الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَأَخْطَأَ الْجَلادُ، فَقَطَعَ يَسَارَهُ بَدَلَ يَمِينِهِ، قَامَ مَقَامَ الْيَمِينِ، لأَنَّ التَّنْكِيلَ بِتَنْقِيصِ الْبَطْشِ حَاصِلٌ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ قَتَادَةَ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ
2603 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ، نَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ، ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ، تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا، أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا لِلسَّرِقَةِ، وَذَكَرَ اسْتِعَارَةَ الْمَتَاعِ وَالْجُحُودَ لِلتَّعْرِيفِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّفَاعَةَ فِي الْحُدُودِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ عز وجل» ، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَ ذَلِكَ الإِمَامَ، فَأَمَّا قَبْلَ بُلُوغِ الإِمَامِ، فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ فِيهَا جَائِزَةٌ حِفْظًا لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ السَّتْرَ عَلَى الْمُذْنِبِينَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الزُّبَيْر بْنِ الْعَوَّامِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُشْفَعُ فِي الْحَدِّ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَا لَمْ يُعْرَفْ بِأَذَى النَّاسِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ مِنْهُ زَلَّةٌ، فَلا بَأْسَ بِأَنْ يُشْفَعَ لَهُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الإِمَامَ.
وَيُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ، وَقَالَ لِهَزَّالٍ:«لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ» .
قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنَّ هَزَّالا أَمَرَ مَاعِزًا أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيُخْبِرَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«تَعَافَوُا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ» .
وَيُرْوَى عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ، إِلا الْحُدُودَ» ، حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: ذُو الْهَيْئَةِ: مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ التَّعْزِيرِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا كَالْحَدِّ، لاسْتَوَى فِيهِ ذُو الْهَيْئَةِ وَغَيْرُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» ، لَمْ يَرْفَعْهُ