ مُكْرَهاً أَثِمَ الطَّائِعُ وَحْدَهُ، "سِرَاج". (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ إِنْ كَانَ) الجِمَاعُ (فِي أَوَّلِ الحَيْضِ، وَبِنِصْفِهِ إِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ) أَوْ وَسَطِهِ، كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الدَّمُ أَحْمَرَ فَدِينَارٌ، أَوْ أَصْفَرَ فَبِنِصْفِهِ، "سِرَاج".
قَالَ في "البَحْرِ"(1): «وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ: "إِذَا وَاقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ إِنْ كَانَ دَماً أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِن كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ"» (2). انْتَهَى. قَالَ فِي "السِّرَاجِ": وَهَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ الظَّاهِرُ الأَوَّلُ. وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ.
(وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ) وَكَذَا مُسْتَحِلُّ وَطْءِ الدُّبُرِ عِنْدَ الجُمْهُورِ، "مُجْتَبَى". وَقِيلَ: لا فِي المَسْأَلَتَيْنِ. «وَهُوَ الصَّحِيحُ» ، "خُلاصَة"(3). وَعَلَيْهِ
(1) البحر: كتاب الطهارة: باب الحيض، 207:1.
(2)
الحاكم، المستدرك على الصحيحين، 278:1.
- أبو داود، السنن، كتاب الطهارة، باب في إتيان الحائض، رقم (265).
- الترمذي، الجامع الصحيح، كتاب الطهارة، باب ما جاء في كفارة إتيان الحائض، رقم (137).
(3)
الخلاصة: كتاب ألفاظ الكفر، 388:4.