الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ
قَالَ سبحانه وتعالى فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} [العنكبوت: 29]، قِيلَ: يَعْنِي: سَبِيلَ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: تَعْتَرِضُونَ النَّاسَ فِي الطُّرُقِ لِطَلَبِ الْفَاحِشَةِ.
2593 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرْبَنْدُ كُشَائِيُّ، أَنا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ السِّجْزِيُّ، أَنا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ، نَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ، وَالْمَفْعُولَ بِهِ»
2593 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ، وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ، يَعْنِي: لابْنِ عَبَّاسٍ: مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ قَالَ ذَلِكَ إِلا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلَ
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ حَدَّ الْفَاعِلَ حَدُّ الزِّنَا، إِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُرْجَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا يُجْلَدُ مِائَةً.
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَيُحْكَى أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ.
وَعَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، رَجُلا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، لأَنَّ التَّمْكِينَ مِنَ الدُّبُرِ لَا يُحْصِنُهَا، فَلا يَلْزَمُهَا بِهِ حَدُّ الْمُحْصَنَاتِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَرَوَى حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُرْجَمَ مَرَّتَيْنِ لَرُجِمَ اللُّوطِيُّ، وَالْقَوْلُ الآخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، كَمَا جَاءَ فِي
الْحَدِيثِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يُعَزَّرُ، وَلا يُحَدُّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي اللِّوَاطَةِ:«أَنَّهُ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ» .
وَقَدْ قِيلَ فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِمَا: هَدْمُ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: رَمْيُهُمَا مِنْ شَاهِقٍ، كَمَا فُعِلَ بِقَوْمِ لُوطٍ.
أَمَّا إِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ، فَالْحَدِيثُ فِيهِ لَا يُعْرَفُ إِلا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلا حَدَّ عَلَيْهِ» ، وَهَذَا أَصَحُّ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَمْرٌو صَدُوقٌ، وَلَكِنْ رَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ مَنَاكِيرُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عِكْرِمَةَ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ عَارَضَ هَذَا الْحَدِيثَ نَهْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ إِلا لِمَأْكَلَةٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عُقُوبَةِ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُعَزَّرُ، قَالَهُ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَالْقَوْلُ الآخَرُ: أَنَّهُ زَنَى، يُرْجَمُ إِنْ كَانَ الْفَاعِلُ مُحْصَنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا يُجْلَدُ مِائَةً.
يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُجْلَدُ مِائَةً، أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يُقْتَلُ إِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا جَاءَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ دَرَأَ عَنْهُ إِمَامٌ الْقَتْلَ، فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَدْرَأَ عَنْهُ جَلْدَ مِائَةٍ.