الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} [مَرْيَم: 97]، وَقَالَ:{بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]، يُقَالُ: لَدَدْتُهُ أَلُدُّه: إِذَا جَادَلْتَهُ فَغَلَبْتَهُ، وَاللَّدِيدَانِ: جَانِبَا الْوَادِي، وَجَانِبَا الْفَمِ، سُمِّي الْخَصْمُ أَلَدَّ، لأَنَّكَ كُلَّمَا أَخَذْتَ فِي جَانِبٍ مِنَ الْحُجَّةِ، أَخَذَ هُوَ فِي جَانِبٍ آخَرَ مِنْهَا، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لإِعْمَالِهِ لَدِيدَيْهِ فِي الْخُصُومَةِ.
بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [الْبَقَرَة: 111]، والمُدَّعي مَتَمَنٍّ، فَيَحْتَاجُ إِلَى الحُجَّةِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57]، أَيْ: يَتَمَنَّوْنَ، تَقُولُ الْعَرَبُ: ادْع عَلَيَّ مَا شِئْتَ، أَيْ: تَمَنَّ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سبحانه وتعالى فِي قِصَّةِ دَاوُدَ عليه السلام:{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]، قَالَ: فَصْلُ الْخِطَابِ: هُوَ البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَفْصِلَ بيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
2500 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ، فأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمرَان: 77] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ: مَا حَدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالُوا: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: فيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ» ، قُلْتُ: إِذًا يَحْلِفُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ
وَقَوْلُهُ: عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ: هِيَ الْيَمِينُ اللازِمَةُ لِصَاحِبِهَا مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، فَيُصْبَرُ مِنْ أَجْلِهَا، أَيْ: يُحْبَسُ، وَأَصْلُ الصَّبْرِ: الْحَبْسُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قُتِلَ فُلانٌ صَبْرًا، أَيْ: حَبْسًا، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقتلَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْرًا، وَهُوَ أَنْ يُحْبَسَ حَيًّا، فَيُرْمَى إِلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ، فَكُلُّ مَنْ حُبِسَ لِقَتْلٍ، أَوْ يَمِينٍ، فَهُوَ قَتْلُ صَبْرٍ، وَيَمِينُ صَبْرٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِبًا فليَتَبَوَّأْ بِوَجْهِهِ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، فَجَعَلَ الْيَمِينَ مَصْبُورَةً وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَصْبُورُ، لأَنَّهُ إِنَّمَا صُبِرَ، وَحُبِسَ مِنْ أَجْلِهَا، فَأُضِيفَ الصَّبْرُ إِلَى الْيَمِينِ مَجَازًا واتِّسَاعًا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ آخَرَ، أَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَأَنْكَرَ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيَّنَةُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» .
2501 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح، وأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» ، وأَحْسِبُهُ قَالَ:«وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ:«وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»
قَالَ رحمه الله: وَرَوَى حَدِيثَ الأَشْعَثِ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ الأَشْعَثِ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟» قُلْتُ: لَا.
قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ» ، فَقُلْتُ: إِذا يَحْلِفُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {