المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من نكح امرأة من محارمه - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: ‌باب من نكح امرأة من محارمه

الْجَلْدِ بِأَنْ زَنَى، وَهُوَ بِكْرٌ، يُضْرَبُ بِإِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً بِحَيْثُ تَمَسُّهُ الشَّمَارِيخُ كُلُّهَا، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ.

وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى لأَيُّوبَ عليه السلام:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44]، وَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يُرْجَى زَوَالُهُ يُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْرَأَ، وَكَذَلِكَ لَا تُقَامُ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ، بَلْ يُؤَخَّرُ إِلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ، فَإِنْ كَانَ حَدُّهُ رَجْمًا، أَوْ قَتْلا يُقَامُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ كُلِّهَا.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ بِالشَّمَارِيخِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى أَرِقَّائِكُمْ، مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ، فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَنَتْ فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا، فَأَتَيْتُها فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ، فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَنْ أَقْتُلَهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَحْسَنْتَ» .

وَيُرْوَى: «اتْرُكْهَا حتَّى تَمَاثَلَ» .

‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

2592 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيرْبَنْدُ كُشَائِيُّ، أَنا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ طَرَفَةَ السِّجْزِيُّ، أَنا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامٍ الْخُضَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ

ص: 304

الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أَشْعَبَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي وَمَعَهُ لِوَاءٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ: «بَعَثَني النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ آتِيهِ بِرَأْسِهِ» .

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَيُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ، فَأَصَابَهَا، لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَهُوَ كَمَنْ أَصَابَهَا بِغَيْرِ اسْمِ النِّكَاحِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يُقْتَلُ، وَيُؤْخَذُ مَالُهُ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُعَزَّرُ، وَلا يُحَدُّ.

وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لأَنَّ صُورَةَ الْعَقْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شُبْهَةُ إِبَاحَةٍ لَا تَدْرَأُ الْحَدَّ، كَمَنِ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِعَمَلٍ، فَزَنَى بِهَا، لَا يَسْقُطُ

ص: 305

عَنْهُ الْحَدُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ: إِذَا اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِلزِّنَا، فَزَنَى بِهَا، لَا حَدَّ عَلَيْهِ.

وَلَوْ وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ: يُجْلَدُ وَلا يُرْجَمُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ قَالَ: «ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي» .

لَمْ يَحُدَّهُ.

وَعَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: إِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِالْجَهَالَةِ يُعَزَّرُ، وَلا يُحَدُّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: رُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَجُلٌ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: لأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جَلَدْتُهُ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، رَجَمْتُهُ ".

وَيُقَالُ: ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ.

وَلا يَصِحُّ، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ، إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ أَيْضًا لَمْ يَسْمَعْهُ

ص: 306

مِنْ حَبِيبٍ.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَخْرِيجِ هَذَا الْحدِيثِ: إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَقَدْ أَوْقَعَ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي الْوَطْءِ، فَدُرِئَ عَنْهُ الرَّجْمُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، لِمَا أَتَاهُ مِنَ الْمَحْظُورِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ أَحَدٌ نَشَأَ فِي الإِسْلامِ، أَوْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ، فَزِيدَ فِي التَّعْزِيرِ حَتَّى بَلَغَ بِهِ حَدَّ زِنَى الْبِكْرِ رَدْعًا لَهُ وَتَنْكِيلا، وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى لِلإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ مَبْلَغَ الْحَدِّ.

قَالَ الإِمَامُ: وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُرْتَهِنِ إِذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ: إِنَّهُ يُحَدُّ، وَوَلَدُهُ مِنْهَا رَقِيقٌ لَا يَلْحَقُهُ، وَلا أَقْبَلُ دَعْوَاهُ الْجَهَالَةَ، إِلا أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ حَدِيثًا، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ.

وَلَوْ كَانَ رَبُّهَا أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا، وَكَانَ يَجْهَلُ، دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَكَانَ حُرًّا، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ سَقَطَ.

قَالَ الإِمَامُ: فَقَدْ سَمِعَ دَعْوَى الْجَهَالَةِ عِنْدَ وُجُودِ الإِذْنِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ إِلا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالإِسْلامِ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحْكَامَ الشَّرْعِ، فَلا يَبْعُدُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَى الزَّوْجِ الْجَهَالَةَ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَذِنَتْ فِيهِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ.

وَلَوْ زَنَى رَجُلٌ بِأَمَةِ الْغَيْرِ وَهِيَ مُكْرَهَةٌ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ، وَلا حَدَّ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ فَعَلَ بِحُرَّةٍ.

وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ.

وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، ثُمَّ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مُقْتَضَّةً وَبِكْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

ص: 307