الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ: لَا تُقْطَعُ يَدُ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْتَ هَذَا؟ فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ.
وَيُرْوَى هَذَا عَنِ الْقَاسِمِ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ.
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
بَابُ
مَا
لَا
قَطْعَ فِيهِ
2600 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ، فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ، فَخَرَجَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وديه، فَوَجَدَهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنُ الْحَكَمِ، فَسَجَنَ الْعَبْدَ، وَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ، فَانْطَلَقَ صَاحِبُ الْعَبْدِ إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ،
وَلا كَثَرٍ " فَمَشَى مَعَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ إِلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلا كَثَرٍ» ، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ، فَأُرْسِلَ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ» ، وَكَذَلِكَ رَوَى قُتَيْبَةُ، عَنِ
اللَّيْثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
الثَّمَرُ: الرُّطَبُ مَا دَامَ فِي رَأْسِ النَّخْلَةِ، فَإِنْ صُرِمَ، فَهُوَ الرُّطَبُ، وَالْكَثَرُ: جُمَّارُ النَّخْلِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَلَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ فِي سَرِقَةِ شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُحَرَّزَة أَوْ غَيْرَ مُحَرَّزَةٍ، وَقَاسَ عَلَيْهِ اللُّحُومَ، وَالأَلْبَانَ، وَالأَشْرِبَةَ، وَالْجُبُونَ.
وَأَوْجَبَ الآخَرُونَ الْقَطْعَ فِي جَمِيعِهَا إِذَا كَانَتْ مُحَرَّزَةً، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَتَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّمَارِ الْمُعَلَّقَةِ غَيْرَ الْمُحَرَّزَةِ، وَقَالَ: نَخِيلُ الْمَدِينَةِ لَا حَوَائِطَ لأَكْثَرِهَا، فَلا تَكُونُ مُحَرَّزَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، قَالَ:«مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُئْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا مُحَرَّزًا يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَتِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ، وَلا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ، فَإِذَا آوَاهُ الْمَرَاحُ، أَوِ الْجَرِينُ، فَالْقَطْعُ فِيمَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» ، وَأَرَادَ بِحَرِيسَةِ الْجَبَلِ: الشَّاةَ الْمَسْرُوقَةَ مِنَ الْمَرْعَى،
وَالاحْتِرَاسُ: أَنْ يُؤْخَذَ الشَّيْءُ مِنَ الْمَرْعَى، يُقَالُ: فُلانٌ يَأْكُلُ الْحَرَسَاتِ: إِذَا كَانَ يَسْرِقُ أَغْنَامَ النَّاسِ فَيَأْكُلُهَا، وَالسَّارِقُ مُحْتَرِسٌ.
قَالَ الإِمَامُ: وُجُوبُ الْقَطْعِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسِرْقَةِ نِصَابٍ مِنَ الْمَالِ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الإِحْرَازِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْحِرْزُ: مَا يُعِدُّهُ النَّاسُ حِرْزًا لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ، فَالْمِتْبَنُ حَرِزٌ لِلتِّبْنِ، وَالاصْطَبْلُ لِلدَّوَابِّ، وَلا يَكُونُ حِرْزًا لِلنُّقُودِ، وَالأَمْتِعَةِ.
وَإِذَا ضَمَّ السُّوقِيُّ بَعْضَ مَتَاعِهِ إِلَى بَعْضٍ فِي مَوْضِعِ بِيَاعَاتِهِ وَرَبَطَهُ بِحَبْلٍ، أَوْ جَعَلَ الطَّعَامَ فِي خَيْشٍ وَخَيَّطَ عَلَيْهِ، فَقَامَ وَكَانَ بِالنَّهَارِ، فَهُوَ مُحَرِّزٍ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ وَلَمْ يَرْبِطْ، فَلَيْسَ بِمُحَرِّزٍ.
وَلَوْ قَطَّرَ إِبِلَهُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ يَقُودُهَا، أَوْ يَسُوقُهَا، فَهِيَ وَمَا عَلَيْهَا مُحَرَّزَةٌ، وَإِنْ أَنَاخَهَا فِي صَحْرَاءَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، أَوْ كَانَ غَنَمًا آوَاهَا إِلَى مَرَاحٍ، فَاضْطَجَعَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ عِنْدَهَا، أَوْ أَرْسَلَ الإِبِلَ فِي الطَّرِيقِ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ، فَغَيْرُ مُحَرَّزَةٍ.
وَلَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي صَحَرَاءَ، فَشَدَّهَا بِالأَوْتَادِ وَأَرْسَلَ ذَيْلَهَا، وَنَامَ فِيهَا، أَوْ عَلَى بَابِهَا، فَهِيَ وَمَا فِيهَا مُحَرَّزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ ذَيْلَهَا فَالْفُسْطَاطُ مُحَرَّزٌ بِالشَّدِّ، وَنَوْمُهُ فِيهِ، وَمَا فِيهِ غَيْرُ مُحَرَّزٍ إِلا مَا نَامَ عَلَيْهِ، وَالْبُيُوتُ الْمُغْلَقَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا بِالنَّهَارِ إِذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْبُيُوتِ، فَإِنْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً، أَوْ كَانَ بِاللَّيْلِ، فَلا تَكُونُ حِرْزًا إِلا بِحَارِسٍ.
وَمَنْ نَامَ فِي صَحَرَاءَ أَوْ فِي مَسْجِدٍ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ تَوَسَّدَهُ، فَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِهِ، أَوْ أَخَذَ الْمِنْدِيلَ مِنْ رَأْسِهِ، أَوِ الْخَاتَمَ مِنْ إِصْبَعِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، لأَنَّهُ مُحَرَّزٌ بِهِ.
رُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَخَذَهُ
صَفْوَانُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ، فَقَالَ صَفْوَانُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ هَذَا، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» .
أَمَّا إِذَا نَامَ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ بِجَنْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَوَسَّدَهُ، أَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ رَأْسَهُ، أَوْ شَدَّ طَرَفًا مِنْهُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ بِمُحَرَّزٍ، وَعَلَى هَذَا الأَسَاسِ لَوْ وَضَعَ نَفَقَتَهُ فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ، فَطَرَّهُ إِنْسَانٌ، أَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَنْقَعَ فِي مَاءٍ، فَأَخَذَهُ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِ الْخَفِيَّةِ يَجِبُ الْقَطْعُ.
وَفِي حَدِيثِ صَفْوَانَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ إِذَا وَهَبَ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ مِنَ السَّارِقِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَطْعُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ، وَالأَوَّلُ أَوْلَى، لأَنَّ الاعْتِبَارَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ بِحَالَةِ مَا يُسْرَقُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فِيهِ شُبْهَةٌ، كَمَا لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا، أَوْ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا، لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ.
وَلا قَطْعَ عَلَى مَنْ خَانَ فِي وَدِيعَةٍ، أَوْ جَحَدَ عَارِيَةً عِنْدَهُ، أَوِ اخْتَلَسَ مَتَاعًا مِنْ إِنْسَانٍ، لأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْهَا سَرِقَةً.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى
خَائِنٍ، وَلا مُنْتَهِبٍ، وَلا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ»، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا سَقَطَ الْقَطْعُ عَنِ الْمُخْتَلِسِ لأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَمْرِ الاخْتِلاسِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يُمْكِنُهُ دَفْعَ الْمُخْتَلِسِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُجَاهَدَةِ، أَوْ بِالاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ بِخِلافِ السَّارِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ السَّرِقَةَ تَكُونُ سِرًّا، وَقَطْعُ الطَّرِيقِ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ لَا يَلْحَقُهُمُ الْغَوْثُ.
وَحُكِيَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ قَالَ: يُقْطَعُ الْمُخْتَلِسِ.
وَحُكِيَ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالا قَلَّ أَمْ كَثُرَ، أَخَذَهُ مِنْ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٍ، لِظَاهِرِ الآيَةِ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إِذَا جَحَدَ الْعَارِيَةَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُطِعَتْ يَدُهَا» .
وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهَا، لِمَا رُوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ قَطْعٌ» ، وَقَطْعُ يَدِ الْمَخْزُومِيَّةِ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ جُحُودِ الْعَارِيَةِ، إِنَّمَا كَانَ
بِسَبَبِ السَّرِقَةِ، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل.
وَذِكْرُ جُحُودِ الْعَارِيَةِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ لَهَا، إِذْ كَانَتْ كَثِيرَةَ الاسْتِعَارَةِ وَالْجُحُودِ حَتَّى عُرِفَتْ بِذَلِكَ، كَمَا عُرِفَتْ بِأَنَّهَا مَخْزُومِيَّةٌ، فَاسْتَمَرَّ بِهَا ذَلِكَ الصَّنِيعُ حَتَّى تَرَقَّتْ إِلَى السَّرِقَةِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّبَّاشِ الَّذِي أَخَذَ مِنَ الْقَبْرِ مِنْ كَفَنِ الْمَيِّتِ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِ، لأَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ.
وَلا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالَ أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ، أَوْ أَوْلادِهِ، لِمَا لَهُ فِي مَالِهِ مِنَ الشُّبْهَةِ، وَلا عَلَى عَبْدٍ سَرَقَ مَالَ سَيِّدِهِ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الآخَرِ مَا هُوَ فِي حِرْزٍ مِنْهُ، أَوْ عَبْدٍ أَحَدُهُمَا سَرَقَ مَالَ الآخَرِ، لَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
2601 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيَّ جَاءَ بِغُلامٍ لَهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ: اقْطَعْ يَدَ هَذَا، فَإِنَّهُ سَرَقَ، قَالَ عُمَرُ:«مَاذَا سَرَقَ؟» ، قَالَ: سَرَقَ مِرْآةً لامْرَأَتِي