الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَرَيَانِ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَنْتَ مَأْمُورٌ، وَالتَّبْعَةُ عَلَى آمِرِكَ.
فَقَالَ لِلْحَسَنِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قَدْ قَالَ هَذَا، قَالَ: قُلْ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ، فَكَأَنَّكَ بِمَلَكٍ قَدْ أَتَاكَ، فَاسْتَنْزَلَكَ عَنْ سَرِيرِكِ هَذَا، فَأَخْرَجَكَ مِنْ سَعَةِ قَصْرِكَ إِلَى ضِيقِ قَبْرِكَ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ لِلَّهِ بِالْمَعَاصِي، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَتَغَيَّظُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: قُلْتُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، مَنْ هَذَا الَّذِي تَتَغَيَّظُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَلِمَ تَسْأَلُ عَنْهُ؟ قُلْتُ: لأَضْرِبَ عُنُقَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لأَبِي بَرْزَةَ: لَوْ قُلْتُ لَكَ ذَلِكَ أَكُنْتَ تَفْعَلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: مَا كَانَ ذَلِكَ لأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا، وَهُوَ أَنَّ أَحَدًا لَا يجَبُ طَاعَتُهُ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ إِلا بَعْدَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَقٌّ إِلا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرَ إِلا بِحَقٍّ، وَلا يَحْكُمُ إِلا بِعَدْلٍ، وَقَدْ يُتَأَوَّلُ هَذَا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَتْلَ فِي سَبِّ أَحَدٍ إِلا فِي سَبِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
بَابُ الصَّبْرِ عَلَى مَا يُكْرَهُ مِنَ الأَمِيرِ وَلُزُومُ الجَمَاعَةِ
2456 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ، أَنا أَبُو
الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الصَّلْتِ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ.
ح، وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ:«بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي اليُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
2457 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ،
عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قَالَ:«دَعَانَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فبَايَعْنَا، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أنْ بَايَعْنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا، وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا، وَيُسْرِنَا، وأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.
قَوْلُهُ: «وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا» أَيْ: يَسْتَأْثِرُ عَلَيْنَا، فَيُفَضِّلُ غَيْرُكُمْ نَفْسَهُ عَلَيْكُمْ، وَقَوْلُهُ:«بَوَاحًا» أَيْ: جِهَارًا، يُقَالُ: بَاحَ بِالسِّرِّ، وَأَبَاحَهُ: إِذَا جَهَرَ بِهِ، وَقَوْلُهُ:«عِنْدَكُمْ مِن اللَّهِ فِيهِ بُرْهانٌ» أَيْ: آيَةٌ أَوْ سُنَّةٌ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ
2458 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، نَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ يَرْوِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ، فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا، فَيَمُوتُ، إِلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ
2459 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، نَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةِ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنكَرَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» ، قَالُوا: أَفَلا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا صَلُّوا، لَا مَا صَلُّوا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ الْبَجَلِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ.
وَيُرْوَى: «فَمَنْ أَنْكَرَ بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ»
وَرُوِيَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيةِ اللَّهِ، وَلا ينْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» .
2460 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ اللَّيْثِ الْوَاعِظُ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ سُلَيْمَانَ، نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، نَا عَفَّانُ، نَا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ، نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَارِثِ الأشْعَرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِماتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَكَادَ أَنْ يُبْطِئَ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى: إنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ تَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُبَلِّغَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُبَلِّغَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخِي، إِنِّي أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي أَنْ أُعَذَّبَ، أَوْ يُخْسَفَ بِي، فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلأَ الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ، أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِن خَاصِّ مَالِهِ بِوَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: هَذِهِ
دَارِي، وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ عَمَلِي، فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي عَمَلَهُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَسُرُّهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟! وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَاعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.
وَآمُرَكُمْ بِالصَّلاةِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِعَبْدِهِ مَا لمْ يلْتَفِتْ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ، فَلا تَلْتَفِتُوا.
وَآمُرَكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ الصِّيَامِ كَمَثلِ رَجُلٍ مَعَهُ صُرَرٌ مِنْ مِسْكٍ فِي عِصَابَةٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَ الْمِسْكِ، وَإِنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.
وَآمُرَكُم بِالصَّدَقَةِ، فإنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَشَدُّوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ إِلَى أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي، فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حتَّى فَكَّ نَفْسَهُ.
وَآمُرَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا، فإنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوَّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا
فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنُ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ، اللَّهُ أمَرَنِي بِهِنَّ: بِالْجَمَاعَةِ، وَالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قَيْدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلا أَنْ يُرَاجِعَ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ قَالَ:«وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمُ الْمُسْلِمُونَ الْمُؤْمِنُونَ عِبَادَ اللَّهِ»
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلامٍ، أَنَّ أَبَا سَلامٍ حَدَّثَهُ، وَأَبُو سَلامٍ اسْمُهُ مَمْطُورٌ.
قَوْلُهُ: «رِبْقَةَ الإِسْلامِ» ، الرِّبْقُ: الْخَيْطُ، الْوَاحِدُ رِبْقَةٌ، وَأَرَادَ بِهِ: فَارَقَ عَقْدَ الإِسْلامِ بِتَرْكِ السُّنَّةِ، وَاتِّبَاعِ الْبِدْعَةِ.
وَقَوْلُهُ: «مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ» وَاحِدَتُهَا جُثْوَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ، أَيْ: جَمَاعَاتُ جَهَنَّمَ، وَالْجُثْوَةُ: الشَّيْءُ الْمَجْمُوعُ.
2461 -
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنا جَدِّي أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا العُذَافِرِيُّ، أَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَخَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يُحَاشِي مُؤْمِنًا لإِيمَانِهِ، وَلا يَفِي لِذِي عَهْدٍ بِعَهْدِهِ، فَلَيْسَ مِنْ
أُمَّتِي، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ للعَصَبَةِ، أَوْ يُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، أَوْ يَدْعُو إِلَى الْعَصَبَةِ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ
قَوْلُهُ: «تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ» ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: هُوَ الأَمْرُ الأَعْمَى كَالْعَصَبِيَّةِ لَا يَسْتَبِينُ مَا وَجْهُهُ، وَقِيلَ: هُوَ فِي تَخَارُجِ الْقَوْمِ، وَقَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَأَصْلُهُ مِنَ التَّعْمِيَةِ، وَهُوَ التَّلْبِيسُ.
2462 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَد بْن عَبْدِ اللَّهِ النُّعيميُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، نَا الأَعْمَشُ، نَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» ، قَالُوا: فَمَا تأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ
2462 -
وَصَحَّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا؟ قَالَ:«اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ»
قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا مَشَى قَوْمٌ إِلَى سُلْطَانِ اللَّهِ فِي الأَرْضِ لِيُذِلُّوهُ، إِلا أَذَلَّهُمُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا.
وَيُرْوَى مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ» .
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّهُمَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لَا يَأْمُرُ السُّلْطَانَ بِالْمَعْرُوفِ إِلا رَجُلٌ عَالِمٌ بِمَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى، رَفِيقٌ بِمَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى، عَدْلٌ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَى الْجَبَّانَةِ يَتَعَبَّدُونَ، وَاتَّخَذُوا مَسْجِدًا وَبَنَوْا بُنْيَانًا، فَأَتَاهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالُوا: