الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فَلا يَعْصِهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ مَالِكٍ
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً يَلْزَمُهُ الْوَفَاءَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ، وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً، فَلا يَجُوزُ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَلا تَلْزَمُهُ بِهِ الْكَفَّارَةُ، إِذْ لَوْ كَانَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ، لأَشْبَهَ أَنْ يَبِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الأَكْثَرِينَ.
بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ
2441 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخَرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا عَمْرٌو هُوَ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنَ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ، وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ
القَدَرَ، فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنَ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ
2442 -
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تَنْذِرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ، كَرِهُوا النَّذْرَ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَفَاءِ بِهِ أَجْرٌ إِنْ كَانَ طَاعَةً.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى نَهْيِهِ عَنِ النَّذْرِ إِنَّمَا هُوَ التَّأْكِيدُ لأَمْرِهِ،
وَتَحْذِيرُ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى لَا يُفْعَلَ، لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ، وَإِسْقَاطُ لُزِومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلِبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا، وَلا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرًّا، وَلا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ.
يَقُولُ: فَلا تَنْذِرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللَّهُ لَكُمْ، أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْه بِالْوَفَاءِ، فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لازِمٌ لَكُمْ.
هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ وَوَجْهُهُ.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيةً، وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ:«وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ وُجُوبُ اسْتِخْرَاجِهِ مِنْ مَالِهِ، وَفِي قَوْلِهِ:«إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنَ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ قَدَّرَهُ لَهُ» اسْتِدْلالٌ لِمَنْ قَالَ: إِنَّ النَّذْرَ إِنَّمَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ رَقَبَةً، وَإِنْ قَدِمَ غَائِبِي، أَوْ سَلِمَ مَالِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا، وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: النَّذْرُ وَعْدٌ عَلَى شَرْطٍ، فَكُلُّ نَاذِرٍ وَاعِدٌ، وَلَيْسَ كُلُّ وَاعِدِ نَاذِرًا.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّقًا بِشَيْءٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَلَمْ يَقُلْ نَذْرًا، فَعَلَيْهِ الْمَشْيُ، أَفْتَى بِهِ سَعِيدُ بْنُ المسيِّبِ.