المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فرض الجهاد - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: ‌باب فرض الجهاد

يُقَالُ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، لأَنَّ نَفَسَهُ إِنَّمَا يَخْرُجُ بِتَنَفُّسِهِ مِنْ فِيهِ وَأَنْفِهِ، غَلَبَ أَحَدُ الاسْمَيْنِ عَلَى الآخَرِ، وَالْقَعْصُ: أَنْ يُضْرَبَ، فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ، وَالْمَآبُ: الْمَرْجِعُ، مَعْنَاهُ: اسْتَوْجَبَ حُسْنَ الْمَآبِ.

‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التَّوْبَة: 41]، قِيلَ: مَعْنَاهُ: مُوسِرِينَ وَمُعْسِرِينَ.

وَقِيلَ: خَفَّتْ عَلَيْكُمُ الْحَرَكَةُ أَوْ ثَقُلَتْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: أَرَادَ نِشَاطًا وَغَيْرَ نِشَاطٍ.

يَعْنِي جَمْعَ نَشِيطٍ، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التَّوْبَة: 39]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} [النِّسَاء: 71]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَرَايَا مُتَفَرِّقِينَ، وَوَاحِدُ الثُّبَاتِ: ثُبَةٌ.

2636 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 370

النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، نَا يَحْيَى، نَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ:«لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا»

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ، وَهَذَا حَدِيثٌ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ.

ص: 371

وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ مَنْدُوبَةً فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ غَيْرَ مَفْرُوضَةٍ، وَذلِكَ قَوْلُ اللَّهِ سبحانه وتعالى:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النِّسَاء: 100]، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ، أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ وَالانْتِقَالِ إِلَى حَضْرَتِهِ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَيَتَظَاهَرُوا إِنْ حَزَبَهُمْ أَمْرٌ، وَلِيَتَعَلَّمُوا مِنْهُ أَمْرَ دِينَهُمْ، وَقَطَعَ اللَّهُ الْوِلايَةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [

ص: 372

الْأَنْفَال: 72]، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ، عَادَ أَمْرُ الْهِجْرَةِ مِنْهَا إِلَى النَّدْبِ وَالاسْتِحْبَابِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:«لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَهُمَا هِجْرَتَانِ، فَالْمُنْقَطِعَةُ هِيَ الْفَرْضُ، وَالْبَاقِيَةُ هِيَ النَّدْبُ.

قَالَ الإِمَامُ: الأَوْلَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ:«لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ» أَرَادَ بِهِ: مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَقَوْلُهُ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ» أَرَادَ بِهَا هِجْرَةَ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ تِلْكَ الدَّارَ، وَيَخْرُجَ مِنْ بَيْنِهِمْ إِلَى دَارِ الإِسْلامِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُقِيمٍ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا» .

ص: 373

وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ، وَسَكَنَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ مِثْلُهُ» .

وَقَوْلُهُ: «إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» فِيهِ إِيجَابُ النَّفِيرِ، وَالْخُرُوجُ إِلَى الْغَزْوِ إِذَا وَقَعَتِ الدَّعْوَةُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى فَرْضِ الْعَيْنِ، وَإِلى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَفَرْضَ الْعَيْنِ: أَنْ يَدْخُلَ الْعَدُوُّ دَارَ قَوْمٍ مِنَ الْمُؤْمِنيِنَ، أَوْ يَنْزِلُ بِبَابِ بَلَدِهِمْ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مِنَ الرِّجَالِ مِمَّنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ الْخُرُوجُ إِلَى غَزْوِهِمْ، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا، دَفْعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنْ جِيرَانِهِمْ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ عَنْهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ تَقَعِ الْكِفَايَةُ بِمَا نَزَلَ بِهِمْ يَجِبُ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَوْنُهُمْ، وَإِنْ وَقَعَتِ الْكِفَايَةُ بِالنَّازِلِينَ بِهِمْ، فَلا فَرْضَ عَلَى الأَبْعَدِينَ إِلا عَلَى طَرِيقِ الاخْتِيَارِ وَالاسْتِحْبَابِ، وَلا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَسْمِ الْعَبِيدُ، وَالْفُقَرَاءُ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ قَارِّينَ فِي بِلادِهِمْ، وَلا يَقْصِدُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا بَلَدًا مِنْ بِلادِهِمْ، فَعَلَى الإِمَامِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ سَنَةً مِنْ غَزْوَةٍ يَغْزُوهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِسَرَايَاهُ حَتَّى لَا يَكُونَ الْجِهَادُ مُعَطَّلا، وَالاخْتِيَارُ لِلْمُطِيقِ لِلْجِهَادِ مَعَ

ص: 374