الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُرْيًا إِلَى فَرَسِهِ الَّذِي يُسَابِقُ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا فَتَرَ الْمَرْكُوبُ، تَحَوَّلَ مِنْهُ إِلَى الْمَجْنُوبِ، يُقَالُ: جَنُبْتُ الْفَرَسَ أَجْنُبُهُ: إِذَا قُدْتُهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ أَنَّ أَرْبَابَ الأَمْوَالِ لَا يَجْنُبُونَ، أَيْ: لَا يَبْعُدُونَ عَنْ مَوَاضِعِهِمْ، فَيَشُقُّ عَلَى الْمُصَدِّقِ اتِّبَاعُهُمْ وَطَلَبُهُمْ.
بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ
2543 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ " قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لحْيَان سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ: عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، ثمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَالْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهَا ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ
2544 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى، فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ: عَبدٍ، أَوْ وَلِيدٍ ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
وَالْغُرَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَنْفَسُهُ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ: النَّسَمَةُ مِنَ الرَّقِيقِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى يَكُونُ ثَمَنُهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: الْغُرَّةُ: عَبْدٌ أَبْيَضُ، أَوْ أَمَةٌ بَيْضَاءُ، وَسُمِّيَ غُرَّةٌ لِبَيَاضِهِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ الْعَبْدُ الأَسْوَدُ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ إِمْلاصِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغُرَّةٍ.
وَأَرَادَ بِالإِمْلاصِ: الْجَنِينَ، سُمِّيَ
إِمْلاصًا، لأَنَّ الْمَرْأَةَ تُزْلِقُهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوِلادَةِ، وَكُلُّ مَا زُلِقَ مِنَ الْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا، فَقَدْ مَلِصَ يَمْلَصُ.
وَالْعَقْلُ: هُوَ الدِّيَةُ، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنَ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الشَّدِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ يَأْتِي بِالإِبِلِ فَيَعْقِلُهَا، أَيْ: يَشُدُّهَا بِالْعِقَالِ فِي فِنَاءِ الْمَقْتُولِ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْعَصَبَةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْعَقْلَ عَاقِلَةً.
وَقِيلَ: سُمِّيَتْ عَاقِلَةٌ مِنَ الْمَنْعِ، وَالْعَقْلُ: هُوَ الْمَنْعُ، وَبِهِ سُمِّيَ الْعَقْلُ الْمُرَكَّبُ فِي الإِنْسَانِ، لأَنَّهُ يَمْنَعُهُ عَمَّا لَا يَحْسُنُ، وَلا يَجْمُلُ، فَكَأَنَّ أَهْلَ الْقَاتِلِ يَقُومُونَ بِنُصْرَتِهِ، فَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ عَنْهُ بِالسَّيْفِ، فَجَعَلَ الشَّرْعُ ذَلِكَ الْمَنْعَ وَالنُّصْرَةَ بِأَدَاءِ الدِّيَةِ.
قَالَ الإِمَامُ: إِذَا جُنِيَ عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ، أَوْ أَمَةٌ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنَ الأَرِقَّاءِ، سَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَقَطَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ، فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ أَلْقَتِ جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ، فَعَلَيْهِ غُرَّتَانِ، وَلِمُسْتَحِقِّهَا أَنْ لَا يَقْبَلَهَا مَعِيبَةً كَالإِبِلِ فِي الدِّيَةِ، وَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجِبُ قَبُولُ الطفلِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا خَمْسَ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَإِذَا عُدِمَتِ الْغُرَّةُ، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَهِيَ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ: سُتُّ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: الْغُرَّةُ خَمْسُونَ دِينَارًا، أَوْ سِتُّ مِائَةِ دِرْهَمٍ، عُشْرُ دِيَةِ الأُمِّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةِ: عَلَيْهِ غُرَّةٌ أَوْ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا.
وَالأَقَاوِيلَ مُتَقَارِبَةٌ مِنَ حَيْثُ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَوْجَبَ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرَ: إِنَّ الْغُرَّةَ إِذَا عُدِمَتْ يَجِبُ قِيمَتُهَا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غُرَّةُ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ فَرَسٍ، أَوْ بَغْلٍ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ " قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ:
عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ فَرَسٍ، أَوْ بَغْلٍ ".
وَرَوَاهُ حَمَّادٌ، وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَذْكُرَا الْفَرَسَ، وَالْبَغْلَ، فَقَدْ قِيلَ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ.
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: الْغُرَّةُ: عَبْدٌ، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ فَرَسٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَبْدٌ، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ فَرَسٌ، أَوْ بَغْلٌ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ فِي جَنِينِ النَّصْرَانِيَّةِ ثُلُثُ الْغُرَّةِ، فَإِنْ كَانَ الأَب ُ مُسْلِمًا، فَفِيهِ كَمَالُ الْغُرَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيًّا لأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِإِسْلامِ الأَبِ.
وَفِي جَنِينِ الْمَجُوسِيَّةِ خُمسُ ثُلُثِ الْغُرَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَصْرَانِيًّا، وَالآخَرُ مَجُوسِيًّا، فَيُعْتَبَرُ بِأَكْثَرِهِمَا دِيَةً.
وَفِي جَنِينِ الأَمَةِ إِنْ كَانَ رَقِيقًا عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا، فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَعُشْرِ قِيمَتِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ضَمَانَ الْجَنِينِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى ابْنِ الْجَانِي شَيْءٌ مِنَ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ، أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ، كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ آبَاءِ الْجَانِي إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ، وَالأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ وَفَاءٌ،
فَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتِقِ إِنْ كَانَ عَلَى الْجَانِي وَلاءٌ، وَعَلَى عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ، وَلا يَجِبُ عَلَى أَبِ الْمُعْتِقِ، وَلا يَجِبُ عَلَى ابْنِهِ كَمَا فِي النَّسَبِ.
رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا لَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ، فَتَرَكَتِ ابْنَهَا وَأَخَاهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلاهَا، «فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَهُ لابْنِ الْمَرْأَةِ» ، فَقَالَ أَخُوهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّهُ جَرَّ جَرِيرَةً عَلَى مَنْ كَانَتْ؟ قَالَ:«عَلَيْكَ» .
وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَضَى لِلزُّبَيْرِ بِمِيرَاثِهِمْ، لأَنَّهُ ابْنُهَا، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَاقِلا، بَالِغًا، وَاجِدًا.
وَلا يُحْمَلُ امْرَأَةٌ، وَلا صَبِيٌّ، وَلا مَجْنُونٌ، وَلا عَبْدٌ، وَلا يُعْقَلُ الْكَافِرُ مِنَ الْمُسْلِمِ، وَلا الْمُسْلِمُ مِنَ الْكَافِرِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلاثِ سِنِينَ، كَذَلِكَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَلا يَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُوسِرًا فِي كُلِّ عَامٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ، وَعَلَى كُلِّ مُتَوَسِّطٍ أَكْثَرُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَالاعْتِبَارُ فِي الْيَسَارِ بِآخِرِ الْحَوْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَاقِلَةِ وَفَاءٌ يُكْمَلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ الْخَطَإِ عَاقِلَةٌ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، لأَنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُتْرَكُ فِي الإِسْلامِ مُفْرَجٌ» .
يَرْوِي هَذَا بِالْجِيمِ، وَالْحَاءِ، أَمَّا بِالْجِيمِ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: هُوَ الْقَتِيلُ يُوجَدُ بِأَرْضٍ فَلاةٍ يُودَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلا يَبْطُلُ دَمُهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ أَنْ يُسْلِمَ الرَّجُلُ، وَلا يُوَالِيَ أَحَدًا، فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً