الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ
2533 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، نَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ، قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ، جَدَعْنَاهُ، وَمَنْ أَخْصَى عَبْدَهُ، أَخْصَيْنَاهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحُرِّ إِذَا قَتَلَ عَبْدًا، أَوْ قَطَعَ طَرَفًا مِنْهُ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْحُرَّ يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ
قَتَلَ عَبْدَ نَفْسِهِ، أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ عَبْدَ نَفْسِهِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قَتَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ.
وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ الْحَدِيثَ، فَكَانَ يَقُولُ: لَا يُقْتَلُ حُرٌ بِعَبْدٍ.
وَمَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ الْقِصَاصَ تَأَوَّلَ الْحَدِيثَ، وَحَمَلَهُ عَلَى الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ دُونَ الإِيجَابِ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْ كَانَ عَبْدًا لَهُ، وَقَدْ أَعْتَقَهُ.
وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَوْلَى إِذَا قَتَلَ مُعْتِقَهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ.
وَذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ طَرَفَ الْحُرِّ لَا يُقْطَعُ بِطَرَفِ الْعَبْدِ، فَثَبَتَ بِهَذَا الاتِّفَاقِ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ، وَالرَّدْعِ، أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْقِصَاصَ يَجْرِي فِي الأَطْرَافِ عَلَى السَّلامَةِ عَلَى حسب مَا يُجْرَى فِي النُّفُوسِ، فَيُقْطَعُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ، وَلا يُقْطَعُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، وَلا الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَيُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ، وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا كَمَا يُقْتَلُ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيُّ.
وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ: تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ.
وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَأَبُو
الزِّنَادِ، عَنْ أَصْحَابِهِ.
وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الْقِصَاصُ» .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي فِي الأَطْرَافِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَلا بَيْنَ الْعَبِيدِ، وَلا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، إِنَّمَا يُجْرَى بَيْنَ حُرَّيْنِ أَوْ حُرَّتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ إِلا أَنَّ الْعَبْدَ إِنْ قَتَلَ الْحُرَّ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ.
وَقَالَ الْحَكَمُ: لَا يُقَادُ الْعَبْدُ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَرْحٍ عَمْدٍ وَلا خَطَإٍ إِلا فِي قَتْلٍ عَمْدٍ.
وَذَكَرَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
أَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ الأَطْرَافُ فِي السَّلامَةِ، فَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعِ شَلاءَ، وَيَدُ الْقَاطِعِ صَحِيحَةً، فَلا قِصَاصَ بِالاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ شَلاءَ، وَيَدُ الْمَقْطُوعِ سَلِيمَةً، فَالْمَقْطُوعُ يَدُهُ لَهُ الْخِيَارُ بِالاتِّفَاقِ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنْ يَدِهِ الشَّلاءِ، وَلا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْقِصَاصَ، وَأَخَذَ دِيَةَ يَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْمَقْطُوعِ نَاقِصَةً بِأُصْبُعٍ، وَيَدُ الْقَاطِعِ كَامِلَةَ الأَصَابِعِ، فَلا يُقْتَصُّ مِنْ يَدِهِ، وَلَكِنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَقِطَ أَرْبَعَةً مِنْ أَصَابِعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ نَاقِصَةً بِأُصْبُعٍ، وَيَدُ الْمَقْطُوعِ كَامِلَةً، فَلَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ، وَيَأْخُذُ دِيَةَ أُصْبُعٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا قَطَعَ يَدَهُ فَلا شَيْءَ لَهُ مِنَ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ شَلاءَ، فَرَضِيَ بِقَطْعِهَا.
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي
الأَطْرَافِ بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ غُلامًا لأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلامٍ لأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَى أَهْلُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أُنَاسٌ فُقَرَاءُ.
فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ شَيْئًا.
قَالَ الإِمَامُ: وَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّ الْغُلامَيْنِ كَانَا حُرَّيْنِ، وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، أَوْ كَانَا غَيْرَ بَالِغَيْنِ، وَدِيَةُ الْخَطَإِ تَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ، فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِمْ.
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَانِي لَوْ كَانَ عَبْدًا، كَانَ الأَرْشُ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ، وَلا يبْطُلُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِ أَهْلِهِ، وَإِذَا جَنَى عَبْدٌ عَلَى عَبْدٍ، أَوْ عَلَى حُرٍّ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، أَوْ عَفَا عَلَى الْمَالِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُوجِبُهُ، أَوْ أَتْلَفَ مَالا يَتَعَلَّقُ الأَرْشُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي، فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي، أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ، فَبِيعَ، فَإِنْ وَفَّى ثَمَنُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ يُسَلَّمُ إِلَى وَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ كَانَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْجَانِي، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِلا ذَلِكَ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ مَوْلاهُ، عُتِقَ، وَعَلَى الْمَوْلَى أَقَلُّ الأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ ضَمَانُ جِنَايَتِهِ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ فِي الْعَبْدِ يَقْتُلُ خَطَأً ثُمَّ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ، قَالَ: الدِّيَةُ عَلَى السَّيِّدِ، وَيُقْتَلُ الْمُكَاتَبُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ بِالْعَبْدِ الْقِنِّ، وَالْعَبْدُ بِهِمَا، لأَنَّهُمَا رَقِيقَانِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» .
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبَعْضُهُمْ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالُوا:«لَا يُقَادُ وَاحِدٌ مِنَ الْوَالِدَيْنِ بِالْوَلَدِ، وَلا يُحَدُّ بِقَذفِهِ، وَيُقَادُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، وَيُحَدُّ بِقَذْفِهِ» ، وَيُرْوَى عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:«لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ» .
2534 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رَمْثَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَى أَبِي الَّذِي بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: دَعْنِي أُعَالِجُ الَّذِي بِظَهْرِكَ، فَإِنِّي طَبِيبٌ.
فَقَالَ: «أَنْتَ رَفِيقٌ» .
وقَالَ