الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بْنِ رُسْتَهْ، نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتْ نَاقَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ، وَكَانَتْ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ، فَسَبَقَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ:«مَا لَكُمْ؟» ، فَقَالُوا: سُبِقَتِ الْعَضْبَاءُ، فَقَالَ:«إِنَّهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ» .
بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ
2653 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، نَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَالسَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ: هُوَ الْمَالُ الْمَشْرُوطُ لِلسَّابِقِ عَلَى سَبْقِهِ.
وَبِسُكُونِ الْبَاءِ: هُوَ مَصْدَرُ سَبَقْتُهُ سَبْقَا، وَالْمُرَادُ مِنَ النَّصْلِ: السَّهْمُ، وَمِنَ الْخُفِّ: الإِبِلُ، وَمِنَ الْحَافِرِ: الْفَرَسُ، وَأَرَادَ فِي ذِي خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، وَخُفُّ الْبَعِيرِ: مَجْمَعُ فَرْسَنِهِ.
وَفِيهِ إِبَاحَةُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُنَاضَلَةِ لِمَنْ نَضَلَ، وَعَلَى الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَالإِبِلِ لِمَنْ سَبَقَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَبَاحُوا أَخْذَ الْمَالِ عَلَى الْمُنَاضَلَةِ، وَالْمُسَابَقَةِ، لأَنَّهَا عُدَّةٌ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ، وَفِي بَذْلِ الْجُعْلِ عَلَيْهَا تَرِغِيبٌ فِي الْجِهَادِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا أُدْخِلَ فِيهِ مُحَلِّلٌ.
وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى النَّصْلِ الزَّوَّابِينَ، وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْخَيْلِ: الْبِغَالُ، وَالْحَمِيرُ، وَلأَنَّهَا كُلَّهَا ذَوَاتُ حَوَافِرَ، وَفِي مَعْنَى الإِبِلِ: الْفِيلُ، وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِهِ الشَّدَّ عَلَى الأَقْدَامِ، وَالْمُسَابَقَةَ عَلَيْهَا، وَسُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنِ الدَّحْوِ بِالْحِجَارَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.
يَعْنِي: السَّبْقَ بِالْحِجَارَةِ، يُقَالُ: فُلانٌ يَدْحُو بِالْحِجَارَةِ، أَيْ: يَرْمِي بِهَا، رُوِيَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: كُنْتُ أُلاعِبُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ بِالْمَدَاحِي، وَوَصَفَ بَعْضُهُمُ الْمَدَاحِيَ بِأَنْ يَحْفُرُوا حُفَيْرَةً، ثُمَّ يَتَنَحَّوْنَ قَلِيلا، فَيَدْحُونَ بِالأَحْجَارِ فِيهَا، فَمَنْ وَقَعَ حَجَرُهُ فِيهَا، فَقَدْ قَمَرَ، وَإِلا فَقَدْ قُمِرَ، وَالْحَفِيرَةُ: هِيَ الأُدْحِيَةُ.
وَلَمْ يُجَوِّزْ أَصْحَابُ الرَّأْيِ أَخْذَ الْمَالِ عَلَى الْمُنَاضَلَةِ، وَالْمُسَابَقَةِ.
فَأَمَّا السِّبَاقُ بِالطَّيْرِ، وَالزَّجَلُ بِالْحَمَامِ، وَمَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا مِمَّا لَيْسَ مِنْ عُدَّةِ الْحَرْبِ، وَلا مِنْ بَابِ الدَّعْوَةِ عَلَى الْجِهَادِ، فَأَخْذُ الْمَالِ عَلَيْهِ قِمَارٌ مَحْظُورٌ، ثُمَّ فِي الْمُسَابَقَةِ أَوِ الْمُنَاضَلَةِ إِنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ جِهَةِ الإِمَامِ،
وَمِنْ جِهَةِ وَاحِدٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ، شَرَطَ لِلسَّابِقِ مِنَ الْفَارِسَيْنِ، أَوِ الْمُنَاضِلِ مِنَ الرَّامِيَيْنِ مَالا مَعْلُومًا، فَجَائِزٌ، وَإِذَا سَبَقَ، أَوْ نَضَلَ، اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَالَ.
وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِ الْفَارِسَيْنِ، أَوِ الرَّامِيَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إِنْ سَبَقْتَنِي، أَوْ نَضَلْتَنِي بِكَذَا، فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُكَ، أَوْ نَضَلْتُكَ، فَلا شَيْءَ لِي عَلَيْكَ.
فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا، فَإِذا سَبَقَ، أَوْ نَضَلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ اسْتَحَقَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ جِهَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنْ نَضَلْتُكَ، أَوْ سَبَقْتُكَ، فَلِي عَلَيْكَ كَذَا، وَإِنْ نَضَلْتَنِي، أَوْ سَبَقْتَنِي، فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا.
فَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلا بِمُحَلِّلٍ يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا إِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّلُ، أَوْ نَضَلَ، أَخَذَ السَّبْقَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، سُمِّيَ مُحَلِّلا، لأَنَّهُ يُحَلِّلُ لِلسَّابِقِ أَخْذَ الْمَالِ، فَبِالْمُحَلِّلِ يَخْرُجُ الْعَقْدُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قِمَارًا، لأَنَّ الْقِمَارَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْغُنْمِ، وَالْغُرْمِ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْنَهُمَا مَنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى، خَرَجَ الْعَقْدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِمَارًا.
ثُمَّ إِذَا جَاءَ الْمُحَلِّلُ أَوَّلا، ثُمَّ جَاءَ الْمُسْتَبِقَانِ مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الآخِرِ، أَخَذَ الْمُحَلِّلُ السَّبْقَيْنِ، وَإِنْ جَاءَ الْمُسْتَبِقَانِ مَعًا، ثُمَّ الْمُحَلِّلُ، فَلا شَيْءَ لأَحَدٍ، وَإِنْ جَاءَ أَحَدُ الْمُسْتَبِقَيْنِ أَوَّلا، ثُمَّ جَاءَ الْمُحَلِّلُ وَالْمُسْتَبِقُ الثَّانِي، إِمَّا مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الآخَرِ، أَحْرَزَ السَّابِقُ سَبْقَهُ، وَأَخَذَ سَبْقَ الْمُسْتَبِقِ الثَّانِي، وَإِنْ جَاءَ الْمُحَلِّلُ وَأَحَدُ الْمُسْتَبِقَيْنِ مَعًا، ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي مُصَلِّيًا، أَخَذَ السَّابِقَانِ سَبْقَ الْمُصَلِّي.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَرَسُ الْمُحَلِّلِ كُفْأً لِفَرَسِهِمَا.
2654 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ الطَّحَّانُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشٍ، أَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ
بْنُ سَلامٍ، نَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَالْفَزَارِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ، فَلا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ، فَلا بَأْسَ بِهِ» .
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ، وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يُسْبَقَ، فَهُوَ قِمَارٌ»
قَالَ الإِمَامُ: وَلَوْ أَدْخَلا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، فَيَجُوزُ.
وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ يَتَسَابَقُونَ، يُكْتَفَى بِمُحَلِّلٍ وَاحِدٍ.
وَقَوْلُهُ: «إِنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُسْبَقَ فَلا بَأْسَ بِهِ» .
يُرِيدُ إِنْ كَانَ الْفَرَسُ جَوَادًا لَا يَأْمَنَانِ أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَيَذْهَبُ بِالرَّهْنَيْنِ، فَلا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَلِيدًا آمِنًا أَنْ يَسْبِقَهُمَا، فَهُوَ قِمَارٌ، لأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ.