الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ
2443 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا وُهَيْبٌ، نَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ.
فَقَالَ النَّبيُّ عليه السلام: «مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَقَدْ تَضَمَّنَ نَذْرُهُ نَوْعَيْنِ: مِنْ طَاعَةٍ، وَغَيْرِ طَاعَةٍ، فَالصَّوْمُ طَاعَةٌ، أَمْرَهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ، وَالْقِيَامُ فِي الشَّمْسِ وَتَرْكُ الْكَلامِ لَيْسَ بِطَاعَةٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْعَابِ الْبَدَنِ، وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ الآصَارَ وَالأَغْلالَ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَمَّا الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَيَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، لأَنَّهُ مِنَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَكَانَ النَّاسُ
يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الْحَج: 27]، وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى الْحَفَاءِ، فَحِينَئِذٍ يَنْقَلِبُ النَّذْرُ مَعْصِيَةً، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى مَشَقَّةٍ تُتْعِبُ الْبَدَنَ، وَلا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ.
قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ» .
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: ضَرْبُ الدُّفِّ لَيْسَ مِمَّا يُعَدُّ فِي بَابِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا النُّذُورُ، وَأَحْسَنُ حَالِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ بِإِظْهَارِ الْفَرَحِ بِسَلامَةِ مَقْدِمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مِنْ بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، وَكَانَتْ فِيهِ مَسَاءَةُ الْكُفَّارِ، وَإِرْغَامُ الْمُنَافِقِينَ، صَارَ فِعْلُهُ كَبَعْضِ الْقُرَبِ، وَلِهَذَا اسْتُحِبَّ ضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِهِ، وَالْخُرُوجِ بِهِ عَنْ مَعْنَى السِّفَاحِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ، وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هِجَاءِ الْكُفَّارِ:«اهْجُوا قُرَيْشًا فَإِنَّه أَشَدُّ عَلَيْها مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ» .