المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المولى يقيم الحد على مملوكه - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: ‌باب المولى يقيم الحد على مملوكه

أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا، فَأَخْبِرْنِي».

فَفَعَلَ، فَأَمَرَ بِهَا، فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَرُجِمَتْ.

وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ فَعَلَ بِشُرَاحَةَ، رَجَمَهَا لَمَّا وَضَعَتْ حَمْلَهَا.

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ رضي الله عنهم.

‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

2588 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ

ص: 297

الْمِصْرِيِّ، عَنِ اللَّيْثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، قَالُوا: يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى مَمْلُوكِهِ دُونَ السُّلْطَانِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرُوِيَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّتْ جَارِيَةً لَها زَنَتْ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَقَدْ أَدْرَكْتُ بَقَايَا الأَنْصَارِ يَضْرِبُونَ وَلائِدَهُمْ إِذَا زَنَيْنَ.

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانَ عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ يَضْرِبَانِ وَلائِدَهُمَا إِذَا زَنَيْنَ.

وَقَالَ قَوْمٌ: يَرْفَعُهُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَلا يُقِيمُهُ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ.

وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فِي الْحَدِيثِ إِيجَابُ الْحَدِّ، وَإِيجَابُ الْبَيْعِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُمْسِكَهَا إِذَا زَنَتْ أَرْبَعًا.

وَقَوْلُهُ: «وَلَا يُثَرِّبْ» ، يَعْنِي: لَا يُعَيِّرْ، وَالتَّثْرِيبُ: التَّعْيِيرُ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يُوسُف: 92]، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يُقْتَصَرُ عَلَى تَعْيِيرِهَا وَتَبْكِيتِهَا، وَيُعَطِّلُ الْحَدَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا يُثَرِّبُهَا بَعْدَ الضَّرْبِ.

وَفِي قَوْلِهِ: «فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزِّنَا عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ يُرَدُّ بِهِ الْبَيْعُ، وَلِذَلِكَ حَطَّ مِنْ قِيمَتِهِ.

وَفِيهِ أَنَّ بَيْعَ غَيْرِ الْمَحْجُورِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ جَائِزٌ.

ص: 298

وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ حَدَّ الْمَمَالِيكِ الْجَلْدُ، وَلا رَجْمَ عَلَيْهِمْ، وَحُدُودُهُمْ بِالْجَلْدِ عَلَى نِصْفِ حَدِّ الأَحْرَارِ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النِّسَاء: 25]، فَحَدُّ الْمَمْلُوكِ فِي الزِّنَا خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَفِي الْقَذْفِ أَرْبَعُونَ، وَفِي الشُّرْبِ عِشْرُونَ.

رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَلَدْنَا وَلائِدَ مِنْ وَلائِدِ الإِمَارَةِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ فِي الزِّنَا.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَالْخُلَفَاءَ هَلُمَّ جَرَّا، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا جَلَدَ عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ.

وَسُئِلَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حَدِّ الْعَبْدِ فِي الْخَمْرِ، فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ جَلَدُوا عَبِيدَهُمْ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْرِيبِ الْمَمْلُوكِ إِذَا زَنَى، فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُغَرَّبُ نِصْف سَنَةٍ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ، وَقِيلَ: سَنَةٌ كَالْحُرِّ، كَمَا أَنَّ مُدَّةَ الْعُنَّةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْحُرُّ وَالْعَبْدُ.

وَرُوِيَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ مِنَ الْخُمْسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا

ص: 299

حَتَّى اقْتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ، وَنَفَاهُ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا.

2589 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: وَلَدَتْ أَمَةٌ لِبَعْضِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ» .

قَالَ: فَوَجَدْتُهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:«إِذَا جَفَّتْ مِنْ دَمِهَا، فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ» .

ثُمَّ قَالَ: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» .

ص: 300

أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ

قَالَ الإِمَامُ: وَلا فَرْقَ فِي حَدِّ الْمَمْلُوكِ بَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ مِنَ الْمَمَالِيكِ إِذَا زَنَى، لِقَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النِّسَاء: 25]، أَي: زُوِّجْنَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ.

وَمَعْنَى الإِحْصَانِ عِنْدَ الآخَرِينَ: الإِسْلامُ.

وَقَرَأَ عَاصِمٌ بِرِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ:«أَحْصَنَّ» بِفَتْحِ الأَلِفِ، يَعْنِي: أَسْلَمْنَ.

قَالَ الإِمَامُ: حَدُّ الْمَمْلُوكِ لَا يَخْتَلِفُ بِالإِسْلامِ وَالْكُفْرِ، كَمَا لَا يَخْتَلِفُ بِالتَّزَوُّجِ وَعَدَمِ التَّزَوُّجِ، وَقِرَاءَةُ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ: أُحْصِنَّ بِضَمِّ الأَلِفِ، بِمَعْنَى: زُوِّجْنَ، وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالتَّزْوِيجِ: بَيَانُ أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُرْجَمُ إِذَا زَنَى بَعْدَ النِّكَاحِ بِخِلافِ الْحُرِّ، بَلْ حَدُّهُ بَعْدَ النِّكَاحِ جَلْدٌ كَمَا قَبْلَهُ.

وَالإِحْصَانُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: الْمَنْعُ، وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى الإِسْلامِ، وَالْحُرِّيَّةِ، وَالْعَفَافِ، وَالتَّزْوِيجِ، لأَنَّ الإِسْلامَ يَمْنَعُهُ عَمَّا لَا يُبَاحُ لَهُ وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ، وَالْعَفَافُ، وَالتَّزْوِيجُ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النِّسَاء: 24]، أَرَادَ: الْمُزَوَّجَاتُ، وَقَوْلُهُ عز وجل:{أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النِّسَاء: 25]، أَيِ: الْحَرَائِرَ، وَقَوْلُهُ تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النُّور: 4]، أَيِ: الْعَفَائِفَ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النِّسَاء: 24]، أَيْ: مُتَزَوِّجِينَ، وَيَجُوزُ بِكَسْرِ الصَّادِ وَفَتْحِهَا، يُقَالُ: امْرَأَةٌ حَصَانٌ: بَيِّنَةُ الْحصن، وَفَرَسٌ حَصَانٌ: بَيِّنُ التَّحَصُّنِ إِذَا كَانَ مُنْجِبًا، وَبِنَاءٌ حَصِينٌ: بَيِّنُ الْحَصَانَةِ.

ص: 301