المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من نذر شيئا فعجز عنه - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: ‌باب من نذر شيئا فعجز عنه

‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

2444 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلا يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَقَالَ:«مَا هَذَا؟» ، قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ.

فَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ عز وجل لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ» ، ثمَّ أمَرَهُ فَرَكِبَ.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنِ ابْنِ سَلامٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، كِلاهُمَا عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ

وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ

ص: 26

أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا، فَقِيلَ: إِنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدْنَةً» ، وَيُرْوَى:«وَلْتُهْدِ هَدْيًا» .

2445 -

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بُوَيْهِ الزَّرَّادُ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ، نَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلانِيُّ، أَنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرْ أُخْتَكَ، فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ»

قُلْتُ: نَذْرُهَا تَرْكَ الاخْتِمَارِ مَعْصِيَةٌ، لأَنَّ سَتْرَ الرَّأْسِ وَاجِبٌ عَلَى

ص: 27

الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِيهِ نَذْرُهَا، وَكَذَلِكَ الْحَفَاءُ، وَلَوْ نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ حَافِيًا، فَلا يَلْزَمُ الْحَفَاءُ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْعَابِ الْبَدَنِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إِلا أَنْ يَعْجَزَ، فَيَرْكَبُ مِنْ حَيْثُ عَجَزَ، وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمِيقَاتِ.

وَإِذَا رَكِبَ لِعَجْزٍ، هَلْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ دَمَ شَاةٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلا عَلَى وَجْهِ الاحْتِيَاطِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ، وَحَيْثُ أَمَرَ فَاسْتِحْبَابٌ، كَمَا رُوِيَ:«وَلْتُهْدِ بَدَنَة» ، وَلا تَجِبُ الْبَدَنَةُ لُزُومًا.

وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.

قَوْلُهُ: «وَلْتَصُمْ ثَلاثةَ أَيَّامٍ» أَرَادَ: عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْهَدْيِ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْهَدْيِ وَالصَّوْمِ كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، إِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، وَتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.

وَلَوْ حَجَّ رَاكِبًا لِغَيْرِ عَجْزٍ، فَقَدْ قِيلَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ فِي الْقَضَاءِ يَمْشِي بِقَدْرِ مَا رَكِبَ، وَيَرْكَبُ بِقَدْرِ مَا مَشَى، وَقِيلَ وَهُوَ الأَصَحُّ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ رَكِبَ لِلْعَجْزِ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَحَمَّادٌ: إِذَا عَجَزَ رَكِبَ، ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَيَرْكَبُ مَا مَشَى، وَيَمْشِي مَا رَكِبَ.

وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مَاشِيًا حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ فِي الْحَجِّ حَتَّى تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ عَقْدًا وَوَطْأً وَهُوَ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَفِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَحْلِقَ.

وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ إِتْيَانَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، أَوِ الْعُمْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ مَوْضِعًا مِنَ الْحَرَمِ سَمَّاهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ إِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَيْهِ وَإِتْيَانَهُ إِذَا لَمْ

ص: 28

يُصَرِّحْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ إِذَا أَتَاهُ فَحَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ، أَوِ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ، وَلَوْ نَذَرَ إِتْيَانَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوِ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى يلَزْمُهُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ نَذَرَ إِتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ إِذَا أَتَاهُ يَعْتَكِفُ فِيهِ، أَوْ يُصَلِّي، أَوْ إِذَا أَتَى مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ يَزُورُ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الإِتْيَانُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يأْتِيَ مَسْجِدًا آخَرَ سِوَى هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ، لَا يَلْزَمُهُ الإِتْيَانُ، لَا خِلافَ فِيهِ، بِخِلافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لأَنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِوُجُوبِ الْمَصِيرِ إِلَيْهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِلْحَجِّ، أَوِ الْعُمْرَةِ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ، لأَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَصَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ الثَّلاثَةَ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فِي قَوْلِهِ:" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا ".

فَعَلَى هَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ لَا يَخْرُجُ عَنِ النَّذْرِ إِذَا صَلَّى فِي

ص: 29

غَيْرِهَا مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلَّيَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ إِذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلا يَخْرُجُ إِذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» .

وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَلا يَخْرُجُ عَنْ نَذْرِهِ بِالصَّلاةِ فِي غَيْرِهِ.

وَلَوْ نَذَرَ أنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، يَخْرُجُ عَنِ النَّذْرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّ رَجُلا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ:«صَلِّ هَهُنَا» ، ثُمَّ عَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«صَلِّ هَهُنَا» ، ثُمَّ عَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:«شَأْنُكَ إِذًا» ، وَلَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ إِلَى الْبَيْتِ، وَنَوَى مَسْجِدًا مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ عَيْنِهِ يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ، وَلا يَجُوزُ وَضْعُهُ فِي غَيْرِ فُقَرَاءِ ذَلِكَ الْبَلَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ وُلِدَ لِي ذَكَرٌ أَنْ أَنْحَرَ عَلَى رَأْسِ بُوَانةَ عِدَّةً مِنَ الْغَنَمِ، قَالَ:«هَلْ بِهَا مِنْ هَذِهِ الأوْثَانِ؟» قَالَ: لَا.

قَالَ: «فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَ بِهِ لِلَّهِ» ،

ص: 30

وَبُوَانَةُ أَسْفَلَ مَكَّةَ دُونَ يَلَمْلَمَ، يُقَالُ: كَانَ السَّائِلُ كَرْدَمُ بْنُ سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى أَهْلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ بَدَنَةٍ جَعَلَتْهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: الْبُدْنُ مِنَ الإِبِلِ، وَمَحَلُّ الْبُدْنِ الْبَيْتُ الْعَتِيقِ، إِلا أَنْ تَكُونَ سَمَّتْ مَكَانًا مِنَ الأَرْضِ، فَلْتَنْحَرْهَا حَيْثُ سَمَّتْ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَدَنَةً، فَبَقَرَةً، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَقَرَةً، فَعَشْرًا مِنَ الْغَنَمِ، ثُمَّ جِئْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدٌ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَقَرَةً، فَسَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ، ثُمَّ جِئْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَالِمٌ، ثُمَّ جِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَالِمٌ.

قَالَ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: مَنْ نَذَرَ بَدَنَةً، فَإِنَّهُ يُقَلِّدُهَا نَعْلَيْنِ، وَيُشعِرُهَا، ثُمَّ يَسُوقُهَا حَتَّى يَنْحَرَهَا عِنْدَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، أَوْ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ، لَيْسَ لَهَا مَحل دُونَ ذَلِكَ، وَمَنْ نَذَرَ جَزُورًا مِنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ، فَلْيَنْحَرْهَا حَيْثُ شَاءَ.

ص: 31