المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ". وَقَالَ عَبْدُ - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ". وَقَالَ عَبْدُ

مُؤْمِنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ".

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ: شَهِدْنَا حُنَيْنًا.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ

وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ:«قَتَلَ رَجُلٌ نَفْسَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم»

‌بَابُ القِصَاصِ

قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [الْبَقَرَة: 178] قَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ القِصَاصُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي

ص: 157

الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [الْبَقَرَة: 178]، أَيْ: تُرِكَ لَهُ، وَصُفِحَ عَنْهُ، فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، وَيَتْرُكَ الْقِصَاصُ.

وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [الْبَقَرَة: 178]، أَيْ: مَنْ جُعِلَ لَهُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ، يَعْنِي: الْقَاتِلَ دِيَةٌ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [الْبَقَرَة: 178]، يَعْني: يَتَّبعُ الطَّالِبُ بِالْمَعْرُوفِ، فَلا يَطْلُبُ أَكْثَرَ مِمَّا أُوجِبَ لَهُ مِنَ الدِّيةِ، وَيُؤَدِّي الْمَطْلُوبَ بِإِحْسَانٍ، وَقِيلَ:{مِنْ أَخِيهِ} [الْبَقَرَة: 178] يَعْنِي بَدَلَ أَخِيهِ الْمَقْتُولِ، كَمَا قَالَ عز وجل:{وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ} [الزخرف: 60]، أَيْ: بَدَلَكُمْ.

{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [الْبَقَرَة: 178] مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الْبَقَرَة: 178] قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ.

وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [الْبَقَرَة: 179]، أَرَادَ أَنَّ الْقَاتِلَ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ يُقَصُّ مِنْهُ، كَفَّ عَنِ الْقَتْلِ، فَفِيهِ حَيَاتُهُ وَحَيَاةُ الْمَقْصُودِ قَتْلُهُ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ:

ص: 158

حَيَاةُ مَنْفَعَةٍ، يُقَالُ: لَيْسَ بِفُلانٍ حَيَاةٌ، أَيْ: لَيْسَ عِنْدَهُ خَيْرٌ وَلا شَرٌّ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبي شُرَيْحٍ الْكَعْبيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ ".

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخِيارَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ بَيْنَ الْقِصَاصِ، أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَلا يُعْتَبَرُ رِضَا الْقَاتِلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الاخْتِلافَ فِيهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ عَلَى حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ.

2527 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرْبَنْدُ كُشَائِيُّ، أَنا أَبُو سَهْلٍ السِّجْزِيُّ، أَنا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، نَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجَشْمِيُّ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، نَا حَمْزَةُ أَبُو عُمَرَ الْعَائِدِيُّ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جِيءَ بِرَجُلٍ قَاتِلٍ فِي عُنُقِهِ النّسعة، قَالَ: فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ،

ص: 159

فَقَالَ: «تَعْفُو؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ:«فَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ:«أَفَتَقْتُلُ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«اذْهَبْ بِهِ» ، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ:«أَتَعْفُو؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ:«أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ» ، قَالَ: لَا، قَالَ:«أَفَتَقْتُلُ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«اذْهَبْ بِهِ» ، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ:«أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ» ، قَالَ: فَعَفا عَنْهُ، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ النِّسْعَةَ.

وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ

ص: 160

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ، وَبَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ عَفَا مُطْلَقًا هَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ أَمْ لَا؟ أَصَحُّ قَوْلَيْهِ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ إِلا أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ حَالَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلإِمَامِ أَنْ يَتَشَفَّعَ إِلَى وَلِيِّ الدَّمِ فِي الْعَفْوِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مَا رأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «رُفِعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ فِيهِ قِصَاصٌ إِلا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ» .

وَفِيهِ إِبَاحَةُ الاسْتِيثَاقِ وَالرِّبَاطِ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِذَا خِيفَ انْفِلاتُهُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ إِذَا عُفِيَ عَنْهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ، وَلا يُعَزَّزُ، حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يُضْرَبُ بَعْدَ الْعَفْوِ مِائَةً، وَيُحْبَسُ سَنَةً.

وَقَوْلُهُ: «يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِ صَاحِبِهِ» ، يَقُولُ: يَبُوءُ، أَيْ: يَتَحَمَّلُ إِثْمَهُ فِيمَا قَارَفَ مِنَ الذُّنُوبِ سِوَى الْقَتْلِ، وَلَوْ قُتِلَ رُبَّمَا كَانَ الْقَتْلُ كَفَّارَةً لَهُ، وَ «إِثْمُ صَاحِبِهِ» ، أَيْ: يَتَحَمَّلُ إِثْمَهُ فِي قَتْلِ صَاحِبِهِ، فَأَضَافَ الإِثْمَ إِلَى صَاحِبِهِ، لِكَوْنِ قَتْلِهِ سَبَبًا لإِثِمْهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشُّعَرَاء: 27] أَضَافَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ،

ص: 161

وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ.

وَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلرَّجُلِ: «خُذْهُ» فَخَرَجَ بِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنَّهُ إِنْ قَتَلَهُ كَانَ مِثْلَهُ» .

قِيلَ: مَعْنَاهُ كَانَ مِثْلَهُ فِي حُكْمِ الْبَوَاءِ، أَيْ: صَارَا مُتَسَاوِيَيْنِ، لَا فَضْلَ لِلْمُقْتَصِّ إِذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ رَدْعَهُ عَنْ قَتْلِهِ، لأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ، فَلَوْ قَتَلَهُ الْوَلِيُّ، كَانَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لَوْ ثَبَتَ مِنْهُ الْقَصْدُ فِي الْقَتْلِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدُفِعَ الْقَاتِلُ إِلَى وَلِيِّهِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَا إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَقَتَلْتَهُ، دَخَلْتَ النَّارَ» ، فَخَلاهُ الرَّجُلُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَرَى عَلَيْهِ قَتْلٌ، هُوَ غَيْرُ قَاصِدٍ فِيهِ، لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ وَلِيُّ الدَّمِ، كَانَ آثِمًا وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.

وَالْقَتْلُ عَلَى ثَلاثَةِ أَنْوَاعٍ: عَمْدٌ مَحْضٌ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ قَتْلَ كُفْئِهِ، بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، فَيَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ مُغلَّظةً فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً.

وَالثَّانِي: شِبْهُ الْعَمْدِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يَمُوتَ مِثْلُهُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الضَّرْبِ غَالِبًا، بِأَنْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفٍ، أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ ضَرَبَةً أَوْ

ص: 162