الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذَا أَمْسَكَهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ، قُتِلا جَمِيعًا، وَإِنْ أَمْسَكَهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الضَّارِبُ، وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ، وَيُسْجَنُ سَنَةً.
بَابُ الدِّيَةِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النِّسَاء: 92].
2536 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«أَلا إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مُغَلَّظَةً، مِنْهَا أَربَعُونَ خلفة فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا»
قَالَ الإِمَامُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ ثُمَّ هِيَ فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِ الْقَاتِلِ حَالَّةٌ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ، وَفِي الْخَطَإِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ، وَالتَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ يَكُونُ فِي أَسْنَانِ الإِبِلِ، فَالدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَثْلاثٌ، مِنْهَا ثَلاثُونَ حِقَّةً، وَثَلاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَرْبَاعٌ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَهُوَ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
أَمَّا دِيَةُ الْخَطَإِ، فَأَخْمَاسٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَقْسِيمِهَا، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً.
حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبْدَلَ قَوْمٌ بَنِي اللَّبُونِ بِبَنِي الْمَخَاضِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْخَطَإِ عِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورٍ، وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ
جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ حِقَّةً».
وَعَدَلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ هَذَا، لأَنَّ خِشْفَ بْنَ مَالِكٍ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إِلا بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «وَدَى قَتِيلَ خَيْبَرَ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ» .
وَلَيْسَ فِي أَسْنَانِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ابْنُ مَخَاضٍ، إِنَّمَا فِيهَا ابْنُ لَبُونٍ، عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ أَرْبَاعٌ: خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَثْلاثًا: ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ حِقَّةً، وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلِّهَا خِلْفَةٌ.
قَالَ الإِمَامُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ فِي الْقَتْلِ، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ إِلا عَمْدًا مَحْضًا، أَوْ خَطَأً مَحْضًا، فَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ، فَلا يُعْرَفُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَيَسْتَدِلُّ أَبُو حَنِيفَةَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالْمُثَقَّلِ شِبْهُ عَمْدٍ، لَا يُوجِبُ
الْقِصَاصَ، وَلا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ، لأَنَّ الْحَدِيثَ فِي السَّوْطِ وَالْعَصَا الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ، وَذَلِكَ الْغَالِبُ مِنْ أَمْرِ السِّيَاطِ وَالْعِصِيِّ أَنَّهَا تَكُونُ خَفِيفَةً، وَالْقَتْلُ الْحَاصِلُ بِهِ يَكُونُ قَتْلا بِطَرِيقِ شِبْهِ الْعَمْدِ، فَأَمَّا الْمُثَقَّلُ الْكَبِيرُ، فَمُلْحَقٌ بِالْمُحَدَّدِ الَّذِي هُوَ مُعَدُّ لِلْقَتْلِ.
2537 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَعَنْ مَكْحُولٍ، وَعَطَاءٍ، قَالُوا: «أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى أَنّ دِيَةَ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، فَقَوَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ الدِّيةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَلْفَ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَدِيَةُ الْحُرَّةِ المُسْلِمَةِ إِذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى خَمْسُ مِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ سِتَّةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَ الَّذِي أَصَابَهَا مِنَ الأَعْرَابِ، فَدِيَتُهَا خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ لَا يُكَلَّفُ الأَعْرَابِيُّ الذَّهَبَ وَلا الْوَرِقَ»
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الدِّيَةِ، وَفِي قَدْرِ الْوَاجِبِ فِيهَا
مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الأَصْلَ فِيهَا الإِبِلُ، فَإِذَا أَعْوَزَتْ تَجِبُ قِيمَتُهَا مَا بَلَغَتْ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يُقِيمُ الإِبِلَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَع مِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ عِدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ، وَيُقَسِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الإِبِلِ، فَإِذَا غَلَتْ، رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا، وَإِذَا هَانَتْ نَقَصَ، وَبَلَغَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ أَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَعِدْلِهَا مِنَ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةِ آلافِ دِرْهَمٍ» .
وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ عُمَرَ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الإِبِلِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ فِي زَمَانِهِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَلْفَ دِينَارٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ «كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ، وَثَمَانِيَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ» ، قَالَ:" فَكَانَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ الإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ ".
وَقَالَ: «وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ» .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى التَّقْدِيرِ بِالَّذِي قَدَّرَهُ عُمَرُ رضي الله عنه عِنْدَ إِعْوَازِ الإِبِلِ، فَأَوْجَبَ أَلْفَ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ، «فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا» .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الدِّيَةِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ، أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا مِائَةٌ