الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الإِمَامُ: وَاتَّفَقَتِ الأُمَّةُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ الاسْتِخْلافِ سُنَّةٌ، وَطَاعَةُ الْخَلِيفَةِ وَاجِبَةٌ، إِلا الْخَوَارِجَ، وَالْمَارِقَةَ الَّذِينَ شَقُّوا الْعَصَا، وَخَلَعُوا رِبْقَةَ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الْمَلِكِ، كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِلَى عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ، إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ.
بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ
2492 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ،
أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا استُخْلِفَ أَبُو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، قَالَ:«لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مَئُونَةِ أَهْلِي، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَيَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ» .
صَحِيحٌ.
مَعْنَى الْحِرْفَةِ: الْكَسْبُ، وَقَوْلُهُ: يَحْتَرِفُ، أَيْ: يَكْتَسِبُ لِلْمُسْلِمِينَ بِإِزَاءِ مَا يَأْكُلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَمَعْنَى الآلِ هَهُنَا: الأَهْلُ
2493 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، أَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ عُمَرَ فَخَرَجَتْ عَلَيْنَا جَارِيَةٌ، فَقُلْتُ: هَذِهِ سُرِّيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِسُرِّيَّةٍ، وَمَا أَحِلُّ لَهُ، وَإِنِّي لَمِنْ مَالِ اللَّهِ.
ثُمَّ دَخَلَتْ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا عُمرُ، فَقَالَ: " مَا تَرَوْنَهُ يَحِلُّ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ قَالَ: قُلْنَا: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنَّا، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَا أَسْتَحِلُّ مِنْهُ، مَا أَحُجُّ وَأَعْتَمِرُ عَلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ
وَحُلَّتِي فِي الشِّتَاءِ، وَحُلَّتِي فِي الصَّيْفِ، وَقُوتَ عِيَالِي، وَشِبَعِي، وَسَهْمِي فِي الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
قَالَ مَعْمَرٌ: وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي يَحُجُّ عَلَيْهِ وَيَعْتَمِرُ بَعِيرًا وَاحِدًا
قَالَ الإِمَامُ: يَجُوزُ لِلْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ مِنَ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ مِنَ النَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ لِنَفْسِهِ، وَلِمَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَيَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ مِنْهُ مَسْكَنًا، وَخَادِمًا، رُوِيَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلا، فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ، فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا» .
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ» .
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رحمه الله: هَذَا يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ اكْتِسَابَ الْخَادِمِ، وَالْمَسْكَنِ مِنْ عُمَالَتِهِ الَّتِي هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ بِشَيْءٍ سِوَاهَا، وَالْوَجْهُ الآخَرُ: أَنَّ لِلْعَامِلِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ، وَخَادِمٌ، اسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ، فَيَكْفِيهِ مِهْنَةَ مِثْلِهِ، وَيُكْتَرَى لَهُ مَسْكَنٌ يَسْكُنُهُ مُدَّةَ مُقَامِهِ فِي عَمَلِهِ.
وَكَانَ شُرَيْحٌ يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا.