المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَانَتْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، لأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ - شرح السنة للبغوي - جـ ١٠

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌20 - كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ بِاللَّهِ أَوْ بِصِفةٍ مِنْ صِفَاتِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا يَتَحَلَّلُ ويُكَفِّرُ

- ‌بَابُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الحِنْثِ

- ‌بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ تَرَكَ مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ

- ‌بَابُ مَنْ نَذَرَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْهُ

- ‌بَابُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيةٍ وَلا فِي مَا لَا يَمْلِكُ

- ‌بَابُنَذْرِاللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ

- ‌بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌21 - كِتَابُ الإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌وُجُوبِ طَاعَةِ الْوَالِي

- ‌بَابُ الطَّاعةِ فِي الْمَعْرُوفِ

- ‌بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ

- ‌بَابُ مَنْ يَخْرُجُ عَلَى الإِمَامِ وَالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ طَلَبِ الإِمَارَةِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌بَابُالرَّاعِيمَسْئُولٌعَنْ رَعِيَّتِهِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ عَدَلَ مِنَ الرُّعَاةِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِرٍ

- ‌بَابُ مَا عَلَى الوُلاةِ مِنَ التَّيْسِيرِ وَوَعِيدِ مَنْ غَشَّ الرَّعِيَّةَ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْغَدْرِ

- ‌بَابُ الْوَزِيرِ الصَّالِحِ

- ‌بَابُ صَاحِبِ الشُّرَطِ لِلأَمِيرِ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ تَوْليَةِ النِّسَاءِ

- ‌بَابُ عَقْدِ الْبَيْعَةِ وَالاستِخْلافِ

- ‌بَابُ رِزْقِ الوُلاةِ وَالقُضَاةِ

- ‌بَابُ الرِّشْوَةِ وَالْهَديَّةِ لِلقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ

- ‌بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَاضِي لَا يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ اللَّدَدِ فِي الْخُصُومَةِ

- ‌بَابُ البَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنكَرَ

- ‌بَابُ القَضَاءِ بالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌بَابُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إِذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً

- ‌بَابُ إِذَا تَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ

- ‌بَابُ قَضَاءِ الْقَاضِي لَا يَنْفَذُ إِلا ظَاهِرًا

- ‌بَابُ اجْتِهَادِ الحَاكِمِ

- ‌بَابُ شَرَائِطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ مَنْ شَهِدَ قَبْلَ السُّؤَالِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

- ‌بَابُ تَغْلِيظِ اليَمينِ

- ‌22 - كِتَابُ الْقِصَاصِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ

- ‌بَابُ القِصَاصِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِالْحَجَرِ

- ‌بَابُ الْقِصَاصِ فِي الأَطْرَافِ

- ‌بَابُ لَا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافِرٍ

- ‌بَابُ الْحُرِّ يُقْتَلُ بالْعَبْدِ

- ‌بَابُ قَتْلِ الجَمَاعَةِ بالواحِدِ

- ‌بَابُ الدِّيَةِ

- ‌بَابُ دِيةِ الأَعضَاءِ

- ‌بَابُ دِيَةِ أَهلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ دِيَةِ الجَنِينِ

- ‌بَابُ القِسَامَةِ

- ‌23 - كِتابُ قِتالِ أهْلِ الْبَغْيِ

- ‌بَابُ قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ

- ‌بَابُ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِهِ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ

- ‌بَابُ مَنْ قَصَدَ مَالَ رَجُلٍ أَوْ حَرِيمَهُ فَدَفَعَهُ

- ‌بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ

- ‌بَابُ عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ بالسِّلاحِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌بَابُ إِذَا مَرَّ وَمَعَهُ سِهَامٌ يُمْسِكُ بِنِصَالِهَا

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ يُعَذِّبُ النَّاسَ

- ‌24 - كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌بَابُ رَجْمِ الذمِّيِّ إِذا زَنَى وَإِحصَانِهِ

- ‌بَابُالإِقْرَارِبِالزِّنَا

- ‌بَابُ الْمَوْلَى يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ

- ‌بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ

- ‌بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌بَابُ الْحُدُودِ كَفَّارَاتٌ

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَمَا يُقْطَعُ فِيهِ يَدُهُ

- ‌بَابُمَالَاقَطْعَ فِيهِ

- ‌بَابُ السَّارِقِ يَسْرِقُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى

- ‌بَابُ قَطْعِ يَدِ الشَّرِيفِ وَالْمَرْأَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ الشَّارِبِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌25 - كِتَابُ السِّيَرِ وَالْجِهَادِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْجِهادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الشَّهَادَةِ

- ‌بَابٌ

- ‌بَابُ مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ وَالْغَازِي يَمُوتُ

- ‌بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ

- ‌بَابُ لَا يُجَاهِدُ إِلَّا بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ

- ‌بَابُ إِعْدَادِ آلَةِ الْقِتَالِ

- ‌بَابُ اتِّخَاذِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ

- ‌بَابُ مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل

- ‌بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنْهَا

- ‌بَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ

- ‌بَابُ السَّيْفِ وَحِلْيَتِهِ

- ‌بَاب الدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ

- ‌بَابُ التُّرْسِ

- ‌بَابُ الرَّايَاتِ وَالأَلْوِيَةِ

الفصل: كَانَتْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، لأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ

كَانَتْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، لأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الْمُفْرَجُ: الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ، وَأَمَّا بِالْحَاءِ، فَهُوَ الَّذِي أَثْقَلَهُ الدَّيْنُ، يُقَالُ: أَفْرَحَهُ، أَيْ: أَثْقَلَهُ، وَيُرْوَى:«مَفْدُوحٌ» بِالدَّالِ، وَمَعْنَاهُ هَذَا، يُقَالُ: فَدَحَهُ الدَّيْنُ، أَيْ: أَثْقَلَهُ.

وَدِيَةُ الطَّرَفِ إِنْ بَلَغَتْ دِيَةَ النَّفْسِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فِي ثَلاثِ سِنِينَ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، فَفِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلا يُضْرَبُ لَهُ أَقَلُّ مِنْ سَنَةٍ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا قَلِيلا، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ، فَفِي سَنَتَيْنِ، الثُّلُثُ فِي سَنَةٍ، وَالْبَاقِي فِي سَنَةٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ.

وَبَدَلُ الْعَبْدُ إِذَا قُتِلَ خَطَأً، أَوْ قُطِعَ طَرَفٌ مِنْهُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: يَكُونُ فِي مَالِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ كَقِيمَةِ الْبَهَائِمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ بَدَلَ نَفْسِ الْعَبْدِ، وَلا تَحْمِلُ بَدَلَ طَرَفِهِ.

‌بَابُ القِسَامَةِ

2545 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.

ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيرَ بْنِ يَسَارٍ،

ص: 211

عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَانْطَلَقَ هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو الْمَقْتُولِ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ، أَوْ قَاتِلِكُمْ» ، فقالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟! فَزَعَمَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ.

قَالَ بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ: قَالَ سَهلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَائِضِ فِي مِرْبَدٍ لَنَا.

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ

2546 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ،

ص: 212

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ أَتَيَا خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَحُوَيِّصَةُ، وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَبِّرِ الْكُبْرَ» ، قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي لِيَلِ الْكَلامَ الأَكْبَرُ.

فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَتِسْتَحِقُّونَ قَتِيلَكُمْ، أَوْ قَالَ: صَاحِبَكُم بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ "، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ، قَالَ:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ فِي أَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ! فَفَدَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِهِ، قَالَ سَهْلٌ: فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ فَدَخَلَتْ مِربَدًا لَهُمْ، فَرَكَضَتْنِي بِرِجْلِهَا.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبيدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

ص: 213

الْقَوَارِيرِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ: فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَاقَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيَدْفَعُ بِرُمَّتِهِ»

2547 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّه أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمَا، فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ، فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ، وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ، أَوْ عَيْنٍ، فَأَتَى يَهُودَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَدْ قَتلْتُمُوهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَأَقْبَلَ حتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ أَخُو الْمَقْتُولِ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ،

ص: 214

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُوَيِّصَةَ، وَمُحَيِّصَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ:«أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ:«فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ» قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ! فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِائَةَ نَاقَةٍ حتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ فِي الدَّارِ، قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ.

حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

قَوْلُهُ: «وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ» ، أَيْ: بِئْرٍ، وَفَقِيرُ النَّخْلِ: حُفْرَةٌ تُحْفَرُ لِلْفَسِيلَةِ إِذَا حُوِّلَتْ لِتُغْرَسَ فِيهَا، وَالْفَقِيرُ: فَمُ الْقَنَاةِ،

ص: 215

وَقِيلَ: سُمِّيَ سَيْفُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَا الْفَقَارِ، لأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغَارٌ حِسَانٌ.

وَقَوْلُهُ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» فِيهِ إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ الأَكْبَرَ أَحَقُّ بِالإِكْرَامِ وَالْبِدَايَةِ بِالْكَلامِ.

قَالَ الإِمَامُ: صُورَةُ قَتِيلِ الْقَسَامَةِ أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ، وَادَّعَى وَلِيُّهُ عَلَى رَجُلٍ، أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِمْ لَوَثٌ ظَاهِرٌ، وَاللَّوَثُ: مَا يَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ صِدْقُ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ وُجِدَ فِيمَا بَيْنَ قَوْمٍ أَعْدَاء لَهُمْ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، كَقِتَيلِ خَيْبَرَ وُجِدَ بَيْنَهُمْ، وَالْعَدَاوَةُ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَبَيْنَ وَأهَلِ خَيْبَرَ ظَاهِرَةٌ، أَوِ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ فِي بَيْتٍ، أَوْ صَحْرَاءَ، وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، أَوْ وُجِدَ فِي نَاحِيَةٍ قَتِيلٌ، وَثَمَّ رَجُلٌ مُخْتَضِبٌ بِدَمِهِ، أَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ فُلانًا قَتَلَهُ، أَوْ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعَبِيدِ وَالنِّسْوَانِ، جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّوَثِ، فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيَسْتَحِقُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَوَثٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى، ثُمَّ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدًا، أَمْ خَمْسِينَ يَمِينًا؟ فِيهِ قَوْلانِ، أَقْيَسُهُمَا: يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدًا.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْبِدَايَةِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ قَوْلا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَإِذَا بَدَأْنَا بِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَهُمْ جَمَاعَةٌ، تُوَزَّعُ الأَيْمَانُ الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَيُجْبَرُ الْكَسْرَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنِ الْيَمِينِ، رُدَّتْ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى نَفْيِ الْقَتْلِ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ.

ص: 216

وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي، بَلْ يُحلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَالُوا: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ يَخْتَارُ الإِمَامُ خَمْسِينَ رَجُلا مِنْ صُلَحَاءِ أَهْلِهَا، وَيُحَلِّفُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ: مَا قَتَلُوهُ، وَلا عَرَفُوا لَهُ قَاتِلا، ثُمَّ يَأْخُذُ الدِّيَةَ مِنْ أَصْحَابِ الْخِطَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا، فَمِنْ سُكَّانِهَا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الأُصُولِ الْيَمِينُ مَعَ الْغَرَامَةِ، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الْيَمِينُ فِي الْبَرَاءَةِ أَوِ الاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي، أَوْ يَحْكُمُ فِي الْمَالِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِالْقَسَامَةِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهَا، لِقَوْلِهِ:«تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» .

رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ، هَذَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَوَثٌ، وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي، وَيَسْتَحِقُّ الْقَوَدَ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ، بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَإِسْحَاقَ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ:«دَمَ صَاحِبِكُمْ» أَيْ: دِيَتُهُ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ:«إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» ، أَمَّا إِذَا ادَّعَى قَتْلَ خَطَإٍ، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَحَلَفَ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَانَ الْحَكَمُ لَا يَرَى الْقَسَامَةَ شَيْئًا.

ص: 217

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ رَدِّ الْيَمِينِ إِذَا نَكَلَ مَنْ تُوجِّهَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَتَّى لَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا، فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، بَلْ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ، اسْتَحَقَّ دَعْوَاهُ، وَهُوَ قَوْلٌ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُرَدُّ، بَلْ يُقْضَى بِالنُّكُولِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَفِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَالْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ إِذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِمُ الْيَمِينُ، وَإِذَا حَلَفُوا، بَرِئُوا، وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ أَيْمَانَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا تُقْبَلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ.

وَفِيهِ أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَرْضَوْا بِأَيْمَانِ الْكُفَّارِ، وَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ إِذْ كَانَ مِنْ سُنَنِهِ أَنْ لَا يَتْرُكَ دَمًا حَرَامًا هَدَرًا، وَهُوَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَوَلِيُّ أَمْرِهِمْ.

وَتَثْبُتِ الْقَسامَةُ فِي قَتْلِ الْعَبِيدِ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَهُوَ الأَصَحُّ، فَيَحْلِفُ سَيِّدُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا إِذَا كَانَ ثَمَّ لَوَثٌ، وَتُسْتَحُقُّ قِيمَتُهُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ، وَلا قَسَامَةَ فِي الأَطْرَافِ، بَلِ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ، سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ لَوَثٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ بشيرِ بْنِ يَسَارٍ فِي قَتِيلِ خَيْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ:«تَأْتُونِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ» قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ، قَالَ:«فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ» .

وَعَنْ رَافِعَ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،

ص: 218

قَالَ: «لَكُمْ شَاهِدَانِ؟» ، قَالُوا: لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ:«فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ فَاسْتَحْلفهُمْ» ، وَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ مَا سَبَقَ مِنَ الْبِدَايَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ.

2548 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.

ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ قُتِلَ عميةً تَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحِجَارَةٍ، أَوْ جَلْدٍ بِالسَّوْطِ، أَوْ ضَرْبٍ بِعَصَا، فَهُوَ خَطَأٌ، عَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَإِ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدُ يَدِهِ، فَمَنْ حَالَ دُونَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ» .

ص: 219

هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ، وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ

وَقَوْلُهُ: «عِمِّيَّةٌ» فِعِّيلَةٌ مِنَ الْعَمَى، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَتَرَامَى الْقَوْمُ، فَيُوجَدُ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ لَا يُدْرَى مَنْ قَاتِلُهُ، وَيَعْمَى أَمْرُهُ، فَفِيهِ الدِّيَةُ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ هَذَا الْقَتِيلِ، قَالَ مَالِكٌ: دِيَتُهُ عَلَى الَّذِينَ نَازَعُوهُمْ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: دِيَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِ الآخَرِينَ، وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا إِلا أَنْ تَقُومَ بَيِّنةٌ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّ فُلانًا قَتَلَهُ، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو يُوسُفَ: دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْفَرِيقَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهِمْ إِذَا لَمْ يَدَّعِ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ عَلَى غَيْرِهِمْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ قَسَامَةٌ إِنِ ادَّعُوهُ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ بِعَيْنِهَا، وَإِلا فَلا عَقْلَ وَلا قَوَدَ، وَكَانَ عَلِيٌّ إِذَا أُتِيَ بِالْقَتِيلِ قُتِلَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، حَمَلَهُ عَلَى أَصْقَبِ الْقَرْيَتَيْنِ إِلَيْهِ، يَعْنِي: عَلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْهُ.

2549 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، نَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: أَيْنَ تُريدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا

ص: 220

الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ:«إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجحدري، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ

2550 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرَكٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ، ثُمَّ قَالَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي

ص: 221

كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ

وَيَتَأَوَّلُ الْخَوَارِجُ الْحَدِيثَ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الدِّينِ، وَيُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ الْكَبَائِرِ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَعْنَى الزَّجْرِ، أَيْ: لَا تَتَشَبَّهُوا بِالْكُفَّارِ فِي قَتْلِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، وَقِيلَ: هَؤُلاءِ أَهْلُ الرِّدَّةِ قَتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه.

قَالَ رحمه الله: إِذَا تَقَاتَلَ رَجُلانِ، فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَهُمَا عَاصِيَانِ، وَدَمُهُمَا هَدَرٌ، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاصِدٌ وَدَافِعٌ، فَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَاصِدٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ دَافِعٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.

2551 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، نَا حَيْوَةُ، وَغَيْرُهُ، قَالا: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَالَ:

ص: 222

أَخْبَرَنِي ابْنُ عبَّاسٍ: " أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرونُ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي السَّهْمُ يُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النِّسَاء: 97] الآيَةَ ".

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

ص: 223